الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَنَا عُمُومُ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ كَلْبِ الْمَاءِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، سَمِعَا شُرَيْحًا - رَجُلٌ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ فَهُوَ مَذْبُوحٌ» . قَالَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعَطَاءٍ، فَقَالَ: أَمَّا الطَّيْرُ فَنَذْبَحُهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَلْبُ الْمَاءِ نَذْبَحُهُ.
(7831)
فَصْلٌ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُكْرَهُ الْجَرْيُ؟ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، وَكَيْفَ لَنَا بِالْجَرِيِّ؟ وَرَخَّصَ فِيهِ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْجَرِّيُّ لَا تَأْكُلُهُ الْيَهُودُ. وَوَافَقَهُمْ الرَّافِضَةُ، وَمُخَالَفَتُهُمْ صَوَابٌ.
[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ السَّمَكَةِ تُوجَدُ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ أُخْرَى]
(7832)
فَصْلٌ: وَعَنْ أَحْمَدَ فِي السَّمَكَةِ تُوجَدُ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ أُخْرَى، أَوْ حَوْصَلَةِ طَائِرٍ، أَوْ يُوجَدُ فِي حَوْصَلَتِهِ جَرَادٌ، فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: كُلُّ شَيْءٍ أُكِلَ مَرَّةً لَا يُؤْكَلُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: الطَّافِي أَشَدُّ مِنْ هَذَا، وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. .
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ، دُونَ مَا فِي حَوْصَلَةِ الطَّائِرِ؛ لِأَنَّهُ كَالرَّجِيعِ، وَرَجِيعُ الطَّائِرِ عِنْدَهُ نَجِسٌ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ» . وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ فِي مَحَلٍّ طَاهِرٍ، لَا تُعْتَبَرُ لَهُ ذَكَاةٌ، فَأُبِيحَ، كَالطَّافِي فِي السَّمَكِ. وَهَكَذَا يُخَرَّجُ فِي الشَّعِيرِ يُوجَدُ فِي بَعْرِ الْجَمَلِ، أَوْ خِثْيِ الْجَوَامِيسِ، وَنَحْوِهَا.
[مَسْأَلَةٌ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَائِعٍ]
(7833)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَائِعٍ، كَالدُّهْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ، نَجِسَ، وَاسْتَصْبَحَ بِهِ إنْ أَحَبَّ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ وَلَا ثَمَنُهُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي مَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ، نَجَّسَتْهُ وَإِنْ كَثُرَ. وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ إذَا كَثُرَ.
قَالَ حَرْبٌ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ كَلْبٍ وَلَغَ فِي سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ؟ قَالَ: إذَا كَانَ فِي آنِيَةٍ كَبِيرَةٍ، مِثْلِ حُبٍّ أَوْ نَحْوِهِ، رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، يُؤْكَلُ، وَإِذَا كَانَ فِي آنِيَةٍ صَغِيرَةٍ،
فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُؤْكَلَ. وَسُئِلَ عَنْ كَلْبٍ وَقَعَ فِي خَلٍّ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ، فَخَرَجَ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ؟ فَقَالَ: هَذَا أَسْهَلُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ. وَعَنْهُ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: مَا أَصْلُهُ الْمَاءُ كَالْخَلِّ التَّمْرِيِّ، يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَثُرَ، وَمَا لَيْسَ أَصْلُهُ الْمَاءَ، لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي خَلٍّ أَوْ دِبْسٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْخَلُّ فَأَصْلُهُ الْمَاءُ، يَعُودُ إلَى أَنْ يَكُونَ مَاءً إذَا حُمِلَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ: إنَّمَا حَرُمَ مِنْ الْمَيْتَةِ لَحْمُهَا وَدَمُهَا. وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، فَأَلْقُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا، فَلَا تَقْرَبُوهُ» .
وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ لَيْسَ بِطَهُورٍ، فَلَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، وَحُكْمُ الْجَامِدِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الِاسْتِصْبَاحِ بِالزَّيْتِ النَّجِسِ، فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ إبَاحَتُهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَ أَنْ يُسْتَصْبَحَ بِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ تُطْلَى بِهِ سَفِينَةٌ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ شُحُومِ الْمَيْتَةِ تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَتُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ:«لَا، هُوَ حَرَامٌ» . وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ. وَلَنَا أَنَّهُ زَيْتٌ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَجَازَ، كَالطَّاهِرِ.
وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَجِينِ الَّذِي عُجِنَ بِمَاءٍ مِنْ آبَارِ ثَمُودَ، أَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ أَكْلِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْلِفُوهُ النَّوَاضِحَ. وَهَذَا الزَّيْتُ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ، وَلَا هُوَ مِنْ شُحُومِهَا، فَيَتَنَاوَلَهُ الْخَبَرُ.