الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الناس. فمكث يسيرًا ثم مات. فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مُرمَل، وعليه فراش قد أثَّرَ رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال: قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ، ثم رفع يديه فقال: اللهم اغفر لعُبيد أبي عامر، ورأيت بيان إبطيه. ثم قال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس. فقلت: ولي فاستغفر: فقال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مُدخلًا كريمًا. قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى» (1).
56 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان. قاله موسى بن عقبة
4366، 4327 - عن عاصم قال: سمعت أبا عثمان قال: «سمعت سعدًا - وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله - وأبا بكرة وكان تسوَّر حصنَ الطائف في أناس فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالا: سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم: يقول: من ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة (2) عليه حرام» وقال هشام وأخبرنا معمر عن عاصم عن أبي العالية - أو أبي عثمان النهديّ - قال: سمعت سعدًا وأبا بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال عاصم: قلت لقد شهد عندك رجلان حسبُك بهما. قال: أجل، أما أحدهما فأول من رمى بسهم في سبيل الله، وأما الآخر فنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف».
(1) فيه شرعية الدعاء للمؤمنين لا سيما من المصائب، ورفع اليدين والوضوء كذلك كل ذلك من أسباب الإجابة، وفيه طلب الدعاء من الأخيار.
(2)
هذا من الوعيد، وهو من الكبائر.
4328 -
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة- ومعه بلال؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: أبشر، فقال: قد أكثرت علي من «أبشر» . فأقبل علي أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال ردَّ البُشرى؛ فأقبلا أنتما، قالا: قبلنا. ثم دعا بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومجَّ فيه ثم قال: اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا. فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة» (1).
4329 -
(1) فيه ما أعطاه الله من البركة نفع الله به أم سلمة وأبا موسى وبلال، وهذا أعرابي ومن عادتهم الحرص، وقال: عجِّل، وهذا من حرصه وسوء أدبه.
(2)
يعني يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق، وفيه أن الجاهل لو لبس ممنوعًا لا فدية عليه بل يزيله.
4330 -
4331 -
عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال ناس من الأنصار -حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالًا المائة من الإبل فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس: فحُدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدعُ معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال: فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما ناس
(1) من الخمس.
(2)
وفيه أنه يشرع الإمام إذا فعل فعلًا قد يلتبس على بعض الناس أن يوضح وجهته، وهذا من السياسة الشرعية لجمع القلوب.
منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به. قالوا: يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ستجدون أثره (1) شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإني على الحوض. قال: أنس فلم يصبروا».
4333 -
4636 -
عن عبد الله رضي الله عنه قال: «لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم ناسًا: أعطى الأقرع مائه من الإبل، وأعطى عُيينة مثل ذلك، وأعطى ناسًا، فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله، فقلت: لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (3).
(1) الأثرة: الظاهر أن معناها ولاة الأمور بعدهم لا يعطونهم كما ينبغي.
(2)
الطلقاء كانوا ألفين فالمجموع اثنى عشر ألفًا.
(3)
هذا إخبار بالشيء الذي تخشى عاقبته لو حصل كتمان فهو من باب النصيحة.