الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، والعباس بن عبد المطلب، وسمرة بن جندب، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وعوف بن مالك الأشجعي. وقد رواه الشيخان رحمهما الله تعالى من طريق: أبي هريرة، وأنس، وابن عمر، وعباد، وغيرهم. وروايات بقية الصحابة موجودة في كتب السنن المختلفة.
((المرء مع من أحب)) هذا حديث أيضًا أورده الكتاني في (نظم المتناثر) وبين أنه ورد عن خمسة عشر نفسًا من الصحابة منهم: جابر وابن مسعود وأنس وأبو ذر وأبو موسى الأشعري. ((لو كنت متخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلًا)) هذا رواه زهاء خمسة عشر من الصحابة منهم: أبو سعيد الخدري، وابن عباس، وابن الزبير، وابن مسعود وأبو هريرة، وعائشة، وأنس، وعبد الله بن عمرو. وقد أخرجه الشيخان من رواية: أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وابن مسعود وابن الزبير إلى آخره.
((من غشنا فليس منا)) أيضًا هذا حديث متواتر، وفي رواية ((من غش فليس منا)) أحاديث التواتر أو المتواترة كثيرة، على كل حال، وأركز على مسألتين أو في قضية الحديث المتواتر مسألة ثبوت التواتر ومسألة الدرجة التي يفيدها التواتر من العلم.
حديث الآحاد: أقسامه، وشروطه
الآن أنتقل إلى حديث الآحاد:
حديث الآحاد، من ناحية اللغة الآحاد جمع أحد، والأحد بمعنى الواحد، وهذا النوع حديث الآحاد هو النوع الثاني لتقسيم الحديث باعتبار عدد رواته في كل حلقة، ذكرنا أن للعلماء تقسيمات متعددة للحديث باعتبارات متعددة، منها تقسيم الحديث باعتبار عدد الرواة في كل حلقة من حلقات الإسناد، وقلنا: التواتر والآحاد، وتكلمنا عن المتواتر.
الآحاد هو القسم الثاني من أقسام الحديث باعتبار عدد الرواة، وتعدد الطرق.
يعرفه العلماء في الاصطلاح فيقولون: "الآحاد هو ما فقد شرطًا من شروط التواتر" وأنا هنا يعني أشير إلى أهمية التعريف لمسألة مهمة، بعض العلماء يتصور أن حديث الآحاد معناه رواية واحد عن واحد من أول السند إلى منتهاه، هذا فهم
غلط أو خطأ، أحاديث الآحاد فقد شرطًا من شروط التواتر، قد يوجد في حلقة عشرة، وفي حلقة تسعة، وفي حلقة خمسة مثلًا؛ لأنه فقد شرط وجود العدد في كل حلقة من حلقات الإسناد، فأصبح آحادًا، وليس متواترًا.
إذن هو آحاد لفقدانه شرطًا من شروط التواتر، وهذا هو تعريفه، الآحاد: ما فقد شرطًا من شروط التواتر. بعض العلماء يعرفه بتعريف آخر يقول: "ما لم يبلغ درجة التواتر". أنا في تقديري أن التعريفين قريبان، الخلاف بينهما ليس كبيرًا، ما فقد شرطًا من شروط التواتر، أو لم يبلغ درجة من درجة التواتر.
هذا الحديث الآحاد أيضًا باعتبار عدد رواته في كل حلقة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
المشهور، وهو اسم مفعول من قولك شهرت الأمر؛ أي إذا أظهرته وأعلنته. والشهرة في اللغة يعني هي ذيوع الشيء وانتشاره، وشهرته، وظهوره.
سمي الحديث المشهور بذلك بشهرته وانتشاره، بصرف النظر عن كونه صحيحًا أو غير صحيح؛ يعني إياك أن تظن حين يقال إن هذا الحديث مشهور، إنه بالضرورة صحيح إنما مشهور هنا بمعنى الشهرة اللغوية أي: أذيع أي ذاع وانتشر، وهو موجود على الألسنة.
