الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
7 - كِتَابُ التَّيَمُّمِ
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6].
1 - بابٌ
334 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا» ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ
بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ.
(كتاب التيمم)
(وقول الله)، كذا للأصيلي، وأسقط غيره الواو وهو استئناف.
({فلم تجدوا ماء})، كذا للأكثر، وللمستملي، والحموي:"فإن لم تجدوا".
قال ابن حجر (1): ويحتمل أن تكون قراءة شاذة.
(في بعض أسفاره)، قال ابن سعد، وابن حبان، وابن عبد البر: غزاة بني المصطلق.
قال ابن حجر (2): وغزاة بني المصطلق هي غزوة المريسيع، وفيها وقعت قصة الإفك، وكان سبب ذلك أيضًا وقوع عقدها، فإن كان ما جزموا به ثابتًا حمل على أنه سقط منها مرتين في تلك السفرة، قال: واستبعد ذلك بعض شيوخنا؛ لأن المريسيع من ناحية مكة بين قديد والساحل، وهذه القصة من ناحية خيبر؛ لقولها:"حتى إذا كان بالبيداء أو بذات الجيش"، وهما بين المدينة وخيبر كما جزم به النووي.
قال: وما جزم به مخالف لا جزم به ابن التين فإنه قال: البيداء هي "ذو الحليفة".
وقال أبو عبيد البكري: البيداء: أدنى إلى مكة من ذي الحليفة: وهو الشرف الذي قدام ذي الحليفة من طريق مكة، قال: وذات الجيش من المدينة على بريد، وبينها وبين العقيق سبعة أميال، والعقيق من طريق مكة لا من طريق خيبر، فاستقام ما قال ابن التين، ويؤيده ما في "مسند الحميدي": أن القلادة سقطت بالأبواء، والأبواء بين مكة والمدينة، وفي رواية لجعفر الفريابي في كتاب الطهارة: "أنها سقطت بمكان يقال له:
الصُلصُل" -وهو بمهملتين مضمومتين ولامين، الأولى ساكنة- عند ذي الحليفة -قاله البكري- فعرف تصويب ما قاله ابن التين.
لكن الصواب: تأخير هذه القصة عن قصة الإفك لما رواه الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة، قالت: لما كان في أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى فسقط أيضًا عقدي حتى حبس الناس على التماسه، فقال في أبو بكر: أي بنية في كل سفرة تكونين عناء وبلاء على الناس، فأنزل الله الرخصة في التيمم.
وقال ابن حبيب: سقط عقد عائشة في غزوة ذات الرقاع وهي غزوة بني المصطلق، وقد اختلف أيها كانت أول.
وقال الدارمي: كانت قصة التيمم في غزوة الفتح.
(عقد): بكسر المهملة: كل ما يعقد ويعلق في العنق ويسمى زيادة، وفي أبي داود:"كان من جزع ظفار لي"، في الحديث الآتي أنها استعارته من أسماء فأضافته إليها لكونه في يدها.
(على التماس) أي: لأجل طلبه.
(يطعنني): بضم العين، وكذا جميع ما هو حسي، فأما المعنوي: فبالفتح هذا هو المشهور فيهما.
(فقام حين أصبح)، أورده في "الفضائل" بلفظ:"فنام حتى أصبح"، والمعنى متقارب، لأن كلا منهما يدل على أن قيامه من نومه كان عند الصبح، فأنزل الله آية التيمم وآية المائدة كما في بعض طرقه عند البخاري.
(أسيد): بالتصغير.
(ابن الحضير): بمهملة، ثم معجمة مصغر أيضًا.
(ما هي بأول بركتكم) أي: بل هي مسبوقة بغيرها من البركات.
(فبعثتا) أي: أثرنا.
335 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ هُوَ العَوَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: ح وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الفَقِيرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً".
(حدثنا محمد بن سنان، ثنا هشيم (ح)، وحدثني سعيد بن النضر، أنا هشيم)، لم يجمع البخاري بين شيخيه في هذا الحديث مع كونهما حدثاه به عن هشيم؛ لأنّه سمعه منهما مفترقين، وكأنه سمعه من محمد مع غيره، فلهذا جمع فقال: حدثنا، ومن سعيد وحده، فلهذا أفرد، فقال: حدثني، وكأن محمدًا سمعه من لفظ هشيم، فلهذا قال: حدثنا، وكأن سعيدًا قرأه أو سمعه يقرأ على هشيم، فلهذا قال:"أخبرنا".
