الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فال الحافظ:
…
(فائدة) مات أبو بكر رضي الله عنه بمرض السل على ما قاله الزبير بن بكار، وعن الواقدي أنه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يومًا، وقيل بل سمته اليهود في حريرة أو غيرها وذلك على الصحيح لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، فكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وأيامًا، وقيل غير ذلك، ولم يختلفوا أنه استكمل سن النبي صلى الله عليه وسلم فمات (1) وهو ابن ثلاث وستين، والله أعلم.
6 - باب مناقب عمر بن الخطاب
3679 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم «لو أن الأنصارَ سَلَكوا واديًا أو شعبًا لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءً من الأنصار. فقال أبو هريرة: ما ظَلَمَ -بأبي وأمي- آوَوهُ ونصروه. أو كلمة أخرى» (2).
3681 -
عن الزهري قال: أخبرني حمزة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا نائم شربت -يعني اللبن- حتى أنظر إلى الرَّيَّ يجري في ظُفُري -أو في أظفاري- ثم ناولت عمر. قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله، قال: العلم» (3).
(1) رضي الله عنه -آمين-.
(2)
لما ذكر الفضل العام شرع في بيان الفضل الخاص، وفي هذا فضل أم سليم وبلال وعمر رضي الله عنهم.
(3)
هذا فضل عظيم لعمر رضي الله عنه ، وما أعطاه الله من العلم وشواهد ذلك واضحة، والله جعل العلم والسنة مائدة يردها الناس ويصدرون بما قسم الله لهم.
3682 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنوع ذنوبًا أو ذنوبين نزعًا ضعيفًا والله يغفر له. ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أرَ عبقريًا يفري فريَّة، حتى روي الناس وضربوا بعطن» قال ابن جُبير: العبقري (1) عتاق الزَّرابي. وقال يحي: الزرابي الطنافس لها خمل رقيق (2){مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16]: كثيرة.
(1) العبقري هنا ما هو اللباس، بل هو الرجل النشيط القوي.
(2)
يراجع في نزعة ضعف، فحتى الآن لم يتبين لي المراد من هذا، وكلام الحافظ سمعته ولكن ما تبيَّن لي.
حاصل ما قيل في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم في أبي بكر في حديث الرؤيا (فنزع ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له
…
). قال الحافظ في الفتح (7/ 38): واتفق من شرح الحديث على أن ذكر الذنوب إشارة إلى خلافته، وفيه نظر لأنه ولي سنتين وبعض سنة فلو كان المراد لقال ذنوبين أو ثلاثة والذي يظهر لي أن ذلك إشارة إلى ما فتح في زمانه من الفتوح الكبار وهي ثلاثة، ولذلك لم يتعرض في ذكر عمر إلى عدد ما نزعه من الدلاء، وإنما وصف نزعة بالعظمة إشارة إلى كثرة ما وقع في خلافته من الفتوحات والله أعلم، وقد ذكر الشافعي في تفسير هذا الحديث في (الأم) بعد أن ساقه قال: ومعنى قوله (وفي نزعة ضعف) قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والإزدياد الذي بلغه عمر في طول مدته).
وقال الحافظ كذلك (في نزعة ضعف) أي أنه على مهل ورفق وقوله (والله يغفر له) قال النووي: هذا دعاء من المتكلم لا مفهوم له وقال غيره: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فيه إشارة إلى قرب وفاة أبي بكر وهو نظير قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] فإنها إشارة إلى قرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت: ويحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه، لأن سبب قصر مدته، فمعنى المغفرة له رفع الملامة عنه.
وقال الحافظ أيضًا قال البيضاوي وقوله (يغفر له) إشارة إلى أن ضعفه -المراد به الرفق- غير قادح فيه أو المراد بالضعف ما وقع في أيامه من أمر الردة واختلاف الكلمة إلى أن اجتمع ذلك في آخر أيامه وتكمل في زمان عمر، وإليه الإشارة بالقوة، وقد وقع عند أحمد من حديث سمرة أن رجلًا قال يا رسول الله رأيت كأن دلوًا من السماء دُليت، فجاء أبو بكر فشرب شربًا ضعيفًا، ثم جاء عمر فشرب حتى تضلع) الحديث.
ففي هذا إشارة إلى بيان المراد بالنزع القوي.
وقال الحافظ في كتاب التعبير من الصحيح (12/ 413).
قال القاضي عياض: ظاهر هذا الحديث أن المراد خلافة عمر، وقيل هو لخلافتهما معًا لأن أبا بكر جمع شمل المسلمين أولًا بدفع أهل الردة وابتدأت الفتوح في زمانه، ثم عهد إلى عمر فكثرت في خلافته الفتوح واتسع أمر الإسلام واستقرت قواعده، وقال غيره: معنى عظم الدلو في يد عمر كون الفتوح كثرت في زمانه ومعنى استحالت) انقلبت عن الصغر إلى الكبر. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال النووي: قالوا هذا المنام مثال لما جرى للخليفتين من ظهور آثارهما الصالحة وانتفاع الناس بهما، وكل ذلك مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه صاحب الأمر فقام به أكمل قيام وقرر قواعد الدين ثم خلفه أبو بكر فقاتل أهل الردة وقطع دابرهم ثم خلفه عمر فاتسع الإسلام في زمنه، فشبه أمر المسلمين بقليب الماء الذي فيه حياتهم وصلاحهم وشبه بالمستقي لهم منها وسقيه هو قيامه بمصالحهم. وقوله (ليريحني) إشارة إلى خلافة أبي بكر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الموت راحة من كدر الدنيا وتعبها، فقام أبو بكر بتدبير أمر الأمة ومعاناة أحوالهم، وقوله (وفي نزعة ضعف) فليس فيه حط من فضيلته، وإنما هو إخبار عن حاله في قصر مدة ولايته، وأما ولاية عمر فإنها لما طالت كثر انتفاع الناس بها واتسعت دائرة الإسلام بكثرة الفتوح وتمصير الأمصار وتدوين الدواوين وأما قوله (والله يغفر له) فليس فيه نقص له، ولا إشارة إلى أنه وقع منه ذنب، وإنما هي كلمة كانوا يقولونها يدعمون بها الكلام).