أيضًا الحديث المشهور في الاصطلاح له تعريفات متعددة، لكن أقول: ما لم ينزل عدد الرواة فيه أو في أي حلقة من حلقاته عن ثلاثة، أشير مرة ثانية إلى أن الإسناد يتوفر من حلقات. نحن قلنا: إن الآحاد بشكل عام ما فقد شرطًا من شروط التواتر، قسموه إلى مشهور. المشهور لا يقل عدد الرواة في أي حلقة من حلقات الإسناد عن ثلاثة، بل قد يزيدون.
لكن لما وجد في حلقة واحدة ثلاثة إذن هو فقد شرط التواتر، ولو في حلقة واحدة، انتهى فخرج من باب التواتر إلى قسم الآحاد.
العزيز: هو مثل المشهور في أنه لا يقل العدد عن اثنين. المشهور لا يقل العدد في أي حلقة من حلقات الإسناد، هذه المماثلة؛ يعني العزيز أيضًا لا يقل العدد في أي حلقة من حلقات الإسناد عن اثنين.
نسيت أن أقول: ليس معنى المشهور لا يقل العدد عن ثلاثة في أي حلقة أن الإسناد سيسير ثلاثة عن ثلاثة عن ثلاثة عن ثلاثة، نحن نقول: المطلوب ألا يقل العدد عن ثلاثة في أي حلقة، لكن قد يزيدون، لكنه لا ينقص عن ثلاثة؛ لأنه لو نقص عن ثلاثة سيخرج من باب المشهور إلى باب آخر، كأن يكون عزيزًا أو غريبًا.
إذن ليس شرطًا أن تكون الحلقات على نسق واحد في عدد الرواة، سواء بالنسبة للمشهور أو العزيز، كذلك نقول نفس الأمر بالنسبة للعزيز، العزيز لا يقل العدد في أي حلقة من حلقات الإسناد عن اثنين، وليس معنى ذلك أنه يسير في كل حلقاته برواية اثنين عن اثنين من أول السند إلى منتهاه، بل قد يكون في حلقة اثنان، وفي حلقة خمسة، وفي حلقة سبعة إلى آخره، لكنه لما فقد شرط التواتر خرج من كونه متواترًا إلى كونه آحادًا.
ننتبه إلى أن المشهور والعزيز يعني تقسيم باعتبار عدد الرواة، كلاهما يعتريه الحسن والضعف والصحة؛ يعني بمعنى معرفة هذا الأمر يترتب عليه نتيجة مهمة جدًّا، وهي أننا لا نروي حديثًا إلا إذا كنا متأكدين من صحته، إذا قيل عنه أنه مشهور، فليس ذلك دليلًا على صحته، وإذا قيل إنه عزيز، فليس ذلك دليل على صحته.
ونحن عندنا كتب في الأحاديث المشتهرة على الألسنة، أي التي تجري على ألسنة الناس، هي مشهورة جدًّا، والناس يقولونها في مناسبات كثيرة، ولكنها قد تكون
أحيانًا شديدة الضعف، مثلًا "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" هذا حديث مشهور جدًّا، يعني حتى أهل العلم يستعملونه أحيانا في كتبهم، وقد قرأناه في كثير من كتب العلم، لكن العلماء يقولون: إنه ليس صحيحًا.
مثلًا "أدبني ربي فأحسن تأديبي" إذا رجعنا إلى (المقاصد الحسنة) للسخاوي أو (كشف الخفا) أو (تمييز الطيب من الخبيث) أو أي كتاب في الأحاديث المشتهرة، سنجدهم قد نصوا على درجته، وأنه لم يصل إلى درجة الصحة، بل إن بعض هذه الأحاديث المشهورة قد يكون لا أصل لها، يعني لا نستطرد بذكر الأمثلة، أنا فقط أركز على نتيجة، وهي مهمة جدًّا، وهي أن أي حديث لا نرويه إلا بعد التأكد من صحته، لا نعتمد على استفاضته، ولا على شهرته، ولا على أن عالمًا من العلماء هو الذي قاله على المنبر أو وضعه في كتاب قد ألفه، إنما لا بد من الوقوف على درجة الحديث بالطرق المعروفة عند أهل الحديث في كيفية الحكم على الأحاديث، هذا هو السبيل للتأكد من صحة الأحاديث من عدمها.
