الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «فِي الْجُمُعَةِ: مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً» .
وَلِأَنَّهُ ذَبْحٌ يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَتْ الْبَدَنَةُ فِيهِ أَفْضَلَ، كَالْهَدْيِ فَإِنَّهُ قَدْ سَلَّمَهُ؛ وَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ ثَمَنًا وَلَحْمًا وَأَنْفَعُ، فَأَمَّا التَّضْحِيَةُ بِالْكَبْشِ؛ فَلِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَجْنَاسِ الْغَنَمِ، وَكَذَلِكَ حُصُولُ الْفِدَاءِ بِهِ أَفْضَلُ، وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ شِرْكٍ فِي بَدَنَةٍ؛ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ مَقْصُودَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالْمُنْفَرِدُ يَتَقَرَّبُ بِإِرَاقَتِهِ كُلِّهِ. وَالْكَبْشُ أَفْضَلُ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَطْيَبُ لَحْمًا. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ جَذَعَ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْ ثَنِيِّ الْمَعْزِ؛ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«نِعْمَ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ» . وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الثَّنِيَّ أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، فَإِنْ عَسِرَ عَلَيْكُمْ، فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الثَّنِيِّ عَلَى الْجَذَعِ؛ لِكَوْنِهِ جَعَلَ الثَّنِيَّ أَصْلًا وَالْجَذَعَ بَدَلًا، لَا يُنْتَقَلُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الثَّنِيِّ.
[فَصْلٌ يُسَنُّ اسْتِسْمَانُ الْأُضْحِيَّةِ وَاسْتِحْسَانُهَا]
(7857)
فَصْلٌ: وَيُسَنُّ اسْتِسْمَانُ الْأُضْحِيَّةِ وَاسْتِحْسَانُهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْظِيمُهَا اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِعْظَامُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا.
وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا، وَأَكْثَرُ لِنَفْعِهَا. وَالْأَفْضَلُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْغَنَمِ فِي لَوْنِهَا الْبَيَاضُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ مَوْلَاةِ أَبِي وَرَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَمُ عَفْرَاءَ، أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَمُ بَيْضَاءَ، أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ. وَلِأَنَّهُ لَوْنُ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ مَا كَانَ أَحْسَنَ لَوْنًا، فَهُوَ أَفْضَلُ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ لَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ]
(7858)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ، وَالثَّنِيُّ مِنْ غَيْرِهِ) وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيُّ: لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ، فَلَا يُجْزِئُ مِنْهُ كَالْحَمَلِ، وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ فَلَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ؛ لِمَا رَوَى مُجَاشِعُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا يُوفِي مِنْهُ الثَّنِيُّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ،.
وَلَنَا عَلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ يُجْزِئُ، حَدِيثُ مُجَاشِعٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَعَلَى أَنَّ الْجَذَعَةَ مِنْ