الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل علي حجية خبر الواحد من عمل الصحابة
أيضًا من الأدلة التي استدل بها الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- ما رواه بسنده قال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: ((بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة)) هذا حديث رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: الصلاة باب التوجه نحو القبلة حيث كان، وأخرجهم في مواطن أخرى من صحيحه أيضًا تزيد على العشرة حقيقة، وأنا أتتبع تخريجه، أحاديث" تحويل القبلة" رواه الإمام مسلم أيضًا في كتاب: المساجد، ومواضع الصلاة باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، وأحاديث تحويل القبلة وردت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر، وعن البراء بن عازب، وعن غيرهما من الصحابة، مثلا من رواية البراء بن عازب في حديث ابن عمر أنهم كانوا يصلون الفجر في قباء فآتاهم آت، فأخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل عليه الليلة قرآن يخبرهم أنه قد تم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، فبادروا وهم في الصلاة يعني: استجابوا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام.
إذن هذا فعل الصحابة، وهذا إجماعهم على حجية خبر الواحد والعمل به تتمة المسائل في خبر الآحاد، وكذا متكاملة الشبه، والرد عليها، وإثبات حجيتها، ووجوب العمل بها كلها مسائل متكاملة، والأدلة تدل على مجموع ذلك، وبالمناسبة فإن قصة تحويل القبلة عجيبة في إثبات هذا الأمر هي فيها دروس كثيرة جدا لا ننتقل إليها لكن في الصحيحين أنهم يصلون في مسجد تحويل القبلة تم في ديار بني سلمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يزورهم، ثم انظر إلى الصحابة رضوان الله عليهم، واستجابتهم
وإلى سرعة تلبيتهم، وهم يصلون في مسجد بني حارثة مر عليهم صحابي قال: أشهد أني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فصلى نحو الكعبة، الصحابة وهم في الصلاة استداروا 180 درجة -كما يقول أهل الهندسة- من ناحية الشمال بيت المقدس بالنسبة للمدينة المنورة في الشمال، والكعبة المشرفة في الجنوب، والمدينة تقع بين الاثنين هم كانوا يتجهون نحو الشمال إلى بيت المقدس، لم يترددوا كان من الممكن ننتظر حتى نفرغ من الصلاة، ثم نسأل ما الخبر، وأيضا في هذه الحالة كانوا سيكونون قد عملوا بخبر الواحد، لكنهم ـ ننظر إلى سرعة التلبية ـ أتاهم صحابي مر عليهم حتى كأنهم لم يتبينوا من هو؛ لأنهم مشغولون بصلاتهم، يخبرهم يشهد على نفسه أنه قد صلى العصر مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده فصلى في مسجده أو في ديار بني سلمة؛ لأن تحويل القبلة مختلف فيه هل تم في صلاة الظهر أو في صلاة العصر، هو كان يقينا في ديار بني سلمة، فإن كان في الظهر، فالرجل الذي شهد بعد أن عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد النبوي وصلى العصر.
أيًا ما كان الأمر تكرر مرتين: في مسجد بني حارثة تحولوا وهم في الصلاة، وعند الفجر لما وصل الخبر إلى قباء في الفجر نفس القضية.
وهذا في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ((يصلون الفجر أو الغداة في قباء فأتاهم آت فأخبرهم أنه قد أنزل الليلة - أي الليلة الماضية - على رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآن يأمر بتحويل القبلة للكعبة كأنه يشير إلى آيات البقرة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} (البقرة: 144) إلى آخره فتحول الصحابة أيضًا وهم في الصلاة)) 180 مرة ثانية إذن سرعة تلبية، قبول لخبر الواحد في الأحكام وفي العبادات، والمعاملات بدون تردد لم ينتظروا حتى يتثبتوا ويقولوا من الذي جاء بالخبر إلى آخره.
وهذا يرد على من زعم أن موقف أبي بكر، وموقف عمر في قضية الاستئذان، وميراث الجدة يدل على أن الصحابة لا يعملون بخبر الواحد ها هي القصص المتعددة تبين أنهم كانوا يسارعون إلى تلبية أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصرف النظر عن كونه واحدًا أو متواتر أو آحاد.
يعلق الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- على قضية تحويل القبلة فيقول: "وأهل قباءٍ أو قباءَ يعني يجوز التنوين، وكذا على خلاف في صرفها أو عدم صرفها، وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه، وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالها".
نريد أن نتنبه إلى كلام الشافعي -رحمه الله تعالى- الذي يكتب بماء الذهب، هم كانوا على قبلة وهي بيت المقدس، الله تعالى فرض عليهم استقبالها، ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم به عليهم الحجة، ولم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يسمعوا ما أنزل الله عليه في تحويل القبلة، فيكونون مستقبلين بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم سماعًا من رسول الله، ولا بخبر عامة، وانتقلوا بخبر واحد إذا كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم، فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أنه حدثوا عنه عن تحويل القبلة.
