الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذن هناك أدلة كثيرة جدًّا على حجية السنة، الأدلة من القرآن الكريم، الأدلة من السنة المطهرة، دليل الإيمان، دليل العصمة، تمسك الصحابة وفهمهم للسنة ولدورها، وأن النبي -صلى الله عليه وسل م- لا بد أن يتبع في كل ما يأمر به، وفي كل ما ينهى عنه، وأيضًا تعذر العمل بالقرآن الكريم وحده، بل استحالة ذلك، وأيضًا السنة وحي من عند الله تبارك وتعالى وما دامت وحيًا فقد وجب اتباعها.
إجماع الأمة على حجية السنة
وبعد كل ذلك نقول: دليل الإجماع:
أجمعت الأمة سلفًا وخلفًا قديمًا وحديثًا بإجماع أهل السنة والجماعة أن السنة حجة من حجج الله على خلقه، وأنه يجب عليهم أن يستجيبوا لها وأن يعملوا بها.
الشوكاني -رحمه الله تعالى- يذكر الإجماع، وليس الشوكاني وحده هو الذي تكلم عن الإجماع في السنة، بل كل العلماء، الشيخ عبد الغني عبد الخالق -رحمه الله تعالى- وله كتاب رائع جدًّا عظيم في حجية السنة المطهرة، يقول في أول أبواب هذا الكتاب: "الباب الأول في بيان أن حجية السنة ضرورة دينية، وأنه لم يقع فيها خلاف بين المسلمين قاطبة.
اعلم أنه لا شك، ولا نزاع في أن صحة الاستدلال بحديث يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسل م- على عقيدة دينية أو حكم شرعي تتوقف على أمرين:
الأول: ثبوت أن السنة من حيث صدورها عن النبي -صلى الله عليه وسل م- حجة، وأصل من أصول التشريع.
ثانيًا: ثبوت أن هذا الحديث قد صدر عن رسول الله -صلى الله عليه وسل م- بطريق من طرق الرواية المعتمدة" يعني الشيخ يقول صحة الاستدلال بحديث تتوقف على أمرين:
الأمر الأول: أن نعلم أن السنة الصادرة عن النبي -صلى الله عليه وسل م- حجة، وأصل من أصول التشريع.
الأمر الثاني: أن نتأكد النبي -صلى الله عليه وسل م- قال هذا الحديث، حتى نقول عنه إنه حديث صحيح، فإذا ثبتت نسبة الحديث، وهذا هو عمل علماء الحديث حين يقولون أن هذا حديث صحيح، وهذا كذا يعني معناها أنه ثبتت نسبته للنبي -صلى الله عليه وسل م-.
فنحن نريد أن نتأكد من أمرين: الأمر الأول: أن السنة حجة. والأمر الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسل م- قد قال هذا الحديث.
طبعا محل الشاهد في كلامنا الآن هو الأمر الأول، وهو حجية السنة بعد التثبت من صدورها عن رسول الله -صلى الله عليه وسل م- فهل وقع فيه خلاف؟
لا شك أن من العلماء من أنكر حجيتها في نواح خاصة، كمن أنكر استقلالها بالتشريع، ولم ير الاحتجاج بها فيما ليس فيه قرآن، وكمن يرى أنها لا تنسخ القرآن وغير ذلك.
يقول: ولا كلام لنا في هذه المسائل، وإنما كلامنا في ثبوت حجية السنة في الجملة، فهل من العلماء من نازع في ذلك، وقال: إنه لا يحتج بشيء منها بحال؟
لا نجد في كتب الغزالي والآمدي والبزدوي، وجميع من اتبع طرقهم في التأليف من الأصوليين تصريحًا، ولا تلويحًا بأن في هذه المسألة خلافًا، وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم، وتتبعوا الاختلافات حتى الشاذة منها، واعتنوا بالرد عليها أشد الاعتناء، بل نجدهم في هذه المسألة لا يهتمون بإقامة دليل عليها، وكل ما فعله بعضهم أنه ذكر بحث العصمة قبل مباحث السنة على سبيل الإشارة إلخ.
يعني الرجل يقول: لم يحدث خلاف أبدًا بين علماء الأمة، ولم ينقل أحد من الذين اهتموا بتتبع المسألة بأنه قد حدث نزاع في حجية السنة.
ويقول الشيخ: "وليت شعري كيف يتصور أن يكون نزاع في هذه المسألة بين المسلمين، وأن يأتي رجل في رأسه عقل، ويقول أنا مسلم ثم ينازع في حجية السنة بجملتها، مع أن ذلك مما يترتب عليه عدم اعترافه بالدين الإسلامي كله من أوله إلى آخره". إلى آخر ما قال الرجل.
هو ينقل هنا الإجماع على أن السنة حجة، وأن الأمة كلها قد أجمعت على ضرورة اتباع رسول الله -صلى الله عليه وسل م- إذا كان وجد في بعض الأقوال أن هناك من نازع مثلًا في أن السنة لا تنسخ القرآن، لا ينبغي أن توظف هذه الأقوال على أنها اعتراض على حجية السنة، فما قصد واحد من علماء الأمة في من توقفوا في بعض هذه التفصيلات ما قصد أبدًا أن يتكلم عن حجية السنة، فالكل مجمع بأن السنة حجة لا بد من اتباعها، هذا أمر قرر.
والإمام الشوكاني يؤكد القضية أيضًا، ويقول -رحمه الله تعالى-:"إن ثبوت حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في الإسلام".
هذا أمر أيضًا بالإضافة إلى الإجماع يقول: إن استقلال السنة بالتشريع وثبوت حجيتها ضرورة دينية، يعني معلوم من الدين بالضرورة من خلال الأدلة التي ذكرناها من القرآن الكريم، ومن السنة المطهرة.
ذكرنا كل هذه الأقوال، وللإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في كتابه (الرسالة) أقوال جميلة جدًّا نحيل عليها في الفقرات 239، 240، 294 في النسخة المرقمة، تحقيق الشيخ أحمد شاكر -عليه رحمة الله تعالى ورضوانه- إذن كل هذه أدلة على حجية السنة المطهرة.