المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم - الدفاع عن السنة - جامعة المدينة (ماجستير)

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 السنة عند أهل الاختصاص

- ‌معنى " السنة " و"الحديث " في اللغة والاصطلاح

- ‌تعريف الإقرار لغة واصطلاحًا

- ‌الدرس: 2 علاقة السنة بالقرآن الكريم

- ‌دور السنة مع القرآن الكريم

- ‌تخصيص العام

- ‌تقييد المطلق

- ‌توضيح المبهم

- ‌الدرس: 3 السنة هي المصدر الثاني للتشريع - حجية السنة (1)

- ‌معنى كون السنة هي المصدر الثاني للتشريع

- ‌الأدلة من القرآن على حجية السنة

- ‌الدرس: 4 حجية السنة (2)

- ‌استكمال الأدلة من القرآن على حجية السنة

- ‌الآيات التي نهت عن مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأدلة من السنة على وجوب اتباع السنة

- ‌الدرس: 5 حجية السنة (3)

- ‌استكمال الأدلة من السنة على وجوب اتباع السنة

- ‌السنة وحي من عند الله

- ‌الدرس: 6 حجية السنة (4) - دوافع الهجوم على السنة

- ‌فهم الصحابة لمكانة السنة النبوية في التشريع

- ‌إجماع الأمة على حجية السنة

- ‌دوافع الهجوم على السنة وإثارة الشبه حولها

- ‌الدرس: 7 شبهة حول تدوين السنة (1)

- ‌ميدان المعركة مع السنة، ومواطن الهجوم عليها

- ‌معنى كلمة "شبهة" ومدلولاتها

- ‌شبهة حول تدوين السنة

- ‌الدرس: 8 شبهة حول تدوين السنة (2)

- ‌الأحاديث الدالة على الإذن بتدوين الحديث والحث عليه

- ‌الصحابة الكاتبون، وصحف تم تدوينها في عهد الرسول

- ‌الدرس: 9 شبهة حول تدوين السنة (3) - الحديث المتواتر

- ‌استكمال الأدلة على تدوين السنة في عصر النبوة

- ‌مراحل كتابة الحديث

- ‌الحديث المتواتر

- ‌الدرس: 10 تابع: الحديث المتواتر - حديث الآحاد (1)

- ‌شروط الحديث المتواتر، وأقسامه، ومؤلفات العلماء فيه

- ‌حديث الآحاد: أقسامه، وشروطه

- ‌الدرس: 11 حديث الآحاد (2)

- ‌الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم

- ‌مسألة وجوب العمل بخبر الآحاد

- ‌الدرس: 12 حديث الآحاد (3)

- ‌شبهة: أن العمل بخبر الآحاد إنما هو عمل بالظن

- ‌شبهة: أن العمل بخبر الآحاد يقتضي العمل بما ليس لنا به علم

- ‌شبهة: أن خبر الآحاد لا يُعمل به في العقائد

- ‌الدرس: 13 حديث الآحاد (4)

