الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العشرون
(حديث الذباب والرد على الشبهات التي أثاروها حوله)
رد الشبه المثارة حول حديث الذباب
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فنتكلم عن حديث الذباب، والرد على الشبهات التي أثاروها حول هذا الحديث.
لماذا حديث الذباب؟
هو يمثل مجموعة من الأمور:
يمثل حدود العقل مع النص.
يمثل توضيحًا للشبهات التي يثيرونها حول السنة.
في بداية دروسنا قلنا: إن الهجوم على السنة لم يترك شيئًا في السنة إلا هاجمه: رواة السنة مصادر السنة، تدوين السنة، الصحابة الذين رووا السنة، لم يسلموا من الهجوم، المطلوب القضاء على السنة! هذا هو الهدف؛ لذلك لم يتركوا شيئًا لم يهاجموه، والقضاء على السنة قضاءٌ على الإسلام، وفي دروسنا الأولى بيّنا دور السنة في حياة الأمة بإيجاز، بقدر ما يتسع له المقام، وأنها تبين القرآن الكريم وتشرع مع القرآن الكريم، وأنه لولا بيان السنة للقرآن الكريم لَمَا فهمنا القرآن، لما طبقنا القرآن؛ لأن فهم القرآن يتوقف على السنة.
إذن، بيان السنة للقرآن يجعل القرآن متوقفًا في معنى السنة، ثم لم يقتصر دور السنة على بيان القرآن، فهي تشرع مع القرآن الكريم؛ ولذلك لم يتركوا شيئًا أبدًا في السنة بدون هجوم.
حديث الذباب مثال لما يثيرونه؛ من أن العقل لا يقبل هذا الحديث، ويثير هذه القضية: ما هي حدود العقل مع النص؟ وما عَلاقة العقل بالنص؟ وهذه علاقة افتعلوها أو معركة افتعلوها وتوهموها، لا صدام أبدًا بين العقل والنص.
وحين كنا نتكلم في بعض دروسنا قلنا: إن المحدثين هم أول من بينوا أنه إذا الحديث باين المنقول أو خالف المعقول أو صادم الأصول فاعلم أنه موضوع، لم نكن بحاجة إلى من يعلمنا أنه كيف تفهم العقول النصوص، إنما من سابق عهدنا ونحن أبناء المدرسة الحديثية، ونحن أحد تلاميذها بفضل الله عز وجل ندرك جيدًا أن العقل له دَوْر في فهم النص، وهذا يجعلني أشير بسرعة قبل أن أتكلم عن هذا الحديث، وعن الشبهات التي أثاروها حوله- إلى علاقة العقل بالنص، العقل دوره هو فهم النص، ولا يشرّع مع النص، العلاقة الواضحة الجلية والتي صاغها علماؤنا في القاعدة المعروفة: لا اجتهاد مع النص، النص يقول شيئًا وأنت تقول شيئًا آخر؛ هذا مرفوض، إنما يعمل عقلك في فهم النص في ضوء القواعد المقررة عند العلماء في فهم النصوص، وأن يستنبط منها الأحكام وأن يدرك العلاقات إلى ذلك، فهذا ما لم يمنعه أحد أبدًا، نحن الذين لم نفهم الفرق بين الأمرين؛ بين الاجتهاد في النص والاجتهاد مع النص.
وكمثال توضيحي ضربناه مرارًا قلنا مثلًا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء} (النساء: 43) ملامسة النساء ناقضة للوضوء، لا أحد يقول غير ذلك، وإذا قال أحد غير ذلك فإنه يصادم النص، يقول مع النص، يجتهد مع النص، أما أن تجتهد العقول في فهم المراد بالملامسة، فهذا هو الاجتهاد في فهم النص، وقد أعمل الصحابة عقولهم في فهم النص، في قصة مشهورة جدًّا قصة الصلاة في بني قريظة:((لا يصلين أحد العصر إلا في بني قُريظة)) هذا نصٌّ لا يستطيع أحد أن يخالفه، لكن كيف نحققه؟ كيف نطبقه؟
هذا هو الاجتهاد في الفهم، فريق صلى في الطريق، وفهم أن المراد من النص هو الإسراع، وليس المراد تأجيل الصلاة حتى تخرج عن وقتها؛ لأنهم يعلمون من
خلال النصوص الكثيرة أن الصلاة في أول وقتها هي من أفضل الأعمال على الإطلاق؛ فلذلك فهموا أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد منهم أن يسرعوا بالذهاب إلى ديار بني قريظة، لكن لا يريد منهم أن يخرجوا الوقت عن وقته الأصلي، هناك فريق أصرَّ على أن يعمل النص على ظاهره ولم يصلِّ إلا في ديار بني قريظة، وكتدريب للأمة على الاجتهاد في فهم النصوص، قابل النبي صلى الله عليه وسلم الفهمين معًا، ولم يعِب على أحد منهما، هذا مجرد مثال.
