الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ قَضِيَّتَيْنِ؛ قَضَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ حُرٌّ، فَإِنْ خَرَجَ سَيِّدُهُ بَعْدُ، لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَضَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا خَرَجَ قَبْلَ الْعَبْدِ ثُمَّ خَرَجَ الْعَبْدُ، رُدَّ عَلَى سَيِّدِهِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ أَيْضًا، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدَّ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ عَبْدًا لَنَا، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا، فَأَسْلَمَ، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا، «وَقَالَ: هُوَ طَلِيقُ اللَّهِ، ثُمَّ طَلِيقُ رَسُولِهِ» . فَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا.
[مَسْأَلَةٌ أَخَذَ الْكُفَّار أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَهَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَأَخَذُوهَا مِنْهُمْ]
(7541)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَمَا أَخَذَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَعَبِيدِهِمْ، فَأَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) .
وَإِنْ أَدْرَكَهُ مَقْسُومًا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْ الْمَغْنَمِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، إذَا قُسِمَ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ بِحَالٍ يَعْنِي إذَا أَخَذَ الْكُفَّارُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَهَرَهُمْ الْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذُوهَا مِنْهُمْ، فَإِنْ عُلِمَ صَاحِبُهَا قَبْلَ قَسْمِهَا، رُدَّتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يُرَدُّ إلَيْهِ، وَهُوَ لِلْجَيْشِ. وَنَحْوُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مَلَكُوهُ بِاسْتِيلَائِهِمْ، فَصَارَ غَنِيمَةً، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ.
وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، أَنَّ غُلَامًا لَهُ أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يُقْسَمْ. وَعَنْهُ، قَالَ: ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ، فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ حَيْوَةَ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فِيمَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ. قَالَ: مَنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ يُقْسَمْ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَالْأَثْرَمُ.
فَأَمَّا مَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ قُسِمَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّ صَاحِبَهُ أَحَقُّ بِهِ، بِالثَّمَنِ الَّذِي حَسِبَ بِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ بِيعَ ثُمَّ قُسِمَ ثَمَنُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه -
أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إنْ أَصَبْته قَبْلَ أَنْ نَقْسِمَهُ، فَهُوَ لَك، وَإِنْ أَصَبْته بَعْدَمَا قُسِمَ، أَخَذْته بِالْقِيمَةِ.
وَلِأَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُهُ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَيْ لَا يُفْضِيَ إلَى حِرْمَانِ أَخْذِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ يَضِيعَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَحَقُّهُمَا يَنْجَبِرُ بِالثَّمَنِ، فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ فِي عَيْنِ مَالِهِ، بِمَنْزِلَةِ مُشْتَرِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ. إلَّا أَنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ. وَيُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ إذَا قُسِمَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ بِحَالٍ.
نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَاللَّيْثِ. قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ أَحَقُّ بِالْقِيمَةِ. فَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا، وَيُعْطَى مُشْتَرِيه ثَمَنَهُ مِنْ خُمُسِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَخْذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، كَمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَيُعْطِي مَنْ حُسِبَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى حِرْمَانِ آخِذِهِ حَقَّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَجُعِلَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْهَا.
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ. وَلَنَا، مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إلَى السَّائِبِ: أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَصَابَ رَقِيقَهُ وَمَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ فِي أَيْدِي التُّجَّارِ بَعْدَمَا اُقْتُسِمَ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ. وَقَالَ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ: إذَا قُسِمَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ ". وَلِأَنَّهُ إجْمَاعٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا قَالَ النَّاسُ فِيهَا قَوْلَيْنِ؛ إذَا قُسِمَ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَقَالَ قَوْمٌ: إذَا قُسِمَ فَهُوَ لَهُ بِالثَّمَنِ. فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، وَمَتَى مَا انْقَسَمَ أَهْلُ الْعَصْرِ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي حُكْمٍ، لَمْ يَجُزْ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ، لِأَنَّهُ يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، فَلَمْ يَجُزْ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَقَدْ رَوَى أَصْحَابُنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ قُسِمَ، فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ.» وَالْمَعْمُولُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُمْ: لَمْ يَزُلْ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ. غَيْرُ مُسَلَّمٍ.