أيضًا القسم الثالث من الحديث الآحاد: الحديث الغريب، والغرابة أنه قد وجد راو واحد، ولو في طبقة واحدة من طبقاته؛ يعني عندي مثلًا أوضح مثال لهذا حديث "إنما الأعمال بالنيات" العلماء يكادون يجمعون على أن هذا الحديث لم يرد من طريق صحيح، قد يكون ورد من طرق ضعيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق عمر بن الخطاب، لكن الطريق الذي أجمعوا على صحته هو طريق عمر -رضي الله تعالى عنه-.
وانفرد بروايته عن عمر علقمة بن وقاص الليثي، وانفرد بروايته عن علقمة محمد بن إبراهيم التيمي، وانفرد بروايته عن محمد بن إبراهيم التيمي يحيى بن سعيد الأنصاري، وبعد يحيى بن سعيد اشتهر وذاع، وانتشر لدرجة أنه قد شبه على بعض العلماء، فظنوا أنه متواتر؛ لأن بعض الروايات قد وصلت بالعدد الذي
رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري وصل العدد إلى سبعمائة في بعض الروايات، أو إلى مائتي نفس، كما في بعض الروايات، وأشار إلى ذلك ابن حجر وهو يشرحه في أول أحاديث البخاري، وأشار إليه أيضًا في مقدمة (تهذيب التهذيب) وهو يتكلم عن الحاجة إلى استقصاء الشيوخ والتلاميذ في الرواية ونحو ذلك.
مهما يكن من أمر، فإن الغريب ما هو ما رواه راو واحد ولو في حلقة واحدة، وأنبه أيضًا إلى قضية مهمة، وهي أنه ليس معنى ذلك أن الآحاد أو أن الغريب بالذات يرويه واحد عن واحد عن واحد من أول السند إلى منتهاه، إنما معناه أنه قد نزل العدد ولو في حلقة واحدة إلى راو واحد، إنما قد يزيد ويكثر ويقل في بعض الحلقات.
مسائل مهمة قبل أن أنتقل إلى بعض الأمور الهامة أيضًا وبعض الشبهات، ما هي هذه المسائل المهمة؟ الغرابة ليست مرادفة للضعف، يعني ليس كل غريب ضعيفًا، وليس كل غريب صحيحًا، فهو يدرس كما يدرس المشهور، وكما يدرس العزيز، فإذا سلم لنا الإسناد، وسلم لنا المتن تأكدنا من صحته.
وأيضًا إذا وجدناه ضعيفًا، فهو ضعيف حتى لو كان مشهورًا على الألسنة كما ذكرنا.
المشهور الاصطلاحي: ما لا يقل العدد في روايته ولو في حلقة واحدة عن ثلاثة، لكن هناك شهرة لغوية، وهي أنه قد يستفيض على الألسنة، فليس معنى ذلك أنه صحيح.
إذن الغريب قد يكون صحيحًا، وقد يكون غير صحيح، ولذلك مثلًا لأن الترمذي -رحمه الله تعالى- في جامعه له عناية بالأحكام على الأحاديث كثيرًا ما نجده يقول:"هذا حديث صحيح غريب" أو "هذا حديث صحيح حسن غريب"
موجود هذا عند الترمذي كثيرًا، فجمع في الوصف بين الغرابة وبين الصحة والحسن للدلالة على أن الغرابة لا تتعارض مع الصحة أو الحسن.
وأيضًا من الناحية الأخرى علماؤنا -رحمهم الله تعالى ورضي عنهم- لم يستحبوا تتبع الغرائب، هناك ولع عند بعض العلماء بتتبع الغرائب باعتباره قد يكون انفرادًا علميًّا أنك جمعت هذا الحديث لم يرد إلا من طريق هذا الراوي، وهذا الحديث لم يرد إلا من رواية الشاميين، سواء كانت الغرابة بالنسبة لبلد أو بالنسبة لشيخ معين، كغرائب الترمذي، غرائب مالك مثلًا؛ أي التي انفرد بها مالك، إلى آخره؛ لأن هذا الانفراد قد يوقع في الخطأ، فانظروا إلى دقة المحدثين، الأمر بين خطين مهمين جدًّا، لا ينبغي أن يكون هناك ولع بتتبع الغرائب، وفي نفس الوقت لا نرفض الحديث لأنه غريب، فقد يكون صحيحًا، ومعيار الصحة وغيرها هذا أمر له شروطه، وله دراسته عند العلماء.
