الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك».
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط. ثم قال عروة: «قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كَنَف أنثى قط. قالت: ثم قُتل بعد ذلك في سبيل الله» (1).
4146 -
عن مسروق قال: «دخلنا على عائشة رضي الله عنها، وعندها حسان بن ثابت (2) يُنشدها شعرًا يُشَبِّب بأبيات له وقال:
حصان رَزانٌ ما تُزن بريبة
…
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل (3)
فقالت عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذني له أن يدخل عليك وقد قال والله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 12] فقالت: وأيُّ عذاب أشدُّ من العَمى. قالت له: إنه كان ينافح - أو يُهاجي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم».
35 - باب غزوة الحديبية
وقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]
4147 -
عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم
(1) يعني صفوان بن المعطل رضي الله عنه.
(2)
فكان حسان ممن لبس عليه من كلام المنافقين فأقيم عليه الحد، والحد كفارة.
(3)
يري أنه مكذوب عليه، وزاد الشيخ:
لئن كان ما قد قيل أني قلته فما رفعت يدي إليّ أناملي.
أقبل علينا فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي. فأما من قال مُطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مُطرنا بنجم كذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي» (1).
4148 -
عن أنس رضي الله عنه قال: «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عُمَرَ كلُّهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حُنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته» (2).
(1) وهذا فيه بيان أن المشروع عند المطر أن يقول: «مُطرنا بفضل الله ورحمته» «اللهم صيبًا نافعًا» ومن قال بنوء كذا فهو مشابه لأهل الجاهلية، ثم الإخبار عن الوقت في الصيف فلا بأس أما بالباء لا يجوز وإن اعتقد أن النجم مؤثر صار كفرًا أكبر، وبالباء كفر أصغر، فالكفر كفران أصغر وأكبر.
* حديث عهد بربه لأنه نزل من العلو كلما كان أعلى كان أقرب إلى الله.
* العمرة في رجب قالت عائشة وهم فيها ابن عمر وعلى قول ابن عمر تصبح عُمَرُه خمسًا.
(2)
عُمَرُه أربع: الحديبية ولم تكتمل لكن لهم أجرها؛ ولأنهم صدوا بغير حق، والثانية عمرة القضاء سنة سبع، والثالثة عمرة الجعرانة بعد فتح مكة والرابعة مع حجته.
4150 -
4152 -
(1) كلاهما فتح: فتح بالصلح وفتح بإذلال الكفار ودخول مكة وانتهاء الحرب مع قريش.
(2)
وهذا من المعجزات التي وقعت له عليه الصلاة والسلام.
(3)
كانوا ألفًا وزيادة فمنهم من جبر الكسر 1500 ومن حذف الكسر قال 1400، ولهذا قال أبو العباس في الواسطية كانوا أكثر من ألف وأربعمائة.
4154 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: أنتم خير أهل الأرض. وكنا ألفًا وأربعمائة. ولو كنت أبصرُ اليوم لأريتكم مكان الشجرة» (1). تابعه الأعمش «سمع سالمًا سمع جابرًا ألفًا وأربعمائة» .
4155 -
عن عبد الله بن أوفى رضي الله عنهما «كان أصحاب الشجرة ألفًا وثلاثمائة (2)، وكانت أسلم ثُمن المهاجرين» .
4156 -
عن إسماعيل عن قيس أنه «سمع مرداسًا الأسلمي يقول وكان من أصحاب الشجرة: يُقبض الصالحون الأول فالأول، وتبقى حُفالة (3) كحفالة التمر والشعر لا يعبأ (4) الله بهم شيئًا» (5).
4157، 4158 - عن مروان والمسور بن مخرمة قالا «خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد الهديَ (6)
(1) وأنزل الله قوله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18].
ولأهل بدر ولأهل الشجرة مزية؛ لصبرهم رضي الله عنهم.
(2)
من ذكر الزيادة مقدم.
(3)
في رواية حثالة، والمعنى لا يزال الإسلام في غربة ينقص الأخيار ويكثر الأشرار، يجاهد المؤمن نفسه ولا يغتر بالكثرة.
(4)
لا يبالي بهم لانحرافهم، ونسأل الله العافية.
(5)
الحديث ثابت كما ذكر المؤلف.
(6)
الإهداء يكون مع الحج ومع العمرة وبلا حج ولا عمرة، وفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وأشعر وأحرم منها، لا أحصي كم سمعته من سفيان، حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزُّهريِّ الإشعار والتقليد، فلا أدري يعني موضع الإشعار والتقليد، أو الحديث كله».
4159 -
عن كعب بن عُجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه وقملُه يسقط على وجهه فقال: أيؤذيك هوامُّك؟ قال: نعم. فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق وهو بالحديبية، لم يُبيِّن لهم أنهم يَحِلّون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُطعم فرقًا بين ستة مساكين، أو يُهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام» (1).
4160، 4161 - عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صِبية صغارًا والله ما يُنضجون كُراعًا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضَّبعُ، وأنا بنت خُفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم. فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: مرحبًا بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين أكثرت لها، قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا
(1) وكذا لو احتاج إلى لبس ثوبه يجوز له ذلك ويفدي على التخيير المذكور، لو مرض واحتاج أن يغطي رأسه أو يلبس قميصًا لا بأس، ويفدي.
هذه وأخاها قد حاصر حصنًا زمانًا فافتتحناه، ثم أصبحنا نستفيء سهماننا فيه» (1).