ثم إن سياق المتن لفظ سعيد، وقد ظهر هذا بالاستقراء من صنيع البخاري أنه إذا أورد الحديث عن غير واحد، فإن اللفظ يكون للأخير، قاله ابن حجر (1).
(سيَّار): بمهملة بعدها تحتية مشددة آخره راء: "أبو الحكم بن وردان الغنوي الواسطي البصري".
(يزيد الفقير)، كان يشكو فقار ظهره فقيل له ذلك.
(أعطيت خمسًا)، كذا من حديث أبي موسى وابن عباس وجملة من الصحابة.
ولمسلم من حديث أبي هريرة: "فضلت على الأنبياء بست"، فذكر
أربعًا من هذه الخمس، وزاد ثنتين:"وأعطيت جوامع الكلم، وختم بي النبيون"، ولسلم من حديث جابر: فضلنا على الناس بثلاث: "جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة" الحديث، وفيه:"وذكر خصلة أخرى"، وقد بينهما ابن خزيمة والنسائي وهي:"وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش"، يشير إلى ما حطه عن أمته من الإصر، وتحميل ما لا طاقة لهم به، ورفع الخطأ والنسيان.
ولأحمد من حديث عليّ: "أعطيت أربعا لم يعطهن أحد من أنبياء الله: أعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد، وجعلت أمتي خير الأمم".
وذكر خصلة التراب فصارت الخصال اثنتي عشرة، وقد يوجد أكثر من ذلك لن أمعن التتبع.
وقد ذكر أبو سعد النيسابوري في كتاب: "شرف المصطفى" أن الذي اختص به على الأنبياء ستون خصلة، ثم (لما) صنفت كتاب "المعجزات والخصائص"، فتتبعتها فزادت على المائتين.
(نصرت بالرعب)، زاد أحمد من حديث أبي أمامة:"يقذف في قلوب أعدائي".
(مسيرة شهر): بالنصب، لفظ رواية ابن عمرو، عنده:"نصرت على العدو بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر".
وفي الطبراني عن ابن عباس: "نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدوه مسيرة شهرين"، وأخرج عن السائب بن يزيد مرفوعًا:"فضلت على الأنبياء بخمس"، وفيه:"ونصرت بالرعب شهرًا أمامي، وشهرًا خلفي"، وهو مبين لمعنى حديث ابن عباس.
(وجعلت في الأرض)، زاد أحمد عن أبي أمامة:"ولأمتي مسجدًا" أي: موضع سجود أي صلاة. وفي حديث ابن عمرو زيادة: "وكان من قبلي إنما يصلون في كنائسهم".
(وطهورًا)، لسلم من حديث حذيفة:"وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء"، ولأحمد عن عليّ:"وجعل لي التراب طهورًا قائمًا"، أي: مبتدأ، و"ما" زائدة للتأكيد.
و (رجل): بالجر مضاف إليه.
(أدركته الصلاة فليصل)، للبيهقي عن أبي أمامة:"أتى الصلاة فلم يجد ماء وجد الأرض طهورًا ومسجدًا"، ولأحمد عنه:"فعنده طهوره ومسجده".
(وأحلت لي الغنائم)، للكشميهني:"المغانم".
(لم تحل لأحد قبلي) قال الخطابي: كان من قبله على ضربين: منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن له مغازم، ومنهم من أذن له فيه، لكن كانوا إذا غنموا شيئًا لم يحل لهم أكله، وجاءت نار فأحرقته.
(وأعطيت الشفاعة) أي: العظمى في إراحة الناس من قوله الموقف، فاللام للعهد- قاله ابن دقيق العيد.
وقال ابن حجر: الظاهر أن المراد هنا: الشفاعة في إخراج من دخل النار ممن ليس له عمل إلا التوحيد لقوله في حديث ابن عباس: "وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي فهي لمن لا يشرك بالله شيئا"، وفي حديث ابن عمرو:"فهي لكم ولمن يشهد أنْ لا إله إلا الله".
(وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة)، استشكل بنوح، فإنه دعا على جميع من في الأرض فأهلكوا بالغرق، إلا أهل السفينة ولو لم يكن مبعوثا إليهم لم أهلكوا لقوله تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} ، وقد ثبت أنه أول الرسل، وأجيب بجواز أن يكون غيره أرسل إليهم في أثناء مدته، وعلم نوح أنهم لم يؤمنوا فدعا على من لا يؤمن من قومه وغيرهم، ورد بأنه لم ينقل أنه نبيء في زمن نوح غيره.
وقال ابن عطية: الظاهر أن دعاءه قومه إلى التوحيد بلغ بقية الناس