- ‌الدليل علي حجية خبر الآحاد من العقائد والعبادات

- ‌الدليل علي حجية خبر الواحد من عمل الصحابة

- ‌قصة تحريم شرب الخمر دليل على حجية خبر الواحد

- ‌الدرس: 14 الرواية باللفظ

- ‌التعريف بالرواية، وأركانها

- ‌أهمية الرواية، وأقسامها

- ‌مميزات وخصائص الرواية

- ‌الأصل في الرواية هو الرواية باللفظ

- ‌الدرس: 15 الرواية بالمعنى

- ‌تعريف الرواية بالمعنى، وبيان شروط ها وما يُستثني من جوازها

- ‌الشبهات التي أثيرت حول الرواية بالمعنى

- ‌الدرس: 16 الرد على دعوى اهتمام المحدثين بنقد السند دون المتن

- ‌تعريف النقد لغةً واصطلاحًا

- ‌الضرورات التي تحتم على أهل العلم توجيه العناية إلى نقلة الأخبار

- ‌هل اهتمام العلماء بالسند كان على حساب عنايتهم بالمتن

- ‌نقد المتن، والقواعد الضابطة لنقده

- ‌الدرس: 17 تابع: الرد على دعوى اهتمام المحدثين بنقد السند دون المتن

- ‌القواعد الدالة على عناية المحدثين بالمتن

- ‌من القواعد التي وضعوها لدراسة المتن: قانون الاعتبار

- ‌الضوابط التي وضعها ابن القيم لمعرفة كون الحديث موضوعًا

- ‌الدرس: 18 الاستشراق ومنهجه وموقفه من السنة المطهرة

- ‌تعريف الاستشراق ومنطلقه، وأغراضه الأساسية في الدراسة

- ‌منهج المستشرقين وقواعدهم الجائرة في دراسة الإسلام

- ‌الدرس: 19 رد شبهات المستشرقين ودفع افتراءاتهم تجاه السنة

- ‌رد شبهة: أن الأحاديث وُضعت نتيجة لتطور المسلمين

- ‌رد شبهة: أن الاختلاف بين المذاهب كان من أسباب الوضع

- ‌اتهام الإمام ابن شهاب الزهري بوضع الأحاديث التي تخدم مصالح أمراء وحكام بني أمية

- ‌الدرس: 20 حديث الذباب والرد على الشبهات التي أثاروها حوله

- ‌رد الشبه المثارة حول حديث الذباب

- ‌المعجزة النبوية في حديث الذباب، ودفع شبهة تعارضه مع الطب

- ‌الدرس: 21 الرد على كتاب (الأضواء القرآنية) للشيخ سيد صالح

- ‌التعريف بكتاب (الأضواء القرآنية)، وبيان شُبهه ومصادره

- ‌بتر استخدام النصوص فيما يوافق أغراضهم

الفصل: ‌الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الحادي عشر

(حديث الآحاد (2))

‌الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد.

فالمسألة الأولى من المسائل المتعلقة بالآحاد: أن نتساءل عن الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم: ما هي الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم؟

وكتوضيح لهذا قلت في الدرس السابق: إن الخبر المتواتر الذي ثبت تواتره يفيد العلم القطعي الضروري يعني علم متلقيه علم متيقن به سواء كان حديثًا أو غيره، كما قلت: وأيضًا هذا معنى قولنا: علم قطعي أو يقيني، ومعنى قولنا: علم ضروري هو أننا لا نحتاج إلى أدلة بعد ثبوت التواتر يعني: إذا كان الخبر الذي سنقوله تأكدنا من أنه خبر متواتر لا يصح بعد ذلك أن نبحث عن أدلة نؤيد بها صدق هذا الخبر، فمتى ثبت تواتره أصبح مقطوعًا به، هذا معنى قول أهل العلم: أنه مقطوع به يفيد العلم القطعي أو العلم اليقيني الضروري.

مثلا نقول أمريكا موجودة على خريطة العالم هل استدل أحد على وجودها؟ لكن تواتر الأخبار: فعلت أمريكا، قالت: أمريكا جعل السامعين قد تيقنوا بصدق هذا الخبر أي: بصدق وجودها على الخريطة، هذا مجرد مثال من الحياة العامة التي نعيشها جميعًا لا نحتاج بعد ذلك إلى إثبات أو إلى أدلة تثبت أن أمريكا أو غير أمريكا موجودة على خريطة العالم أو على خريطة الكرة الأرضية.

إذن الخبر المتواتر أصبح يفيد العلم الضروري الذي يستقر في النفس مثل البدهيات، لا يمكن دفعه عن النفس كما أنه لا يحتاج إلى أدلة تثبته أو إلى براهين تؤكده، وأيضًا لا يحتمل الخلاف حوله، كمثل الخلاف الذي يجري في النظريات لا!

ص: 211

النظريات: عمر الأرض كم سنة؟ نظريات ليس عندي قال الله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} (الكهف: 51) يقولون كما يقولون، ويعتمدون على حفريات وهناك إذن العلم الضروري يستقر في النفس مثل البدهيات لا يمكن دفعه عنها، لا يحتاج إلى أدلة تثبته بعد أن تأكدنا منه لا يحتمل الخلاف حوله، والخلاف حوله أو النقاش حوله هو نقاش في البدهيات، والنقاش في البدهيات من أتعس ما يمكن أن تقع فيه العقول الشاعر يقول:

وليس يصح في الأذهان شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل

لو أن النهار يحتاج إلى دليل أمر غريب يعني: أنا الآن فعلا أسجل هذه الحلقات نهارًا في الوقت الذي أتكلم فيه نحن بالنهار، كيف أثبت أننا بالنهار؟ إذا ذهبت أستدل على أننا بالنهار سأزيد الأمر تعقيدًا؛ لأن هذا أمر بدهي ثابت بالمشاهدة، كذلك الخبر المتواتر لا يحتاج إلى أدلة فنتيجته قطعية.

