الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان كذابًا وغيره روى عنه، الطبري لم يقل في منهجه في كتاب (التاريخ) أنه سيعتمد على الروايات الصحيحة فقط، لم يقل هذا، بل هو اعتمد على جَمْع الروايات بأسانيدها ثم بعد ذلك تُمَحَّصُ.
ولذلك وإن الطبري يعلم أن هذا كان كذابًا وغيره من الرواة كان كذابًا، وجاء بروايته؛ لأنه كان يريد أن يحافظ على المرويات التاريخية، كما جاءت بأسانيدها؛ تمهيدًا لنقدها، سواء على يده هو أو على يد غيره، نستطيع أن نقول: جمع المادة العلمية.
يقول الأستاذ أبو رية صاحب (أضواء على السنة): سيف بن عمر كان كذَّابًا، وكان أشهر مَن روى عنه الطبري في (التاريخ)، كأنه يريد أن يقول: إن الطبري اعتمد عليه ووثق بكلامه، وكل ذلك لم يحدث.
وليرجع إلى الطبري وغيره، وكما قلت: منهج الطبري كان مهمته الجمع.
بتر استخدام النصوص فيما يوافق أغراضهم
علامات وبراهين تكشف كذب الحديث المختلق:
صـ140 من (أضواء على السنة)، كما قلت ويذكر العلامات، وهذه العلامات لم يأتِ هو بها ولا شيخه الذي اعتمد على كتابه من عند نفسه، لكنهم يكذبون: مخالفته لظاهر القرآن، مخالفته للسنة المتواترة، مخالفته للإجماع القطعي، مخالفته للقواعد المقررة في الشريعة، أو البُرهان العقلي، مخالفته للحِس والعيان، اشتمال الحديث على مجازفات، كل ذلك قال به ابن القيم وغيرُه، وقد ذكرنا بعض أقوالهم في كتبهم.
لكن هل هنا كلام مخالفته لظاهر القرآن مخالفة لا يمكن الجمع بينها، ولن تجد حديثًا ذلك أبدًا، هذا من القواعد، انظر إلى المنهج العلمي الذي يعتمدونه: بتر القواعد، بتر
استخدام النصوص فيما يوافق أغراضهم، يعني: مصادرهم متهمة، أعمالهم متهمة، ليست متهمة يقينًا، يعني: هم أصلًا نحاسبهم بأقوالهم لا نفتري عليهم، واضح جدًّا عداؤهم للسنة، واكتفاؤهم بالقرآن، ويحاولون الدندنة حول هذه المسألة.
مخالفته للسنة المتواترة، بحيث يتعذر الجمع ويستحيل الجمع، والعلماء وضعوا مناهجَ للتعامل مع النصوص التي يبدو من ظاهرها التعارض مع القرآن، والقرآن مع السنة، والسنة مع القرآن، وحتى القرآن مع القرآن.
مخالفته لظاهر القرآن هكذا من غير أن تتم المسألة، قل: مخالفته لظاهر القرآن مخالفة يستحيل معها الجمع، أو الترجيح أو النسخ، حين يوجد نص شرعي ظاهره يتعارض مع نص شرعي آخر، العلماء لهم مناهج في الجمع بينهم، لكن هكذا بمجرد ما يبدو من مخالفة أو تعارض نقول: هذا الحديث مردود هكذا، ويزيف على الناس، ويقول: هذا منهج علمي، لا، ويقول: أو إن كان مناقضًا لما جاءت به السنة الصريحة العملية، أو كان باطلًا في نفسه، أو إن قامت الشواهد الصحيحة على بطلانه.
مثل ماذا؟ وَمن الذي يحكم بذلك؟
يعني: هو يأخذ القواعد وهم لم يأتوا بهذه القواعد من عند أنفسهم، وإنما أخذوها عن علماء الأمة، لكنهم يريدون أن ينحرفوا بها في التطبيق، يقول: أنا لم آتِ بهذا الكلام. لكنه يريد أن ينحرف بها في التطبيق، فيقول: هذا حديث معارض للقرآن والسنة فأرفضه، بدون أن يعمل مناهج العلماء في كيفية التعامل مع النصوص التي يبدو من ظاهرها التعارض.
أيضًا يستمر في هذا في الجزء الأول، إلى أن ينتقل إلى قواعد عامة يقول: عدد الأحاديث المنسوبة لكل صحابي .. يعني: أنموذج آخر، وأيضًا يعتمد على
مَن؟ يعتمد على حتى وضع تحقيق العلمي ص254 من كتاب (أضواء على السنة) يعني: كأننا ندرس الكتابين معًا.
