المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة وجوب العمل بخبر الآحاد - الدفاع عن السنة - جامعة المدينة (ماجستير)

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 السنة عند أهل الاختصاص

- ‌معنى " السنة " و"الحديث " في اللغة والاصطلاح

- ‌تعريف الإقرار لغة واصطلاحًا

- ‌الدرس: 2 علاقة السنة بالقرآن الكريم

- ‌دور السنة مع القرآن الكريم

- ‌تخصيص العام

- ‌تقييد المطلق

- ‌توضيح المبهم

- ‌الدرس: 3 السنة هي المصدر الثاني للتشريع - حجية السنة (1)

- ‌معنى كون السنة هي المصدر الثاني للتشريع

- ‌الأدلة من القرآن على حجية السنة

- ‌الدرس: 4 حجية السنة (2)

- ‌استكمال الأدلة من القرآن على حجية السنة

- ‌الآيات التي نهت عن مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأدلة من السنة على وجوب اتباع السنة

- ‌الدرس: 5 حجية السنة (3)

- ‌استكمال الأدلة من السنة على وجوب اتباع السنة

- ‌السنة وحي من عند الله

- ‌الدرس: 6 حجية السنة (4) - دوافع الهجوم على السنة

- ‌فهم الصحابة لمكانة السنة النبوية في التشريع

- ‌إجماع الأمة على حجية السنة

- ‌دوافع الهجوم على السنة وإثارة الشبه حولها

- ‌الدرس: 7 شبهة حول تدوين السنة (1)

- ‌ميدان المعركة مع السنة، ومواطن الهجوم عليها

- ‌معنى كلمة "شبهة" ومدلولاتها

- ‌شبهة حول تدوين السنة

- ‌الدرس: 8 شبهة حول تدوين السنة (2)

- ‌الأحاديث الدالة على الإذن بتدوين الحديث والحث عليه

- ‌الصحابة الكاتبون، وصحف تم تدوينها في عهد الرسول

- ‌الدرس: 9 شبهة حول تدوين السنة (3) - الحديث المتواتر

- ‌استكمال الأدلة على تدوين السنة في عصر النبوة

- ‌مراحل كتابة الحديث

- ‌الحديث المتواتر

- ‌الدرس: 10 تابع: الحديث المتواتر - حديث الآحاد (1)

- ‌شروط الحديث المتواتر، وأقسامه، ومؤلفات العلماء فيه

- ‌حديث الآحاد: أقسامه، وشروطه

- ‌الدرس: 11 حديث الآحاد (2)

- ‌الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم

- ‌مسألة وجوب العمل بخبر الآحاد

- ‌الدرس: 12 حديث الآحاد (3)

- ‌شبهة: أن العمل بخبر الآحاد إنما هو عمل بالظن

- ‌شبهة: أن العمل بخبر الآحاد يقتضي العمل بما ليس لنا به علم

- ‌شبهة: أن خبر الآحاد لا يُعمل به في العقائد

- ‌الدرس: 13 حديث الآحاد (4)