المشكلة والله جاءت من أنهم حاولوا أن يُدخلوا العقل فيما ليس من ميدان عمله، وهذه قضية خطيرة، كانت من بين القضايا الهامة التي عالجها ما يسمونهم الفلاسفة الإسلاميون وغيرهم، حدود العلاقة بين العقل وبين النص.
النص -كما قلت- يوثق مِن خلال الطرق المعروفة في توثيقه، ومن بينها العقل، لكن أي عقل ينظر في النص؟ هذه هي المشكلة! عقلٌ تربَّى على مائدة المستشرقين وتأثر بأفكارهم، بل لم يقرأ لغيرهم، هذا نريده أن يتحكم في النصوص وفي فهمها ويقول: هذا حديث صحيح، وهذا حديث كذا؟! عقل تلقى تعليمه في شرق أو في غرب، كل ذلك لا يجوز إنما العقول التي تنظر في النصوص هي العقول المحكومة بكتاب الله وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتبحث عن الحق، وتسعى إليه.
إذن، حديث الذباب حديثٌ أنموذج لما زعموا أنه يخالف العقل، وزعموا أنه يخالف القواعد الطبية، والحديث رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الطب، باب إذا وقع الذباب في الإناء، وأخرجه في كتاب الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، وله طرق كثيرة، الحديث في (صحيح البخاري) -رحمه الله تعالى- بسنده إلى أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال:((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء))
هذا نص الحديث عند الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- مع تفاوتٍ بين الروايات في بعض الألفاظ اليسيرة مثل: ((فليطرحه كله، أو يغمسه كله)) وردت في بعض الروايات ولم ترد في بعض الروايات الأخرى.
الحديث مشكلته -كما يقولون- عقلية، أنه مخالف للعقل، وسبب مخالفته للعقل لما هو معروف طبيًّا من أن الذباب ناقل للعدوى، فكيف يكون فيه شفاء؟! إلى آخر ما أثاروه من شبهات حول هذا الموضوع.
وما نتكلم به عن حديث الذباب نتكلم به عن أحاديث كثيرة ردوها، في الصحيحين، حديث فقأ موسى لعين ملك الموت، حديث السحر، المنهج لا يتسع للرد على كل هذه الأحاديث حديثًا حديثًا، وهناك كتب عَنيت بذلك، وما نتناوله في دروسنا إنما يفتح الباب لأبنائنا المتلقين؛ لكي يتابعوا القراءات مع الكتب التي عُنيت بالموضوع، عندنا عشرات الكتب عنيت بالرد على الشبه حول السنة من الدكتور مصطفى السباعي والدكتور محمد أبو شهبه والدكتور محمد زهرة، وكثيرين من المحدثين، وهناك مواد الآن في الكليات حول الشبهات التي أثيرت حول السنة، فيما يتعلق بكل فروعها وتفصيلاتها من الصحابة ومن الرواة ومن الكتب
…
إلى آخره. فما نذكره يكون أنموذجًا لآخرَ.
إذن، حديث الذباب معناه: أن الذباب إذا وقع في إناء أحدنا، فماذا عليه أن يفعل؟ أن يغمسه كله، يعني: يضع الذبابة كلها في السائل الذي في الإناء، يُغرق الذباب في السائل الذي في الإناء، ثم بعد ذلك يقذف بالذباب إلى خارج الإناء؛ أي: ليطرحه أي: ليلقيه بعيدًا عن الإناء، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلل يقول:((إن في إحدى جناحيه داء، وفي الأخرى شفاء)).
أعداء السنة -قديمًا وحديثًا- يتكلمون عن هذا الحديث، والذين تطاولوا على
أبي هريرة، قالوا: إن هذا الحديث من رواية أبي هريرة، وقالوا: إنه حديث آحاد يفيد الظن، نفس القضايا التي أثيرت حول السنة تثار من خلال هذا الحديث وغيره مما قلناه.
