الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة
3897 -
3899 -
عن مجاهد ببن جبر المكي «أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: لا هجرة بعد الفتح» (3).
3901 -
عن عائشة رضي الله عنها أن سعدًا قال: «اللهم إنك تعلم إنه ليس أحد أحبَّ إليَّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك الله صلى الله عليه وسلم وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم» (4).
3904 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال: إن عبدًا خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده. فبكى أبو بكر وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا.
(1) الكفن القاصر الذي لا يكفي يجعل على العورة والرأس والرجلان يضاف إليهما ما يستره مما تيسر.
(2)
الله أكبر (مرتين) رضي الله عنهم.
(3)
يعني من مكة فقد صارت بلد إسلام.
(4)
سعد بن معاذ رضي الله عنه.
فعجبنا له. وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخيَّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا به. وقال رسول صلى الله عليه وسلم: إن من أمنِّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتخذت أبا بكر، إلا خُلَّة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر» (1).
3905 -
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «لم أعقل أبويَّ قط إلا وهما يدينان الدِّين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار: بكرة وعشية. فلما ابتُلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدِّغِنَة - وهو سيِّد القارة - فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرَجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق (2). فأنا لك جار. ارجع واعبُد ربك ببلدك. فرجع، وارتحل معه ابن الدَّغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يُخرج، أتخرجون رجلًا يكسب المعدوم، ويصل الرحم،
(1) رضي الله عنه، وكان أعلم الناس برسول الله وأعلم الناس بدين الله وأسبق الناس إلى الخير، وهذا من دلائل استخلافه رضي الله عنه.
(2)
وصفات أبي بكر هذه قالتها خديجة في سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
ويحمل الكَل ويقري الضيف، ويُعين على نوائب الحق؟ فلم تكذِّب قريش بجوار ابن الدَّغنة، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل فيها وليقرأ ما شاء؛ ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره. ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدًا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذَّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه. وكان أبو بكر رجلًا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن؛ فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربهُ في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانههُ، فإن أحبَّ أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فلسه أن يُرد إليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نخفرك، ولسنا بمقرِّين لأبي بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلىَّ ذمتي، فإني لا أحبُّ أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإني أردُّ إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل. والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين: إني أريت قِبل المدينة، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة،
وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك، فإني أرجو أن يُؤذن لي. فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السَّمر - وهو الخبط - أربعة أشهر. قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة: فبينما نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقعنًا - في ساعة لم يكن يأتينا فيها - فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له، فدخل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أخرج من عندك، فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال: فإني قد أذنَ لي في الخروج. فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن. قالت عائشة: فجهَّزناهما أحثَّ الجهاز، وصنعنا لهما سُفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاق. قال: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليلٍ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن، فيُدلج من عندهما بسَحَر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فُهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فُيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبتان تلك
الليالي الثلاث. واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيل، وهو من بني عبد بن عدي هاديًا خريِّتا - والخرِّيت الماهر بالهداية - قد غمس حلفًا في آل العاص بن وائل السمهيّ، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صُبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم طريق الساحل».
قال الحافظ: .... أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم، قالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله» ويأتي مثله في آخر الباب الذي يليه، ولا منافاة بينهما (1).
3909 -
عن أسماء رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متمٌ، فأتيت المدينة، فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجرة، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنَّكه بتمرة، ثم دعا له وبرَّك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام» (2).
(1) محتمل أن اليتمين أرضاهما بثمن، وغير اليتمين قبله منهما.
(2)
يعني المدينة بعد الهجرة.
3910 -
عن عائشة رضي الله عنها قال: «أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير. أتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، أول ما دخل بطنه ريق النبي صلى الله عليه وسلم» (1).
3991 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف ونبي الله صلى الله عليه وسلم شابٌ لا يعرف. قال فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، قال فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق (2)، وإنما يعني سبيل الخير. فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا، فالتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم اصرعه؛ فصرعه الفرس، ثم قامت تُحمحم، فقال: يا نبيَّ الله مُرني بما شئت. قال: فقف مكانك، لا تتركن أحدًا يلحق بنا. قال فكان أول النهار جاهدًا على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النهار مسلحة له (3). فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانبَ الحرَّة، ثم بعث إلى الأنصار فجاءوا إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فسلمَّوا عليها وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وحفُّوا دونهما بالسلام، فقيل في المدينة: جاء نبيُّ الله، جاء نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، فأشرفوا
(1) التحنيك رفع اللهاة ليس خاصًا، وأما التبرك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله الصحابة إلا معه.
(2)
خشية أن يكون من الجواسيس من أعداء الله.
(3)
هذا من فضل الله جلا وعلا.
ينظرون ويقولون: جاء نبيُّ الله. فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدِّث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أيُّ بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا نبيَّ الله، هذه داري وهذا بابي. قال فانطلق فهيِّئ لنا مقيلًا. قال: قوما على بركة الله فلما جاء نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بحق. وقد علمت يهود أني سيِّدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعُهم فأسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيَّ ما ليس فيَّ. فأرسل نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر اليهود، ويلكم اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا. قالوا: ما نعلمه (1) - قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم قالها ثلاث مرار - قال: فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا: ذاك سيدنا، وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشا لله ما كان ليُسلم. قال: يا ابن سلام أخرُج عليهم. فخرج، فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق. فقالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم» (2).
(1) هكذا البغي والعدوان {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14].
(2)
الله أكبر الله أكبر ما عندهم من الشقاء والحسد.
3912 -
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة (1) آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة. فقيل له: هو من المهاجرين، فلم نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه» (2).
3914 -
عن شقيق بن سلمة قال: حدثنا خباب قال: «هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله ووجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير: قتل يوم أحد فلم نجد شيئًا نكفِّنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، فإذا غطينا رجليه خرج رأسه؛ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه بها، ونجعل على رجليه من إذخر، ومنا من أينعَت له ثمرته فهو يهدبها» (3).
قال الحافظ:
…
(أربعة آلاف في أربعة) كذا للأكثر، وسقطت لفظة «في» (4) من رواية النسفي وهو الوجه أي لكل واحد أربعة آلاف.
(1) لكل واحد أربعة آلاف.
(2)
وهذا من تحريه رضي الله عنه، وهذه مساعدة سنوية من بيت المال لكل مهاجر أربعة آلاف.
(3)
يعني وسع الله عليه وأخذ من رزق الله ما كتب الله له.
قال أبو عبد الله: ينع إذا نضج كما في العيني.
(4)
وهي غلط من بعض الرواة.