الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أجود الناس) بالنصب خبر كان.
(وكان أجود ما يكون في رمضان) للأكثر برفع "أجود" اسم "كان" والخبر محذوف أو مبتدأ مضاف إلى الصدر، وهو "ما يكون"، وخبره "في رمضان"، والتقدير:"أجود أكوانه في رمضان"، والجملة: خبر كان، واسمها: ضميره صلى الله عليه وسلم.
وللأصيلي بالنصب خبر كان، واسمها: ضميره صلى الله عليه وسلم، و"ما" مصدرية ظرفية، أي: كان مدة كونه في رمضان أجود منه في غيره.
(فلرسول الله): هي لام الابتداء زيدت على المبتدأ تأكيدًا، وقيل: جواب قسم مقدر.
(أجود بالخير من الريح) يعني: أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح.
(المرسلة) المطلقة، وقيل: الريح المرسلة هي التي يرسلها الله، لأنها كالغيث العام الذي يكون سببًا لإصابة الأرض كلها، وهو " صلى الله عليه وسلم أعم برًّا منها.
6 - بابٌ
7 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ
أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلَا الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ [ص:9] قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ. فَقَالَ
لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:
" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ " وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلَامَ. وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا اليَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا
أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلَاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
(هرقل) بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف في الأشهر، وقيل: بسكون الراء وكسر القاف، ولقبه قيصر.
(ركب) جمع "راكب" كصحب وصاحب، وهم أولو الإبل العشرة فما فوقها، وكانوا ثلاثين رجلًا كما رواه الحاكم في "الإكليل"، وسمي منهم المغيرة بن شعبة في "مصنَّف ابن أبي شيبة" بسند مرسل.
(تجار) بضم التاء وتشديد الجيم أو كسرها والتخفيف، جمع "تاجر".
(في المدة) يعني: مدة الصلح بالحديبية وكانت سنة ست، وقيل: سنة أربع، ومدتها: عشر سنين، ولكنهم نقضوا، فغزاهم صلى الله عليه وسلم في سنة ثمان وفتح مكة.
(أبا سفيان) مفعول به.
(بإيلياء) بهمزة مكسورة بعدها تحتية ساكنة ثم لام مكسورة ثم تحتية ثم ألف مهموزة، وحكى البكري فيها القصر، قيل: معناه: بيت الله.
(وحوله) بالنصب ظرف مكان.
(عظماء الروم) جمع "عظيم"، ولابن السكن:"فأدخلنا عليه وعنده بطارقته (2) والقسيسون والرهبان".
(ثم دعاهم) أي: استدناهم بعد أن دعا أولًا بإحضارهم.
(ودعا ترجمانه) بفتح الفوقية وضم الجيم، ويجوز ضم أوله اتباعًا، ويجوز فتح الجيم.
وفي رواية الأصيلي وغيره: "بترجمانه" بزيادة باء الجر -يعني: أرسل إليه رسولًا أحضره صحبته، والترجمان: المعبر عن لغة بلغة، وهو معرب، وقيل: عربي.
(أقرب نَسَبًا بهذا) ضمن "أقرب" معنى أوْصَلَ فعدّاه بالباء.
وفي "التفسير": "من هذا"، وفي "الجهاد":"إلى هذا" وهو على الأصل.
(فاجعلوهم عند ظهره) أي: لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب، وصرح بذلك الواقدي في روايته.
(كذبني) بالتخفيف، أي: نقل إلى الكذب وهو يتعدى إلى مفعولين، يقال: كذبني الحديث، وأما بالتشديد: فإلى مفعول واحد وكذا صدق.
(قال أبو سفيان) وسقط لفظ "قال" من رواية كريمة وأبي الوقت، فأشكل ظاهره.
(يأثروا): ينقلوا الكذب عليه، وللأصيلي:"عنه"، أي: عن الإخبار بحاله، وفي رواية ابن إسحاق:"فوالله لو قد كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرءًا سيدًا يكرم عن الكذب، فخشيت إن أنا أكذب أن يحفظوا ذلك عني ثم يحدثوا به فلم أكذبه".
(ثم كان أول) الرواية بالنصب على الخبرية، ويجوز رفعه على الإسمية.
(كيف نسبه؟) أي: ما حاله؟ أهو من أشرافكم أم لا؟.
(ذو نسب) التنكير فيه للتعظيم، وفي رواية ابن إسحاق:"قلت: في الذروة"، وهي بكسر المعجمة وسكون الراء: أعلى ما في البعير من السنام، فكأنه قال: هو من أعلانا نسبًا.
(فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟) للكشميهني والأصيلي: "مثله"، واستعمل "قط" بغير أداة نفي، وهو نادر، ويحتمل تقديره، أي:"أو لم يقله أحد قط؟ ".
(فهل كان من آبائه ملك؟) ولكريمة والأصيلي وأبي الوقت بزيادة "من" الجارة، ولابن عساكر بفتح "من"، و"ملك": فعل ماض.