كلام الشافعي أفكاره الرئيسة كالآتي: أهل قباء هم أهل سابقة من الأنصار، ومن الفكر يعني أهل سابقة وأهل فكر، هذه واحدة لو كان خبر الآحاد عندهم يتوقفون فيه كانوا قد توقفوا إذن فعلهم حتى بذاته حجة؛ لأنهم أهل سابقة وأهل فقه هذه مسألة.
ثانيًا: كانوا على قبلة فرضها الله عليهم، فرض الله عليهم استقبالها، لم يكونوا من قبل أنفسهم إنما هذه قبلة فرضها الله عليهم لا يجوز التحول عنها إلا بدليل آخر، هذه ليست لعبًا إنها عبادة وطاعة لله، نحن على قبلة إلى بيت
المقدس بأمر الله ليس بأهوائنا، ولا من قبل أنفسنا ـ هذه اثنين لم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة لا يمكن أن يتركوا قبلة الله تعالى هو الذي تعبدهم بها إلى قبلة أخرى بدون دليل تقوم به الحجة عليهم ـ هذه ثلاثة ـ.
أربعة: هم لم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا في مسجد بني حارثة لكن الشافعي يتكلم عن الذين كانوا في قباء، ما معنى أنهم لم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يعني هم لم يسمعوا من فيه الشريف مباشرة الأمر بتحويل القبلة، ولم يسمعوا ما أنزل الله عليه من قرآن لو كان الأمر كذلك بأنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وسمعوا القرآن سيكونون مستقبلين للقبلة بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم سماعًا من رسول الله، لكن هذا لم يحدث.
ننظر إلى كلمة بعد ذلك، ولا بخبر العامة يعني لم ينتقل لديهم الخبر بخبر العامة، خبر العامة في كلام الشافعي -رحمه الله تعالى- المقصود به: الخبر المتواتر هو يعبر عن الخبر المتواتر بخبر العامة أي: الذي رواه كثير وبخبر الآحاد يعبر عنه بأنه: خبر الخاصة أحيانا، ولا بخبر عامة، وانتقلوا بخبر واحد فقط هو خبر الآحاد إذا كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم، وهو استقبال القبلة التي ببيت المقدس، فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحدث عليهم من تحويل القبلة، ولم يكونوا ليفعلوه إن شاء الله ـ هذا كلام الشافعي ـ بخبر إلا عن علم بأن الحجة تثبت بمثله إذا كان من أهل الصدق.
خمسة: من الأفكار الرئيسة التي يستدل بها الشافعي الأول هم:
1 -
أهل قباء أهل سابقة من الأنصار.
2 -
أهل فقه، أهل علم، أيضا القبلة التي كانوا عليها بفضل الله.
3 -
لا يتركون هذه القبلة إلا بأمر من الله آخر، أو بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم.
4 -
هم لم يسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، ولم يسمعوا القرآن الذي أنزل عليه.
5 -
الذي نقل الخبر إليهم لم يكن خبر عامة، وإنما خبر واحد هو عندهم من أهل الصدق.
6 -
لم يكونوا ليفعلوا ذلك إلا لأنهم يعلمون أن الحجة تثبت بمثله عليهم إذا كان من أهل الصدق، ولا ليحدثوا أيضًا مثل هذا العظيم في دينهم إلا عن علم بأن لهم إحداثًا.
7 -
هل يقبلون أن يفعلوا هذا الأمر العظيم؟ وهو تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة إلا أنهم يملكون الدليل على أنه يجوز لهم أو يجب عليهم أن يفعلوا ذلك، أيضًا لم يقابلوا النبي صلى الله عليه وسلم لو فعلوا ذلك، وكان الخبر الواحد لا تقوم به حجة، فحين يقابلون النبي صلى الله عليه وسلم سيقول لهم كنتم على قبلة، ولم يكن لكم تركها إلا بعد علم تقوم عليكم به الحجة من سماعكم مني مباشرة، أو خبر عامة أو خبر متواتر، أو أكثر من خبر واحد عني، انظر إلى كلام الشافعي الكلام الدقيق العظيم: لو كانوا فعلوا وخبر الواحد ليس حجة عندهم لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام عليهم الحجة كيف تتحولون عن قبلة كنتم عليها، وليس لكم أن تتركوها إلا بعد علم تقوم عليكم به حجة؟.
وهذا العلم من سماعكم مني أو من خبر عامة أو على الأقل يرويه أكثر من واحد إن لم يصل إلى درجة التواتر لكن الذي جاءهم به واحد هذا دليل الإمام الشافعي يفصل ويوضح في أدلته أنه يبين أن الصحابة إجماع ـ لاحظوا أن هذا إجماع من الصحابة تكرر في مسجد بني حارثة، وفي مسجد قباء، وقبل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بهم في ديار بني سلمة، وتحول بهم وهو في الصلاة، قد يقولون