أيضًا من الأمور التي تتعلق بالأحاديث الصحيحة أو الآحاد بأقسامه الثلاثة: المشهور، أو العزيز، أو الغريب. قلت: إن الأنواع الثلاثة تعتريها الصحة والحسن والضعف، وهذا يعني يجعل مسئولية أهل العلم خطيرة، بمعنى أنهم لا يجب أن يرووا الحديث بدون بيان درجته اعتمادًا على أي أمر آخر، إنما نقول: إنه لا بد للعالم أن يروي الحديث مقرونًا ببيان درجته، خصوصًا إذا كان هذا العالم من الذين لهم مكانة عند الناس، أو من الذين ينتشر علمهم في التلفاز في الفضائيات، له كتب مشهورة الناس تقرؤها مثلًا، لا بد من العناية جدًّا بالأحاديث التي يرويها.
أيضًا أطمئن المستمع الكريم، وأطمئن كل المسلمين على أنه يندر جدًّا أن تجد حديثًا في السنة له طريق واحد، هناك غرائب نعم، لكنها قليلة، ما فائدة هذه الملحوظة؟ مهمة جدًّا، بل أنا أعتبرها أنها من وسائل صيانة الله تعالى للسنة، كيف ذلك؟
بمعنى أنني لا أجد حديثًا في الأعم الأغلب إلا وقد ورد عن أكثر من واحد، بمعنى مثلًا أنه قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صحابة، قد لا يصل للتواتر نعم، لكن لم ينفرد بسماعه صحابي واحد مثلًا، هذا الصحابي رواه عنه بعض الناس، قد لا يصل إلى التواتر أيضًا، لكنه لم ينفرد بعنه واحد.
قضية الانفراد هذه قضية قليلة نادرة، موجودة نعم، وقلت: إن العلماء لم يستحبوا تتبع الغرائب خوفًا من الوقوع في الخطأ، ولكن أنا أطمئن كما قلت، يعني أنت حين تطمئن إلى أنه قل أن يوجد حديث إلا وقد ورد من أكثر من طريق، إذن هذا يزيدنا اطمئنانا، نعم النبي صلى الله عليه وسلم قاله، بدليل أن أبا هريرة وأنس مثلًا، ومعه ثالث أو رابع سمعوه، إذن لم ينفرد برواية واحد فلان، رغم أن أي انفراد الصحابي بالذات، الصحابة كلهم عدول ثقات لا مشكلة في ذلك، وأيضًا هذا الصحابي له تلاميذ، لم ينفرد تلميذ واحد بالرواية عن هذا الشيخ عن هذا الصحابي، وهكذا في كل الحلقات.
مما يطمئننا على أن تعدد الطرق كان واحدًا من الأمور التي حفظ الله تعالى بها سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بل إن سلفنا الصالح رضي الله عنهم ومنهم الصحابة علمونا أن نحاول أن نستزيد من طرق الحديث حتى لا يضيع، وهذا كان على رأس الأسباب التي جعلت أبا أيوب الأنصاري -رحمه الله تعالى، ورضي عنه- وجابر بن عبد الله كل منهما يرحل في طلب حديث واحد لمسافات كبيرة بعد كبر سنهما.
أبو أيوب رحل إلى مصر في طلب حديث لعقبة بن عامر، وجابر رحل في طلب حديث إلى عبد الله بن أنيس في الشام، كان أبو أيوب يقول لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك. خافوا على الحديث أن يضيع، خصوصًا إذا انتهى جيل الصحابة، فأرادوا أن يؤدوا الأمانة كما حملوها.
والمهم أقول في النهاية: إن تعدد الطرق كان من توفيق الله تعالى لهذه الأمة، وهو أحد
الوسائل التي نستعين بها على إثبات أن الحديث له طرق متعددة. إذن، فهو إن شاء الله يعني نطمئن إلى صحته، خصوصًا بعد دراسة الإسناد، وبعد دراسة المتن معًا.
هذه المسائل التي تتعلق بالآحاد وأقسامه، وأنا أعلم أنه يدرس بتفصيل أعمق من ذلك في مادة المصطلح، وفي غيره من المواد، لكن أنا أشير إلى هذا في عجالة نظرًا لأنني سأحتاج إلى بعض المعارف التي ذكرتها، وأنا أتكلم عن الحديث المتواتر، وعن دلالته وعن أهميته، وأيضًا عن حديث الآحاد، وهو الأهم، وعن الرد على الشبه التي أثارها المغرضون تجاه حديث الآحاد.