قضية أنه حديث آحاد يفيد الظن، هذه رددنا عليها في الدروس المتعلقة بالمتواتر والآحاد، وبيّنا أن حديث الآحاد عند كثير من العلماء يفيد القطع؛ أي: نقطع بنسبته للنبي صلى الله عليه وسلم وحتى مع القول بإفادته بالظن، بمعنى: أن نسبته إلى صلى الله عليه وسلم مظنونة- فهذا لا يمنع العمل به؛ فإن العلماء قد أجمعوا على أنه يجب على الأمة أن تعمل بما غلب على ظنها، وقد أشرنا إلى هذه المسألة -كما قلت- في الدروس المتعلقة بالمتواتر والآحاد.
بقية الشبهات: أنه مخالف للعقل، مخالف للشرع، كيف هو مخالف للشرع؟ يقولون: إن الشرع قد حدثنا على اجتناب الضار، واجتناب النجاسة، والعلم يقطع بمضار الذباب، يعني: النصوص التي تمنع المسلمين من أن يقعوا في الضرر كثيرة جدًّا: بل إن كثيرًا من المحرمات حرمت لضررها، مثل الخمر وما إلى ذلك على الصحة، ومثل التدخين إلى آخر ما نعرفه. الشرع الحنيف حرص من خلال الأدلة المتعددة على الحفاظ على صحة الإنسان، والحفاظ على الصحة هي إحدى الكليات التي حافظ الإسلام عليها، فكيف نأتي بحديث نقول: إنه من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: إن الذباب فيه داء وشفاء، فليفعل كذا -يعني: الذي قلناه من غرس الذبابة- ثم طردها إلى خارج الإناء.
أيضًا، يقولون: إن هذه ليست عقيدة، وهذا أمر ليس من عبادات الإسلام ولا من شرائعه حتى ندافع عنه، وحتى نستمسك به، وهم يريدون أن يفتحوا الباب لأنفسهم أنه إذا اعترضوا على هذا الحديث فلا غبار عليهم؛ لأنهم لم يتجرءوا
على قواعد الشرع ولا على عقائده ولا على عبادته، بل إن بعضهم يتصور أنه يدافع عن الإسلام ويطهره -هكذا يقولون- مما قد يثار حوله أنه يخالف العلم أو يأخذ بالمضرات إلخ، بل يقولون: إن هذا الحديث وغيره إن الاشتغال به إنما هو صرف للناس عن أمور هامة في مجال الاختراعات والمكتشفات، والوقوف عند مثل هذه الأحاديث التي تعطل الناس على الانطلاق في هذه المجالات لا يجوز أن نأخذ بها.
هذه بعض الشبه، وآثارها خصوم الإسلام، ومنذ يومين فقط قرأت في إحدى الصحف لمن يدافع بشدة عن رفض الحديث، وهم أصحاب جرأة على أهل العلم الذين يرفضون ذلك، ويتهمونهم بالتخلف وبالظلام، ولعل الأبناء الذين يتابعون شيئًا من هذا ويقفون على صنعهم، وكأن جزءًا من منهجهم أن يخيفوا العلماء المخلصين بالاتهامات وبالسب وبكذا، حتى يتوقفوا عن الدفاع عن السنة المطهرة.
على كل حال، نحن ذكرنا الشبهات التي أثاروها، رددنا على أنه حديث آحاد، وبينا بإيجاز أن العمل بالآحاد واجب حتى مع القول بأن نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم مظنونة، حتى الفريق الذي قال: بأن خبر الآحاد يفيد الظن ولا يفيد القطع، لم ينازع أبدًا في وجوب العمل بها، بل إننا هناك قلنا: إن الأثر الوحيد لهذه القضية هو عند الترجيح، بمعنى أنه: إذا تعارض حديث متواتر مع حديث آحاد، ولم يمكن الجمع بينهما بحال وانتقلنا إلى الترجيح، فإن المتواتر يتقدم؛ لكونه أقوى ثبوتًا من حديث الآحاد، لكن أقوى ثبوتًا لا تعني أن حديث الآحاد غير ثابت، ولا تعني أنه ضعيف، فمتى ثبتت صحته وجب العمل به على العين والرأس، وهذه من القواعد التي قررها العلماء وانتهوا منها والعودة إليها لا تجوز، إذن هذه الشبهة مردود عليها.
