الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن حجر (1): هذا هو المعتمد في ضبط هذه اللفظة في جميع الروايات في "الصحيح" وغيره، ووقع في إعراب الحديث لأبي البقاء:"إنه الإيمان" بكسر الهمزة ونون مئددة وهاء، و "الإيمان" مرفوع، وإعرابه، فقال: إن للتاكيد والهاء ضمير الشأن والإيمان مبتدأ ما بعده خبره.
قال ابن حجر (2): وهذا تصحيف منه.
(حب الأنصار): جمع "ناصر": كصاحب وأصحاب، أو "نصير": كشريف وأشراف.
(وآية النفاق بُغض الأنصار)، قال ابن السكن: حب جميعهم وبغض جميعهم؛ لأن ذلك إنما يكون للدين، ومن أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له فليس داخلًا في ذلك. قال ابن حجر (3): وهو تفسير حسن.
11 - بابٌ
18 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ:«بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ» فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ.
(عصابة): بكسر العين: الجماعة من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها.
(ولا تقتلوا أولادكم) قيل: خص القتل بالاولاد، لأن فيه مع القتل قطيعة الرحم، ولأنه كان شائعًا فيهم وهو "وأد البنات".
(ببهتان) هو "الكذب" الذي يبهت سامعه.
(تفترونه بين أيديكم وأرجلكم) فخصها، لأن معظم الأفعال بها، قيل: ويحتمل أن يراد بما بينهما "القلب" لأنه الترجم عنه اللسان، فلذلك نسب إليه الافتراء، فالمعنى: لا ترموا أحدًا بكذب تزورونه في أنفسكم ثم تبهتون صاحبه بألسنتكم، وقيل: أصل هذا كان في بيعة النساء، وكني به عن نسبة المرأة الولد الذي تزنى به أو تلتقطه إلى زوجها، ثم لما استعمل في بيعة الرجال احتيج إلى حمله على غير ما ورد فيه.
(ولا تعصوا)، للإسماعيلي:"تعصوني".
(في معروف)، هو ما عرف من الشارع خشيته نهيا وأمرًا.
(وفي) أي: "ثبت على العهد" مخفف ومشدد.
(فأجره على الله) أطلق على سبيل التفخيم، وعبر بـ "على" للمبالغة في تحقق وقوعه.
(فعوقب) زاد أحمد: "بها".
(فهو) أي: العقاب كفارة ظاهره التكفير، وإن لم يتب وعليه الجمهور. قال النووي: وهذا العموم مخصوص بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه} ، فالمرتد إذا قتل على ارتداده لا يكون القتل كفارة له.
وقال غيره: يحتمل أن قوله في ذلك خاص بما بعد الشرك بقرينة أن المخاطب به المسلمون، ويؤيده أن في رواية مسلم:"ومن أتى منكم حدا" والقتل على الشرك لا يسمى حدًا.
قال عياض وغيره: وهذا الحديث صريح في أن الحدود كفارات، وأما حديث أبي هريرة:"لا أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا"، أخرجه أحمد والبزار والحاكم في "المستدرك" على شرط الشيخين؛ فإنه ورد أولًا قبل أن يعلمه الله ثم أعلمه بعد ذلك، وتعقب بأن حديث عبادة كان بمكة ليلة العقبة لما بايع الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بمِنَى، وأبو هريرة إنما أسلم بعد ذلك بسبع سنين، فكيف يكون حديثه متقدمًا؛ وأجيب بأنه يمكن أنه لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بل من صحابي آخر كان سمعه منه قديما، ورُدّ بأن أبا هريرة صرح بسماعه، وأن الحدود لم تكن نزلت إذ ذاك.
قال ابن حجر: والحق عندي أن حديث أبي هريرة صحيح وهو سابق على حديث عبادة، والمبايعة المذكورة في حديث عبادة على الصفة المذكورة لم يقع ليلة العقبة، وإنما خص ببيعة العقبة ما ذكر ابن إسحاق وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن حضر من الأنصار:"أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم" فبايعوه على ذلك وعلى أن يرحل إليهم هو وأصحابه، فهذه البيعة الأُولى.
ثم صدرت مبايعات أخر منها هذه، وإنما وقعت بعد فتح مكة بعد أن نزلت الآية التى في "الممتحنة" بدليل أن في الحدود من "الصحيح" أنه صلى الله عليه وسلم لما بايعهم قرأ الآية كلها.
وعند الطبراني في هذا الحديث الصحيح بأن هذه البايعة وقعت يوم فتح مكة، وذلك بعد إسلام أبي هريرة بمدة فزال الإشكال.