قلت: إنهم لم يحبوا تتبع الغريب، فمثلًا السيوطي في (تدريب الراوي) يقول نقلًا عن الإمام أحمد:"لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب، فإنها مناكير، وعامتها عن الضعفاء" وقال مالك: "شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس" وهذا ما جعلني أقول: إنه بحمد من الله وتوفيقه قل أن تجد حديثًا ليس له إلا طريق واحد، وعلماؤنا لهم قواعد تكتب بماء الذهب في هذا، لا أريد أن أستطرد إليها، ويكفي أنني لفت النظر إليها الآن للدارسين لينتبهوا، وليطمئنوا إلى أن السنة سارت كما قلت مرارًا في طريق من الصيانة والحفظ والرعاية والعناية، منذ قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن وضعت في بطون الكتب المهمة التي نعتمد عليها الآن، وهي الكتب الستة وغيرها من مصادرنا في السنة المطهرة.
ابن عدي أيضًا يروي عن أبي يوسف يقول: "من طلب الدين بالعلم تزندق، ومن طلب غريب الحديث كذب" يعني لماذا كذب؟ هو لا يتعمد الكذب؛ لأن تعمد الكذب هذه يعني مشكلة، إنما المقصود هذا الحديث قد لا يكون ورد إلا من هذا الطريق الضعيف، فإصرارك على تحمله وروايته قد يعرضك لأن تروي الضعيف الذي قد يشتد ضعفه، فيقترب من الكذب، فالمهم أنك تكون مع الأحاديث التي وردت من طرق متعددة.
ومرة أخرى أؤكد أنه ليس معنى ذلك أن كل غريب ضعيف. قلنا إن هناك غرائب، ثبتت صحتها، درسنا إسنادها ودرسنا متنها في ضوء القواعد المقررة لدراسة الإسناد، ولدراسة المتن، فلم نجد غرابة في هذا أو لم نجد يعني بعدًا في صحته بالمقاييس العلمية المعتمدة عند أهل العلم بإذن الله تبارك وتعالى.
طرقت مسائل مثلًا المشهور عند الأحناف مثلًا، المشهور قسم من أقسام الحديث يعني هو قسيم للآحاد، وليس قسمًا منه، الأحناف يقسمون الأحاديث باعتبار عدد الرواة في كل حلقة إلى أقسام ثلاثة: إلى المتواتر، وإلى المشهور، وإلى الآحاد.
هذا تقسيم خاص بالأحناف، كما قلت الوقوف عند هذه التفاصيل يخرجنا عن موضوعنا الذي نحن بصدده، وألفت النظر إليها لمن أراد أن يتتبعها في كتب المصطلح.
وأيضًا المشهور هناك مشهور على ألسنة النحاة، وهناك مشهور على ألسنة المحدثين، وهناك مشهور عند الفقهاء مثل حديث "أبغض الحلال عند الله الطلاق" مثلًا وهناك حديث عند النحاة يستدلون به على قضية نحوية، وإن كانوا لا يعتنون كثيرة بدرجته عند المحدثين مثلًا "نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه" السيوطي في (تدريب الراوي) نقل عن العراقي وغيره أنه لا أصل له، ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث، وهذا في (تدريب الراوي) في جزء 2 ص 175.
يعني هذا مثال للمشهور عند أهل تخصص معين، لكنه حتى ليس ضعيفًا فحسب، بل هو لا أصل له.
أيضًا هناك مشهور على ألسنة العامة مثلًا ((من دل على خير فله أجر فاعله)) ومثل ((مداراة الناس صدقة)) يعني بعضها أهل العلم صححوه أو حسنوه ((المستشار مؤتمن)) مثلًا حسنه الترمذي، وهذا مشهور على ألسنة العوام "اختلاف أمتي رحمة" هو ضعيف، "نية المرء خير من عمله" ضعيف، "الخير عادة" ضعيف، "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها" ضعيف، إلى آخره هي أيضًا مشهورة على ألسنة العامة يستعملونها في مناسبات كثيرة.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.