وأنا أشرت أيضًا إلى أن العلم القطعي اليقيني نصل إليه بوسائل متعددة قلنا: منها المشاهدة، وقلنا: منها البداهة، وقلنا منها الفطرة، يعني الطفل الصغير يعرف أمه وأباه من وسط العشرات، هذه فطرة فطر الله الناس عليها لم يقم أحد الأدلة على أن هذا أبوك أو أن هذه أمك إنما هو يعرفها، ويندفع نحوها ويرتمي في حضنها، وهي في وسط عشرات السيدات أو أيًا كان العدد هذا أمر فطري وهكذا.

هذه أمثلة للعلم القطعي إذن التواتر يفيد العلم القطعي الضروري، وعندي أيضًا من الفروق بين العلم الضروري والعلم النظري أنا قلت: ـ فيما قلت ـ إننا ممكن أن نصل إلى العلم القطعي أو إلى درجة اليقين عن طريق النظر والاستدلال، وضربت مثالا لهذا بنظريات الهندسة، وقلت: إنها خير مثال لقواعد كانت مجرد نظريات احتمالية لما استدل عليها أصبحت أمورًا قطعية، لكننا لم نصل إلى هذا القطع إلا بعد النظر والاستدلال بعكس التواتر كما قلت.

ص: 212

من الفروق بين العلم النظري والعلم الضروري أي: العلم القطعي المستفاد من الضرورة الذي هو التواتر، أو العلم النظري القطعي الذي جاء بعد نظر واستدلال أن العلم الضروري يقع اليقين به لكل سامع له سواء كان عالمًا أو غير عالم.

أما العلم النظري، فلا يقع القطع به إلا لمن عنده أهمية النظر، لمن يدرك هذا الكلام يعني المثال الذي ضربناه مثلا: المثلث المتساوي الزوايا متساوي الأضلاع، الرجل الفلاح في الحقل، أو العامل في المصنع لا تعنيه مسألة لا من قريب، ولا من بعيد، ولا نستطيع أن نقيم عليه الحجة في أن هذا أمر مقطوع به؛ لأن الأدلة قد قامت عليه.

نعم هو يفيد القطع لكن بالنسبة لمن عنده أهمية القطع بهذا الأمر، أما من ليست لهم أهلية القطع فهو ليس حجة عليهم؛ لأن هذه الأمور لا يهتم بها إلا المتخصصون، ويأخذون هذه النظريات بعد إثباتها بالطرق العلمية؛ لتطبيقها في أمور علمية مختلفة، ينتفعون بها في أمور حياتهم.

هناك أيضًا من أنكر الذي نقوله، مثلا في إثبات التواتر أو في إفادة التواتر، ونحن لم نقف عليه حتى لم أشر إليه؛ لأن ماذا نفعل إذا وصل بنا الأمر إلى الجدال في البدهيات، مرة أخرى أقول:

وليس يصح في الأذهان شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل

على كل ووصلنا الآن إلى التساؤل عن الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم.

خبر الآحاد لكي أستعيد المسألة في ذهني، وفي ذهن المتلقي الكريم قلت: إن المتواتر يفيد العلم الضروري، طيب الآحاد ماذا يفيد، وبصيغة أخرى لأعرف الهدف من وراء هذا النقاش هل أقطع بصدق نسبة الحديث الآحاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هل أتيقن مائة بالمائة أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله أم يغلب على ظني؟

وهنا أقول إن الظن درجة من درجات العلم، أنا عندي ظن بمعنى الوهم،

ص: 213

وهذا أيضًا أمر سأحتاج وأنا أرد على الشبهات المثارة حول خبر الآحاد يعني مثلا أجد في القرآن الكريم ذمًا للظن {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (النجم: 26 - 28) بعض العلماء يقول مثلا: الظن هنا يعني مذموم، لكن الظن عند الأصوليين درجة من درجات العلم.