الحديث ثابت في أصح مصادرنا، الحديث رواه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والإمام أحمد، وعبد بن حميد، والدارمي، وأبو عبيد، وأبو يعلى، وابن الجارود، وابن خزيمة، وابن حبان، البزار، ابن قتيبة، الطبراني، البيهقي، الطحاوي، الحاكم، ابن السكن، النجار، ابن أبي خيثمة، ابن عبد البر، كل هؤلاء وغيرهم من أصحاب كتب السنة قد خرّجوا الحديث بطرق متعددة، يعني الحديث ليس في كتاب واحد ولا هو عند البخاري فحسب، والذي ذكرناه بإيجاز، والأستاذ الدكتور الشيخ ملا خاطر -حفظه الله- له كتاب طيب في حديث الذبابة بالذات نحيل عليه، اسمه (الإصابة في صحة حديث الذبابة) يتكلم عن حديث الذبابة كما ذكر هو في عنوانه من النواحي الفقهية والطبية والحديثية، الحديثية بمعنى ثبوته.
إذن، الحديث نستطيع أن نقول: يملأ دواوين السنة، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى لم ينفرد أبو هريرة رضي الله عنه بروايته، ولو انفرد أبو هريرة بروايته فعلى عيننا وعلى رأسنا، وأبو هريرة راوية الإسلام، وعالم السنة الفحل، وأحفظ هذه الأمة للسنة كما وصفه الإمام الشافعي، لن يخيفنا كلام أحدهم عن اعتقاد هذه الحقائق اليقينية، جزى الله أبا هريرة خيرًا عن الإسلام وعن سنة النبي صلى الله عليه وسلم لكن نحن نتكلم بشكل علمي.
لقد تتبع الدكتور ملا خاطر طرقه بوضوح في كتابه، فهو قد ورد من رواية أبي هريرة ومن رواية أبي سعيد الخدري ومن رواية أنس بن مالك ومن رواية عدي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين- إذن ورد عن طريق جملة من الصحابة وليس صحابيًّا واحدًا، ولو ورد من طريق صحابي واحد -كما قلت- من هؤلاء فضلًا أن يكون هو أبا هريرة، فعلى عيننا وعلى رأسنا، وفي قلوبنا وفي عيوننا، ونقول: سمعنا وأطعنا.
لكن هذا اتباع للأساليب العلمية في الرد على الشبهة، وهو أن نجمع طرق
الحديث؛ لنبين أن من بين الرد على شبهاتهم أن أبا هريرة لم ينفرد بروايته، إذا كنت ستشكك في أبي هريرة -ولن نقبل- لكن هب أنك ستجترئ عليه، فماذا تقول في رواية أبي سعيد ورواية علي بن أبي طالب ورواية أنس بن مالك؟ وكل ذلك قد جمع طرقه العلامة شيخ ملا خاطر أحيل عليه حتى لا أطيل، لكنها كلها طرق صحيحة تؤكد صحة الحديث، ولو لم يرد إلا في البخاري لحسبنا هذا.
لكن هذا يفيد في قضية أخرى، أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول وملأ دواوينها، كنا في انتظار أحد حتى هذا العصر حتى يأتي ليبين لنا أن هذا الحديث لا تقبله قواعد الشرع، ولا تقبله القواعد الطبية ولا ما يقولون! هذا كيف مر على عقول الأمة وقلوبها، وقبلته وساغته وروته، وحفظته وعملت به، ثم بعد ذلك يأتي من يدحض ذلك كله؟!
على كل حال، يقول الشيخ ملا خاطر في ختام كلامه عن دراسته لطرقه وأسانيده وأنه في أعلى درجات الصحة: ومن الغريب جدًّا أن هذا الحديث بعينه -وهو حديث الذبابة- لم يكن مما قد استدركه أحد من أئمة الحديث على الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بل هو عندهم جميعًا مما جاء على شرطه، وفي أعلى درجات الصحة، ولم يتكلم فيه إلا من لا خَلاق له في العصور المتأخرة، كما قال الإمام الخطابي -رحمه الله تعالى- تكلم عن هذا الحديث من لا خلاق له.
إذن، هذا الحديث الصحيح، أجمع العلماء على تلقيه بالقبول، العلماء الذين انتقدوا بعض الأحاديث في الصحيحين، لم يجعلوا هذا الحديث من بين الأحاديث التي انتقدوها، لا من ناحية الإسناد ولا من ناحية المتن.
لكن دعنا نفرغ الآن من تأكيد هذه الحقيقة، وهو أن الحديث صحيح إسنادًا ومتنًا، وأنه في أعلى درجات الصحة، بل نقول: إن أمتنا كلها قد تلقت هذا الحديث بالقبول، وأجمعت على أنه صحيح بنسبة مائة بالمائة أو كما يقال في لغتنا المعاصرة كتأكيد: مليون في المائة، لا يخالف الواقع