الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فسددوا) أي: ألزموا السداد، وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط.
قال أهل اللغة: السداد: التوسط في العمل.
(وقاربوا) أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه.
(وأبشروا) أي: بالثواب على العمل الدائم وإن قلّ.
(واستعينوا بالغدوة) هي بالفتح: سير أول النهار.
(والروحة) بالفتح: السير بعد الزوال.
(وشيء من الدلجة) بالضم: سير آخر الليل استعارة حسنة، أي: استعينوا على مداومة العبادات بإيقاعها في أوقات النشاط.
وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر وأنشطها للسير، فكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرًا إلى مقصده فنبهه على أوقات نشاطه، لأن المسافر إذا سار الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، فإذا تحرى السير في هذه الأوقات النشيطة أمكنته المداومة من غير مشقة، وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقله إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون البدن فيها للعبادة.
31 - بَابٌ: الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِي صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ
40 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ «صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ» فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ
مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143].
(يعني: صلاتكم عند البيت) قيل: صوابه: "إلى بيت المقدس"، وقيل: إنه تصحيف، والأصل:"لغير البيت".
(عمرو بن خالد) بفتح العين: الحراني، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني: بضم العين، وهو تصحيف نبه عليه أبو عليّ الغساني وغيره، وليس في شيوخ البخاري ولا رجاله ولا رجال أحد من الكتب الستة مَنْ اسمه"عمر بن خالد".
(كان أول) بالنصب، و"ما " مصدرية.
(على أجداده، أو قال: أخواله)، الشك من أبي إسحاق، وإطلاق ذلك مجاز؛ لأن الأنصار أقاربه من جهة الأمومة، لأن أم جده عبد المطلب "سلمى بنت عمرو" أحد بني عدي بن النجار، وقد نزل على أخوتهم بني مالك بن النجار.
(قيل) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: إلى جهته.
(ستة عشر أو سبعة عشر) كذا بالشك، وفي رواية عند مسلم والنسائي وأبي عوانة وأحمد:"ستة عشر" بلا شك، وفي أخرى عند البزار والطبراني:"سبعة عشر" بلا شك.
قال ابن حجر: والجمع أن مَنْ جزم بستة عشر لفق من شهر
القدوم وشهر التحويل شهرًا، وألقى الأيام الزائدة، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معًا، ومن شك تردد في ذلك، وذلك أن القدوم كان في ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس.
وقال ابن حبان: سبعة عشر وثلاثة أيام، وذلك بناء على أن القدوم كان في ثاني عشر ربيع الأول. وفي رواية عند ابن ماجه:"ثمانية عشر شهرًا"، وراويها أبو بكر بن عياش سيء الحفظ، وخرجها بعضهم على قول محمد بن حبيب أن التحويل كان في نصف شعبان، وبقى روايات شاذة ضعيفة:"ثلاثة عشر شهرًا"، و"تسعة أشهر، وشهران، وسنتان".
(وأنه أول صلاة صلاها صلاة العصر)، قال في "التنقيح": بنصب "أول" بتقدير "فعل"، أي: صلى، وقد ثبت ذلك في بعض الروايات و"صلاة العصر" بالرفع عند ابن مالك، والضمير في قوله:"صالح للقِبْلة" أي: صلى إليها.
قلت: الصواب رفع "أول" مبتدأ، و"صلاة العصر" خبره، والجملة خبر إن، والضمير للصلاة، وفي الكلام تقدير، أي: أول صلاة صلاها متوجهًا إلى الكعبة، وفي رواية:"أنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر"، "فأول" بالنصب مفعول، وجملة "صلاها" صفة صلاة، و"صلاة العصر" بالنصب بدل.
(فخرج رجل) هو عباد بن بشر، وقيل: عباد بن نهيك.
(على أهل مسجد): هم بنو حارثة.
(كما هم): "الكاف" للمبادرة، و"ما" موصولة.
(وأهل الكتاب): بالرفع عطفًا على "اليهود" من عطف العام على الخاص، وقيل: المراد النصارى، وفيه نظر؛ لأنهم لا يصلون (لبيت) المقدس، فكيف تعجبهم.