هنا انظر إلى الافتراء في التاريخ، يقول: عرفنا أن أبا هريرة روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 5374، روى منها البخاري 446 في حين أنه لم يصاحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا عامًا وتسعةَ أشهر، وبقي أن تعرف ما رواه الذين سبقوه بالإيمان، وكانوا أدنى منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم بالدين، ولهم خبرة عملية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره.
فقال: ما رواه أبو بكر 142 حديث، ورواه عمر
…
إلى آخره.
أرقامه خطأ طبعًا، ما رواه عمر خمسون حديثًا، المسثبت 539 لعمر، لكن وقفة هنا مع أبي هريرة في تزييف المعلومات؛ لأنه متأثر بكلام أبي رية، وأيضًا واضح في كلامه هنا أن أبا هريرة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عامًا وتسعة أشهر فقط، هذا كذب. أبو هريرة صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربعةَ أعوام كاملة، لأنه باتفاق العلماء أن أبا هريرة جاء إلى المدينة أيام فتح خيبر، يعني: في المحرم وصفر من السنة الثانية، جيش المسلمين تحرك نحو خيبر في محرم، وحاصروها، وفتحها الله للمسلمين في صفر.
النبي صلى الله عليه وسلم تُوفي في ربيع الأول سنة 11، يعني: أن أبا هريرة أمضى مع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أعوام كاملة، أنا لن أرد على الشبهة المتعلقة بأبي هريرة، أنا كل نقاشي هنا أنني أدمر أفند كل الأسس التي يبني عليها كتابه؛ لأنها تزييف في تزييف، وكذب في كذب، كما رأينا وبالأدلة، إذًا هو يريد أن يصعب الأمر على أن أبا هريرة عام وتسعة أشهر، ويروي أكثرَ من أبي بكر مع أنه في محاضرات في مواد أخرى ذكرنا أن ظروف الرواية غير ظروف السماع، كيف؟
يعني: لا أظن أن أحدًا من المسلمين يشك أن أبا بكر رضي الله عنه سمع أكثرَ من أبي هريرة، هذه مسألة بَدهية لا تحتاج إلى أدلة، أبو بكر كان صديقًا للنبي صلى الله عليه وسلم ليس من أول
الإسلام فحسب، حتى في الجاهلية من قبل الإسلام، وكان رفيقَ الدعوة، وكان ثاني اثنين في الإسلام رضي الله عنه وأرضاه- هذا أمر -كما قلت- بدهي، والمؤكد أنه سمع أكثر من أبي هريرة، بل ربما مرات ومرات، هذه قضية لم ينازع فيها أحد، لكن السؤال المطروح: متى أُتيحت ظروف الرواية لأبي بكر؟ هل أُتيحت ظروف الرواية لأبي بكر كما أتيحت لأبي هريرة؟
الأمر مختلف، نعم، سمع أكثر من أبي هريرة، لكنه لم تتح له ظروف الرواية؛ لأسباب كثيرة، فهو أولًا قد تولى الخلافة، والخلافة أعباؤها ثقيلة ولا تسمح للإنسان بالرواية، ثم هو عاش مدة وجيزة يعني: سنتان ونصف مثلًا على الأكثر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أو بضعة أشهر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فمتى أتيحت له ظروف الرواية؟ ثم إن عصره كانت فيه بعض أمور الفتن التي تحتاج إلى تسكين، مثل: الردة، ومانعي الزكاة
…
إلى آخره، فلم تتح لأبي بكر رضي الله عنه ظروف الرواية، إنما أتيحت لأبي هريرة، عاش بعد حياة النبي صلى الله عليه وسلم نصف قرن على الأقل، مات سنة 57 أو 58 أو 59، على خلاف في سنة الوفاة، وأصبح له تلاميذ، وجلس إلى الرواية
…
إلى آخره.
كل ذلك يثبت أن هذه الأرقام بالنسبة لأبي هريرة ليست صعبة، ثم هيا نعد الأيام السنة بالتقويم القمري الهجري 354 يوم، أربعة وخمسون يومًا وثلاثمائة، أمضى أبو هريرة مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنوات، يعني: ألف وأربعمائة يوم، وزيادة، أنا لا أحسب الكسور، 1400 يوم، إذا حسبته 5374 حديث على 1400 يوم، يعني: أربعة أحاديث في اليوم أو أقل، لو أن أحد الذين يسمعونني الآن يجري القسمة على آلة حاسبة، تخرج له النتيجة بدقة، هل كثير أن يسمع صحابي يلازم النبي صلى الله عليه وسلم ملازمةً تامةً، أربعة أحاديث، يعني: أربعة أسطر أو عشرة أسطر في كل يوم، أو عشرين سطر في كل يوم، حتى لو طال الحديث وكانت ألفاظه كثيرة؟!! بعض الأحاديث لا تتجاوز سطرًا واحدًا.
