الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الظلم في آية الأنعام ليس بالظلم العام، وهو وضع الشيء في غير محله، وإنما قصره على بعض أفراده يعني: ليس المراد كل أفراد الظلم أو كل أنواع الظلم، وإنما المراد بعض أنواعه فقط وهو الشرك، واستدل على هذا المعنى بقول الله تعالى على لسان لقمان:{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13)، وأيضًا الشرك ظلم؛ لأن الشرك في هذه الحالة وضع للعبادة في غير محلها، يعني: هو من أنواع الظلم العام أيضًا، وينطبق عليه ذلك؛ لأنه كما قلنا: وضع للعبادة في غير محلها.
والمهم أن حديث: ((ليس كما تقولون))، وفسر الشرك بالظلم، واستدل على ذلك بآية لقمان، إنما هو تخصيص من السنة لعام القرآن الكريم، السنة تفصل مجمل القرآن الكريم، وتبين أو تخصص عامه.
هذا نوع يسمى تفصيل المجمل، وهذا نوع آخر يسمى تخصيص العام، وبالمناسبة فعند الأصوليين معاني محددة لكل واحد من هؤلاء، وأنا أطلب من طلاب العلم الذين يسمعونني الآن أن يعودوا إلى كتب الأصول التخصصية، بدل أن أطيل عليهم بشرح هذه النصوص، ما هو المجمل وما هو التفصيل، وما هو المفصل؟ وما هو العام، وما هو الخاص وكيف يخصص؟ إلخ، وما الفرق بين العام المخصوص، وبين العام الذي أريد به الخصوص؟ مصطلحات يجدر بأهل العلم أن يفهموها وأن يعرفوها؛ حتى تتضح المعاني الشرعية في أذهانهم.
لكن هنا نحن نضرب الأمثلة، ونوضح بإيجاز مخافة الاستطراد إلى تخصصات أخرى، وأرجو أن نكون على ذكر مما نقوله الآن، نحن قلنا في علاقة رئيسة: السنة توافق القرآن، ثم انتقلنا إلى السنة تبين القرآن، ونتكلم عن بيان السنة للقرآن الكريم.
تقييد المطلق
أيضًا من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم: تقييد المطلق:
المطلق يعني: شيء مفتوح هو ليس عامًّا يعني: لا ينطبق على أفراد كثيرين، وإنما هو يمكن أن تقول: هو شيء واحد يتكون من أجزاء فيقيد، ولو لم يأت التقييد لبقي على إطلاقه، وبالمثال يتضح المقال.
من أمثلته في القرآن الكريم: قول الله تبارك وتعالى وهذا أيضًا مثال مشهور، تتداوله كتب المصطلح وكتب السنة كلها {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة: 38)، الآية هنا
تتحدث عن أن عقوبة السارق هي قطع اليد، وأنا إذا أخذت الآية بظاهرها وطبقتها، فستكون كالأتي أي سرقة سأقطع اليد فيها، بلغت النصاب أو لم تبلغه؛ لأن الآية لم تشر إلى ذلك، ثم إذا نظرت إلى مدلول كلمة اليد في اللغة، وفي الاصطلاح أيضًا، في المفهوم الشرعي أقصد.
اليد تشمل من أول الأصابع حتى الكتف، ولو أن المستمع الكريم، الذي يسمعني الآن وضع يده أمامه كمثال توضيحي، فإنه سيجد الأصابع، والأصابع تمثل جزء من اليد، ثم بعد الأصابع الكف، وله بطن وله ظهر، وبعد الكف الرسغ، وهما العظمتان الناتئان بعد الكف مباشرة، ومن أول الرسغ هذا إلى المرفق، المسافة التي بينهما تسمى الساعد، ثم المرفق ومن المرفق إلى المنكب يسمى العضد، ما بعد المرفق أي: ما بعد الجزء الذي نتوضأ أو هو نهاية وضوئنا إلى المنكب، الذي أعلى الكتف هذا يسمى عضد، ثم المنكب وهو نقطة التقاء العضد مع الكتف، التقاء الكتف مع العضد يسمى منكب، من أول المنكب حتى الأصابع هذه مكونات اليد، هذه أجزاء اليد.
أعود إلى الآية {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَ} لاحظوا معي أن الآية قالت: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَ} ولم تقل: فاقطعوا يديهما، إذن أنا سأطبق الآية، كما وردت سأقطع اليدين معًا لكل سارق مع السرقة الأولى؛ لأن الله تعالى قال:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَ} ولم يقل: فاقطعوا يديهما، وإذن هما اليدان وليس المقطوع يدًا واحدة على ظاهر الآية، ثم سأقطع كل ما تشمله كلمة اليد من مدلول لغوي، ومن مدلول شرعي، من أول الأصابع حتى المنكب في السرقة الواحدة.
هذا هو ظاهر الآية أو هذا هو المعنى المطلق في الآية، جاءت السنة وقيدت هذا الإطلاق، قيدته بشكل عملي، لما أتي بالسارق للنبي صلى الله عليه وسلم، كيف طبق الحد؟ وأكرر مرةً أخرى أن خير الخلق صلى الله عليه وسلم هو أعلم، وأعرف الأمة بمراد الله عز وجل هو الذي سيبين القرآن الكريم، ونحن الآن نتكلم عن بيان السنة للقرآن الكريم، كيف طبق الحد؟
أولًا: تأكد من النصاب، وهو الذي أشار إلى النصاب في أحاديث كثيرة، لا تقطع اليد إلا في ربع دينار، أو في ثلاثة دراهم من الفضة ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة لكن كما