- ‌الدليل علي حجية خبر الآحاد من العقائد والعبادات

- ‌الدليل علي حجية خبر الواحد من عمل الصحابة

- ‌قصة تحريم شرب الخمر دليل على حجية خبر الواحد

- ‌الدرس: 14 الرواية باللفظ

- ‌التعريف بالرواية، وأركانها

- ‌أهمية الرواية، وأقسامها

- ‌مميزات وخصائص الرواية

- ‌الأصل في الرواية هو الرواية باللفظ

- ‌الدرس: 15 الرواية بالمعنى

- ‌تعريف الرواية بالمعنى، وبيان شروط ها وما يُستثني من جوازها

- ‌الشبهات التي أثيرت حول الرواية بالمعنى

- ‌الدرس: 16 الرد على دعوى اهتمام المحدثين بنقد السند دون المتن

- ‌تعريف النقد لغةً واصطلاحًا

- ‌الضرورات التي تحتم على أهل العلم توجيه العناية إلى نقلة الأخبار

- ‌هل اهتمام العلماء بالسند كان على حساب عنايتهم بالمتن

- ‌نقد المتن، والقواعد الضابطة لنقده

- ‌الدرس: 17 تابع: الرد على دعوى اهتمام المحدثين بنقد السند دون المتن

- ‌القواعد الدالة على عناية المحدثين بالمتن

- ‌من القواعد التي وضعوها لدراسة المتن: قانون الاعتبار

- ‌الضوابط التي وضعها ابن القيم لمعرفة كون الحديث موضوعًا

- ‌الدرس: 18 الاستشراق ومنهجه وموقفه من السنة المطهرة

- ‌تعريف الاستشراق ومنطلقه، وأغراضه الأساسية في الدراسة

- ‌منهج المستشرقين وقواعدهم الجائرة في دراسة الإسلام

- ‌الدرس: 19 رد شبهات المستشرقين ودفع افتراءاتهم تجاه السنة

- ‌رد شبهة: أن الأحاديث وُضعت نتيجة لتطور المسلمين

- ‌رد شبهة: أن الاختلاف بين المذاهب كان من أسباب الوضع

- ‌اتهام الإمام ابن شهاب الزهري بوضع الأحاديث التي تخدم مصالح أمراء وحكام بني أمية

- ‌الدرس: 20 حديث الذباب والرد على الشبهات التي أثاروها حوله

- ‌رد الشبه المثارة حول حديث الذباب

- ‌المعجزة النبوية في حديث الذباب، ودفع شبهة تعارضه مع الطب

- ‌الدرس: 21 الرد على كتاب (الأضواء القرآنية) للشيخ سيد صالح

- ‌التعريف بكتاب (الأضواء القرآنية)، وبيان شُبهه ومصادره

- ‌بتر استخدام النصوص فيما يوافق أغراضهم

الفصل: ‌مسألة وجوب العمل بخبر الآحاد

‌مسألة وجوب العمل بخبر الآحاد

مسألة: إفادة خبر الآحاد العلم:

هذه التي ناقشناها غير قضية وجوب العمل به، وهذا أمر قد يشتبه على بعض المشتغلين بعلوم السنة يخلطون بين قضية العمل بحديث الآحاد، وبين الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم، الفريقان الرئيسان اللذان أشرنا إليهما، هي أن يعني يفيد الظن أو يفيد القطع، الفريقان معًا مجمعان على وجوب العمل بخبر الآحاد حتى الذين يقولون بإفادته بالظن، وأحيانا أجد في بعض كتب أو في بعض أقوال من يعارض في هذا الذين يثيرون الشبه الآن احتجاجا بجزئيات يموهون بها علينا مثل قضية إن بعض المذاهب تقول: إن خبر الآحاد -مثل الأحناف مثلا- إذا كان حديث الآحاد متضمنًا أمرا زائدًا على القرآن، فإننا نتوقف في قبوله هم يتوقفون في هذا الأمر في جزئية صغيرة البعض يأخذها، ويصورها على أن الأحناف لا يعملون بخبر الآحاد، وكأنه يريد أن يؤيد وجهة نظره بأن بعض المذاهب الإسلامية تقول بمثل ما يقول، وأنه ليس بدعًا في هذا الأمر، لا هذا خداع، هم يتكلمون في جزئية مثلا، وأنا هنا ـ ـ أضرب مجرد مثال الزاني البكر أي: الذي لم يسبق له زواج هذا نجلده مائة جلدة، هذا الحكم ثابت بالقرآن الكريم {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (النور: 2).

