الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَة قِتَال النِّسَاءِ أَوْ الْمَشَايِخِ أَوْ الرُّهْبَان فِي الْمَعْرَكَة]
مَسْأَلَةٌ، قَالَ:(وَمَنْ قَاتَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ النِّسَاءِ أَوْ الْمَشَايِخِ أَوْ الرُّهْبَانِ فِي الْمَعْرَكَةِ قُتِلَ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ هَذِهِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: نَازَعَتْنِي قَائِمَ سَيْفِي قَالَ: فَسَكَتَ» «وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، فَقَالَ: مَا بَالُهَا قُتِلَتْ، وَهِيَ لَا تُقَاتِلُ» . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ قَتْلِ الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تُقَاتِلْ، وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ إنَّمَا لَمْ يُقْتَلُوا لِأَنَّهُمْ فِي الْعَادَةِ لَا يُقَاتِلُونَ.
[فَصْل قِتَال الْمَرِيض فِي الْمَعْرَكَة]
(7616)
فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمَرِيضُ، فَيُقْتَلُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا قَاتَلَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الزَّمِنِ، لَا يُقْتَلُ، لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ إلَى حَالٍ يُقَاتِلُ فِيهَا.
[فَصْلٌ قِتَال الْحَرَّاثُ فِي الْمَعْرَكَة]
(7617)
فَصْلٌ فَأَمَّا الْفَلَّاحُ الَّذِي لَا يُقَاتِلُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْتَلَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَلَّاحِينَ، الَّذِينَ لَا يَنْصِبُونَ لَكُمْ الْحَرْبَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقْتَلُ الْحَرَّاثُ، إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُقْتَلُ، إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَنَا قَوْلُ عُمَرَ وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلُوهُمْ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ، وَلِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، فَأَشْبَهُوا الشُّيُوخَ وَالرُّهْبَانَ.
[فَصْلٌ حَاصَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا]
(7618)
فَصْلٌ: إذَا حَاصَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا، لَزِمَتْهُ مُصَابَرَتُهُ، وَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِخُصْلَةٍ مِنْ خِصَالٍ خَمْسٍ أَحَدِهَا، أَنْ يُسْلِمُوا، فَيُحْرِزُوا بِالْإِسْلَامِ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» وَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْفَتْحِ، عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ، وَيَرِقُّونَ.
الثَّانِيَةُ، أَنْ يَبْذُلُوا مَالًا عَلَى الْمُوَادَعَةِ، فَيَجُوزُ قَبُولُهُ مِنْهُمْ، سَوَاءٌ أَعْطَوْهُ جُمْلَةً أَوْ جَعَلُوهُ خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ، فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَبَذَلُوهَا، لَزِمَهُ قَبُولُهَا مِنْهُمْ، وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ، لِقَوْلِ اللَّهِ