ثم ذكر الحافظ حديث سمرة المتقدم وتمامه (ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيبها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيبها فانتشطت وانتضح عليه منها شيء) قال: وهذا يبين أن المراد بالنزع الضعيف والقوي الفتوح والغنائم).
وقال القسطلاني في شرح البخاري (6/ 97)(وفي نزعه ضعف) إشارة إلى ما كان في زمنه من الارتداد واختلاف الكلمة ولين جانبه ومداراته مع الناس) ونحوه قال الطيبي في شرح المشكاة (11/ 233).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أبو حاتم بن حبان بعد إخراج الحديث في صحيحه (15/ 324) قال: فالذنوبان كانا خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين وأيامًا.
وقال ملا على قاري في شرح المشكاة (10/ 395).
قوله "وفي نزعه ضعف والله يغفر له" جملة دعائية وقعت اعتراضية مبينة أن الضعف الذي وجد في نزعه لما يقتضيه تغير الزمان وقلة الأعوان غير راجع إليه بنقيصة.
وقال البغوي في شرح السنة (14/ 91) قوله: "في نزعه ضعف لم يرد به نسبة التقصير إلى الصديق في القيام بالأمر فإنه جد بالأمر وتحمل من أعباء الخلافة ما كانت الأمة تعجز عنه ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب واشرأب النفاق ونزل بأبي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها. . بل ذلك إشارة إلى أن الفتوح كانت في زمن عمر أكثر مما كانت في زمن الصديق لقصر مدة أيام ولايته. . .".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (7/ 342): وسواء أراد قصر مدته أو أراد ضعفه عن مثل قوة عمر فلا ريب أن أبا بكر أقوى إيمانًا من عمر، وعمر أقوى عملًا، وقوة الإيمان أقوى وأكمل من قوة العمل، وصاحب الإيمان يكتب له أجر عمل غيره وما فعله عمر في سيرته مكتوب مثله لأبي بكر فإنه هو الذي استخلفه".
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (1/ 247) في فتاويه: "لا مطعن فيه على أبي بكر للروافض لأن أبا بكر أكثر إيمانًا، ثم هو =
3683 -
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن مصالح عن ابن شهاب عن عبد الرحمن (1) بن عبد الرحمن بن زيد
…
3684 -
عن قيس قال: قال عبد الله «ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر» (2).
3685 -
= الذي ولاه، ثم قال أيضًا والله يغفر له فهذا إذا كان المراد أنه نقص» اهـ.
وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله سنة 1408 هـ-في شرح كتاب التعبير.
قال: ولعل الضعف ما كان فيه من اللين والرقة وعمر كان أشد رضي الله عنهما».
(1)
صوابه عبد الحميد.
(2)
رضي الله عنهم.
(3)
رضي الله عنهم، في هذا أن الكرماء الأخيار يبتلون كالأنبياء، وهكذا ما جرى لعمر رضي الله عنه أفضل الأمة بعد النبي والصديق.
3686 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «صعد النبي صلى الله عليه وسلم أُحدًا، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله وقال: اثبُت أُحد، فما عليك إلا نبيٌّ وصدِّيق (1) أو شهيدان» (2).
3688 -
3691 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا أنا نائم رأيت الناس عُرضوا عليَّ وعليهم قُمص، فمنها ما
(1) الصديق هل ينالها غير أبي بكر الصديق؟
نعم ليست خاصة بي رضي الله عنه، لكن أكملهم الصديق، ولا يمنع أن يشاركوه فيها ولكنهم دونه في أشياء {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ} .
(2)
وهذا من علامات النبوة، والله حرّك الجبل ليقول ما يقول عليه الصلاة والسلام.
(3)
ووعد الله لا يخلف «أنت مع من أحببت» لكن الشأن في صدق المحبة فأكثر الناس يدعون ولا يصدقون.
يبلغ الثَّدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعُرض عليَّ عمر وعليه قميص اجترَّه. قالوا: فما أوّلته يا رسول الله؟ قال: الدِّين» (1).
3692 -
3693 -
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: افتح له وبشِّره بالجنة، ففتحت له فإذا هو أبو بكر، فبشرته بما قال رسول صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: افتح له وبشّره بالجنة، ففتحت فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله. ثم استفتح
(1) وهذه نعمة عظيمة لعمر أسبغ الله عليه العلم والدين ومنه أن تأويل القمص الدين واللبن العلم.
(2)
اللهم أرض عنه، من كان بالله أعرف كان له أخوف.