(فأشراف الناس) أراد بهم أهل النخوة والتكبر لا كل شريف، وإلا لورد مثل أبي بكر وعمر.
وفي رواية ابن إسحاق: "تبعه منا الضعفاء والمساكين والأحداث، فأما ذوو الأسنان والشرف فما تبعه منهم أحد".
(سخطة) بضم أوله وفتحه.
(يغدر) بدال مكسورة، أي: ينقض العهد.
(قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا) أي: أنتقصه به.
(غير هذه الكلمة) برفع "غير" صفة.
زاد ابن إسحاق في روايته: "قال: فواللهِ ما التفت إليها مني".
(سجال) بكسر أوله وتخفيف الجيم، أي: نوب ودول، مرة على هؤلاء ومرة على هؤلاء، من مساجلة المُسْتَقيَيْن على البئر بالسجل وهو الدلو.
وقوله: (ينال منا وننال منه) جملة تفسيرية.
(اعبدوا الله وحده ولا تشركوا) سقطت الواو من رواية المستملي، فتكون الجملة تأكيدًا لقوله:"وحده".
(يتأسى) للكشميهني: "يأتسى" بتقديم الهمزة على التاء.
(يخالط بشاشة القلوب) بنصب "بشاشة" وإضافته للقلوب، أي: يخالط الإيمان انشراح الصدور، وروي "بشاشته القلوب" بالرفع وزيادة هاء، و"القلوب" مفعول، أي: يخالط بشاشة الإيمان، وهو شرحه القلوب التي يدخل فيها.
وفي رواية ابن السكن زيادة: "يزداد بها عجبًا وفرحًا"، وفي رواية ابن إسحاق:"وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبًا فتخرج منه".
(أخلص) بضم اللام: أصل.
(لتجشمت) بالجيم والشين المعجمة، أي: تكلفت الوصول إليه.
وفي مسلم: "لأحببت لقاءه".
(لغسلت عن قدميه): مبالغة في العبودية له، وفي رواية عبد الله بن شداد عن أبي سفيان:"لو علمت أنه هو لمشيت إليه حتى أقبل رأسه وأغسل قدميه"، وهي تدل على أنه كان بقى عنده بعض شك.
وقد اختلف في إيمانه، والأرجح بقاؤه على الكفر، ففي "مسند أحمد": أنه كتب من تبوك إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إني مسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كذب، بل هو على نصرانيته".
(دحية) بفتح الدال أشهر من كسرها.
(عظيم بصرى) هو: الحارث بن أبي شمر الغساني، وهي بضم الباء والقصر: مدينة بين المدينة ودمشق.
(بدعاية الإسلام) بكسر الدال، أي: بدعوته، ولمسلم:"بدعاية الإسلام"، أي: بالكلمة الداعية إليه، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والباء موضع إلى.
(الأريسين) جمع أريسي، منسوب إلى "أريس" بوزن "كريم"، وقد تقلب همزته ياء كما جاءت به رواية الأصيلي وأبي ذر هنا. قال ابن سيده: الأريس: الأكار، أي: الفلاح عند ثعلب، وعند كراع الأريس: الأمير.
وقال الجوهري: هي لغة شامية، وأنكر ابن فارس أن تكون عربية.
وقال ابن السكن: هم اليهود والنصارى، والمعنى: أن عليك إثم رعاياك وأتباعك ممن صددته عن الإسلام فاتبعك على كفرك.
وأيد الأول ما في رواية ابن إسحاق عن الزهري: "فإن عليك إثم الأكارين". زاد ابن برقان في روايته: يعني "الحرّاثين"، وفي رواية المدائني من طريق مرسله:"فإن عليك إثم الفلاحين".
قال الخطابي: أراد أن عليه إثم الضعفاء والأتباع إذا لم يسلموا تقليدًا له؛ لأن الأصاغر أتباع الأكابر.
وقيل: "الأريسون" أتباع عبد الله بن أريس الذي وحَّدَ الله عندما تفرقت النصارى، وقيل: هم العشارون -يعني: أهل المكس، أخرجه الطبراني في "الكبير" من طريق الليث بن سعد عن يونس.
قال ابن حجر: فإن صح فالمراد المبالغة في الإثم كقوله في
المرأة التي اعترفت بالزنا: "لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت".
(ويا أهل الكتاب): سقطت الواو من رواية الأصيلي وأبي ذر، وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله:"أدعوك"، أي: أدعوك بدعاية الإسلام وأقول لك ولأتباعك امتثالًا لقول الله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} .
(أمر): بفتح الهمزة وكسر الميم، أي: عظم.
(أمر ابن أبي كبشة) أي: شأنه وحاله، وأراد به النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا كبشة أحد أجداده عادة العرب إذا تنقصت نسبت إلى جد غامض، ثم قيل: هو جد وهب جد النبي صلى الله عليه وسلم لأُمه، وقيل: جد عبد المطلب لأمه، وقيل: هو أبوه من الرضاعة، واسمه الحارث بن عبد العزى، وقيل: هو رجل من خزاعة خالف قريشًا في عبادة الأوثان فعبد الشعرى فنسبوه إليه للاشتراك في مطلق المخالفة.