تعددت تعبيراتهم في تعريف الظن، الظن هو: غلب أحد القولين أو أحد الرأيين، هو القول بالرأي الراجح، لكن هو درجة من درجات العلم مثلا محمد سافر هذه قضية ما درجة علمي بها؟ هل أنا قطعت بها؟ قطعت بها عن طريق الطرق التي أشرت إلى بعضها في تحقيق العلم القطعي هل رأيته وهو يسافر؟ فيكون الأمر ثبت لدي بالمشاهدة.

هل أخبرني جمع أثق في صدقهم بسفره؟ فيكون الخبر وصل إلي بالتواتر إلى آخره، لكن في النهاية محمد سافر خلاص أصبحت قضية يقينية أو أنه يغلب على ظني أن محمدًا سافر؛ لأن واحدًا فقط هو الذي أخبرني، ولأنني لا أجد محمدًا الآن في قاعات الدرس، ولأنه قد هاتفني، يعني مثلا بعض القرائن التي ترجح أنه سافر، فدرجة علمي بسفر محمد يقينية مقطوع بها، أم أنها يغلب على ظني؟ هذا معنى الظن الأخذ بالقول الراجح أو ترجيح أحد الاحتمالين في المسألة، عندي احتمالان سافر أو لم يسافر غلب أحد الاحتمالين على الآخر، أصبحت المسألة ظنية، فإذا نقلت هذه الأمور إلى الخبر الآحاد، فهل أقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله أو يغلب على ظني أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؟.

هناك باختصار شديد فريقان في هذه المسألة، كثير من العلماء، وأغلبهم من الأصوليين، ومعهم أيضًا بعض

ص: 214

المحدثين كالإمام النووي يقول: "إن خبر الآحاد يفيد الظن، يعني يغلب على ظننا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، ولا نقطع بذلك لاحتمال وقوع الخطأ من أحد الرواة؛ لأن عدد الرواة لم يصل إلى درجة التواتر".

تكاد تكون حجة هذا الفريق الوحيدة أن احتمال الخطأ من أحد الرواة في نقل الحديث احتمال وارد، وهذا يجعلنا لا نصل إلى درجة القطع، إذن ما هو دليلهم؟ دليلهم فقط أنه قد يقع بعض الرواة في الخطأ.

في حدود قراءتي لم أجد أدلة شديدة لهم في هذا الأمر، ثم يجمعون بعد ذلك الأدلة التي وردت في ذم الظن سواء من الحديث ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)) إلى آخره، ومثل الآية التي أشرت إليه، وسأرد على ذلك ـ إن شاء الله تبارك وتعالى بما رد به العلماء حين الكلام أو حين نتكلم عن الشبه، لكن الآن يعني دعوني أقصر كلامي على توضيح الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم، قلت: إن هناك فريقًا من العلماء يرى أنه يفيد الظن، ما معنى أنه يفيد الظن؟ يعني يغلب على ظننا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث ولا نقطع بأنه قاله.

الفريق الثاني: مستند الفريق الأول قلت اعتمادًا على أن الخطأ وارد من بعض الرواة، وما دام أن الخبر لم يصل إلى التواتر، فأنا لا أطمئن بنسبة مائة في المائة إلى أن الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم، مع ملاحظة أمر مهم سأنتقل إليه بعد قليل.

القضية التي نناقشها الآن وهي قضية ماذا يفيد خبر الآحاد غير قضية وجوب العمل به؟ هذه مسألة وهذه مسألة، إنما نتكلم عن درجة نسبة الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم.