جاء حديث عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- عند الإمام مسلم: ((خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب كذا، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام)) الحديث تضمن أمرًا زائدًا بالتغريب زيادة عن الجلد، هم يتوقفون في مثل هذا، حجتهم أن القرآن متواتر وأن حديث الآحاد أقل في الثبوت من القرآن فما دام تضمن أمرًا زائدًا نتوقف في هذا الأمر، ولذلك لا يقولون بالتغريب، أنا هنا لا أناقش سلامة

ص: 224

الرأي من عدمه؛ لأن جمهور العلماء غيرهم يقولون بالتغريب وأخذوا بالحديث، لكن هنا هل أصور المسألة على أن الأحناف لا يعملون بخبر الآحاد؟ كما يتلقف بعضهم مثل هذه الأقوال، ويبني عليها أنه مؤيد من المذاهب الإسلامية في رفضه لخبر الآحاد لا! أحاديث الآحاد تملأ كتب الأحناف، ومعظم أدلتهم إن لم يكن كلها في مسائلهم الفقهية مبنية على خبر الآحاد، من أين سيأتون أكثر من 95% من أحاديث السنة بل أكثر من 99 من أحاديث الآحاد، ولذلك هذه خطورة من يتوقف العمل بخبر الآحاد أو من يتوقف في حجيته يريد أن يهدر السنة، وأن يضيعها؛ لأنه نكاد نقول إن السنة ليست لدينا إحصاءات بنسب يعني لكن مسألة تقريبية إذا أردنا أن نتواضع فنقول على الأقل 95% من أحاديث السنة آحاد، وهي حجة عند الأمة كلها، لكن أنا الآن أتكلم في جزئية أرجو أن تكون واضحة:" قضية الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم غير قضية وجوب العمل بها".

العلماء مجمعون على هذه القضايا التي سأقولها الآن، أنه متى صح الحديث وجب العمل بها، صحة الحديث غير القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله أو لم يقله أو يغلب على ظنه هذه مسألة أخرى، لكن متى صح الحديث وجب العمل به، أرجو أن تجري هذه القاعدة في دمائنا مجرى الدم في عروقنا يعني: أعتقدها اعتقادًا يقينيا.

ونحن نتكلم عن حجية السنة أشرنا إلى مثل هذا واحد -ذكر ذلك السيوطي في: (مفتاح الجنة) - يسأل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- عن صحة حديث يا أبا عبد الله أتقول بصحة هذا الحديث؟ قال نعم، قال: أتعمل به غضب الإمام الشافعي وقال: يا هذا أوجدتني خارجًا من كنيسة هو لم يكتف بقوله: نعم أعمل به إنما أراد أن يبين له، هل يوجد مسلم يصح عنده حديث ولا يعمل به؟.

إذن متى صح الحديث وجب العمل به، ولا يصرف عن وجوب العمل به إلا بصارف شرعي يعني الذي يريد أن يقول: إن هذا الحديث لا أعمل، لابد أن يأتي

ص: 225

بسبب شرعي كأن يكون منسوخًا أو أن يكون عاما وخصص، لكن يصح الحديث ولا يعمل به، هذه جريمة ليست خطأ عاديًا، هذه جريمة انعقد عليها الإجماع بلا أدنى مبالغة في القول، الإجماع انعقد على هذا، إذن متى صح الحديث وجب العمل به، ولا يصرف عن العمل به إلا بصارف شرعي.

وقاعدة ثالثة: متى صح الحديث أصبح أصلًا من أصول الشرع مثل القرآن والسنة، ولا يوجد أصل شرعي يتصادم مع أصل شرعي آخر لا يمكن أن تجد تناقضًا بين أدلة الشرع؛ لأنها كلها جاءت من مشكاة واحدة جاءت من عند ربنا سبحانه وتعالى من الوحي الذي هو المصدر من القرآن الكريم وللسنة المطهرة؛ لذلك ينبغي أن نتيقن أن قضية العمل بالحديث غير قضية الدرجة التي يفيدها نحن ناقشنا هذه القضية، ونقول إن العمل بالحديث واجب متى صح؛ لأن العلماء أجمعوا أيضا على قضية أخرى حتى مع القول بأن حديث الآحاد يفيد الظن أي: أن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم مظنونة، وليست يقينية بناء على وجهة نظر من قالوا: بأنها تفيد الظن، العلماء مجمعون، وهذا الإجماع ذكره النووي وغيره رحمهم الله جميعًا- على أنه يجب العمل بما يغلب على ظن الأمة.