يعني: من الناحية البدهية العقلية لا نِقاشَ في هذا أبدًا، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم، كل ما يصدر عنه حديث من أقواله أو أفعاله أو من تقريراته، فإذا كان الصحابي المتفرغ يروي عنه أربعة أحاديث في اليوم، فهذا عدد يسير جدًّا جدًّا، يستطيع أي طالب أن يتلقاه عن شيخه في نصف ساعة من كل يوم.
إذن، استعملوا تزييفَ التاريخ، واستعملوا تزييفَ المعلومات، مر بنا الإشارة إلى أن سيف بن عمر اعتمد عليه الطبري، وكأنه قبله، تزييف المعلومات بالنسبة لأبي هريرة، الاعتماد على المصادر -كما قلت- النية الواضحة في هدم السنة، التقويمات أو الاستنتاجات التي تخالف الواقع، المناهج العلمية التي لم يجمع عليها الأمة، الحديث الذي يخالف ظاهر القرآن مردود. من الذي قال ذلك؟ إلا بعد أن نتأكد من هذه المخالفة، لم تعالج بالأساليب العلمية التي اعتمدها العلماء عندنا، ولماذا ألف العلماء كتبًا في الجمع بين الأحاديث المتعارضة؟ ليدفعوا هذا التعارض، لا ليردوا أحد الدليلين، وكان العلماء واثقين من توافق المصادر الشرعية مع بعضها، فيقول العالم: ائتوني بأي أحاديث تقولون عنها: إنها متعارضة، وأنا أدفع لكم هذا التعارض؛ لأنهم يعلمون أن هذه الأحاديث إنما جاءت من مشكاة واحدة من الوحي عن الله تبارك وتعالى.
انظر إلى تشنيع آخر في ص77، يقول: الاستدراك على البخاري ومسلم، عنوان، قال النووي في (شرح مسلم): استدرك جماعةٌ على البخاري ومسلم أحاديثَ أخلَّا بشرطيهما فيها، فنزلت إلى درجة مَن التزمها، وقد ألف الإمام الحافظ الدارقطني في بيان ذلك في كتابه المسمى بـ (الاستدراك والتتبع)، ولأبي مسعود الدمشقي، صاحب (الأطراف) استدراكٌ عليه، وكذا لأبي علي الغساني في كتابه (تقييد المهمل).
هذا كلام لو وصفتُه بخيانة الأمانة العلمية كان وصفًا خفيفًا.
هو يأتي بهذا الكلام كأن النووي رحمه الله قبله، وكأنه أقره، مع أن النووي رد عليه جملةً وتفصيلًا، ورد عليه أثناء شرحه للأحاديث التي تكلموا عنها، ثم إن استدراك هؤلاء العلماء ليس في أصل الصحة، حتى العبارة واضحة: نزلت عن درجة مَن التزمها، هو استدراك ليس مسلمًا في كل الأحوال، وليس اتهامًا بالضعف، إنما هو يقول: هذا حديث هو صحيح، لكن لم تتوفر فيه الشروط التي قلتها.
لكن انظروا إلى صياغة القضية: قال النووي في (شرح مسلم)
…
ثم لم يأتِ بتعقيب النووي على هذا الكلام، وكأن النووي قبله، هل هناك خيانة أكثر من ذلك؟
هذه مناهجهم، وهذا كتاب تطبيقي لما ذكرناه، وقد كنتُ أتمنى أن يتسع الوقت؛ لندخل إلى بقية قضاياه، ثم إلى بعض الأحاديث التي أثارها، وحاول أن يبين أنها أحاديث ضعيفة، وفي (الصحيحين)، وهو يطهر البخاري الذي أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول منها!!
لكن هذا كلام من الناحية العلمية زائف، أنا رددت على بعض أسسه التي بنى عليها كتابه، وأشرتُ إلى بعض الخيانات العلمية، وإلى كذا وإلى كذا، وأعتقد أن هذا كافٍ للرد على الكتاب، والكتاب يحتاج إلى أكثر من ذلك، لكنه أنموذج على كل حال للكتب التي تملأ الساحة، وللمناهج التي يعتمدون عليها، وهي مناهج زائفة، قد يُخدع بها بعض غير المتخصصين، أما المتخصصون فهم لها بالمرصاد -بإذن الله تبارك وتعالى.
نسأل الله عز وجل أن يجعل ما قدمناه في هذا المنهج وفي غيره في موازين حسناتنا، وأن يتقبل منا، وأن يجمعنا على خير ما يجمع به بين عباده الصالحين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.