الفريق الآخر منهم كثيرون جدا من القدامى ومن المحدثين، الإمام الشافعي في الرسالة له فصل ممتع في تطبيق خبر الحجة، وأنا سأعتمد عليه مع غيره في رد الشبهة التي أثاروها، ويعني -سبحان الله- في غاية العظمة في هذا الكتاب، ابن حزم في (الأحكام) وغيرهم كثير من المحدثين: الشيخ أحمد شاكر، الشيخ ناصر الألباني، الشيخ عبد الله الجبريل غيرهم كثير قطعوا بأن حديث الآحاد يفيد العلم لكنه العلم النظري، وهذا ما جعلني ألح على قضية العلم النظري، وكيف يثبت واستدللت بنظرية الهندسة، يعني -وفقًا لهذا الفريق- نحن نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله لكن بعد نظر واستدلال.

ص: 215

ما هو النظر والاستدلال المقصودان في هذا الأمر، النظر والاستدلال المتعلقان بدراسة الإسناد ودراسة المتن يعني هذا الفريق يقول: نحن درسنا الإسناد في ضوء القواعد المقررة عند أهل العلم، وتأكدنا من توفر الشروط التي تفيد صحة الإسناد من اتصال السند، ومن عدالة الرواة، ومن ضبط الرواة، ومن خلو الحديث من الشذوذ، ومن العلة القادحة، ونظرنا ودرسنا المتن في ضوء القواعد المقررة في دراسة المتن فلماذا لا نقطع بأن يعني سلم من الركاكة، سلم من الضعف، سلم من مخالفة الأصول يعني سلم من أي علة قد تقدح فيه، فلماذا لا نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، هذا الفريق يقول ذلك، إذن نحن نتأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله بعد أن نظرنا في السند وفي المتن في ضوء القواعد المقررة عند العلماء؟.

هذا الكلام كما قلت هو أشبه بالنظريات الهندسية التي ضربتها مثالا لذلك، نحن درسنا النظرية الهندسية، وأقمنا عليها الأدلة والبراهين إذن أصبحت بعد ذلك مسألة يقينية لا نماري فيها، كذلك هذا يقوله العلماء بالنسبة لحديث الآحاد.

إذن الدراسة النظرية التي يقصدونها، والتي أوصلتهم إلى مسألة القطع واليقين بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله إنما جاءت من دراسة الإسناد، ومن دراسة المتن معًا ثم اطمئنانهم بعد هذه الدراسة إلى صدق الحديث، وبالتالي ما الذي يجعلنا نخاف أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الحديث، هذا الفريق من العلماء الذين قالوا بإفادة خبر الآحاد للعلم النظري تعددت آراؤهم داخل هذا الرأي كيف؟

هناك من قال: إن خبر الآحاد مقطوع بصحته، وبصدق نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم لكن ذلك مقصور على أحاديث الصحيحين فقط، يعني نحن نقطع بمضمون الأحاديث أو بصدق الأحاديث وبصحة نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم التي في الصحيحين، وممن تبنى هذا الرأي ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- في مقدمته، ودافع عن ذلك دفاعًا

ص: 216

شديدًا في المقدمة حيث يقول رحمه الله: "وهذا القسم ـ يقصد ما اتفق عليه البخاري ومسلم ـ مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري -كلمة اليقيني يعني مقطوع به، والنظري بعد النظر والاستدلال- خلافًا والعلم اليقيني النظري واقع به خلافًا لقول لمن نفى ذلك محتجًا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول؛ لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ.

يقول ابن الصلاح -رحمه الله تعالى-:"وقد كنت أميل إلى هذا الرأي، وأحسبه قويًا -أي: إفادته للظن يعني- ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ، ولهذا كان الإجماع المبتنى على الاجتهاد حجة مقطوعًا بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك، وهذه نكتة نفيسة نافعة. أنا لا زلت مع كلام ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- وهذه نكتة نفيسة نافعة، ومن فوائدها القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض النقاد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن".

إذن ابن الصلاح يرى أن خبر الآحاد يفيد القطع بصدق نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه يقصر ذلك على الصحيحين، وحجته في ذلك واضحة، وهو أن الصحيحين قد أجمعت الأمة على تلقيهما بالقبول، ولذلك هو يضيف نفائس أخرى خلال معالجته لهذه القضية يقول:"إن الأمة في إجماعها معصومة من الخطأ" ويقول: "لهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجة مقطوعًا به -ليس الإجماع المبني على الأدلة فقط إنما الاجتهاد أي: كان هذا الإجماع مقطوعا به- وأكثر إجماعات العلماء كذلك وقال: وهذه نكتة نفيسة نافعة".