لو أنني استعدت الآن كلام النووي الذي قرأته منذ قليل، وهو يرد على ابن الصلاح في أن أحاديث الصحيحين لا تفيد القطع، وإنما تفيد الظن يقول: "وتلقي الأمة بالقبول يعني ابن الصلاح اعتمد على ذلك هذه هي القرينة أو الدليل الذي جعل ابن الصلاح يقول: بأن أحاديث الصحيحين مقطوع بصحتها؛ نظرا لما تميز بهما من منزلة عند الأمة، وأن الأمة قد تلقت كتابيهما بالقبول، ونحن قلنا: إن كثيرا من العلماء أيد ابن الصلاح، بل زاد على ذلك أنه ليس الأمر مقصورا على أحاديث الصحيحين فقط.

لكن نرجع إلى كلام النووي يقول: وهو يدافع عن وجهة نظره، ولا فرق أي في إفادة الظن في ذلك بين الشيخين وغيرهما، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب

ص: 226

العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه بخلاف غيرهما، فلا يعمل به حتى ينظر فيه، ويوجد فيه شروط الصحيح، يعني لا نعمل عند غيرهما إلا بعد أن نتأكد من صحته، وخلاصة كلام النووي أن العمل بالصحيح سواء كان في الصحيحين، أو في غيرهما واجب على الأمة.

غاية ما في الأمر أنني إذا وجد الحديث في الصحيحين لا أحتاج إلى دراسة بعد ذلك، أما إذا كان في غير الصحيحين علي أن أتأكد من صحته، فإذا صح وجب العمل به، وهذا كلام النووي: "ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيها إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره.

إنما هو يقصد يجب العمل؛ لأن الأمة يجب العمل عليها بما غلب على ظنها، بل إن كثيرا من الأحكام كتوضيح لهذه المسألة حتى أفرغ منها، الأحكام الشرعية كلها تقوم على أخبار الآحاد: الدماء، الحدود تقوم على أخبار الآحاد، يعني: الأمة يغلب على ظنها، إذن يجب العمل عليها.

وأنا هنا أرسخ القضية، وأؤكدها أنه لا تلازم بين ما نناقشه من القطع بنسبة حديث النبي صلى الله عليه وسلم ووجوب العمل، وجوب العمل أمر مفروغ منه ومجمع عليه، إذا قيل إن فلانًا قتل فلان، وجيء بشاهدين عدلين اقتنع القاضي بعدالتهما، سيحكم على القاتل، إما بالقصاص أو بالدية بناء على رأي أولياء الدم، والمهم أن الدعوة هنا ثبتت بشاهدين والشاهدين خبر آحاد، بل إن أكثر الأعداد خبر آحاد أيضا، وهو حد الزنا الذي تحوط فيه الشرع، فلم يثبته إلا بأربعة شهود، الأربعة شهود حد الزنا إذن الدماء تراق، الأعراض رجل يرجم حتى الموت، أو امرأة بخبر آحاد، نقتص من رجل قيل عنه: إنه قتل بخبر آحاد، نثبت دعاوى الأموال يعني لو أن فلانا ادعى على فلان أن عليه مالا له مثلا أيًا كان الرقم، وأتى بشاهدين وهذان الشاهدان عدلان، واقتنع القاضي بعدالتهما سيحكم في الأعم

ص: 227

الأغلب بأحقية صاحب المال في دعواه التي أقامها مهما أنكر المدعي؛ لأنه لن نطلب رأي المدعي إذا ثبت الأمر بالبينة، ولن ننتقل إلى أن يحلف إلا بعد عجز المدعي عن البينة.