(إنه يخافه): بكسر الهمزة استئنافًا لا بفتحها لثبوت اللام في يخافه في رواية.
(بني الأصفر): هم الروم، لأن جدهم روم بن عيض تزوج
بنت مالك الحبشية، فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر.
وقال ابن هشام في "التيجان": إنما لُقب الأصفر، لأن جدته سارة زوج الخليل حلته بالذهب.
(فما زلت موقنًا)، زاد في حديث عبد الله بن شداد عن أبي سفيان:"فما زلت مرعوبًا من محمد حتى أسلمت". أخرجه الطبراني.
(ابن الناطور) بطاء مهملة، وفي رواية الحموي بمعجمة وهو بالعربية: حارس البستان، وفي رواية الليث عن يونس:"ابن ناطورا" بألف في آخره؛ فعلى هذا هو أعجمي.
(صاحب إيليا وهرقل) بالنصب على الحال أو الاختصاص، والرفع على الصفة، وهرقل عطف على إيلياء، وفيه لطيفة: وهو أنه استعمل "صاحب" في معنيين مجازي وحقيقي لأنه بالنسبة إلى إيلياء أمير وإلى هرقل تابع، والأول مجاز والثاني حقيقة.
(سقفًا): بضم السين والقاف وتشديد الفاء، للمستملى والسرخسي.
"أسقفًا" بزيادة همزة لغتان، وهو عربي، وهو الطويل في انحناء، وقيل ذلك للزبير، لأنه يتخاسف، وقيل: أعجمى، ومعناه: رئيس دين النصارى، وللكشميهني:"سُقّف" بكسر القاف فعلًا مبنيًّا للمفعول أي: قدم. قال فى "العُبَاب": سقفته بالتشديد: جعلته أسقفًا، وهو خبر كان، و"يحدث" خبر بعد خبر.
(خبيث النفس) أي: مهمومًا.
(بطارقته): جمع "بطريق" بكسر أوله وضم: خواص دولة الروم.
(حَزّاءً): بالمهملة والزاي، آخره همزة منونة، أي: كاهنًا.
(ينظر في النجوم): خبر ثان أو جملة تفسيرية.
(ملك الختان): بضم الميم وإسكان اللام، وللكشميهني: بفتح الميم وكسر اللام.
(ظهر) أي: غلب.
(يهمنك): بضم أوله من "أهم": أثار الهم.
(شأنهم): أمرهم.
(مدائن): جمع مدينة بالهمز من مدن بالمكان: أقام به، وبدونه من دان، أي: ملك.
(فبينما هم على أمرهم) أي: في هذه المشورة.
(ملك غسان): صاحب "بصري" التقدم.
(يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم): فسَّره ابن إسحاق في رواية فقال: خرج بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي، فقد اتبعه ناس وخالفه ناس، فكانت بينهم ملاحن في مواطن فتركهم وهم على ذلك.
(يختتنون): في رواية الأصيلي بالميم أوله.
(هذا ملك هذه الأمة): بالضم ثم السكون، وللقابسي بالفتح ثم الكسر، ولأبي ذر عن الكشميهني: يملك فعل مضارع.
قال عياض: أظنها ضمة الميم اتصلت بها فتصحفت، ووجهه السهيلي بأنه مبتدأ وخبر، أي: هذا المذكور يملك هذه الأمة.
وقال غيره: يجوز أن يكون "يملك" نعتًا، أي: هذا رجل يملك.
وقال البلقيني: يجوز أن يكون من حذف الموصول، أي: هذا الذي يملك على حد قوله، "وهذا تحملين طليق".
وقال ابن حجر: رأيت في أصل معتمد عليه علامة السرخسي بباء موحدة في أوله، وهي متعلقة "بظهر"، أي: هذا الحكم ظهر بملك هذه الأمة (التي) تختتن.
(صاحب له): هو ضغاطر.
(برومية): بالتخفيف: مدينة رياسة الروم.
(حمص): بالصرف وعدمه.
(يرم): بفتح الياء وكسر الراء، أي: يبرح فأذن بالقصر من الأذان، وللمستملي وغيره بالمد، أي: أعلم.
(دسكرة): بسكون المهملة: القصر الذي حوله "بيوت".
(الرشد): بضم الراه وسكرن الين وبفتحها.
(فتبايعوا): بالموحدة والتحتية، وللكشميهني بمثناتين فوقيتين (لا) موحدة، وللأصيلي:"فنبايع" بنون وموحدة.
(هذا النبي): ولأبي ذو: لهذا بلام.
(فَحَاصُوا): بمهملتين، أي: نفروا.
(حيصة حمر الوحش): شبههم بها دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل وعدم الفطنة.
(وأيس) للأصيلي: يئس، وهما بمعنى، والأول مقلوب من الثاني.
(آنفا): بالمد وكسر النون، أي: قريبًا، ونصبه على الحال.
(فقد رأيت)، زاد في "التفسير":"منكم الذي أحببت".
***