ص: 217

أيًا ما كان الأمر فإن ابن الصلاح ومن شايعه يرون أن أحاديث الصحيحين الآحاد منهما تفيد القطع، ونقطع بصحة نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يستثني من ذلك الأحرف اليسيرة التي انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره لا تنطبق عليها هذه القاعدة، وهذه الأحاديث معروفة عند أهل السنة، هذا كلام ابن الصلاح -رحمه الله تعالى.

أيضًا هناك رأي آخر ينضم إلى أحاديث الصحيحين أي حديث يعني: احتفت به قرائن أكسبته مزيدًا من القوة يعني ما الذي جعل ابن الصلاح يقول ذلك عن أحاديث الصحيحين؟ أن الأمة أجمعت على تلقيهما بالقبول، وأصبحنا جميعًا متأكدين من أن كل حديث في الصحيحين صحيح من أحاديث الأصول التي لم يتكلم عليها النقاد مثل الدارقطني وغيره، خلاص انتهت المسألة، وأصبحت غير قابلة للنقاش ولا مفتوحة ولا موضوعة على طاولة الجدال، هل نلحق بأحاديث الصحيحين كل حديث فيه بعض القرائن التي أكسبته مزيدًا من القوة؟ يعني ليس شرطًا أن يكون في الصحيحين، لكن كما أن روايته في الصحيحين كانت قرينة ساعدت على قطعنا بصحته، وبصدق نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم اعتمادًا على أن الأمة تلقت الصحيحين بالقبول كذلك نلحق بهما كل حديث فيه قرائن كما قلت تكسبه مزيدًا من القوة مثل مثلا أن يكون مسلسلا بالأئمة الفضلاء، الأئمة الأجلاء.

مثل حديث مثلا يرويه الإمام أحمد عن الإمام الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، أو أن يكون هذا الحديث ممن وردت به آيات كثيرة، وأدلة قاطعة في القرآن والسنة قد التقت معه مثل:((المسلم أخو المسلم لا يظلمه))، مثل حديث تحريم الربا فمقطوع به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن القرآن الكريم قطع بحرمة الربا {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة: 275).

ص: 218

إذن الفريق الآخر، ومنهم ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتبه يلحق بالصحيحين الأحاديث التي احتفت بها قرائن.

الخبر المحتف بالقرائن أنواع: منها مثلا ما أخرجه الشيخان في الصحيحين مما لم يبلغ التواتر هذا القرائن التي احتفت به جلالة الشيخين في علم الحديث، تلقي الأمة لكتابيهما بالقبول إلى آخره، هذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم.

أيضًا منها المشهور إذا كانت له طرق سالمة من ضعف الرواة ومن العلل، يعني أحاديث مشهورة على المعنى الذي قلناه في الصورة، وتعددت طرقه، فهذا أيضًا يكسبه مزيدًا من القوة، فنقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.

ومنها أيضًا المسلسل بالأئمة الأعلام الأجلاء الحفاظ المتقنين مثلا الحديث الذي يرويه الإمام أحمد، وقد يشاركه فيه غيره عن الشافعي، ويشاركه في غيره وعن مالك، ويشاركه في غيره، هذا النوع من الأحاديث يفيد العلم عند سامعه، والقرائن التي احتفت به هي جلالة رواته، وأن فيهم من الصفات الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير، وأي واحد له أدنى ممارسة بالنظر أو بالعلم بمعرفة أحوال الرواة يتأكد من سلامة هذه النتائج.

مثلا حين أقول: حديث رواه سفيان بن عيينة مثلا عن عبد الله بن دينار، سفيان، وعبد الله جبلان من جبال الحفظ حين مثلا يروي سفيان بن عيينة عن الزهري مثلا عن ابن عمر مثلا أيضًا ماذا نقول في هؤلاء الأعلام؟ هؤلاء أئمة أجلاء أجمعت الأمة على مكانتهم السامقة العالية في عالم الرواية، وأنهم من كبار وفحول ثقات الرواة.