أما وقد أتى بالبينة، وهي أربعة شهود أو شاهدان في قضية المال، فإن المسألة محسومة إذن: الدماء، الأعراض، الأموال كلها تثبت حقوقها بخبر الآحاد في مثلا: صيام رمضان، وفي إفطار شوال، وفي حج المسلمين في ذي الحجة يثبت بواحد فقط ليس حتى باثنين، بواحد عدل رأى الهلال، إذا أخبرنا الثقة العدل أنه رأى هلال رمضان وجب على الأمة أن تصبح صائمة، والذي سيصبح مفطرًا إن لم يكن صاحب عذر سيكون آثما، اللهم إلا إذا أقام الأدلة على أن الرائي للهلال غير عدل، وهذه لا يستطيع أن يثبتها لأن أصلا عدالته تثبت عند الحاكم أو من ينيبه الحاكم، هو سيشهد برؤية الهلال، فإذن لا يستطيع مسلم أبدا أن يصبح مفطرا، والناس صائمون، وكل ذلك انبنى على خبر الواحد.

كذلك إذا أخبرنا راءٍ أنه رأى هلال ذى الحجة أو رأى هلال شوال، سيصبح الناس مفطرين بناء على هذا سيحج الناس من عامهم هذا بناء على القول بأنه رأى هلال ذي الحجة، ويوم التاسع من ذي الحجة ستتوجه الملايين إلى عرفة؛ ليقف الناس بعرفة الذي هو أهم أركان الحج، إذن أمور الشرع كلها تثبت بخبر الآحاد.

في العبادات في الأحكام في الحدود، في عقد النكاح يحتاج إلى شاهدين فقط، إشهار العقد ليس واجبًا عند كثير من أهل السنة فقط الركن في العقد هو أن يكون هناك شاهدان مع الولي، ومع الإيجاب والقبول، هذان الشاهدان سيشهدان أن فلانًا تزوج فلانة، فثبت هذا النكاح، وتنبني عليه أحكام كلنا نعرفها، والمهم أن قضية وجوب العمل لا علاقة لها بقضية الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من

ص: 228

العلم، وأنا أرجو ألا نخدع بالذي يربط أنا أنقل الآن عن أئمتنا أئمة أهل العلم، وهذه أمور أجمعت الأمة يجب على الأمة العمل بما غلب على ظنها الذين يقولون: أن خبر الآحاد يفيد الظن لم يتوقف أحد أبدا في وجوب العمل بها.

وأنا أكاد أقطع بأن النتيجة الوحيدة المترتبة على هذا النقاش هي عند الترجيح بمعنى أنه إذا تعارض عندي حديثان، ولم أستطع الجمع بينهما أو بين القرآن والسنة مثلا، ولم أستطع الجمع بينهما إذن سنقول إن الخبر المتواتر سواء كان قرآنًا أو حديثًا سيتقدم على خبر الآحاد، وهذا أمر بدهي لا علاقة له بأن الآحاد لم يقولوا: يسن أو لا يجب العمل به إنما هذا أمر يتعلق بدرجة ثبوت الدليل، والأصوليون عندهم من الأدلة: قطعي الثبوت، ظني الثبوت، قطعي الدلالة، ظني الدلالة، بل إني أقول إن مبحث التواتر والآحاد من أساسه ليس مبحثًا حديثا، إنما هو مبحث أصولي نقل إلى المحدثين من أهل الأصول.

أما المحدثون فمعنيون بقضية واحد، وهي ثبوت صحة الحديث بمقاييسهم التي ارتضوها، وأجمعوا عليها من دراسة الإسناد ودراسة المتن، ومتى سلم لهم الإسناد والمتن حكموا على الحديث بالصحة، وأجمعوا على وجوب العمل به ما لم يصرف عن العمل بصارف شرعي قامت الأدلة عليه.

هذه قضية المحدثين، وكل دراساتهم تجري في هذا النهر: إثبات صحة الحديث، وكل علوم المصطلح، وكذا تسير في هذا الإطار إذن نحن نختم، ونقول: إنه يجب على الأمة العمل بخبر الآحاد، وأنه لا تلازم بين القضيتين التي ناقشناهما، والذي يصنع التلازم إنما يريد أن يهدر السنة، وأن يسقط مكان حديث الآحاد في وجوب العمل به على خلاف ما أجمعت عليه أمة الإسلام هذا وبالله التوفيق.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 229