4162 -
عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: «لقد رأيت الشجرة، ثم أنسيتها بعد فلم أعرفها» (2). قال محمود «ثم أُنسيتها بعد» .
4164 -
عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان ممن بايع تحت الشجرة فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا (3).
4166 -
عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى وكان من أصحاب الشجرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: اللهم صلِّ عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى» (4).
4167 -
عن عبًاد بن تميم قال: «لما كان يوم الحرة - والناس يبايعون لعبد الله ابن حنظلة - فقال ابن زيد (5): على ما يبايع ابن حنظلة الناس؟ قيل له:
(1) الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر اللهم ارض عنه، اللهم ارض عنه، هذا يدل على عطفه ورحمته للفقراء.
(2)
يعني التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
لكن عمر عَلِمَها وقطعها رضي الله عنه.
(4)
وهذا عمل بقوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}
…
{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103].
(5)
ابن زيد هو عبد الله بن زيد.
على الموت. قال: لا أبايع على ذلك أحدًا (1) بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان شهد معه الحديبية».
4168 -
عن إياس بن سلمة بن الأكوع قال حدثني أبي وكان من أصحاب الشجرة قال: «كنا نصلِّي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظلٌ نستظلُ فيه» (2).
4169 -
عن يزيد بن أبي عُبيد قال: «قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت» (3).
4173 -
عن إسرائيل عن مجزأة بن زاهر الأسلميِّ عن أبيه - وكان ممن شهد الشجرة - قال: إني لأوقد تحت القدر بلحوم الحمر، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن لحوم الحمر» (4).
(1) يعني الموت ما أبايع أحدًا على الموت إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يبايعه على عدم الفرار، وهذا في وقعة الحرة سنة 63 هـ-بعدما نقضوا البيعة، وهذا خطأ، الواجب عد نقض البيعة.
(2)
في نسخة «لله» ولا محل لها، قال الشيخ: هذا من أحاديث العمدة حفظناها ونحن صغار، وهذا يدل على التبكير بعد الزوال وجدران المدينة قصيرة، وأكثر العلماء على أن الجمعة لا تصح قبل الزوال وهم الجمهور.
(3)
وفي معناه عدم الفرار.
(4)
هذا يوم خبير لكن أراد الشاهد أنه ممن شهد الشجرة، ويوم الحديبية ما فيه حمر.
4174 -
وعن مجزأة عن رجل منهم من أصحاب الشجرة اسمه أُهبان بن أوس، وكان اشتكى ركبته، وكان إذا سجد جعل تحت ركبته وسادة» (1).
4176 -
عن أبي جمرة قال: «سألت عائذ بن عمرو رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب الشجرة: هل يُنقض الوِترُ؟ قال: إذا أوترت من أوَّله فلا توتر من آخره» (2).
قال الحافظ:
…
وهذه المسألة اختلفت فيها السلف فكان ابن عمر ممن يرى نقض الوتر (3).
4177 -
(1) لا بأس، تقيه الوسادة قساوة الأرض.
(2)
هذا هو إذا أوتر من أول الليل ثم صلى بعد يصلي شفعًا لا يوتر.
(3)
روي عن علي النقض، ولكن هذا القول ضعيف.
(4)
وكان عمر اشتد عليه الصلح فلما نزلت السورة دعا عمر ليخبره أنه فتح.
4178، 4179 - عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم- يزيد أحدهما على صاحبه- قالا «خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه. فلما أتى ذا الحُليفة قلد الهدى وأشعره، وأحرم منها بعمرة، وبعث عينًا من خُزاعة. وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه قال: إن قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيت ومانعوك. فقال: أشيروا أيها الناس عليَّ أترون أن أميل إلى عيالهم وذراريّ» هؤلاء الذين يريدون أن يصدُّونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينًا من المشركين، وإلا تركناهم محروبين. قال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدَّنا عنه قاتلناه. قال: امضوا على اسم الله» (1).
قال الحافظ:
…
قوله «فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم» (2)
…
4188 -
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حين اعتمر فطاف معه، وصلَّى وصلَّينا معه، وسعى بين الصفا والمروة، فكنا نستُرُه من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء» (3).
(1) لكن الله أمره بقبول الصلح.
(2)
إذا هاجرت ترد النفقة ولا ترد المرأة.
(3)
يعني في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة.
4189 -
4190 -
عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال: أتى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية والقمل يتناثر على وجهي فقال: «أيؤذيك هوامُّ رأسك؟ قلت: نعم. قال: فاحلق وصم ثلاثة أيام، أو اطعم ستة مساكين، أو انسك (2) نسيكة. قال أيوب: لا أدري بأيِّ هذا بدأ» (3).
4191 -
عن كعب بن عُجرة قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون. قال وكانت لي وفرة فجعلت الهوامُّ تساقط على وجهي، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أيؤذيك هوامُّ رأسك؟ قلت: نعم. وأنزلت هذه الآية {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}» . [البقرة: 196](4).
(1) يعني الأمر بين علي ومعاوية، فتنة عظيمة كلما سدوا ثغرة فتحت ثغرة ما عرفوا لها.
(2)
الذبيحة في محل الحصر إن وجد فقراء، وإلا أجلها ودفعها لفقراء مكة.
(3)
وهذا يوم الحديبية قبل أن يتم الصلح.
(4)
وهكذا المحصر في محل احصاره يهدي ثم يحلق.