والمهم أنه متى احتفت بالخبر قرائن أكسبته مزيدا من القوة قطعنا بصدق نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم هذا الرأي لفريق من العلماء منهم: ابن حجر، وهذا زاد على ابن الصلاح،

ص: 219

ابن الصلاح قصر المسألة على أحاديث الصحيحين، وزاد ابن حجر أحاديث أخرى غير أحاديث الصحيحين، لكن فيها قرائن احتفت بها أكسبتها مزيدا من القوة.

هناك فريق ثالث يقول: ولماذا أقصر إفادة الآحاد للقطع على أحاديث الصحيحين فقط؟ أو على الأحاديث التي احتفت بها القرائن تكسبها مزيدا من القوة؟ لماذا لا أقول إن كل حديث آحاد ثبتت صحته فهو مقطوع بصحة نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم أنت من الممكن أن تجادلني في إثبات الصحة ذاتها تقول: هذا ليس صحيحًا، وأدلتي على كذا كذا على عدم الصحة كذا وكذا لكن دعنا نتفق أنه إذا ثبتت صحته بالمقاييس المعروفة عند أهل العلم، وأنا قلت -مرارًا-: أن هذا هو النظر والاستدلال الذي أدى بنا إلى الاطمئنان إلى صدق الخبر، أنا درست -كما قلت- الإسناد، وتأكدت من صحته، ودرست المتن فما الذي يجعلني أتردد في القطع بصحة نسبة هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم وأقصر ذلك على أحاديث الصحيحين فقط أو أقصر ذلك على الأحاديث الأخرى التي احتفت بها قرائن، وتعصب لهذا الأمر جدا ابن حزم، وأيده من المحدثين كثير كما قلت: الشيخ شاكر، والشيخ أحمد، والشيخ الألباني وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ورحمهم أجمعين.

وأنا بكل تواضع أقول: إنني مع هذا الرأي فعلا لماذا أخاف؟ يعني: حديث درسناه، وتأكدنا من صحته ـ كما قلت ـ سندًا ومتنًا كررت ذلك مرارا ماذا نقول؟ نخاف لماذا نخاف؟ تريد أن تقول إنه ليس صحيحا لا تعتمد على التواتر والآحاد إنما أقم أدلة لعلل في الإسناد أو لعلل في المتن، هذا هو الكلام العلمي أن تثبت أن السند به علة أو أن المتن به علة يعني نتناقش في هذا الأمر، ونأخذ ونرد ونقبل أو لا نقبل، لكن أن يكون الأمر سالمًا من العلل في الإسناد والمتن، ثم تجادلني تحت وطأة، أو

ص: 220

تحت دعوى أن مجرد احتمال الخطأ من الرواة نحن تأكدنا أنهم ثقات، وتأكدنا من سلامة الحديث متنًا وسندا نقطع بصحته، إذن أنا عندي الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم، عندي فيها رأيان رئيسان:

الرأي الأول: بأن حديث الآحاد يفيد الظن، وممن تبنى هذا الرأي من المحدثين الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ يقول: يعني لا يرتضي رأي ابن الصلاح حتى في مجرد قصر الآحاد أو القطع بصحة الآحاد على الصحيحين، يقول النووي: لأن ذلك شأن الآحاد أي: إفادته للظن ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه بخلاف غيرهما، فلا يعمل به حتى ينظر فيه، ويوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد اشتد إنكار ابن برهان على من قال بما قاله الشيخ -يقصد ابن الصلاح- وبالغ في تغليظه، وكذلك ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول، هذا كلام النووي في (التقريب) الذي شرحه السيوطي في التدريب، وهو موجود في (تدريب الراوي) في جزء 1 ص232؛ لأن النووي رحمه الله كما نعلم جميعًا- اختصر مقدمة ابن الصلاح في (التقريب) والسيوطي شرح اختصار النووي في كتابه المشهور:(تدريب الراوي شرح تقريب النووي) هذا اسم الكتاب.

إذن ابن الصلاح، الإمام النووي، ومعهم مدرسة كثيرة هو ذكر بعضهم مثلا: العز بن عبد السلام، وابن برهان يقولون:"إن الأحاديث الآحاد يفيد الظن" أي: نظن أو يغلب على ظننا أو يترجح لدينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله لكننا لا نقطع، أما الموافقون لابن الصلاح كما قلت كثير.

أيضًا السيوطي يذكر في (تدريب الراوي) عن البلقيني تأييده لابن الصلاح،

ص: 221

ويقول نقلا عن البلقيني ما قاله النووي، وابن عبد السلام، ومن تبعهما ممنوع، يعني لا يرضى بأنه يعني بأن أحاديث الصحيحين تفيد الظن، ولا تفيد القطع.

يعني السيوطي نقل آراء كثيرة في مساندة ابن الصلاح، ويقول في ذلك، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصلاح عن جماعة من الشافعية كأبي إسحاق، وأبي حامد الإسفراييني، والقاضي أبي الطيب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسي من الحنفية، والقاضي عبد الوهاب من المالكية، وأبي علي، وابن أبي الخطاب، وابن الزاغوني من الحنابلة، وابن فورك، وأكثر الكلام من الأشعرية، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة بل بالغ ابن طاهر المقدسي، فألحق به ما كان على شرطهما، وإن لم يخرجاه يعني هؤلاء العلماء يؤيدون ابن الصلاح، بل إن بعضهم لم يقصر الأمر على أحاديث الصحيحين فقط، بل ألحق بهما ما كان على شرطهما حتى وإن لم يخرجاه.

وابن كثير أيضًا في اختصاره لـ (الباعث الحثيث) حيث يقول: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه، والله أعلم -لا يزال كلام ابن كثير موجودا- ثم وقفت بعد هذا على كلام لشيخنا العلامة ابن تيمية مضمونه أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة منهم: القاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبو حامد الإسفراييني، والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية، وابن حامد، وأبو يعلى بن الفراء أبو الخطاب، وابن الزعفراني من الحنابلة، وشمس الأئمة السرخسي من الحنفية قال: وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشاعرة، وغيرهم قال:"وهو مذهب أهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة، وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح استنباطًا، فوافق عليه الأئمة".

إذن بعد هذه النقول يتبين لنا أن أهل الحديث قاطبة، وكثيرًا من السلف يقولون على الأقل بما قاله ابن الصلاح من قصر ذلك على حديث الصحيحين، ثم

ص: 222

قلت: جاء ابن حجر، وأفاد بأن خبر الآحاد التي التفت به قرائن أكسبته مزيدا من القوة أيضًا، تلتحق بأحاديث الصحيحين مثل: الحديث المسلسل، والمشهور من طرق متعددة إلى آخره، وجاء المتأخرون.

وكما قلت يؤيدون ذلك بأن ليس الأمر مقصور على الصحيحين فقط، أو على ما حتى الذي يحتفظ بقرائن، فنجد الشيخ شاكر مثلا يقول: "والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم، ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي سواء كان في أحد الصحيحين أم في غيرهما، وهذا العلم اليقيني نظري برهاني لا يحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث، العارف بأحوال الرواة والعلل، وأكاد أوقن أنه هو مذهب من نقل عنه البلقيني ممن سبق ذكرهم، وأنهم لم يريدوا بقولهم ما أراد ابن الصلاح من تخصيص أحاديث الصحيحين بذلك، وهذا العلم اليقيني يبدو ظاهرًا لكل من تبحر في علم من العلوم، وتيقنت نفسه بنظريته، واطمأن قلبه إليها، أو ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن، فإنما يريدون بهما معنى آخر غير ما نريد، هذا كلام الشيخ شاكر عليه -رحمة الله- في (الباعث الحثيث) عند الكلام عن الحديث الصحيح في ص 37، ونحن سننقل أيضا مزيدا من أقوال العلماء في هذه المسألة عند ردنا على بعض الشبه التي أثارها الأعداء أو من أثارها ضد السنة، وضد أهلها وضد الاحتجاج بها.

خلاصة الأمر أنني ناقشت الآن قضية ماذا يفيد خبر الآحاد من العلم استعرضت آراء العلماء، وأن المسألة فيها رأيان رئيسان:

إفادته للظن، وابن عبد السلام، والإمام النووي وغيرهم قالوا بهذا، وكثير من العلماء قالوا بغير هذا على تفاوت في أقوالهم.

ص: 223