الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمع من واثلة وحديث ابن المبارك خطأ إذ زاد فيه عن أبي إدريس الخولاني ". أقول: رد زيادة الأحفظ ورجح رواية الأخف ضبطاً لما توبع (1).
وللمزيد انظر أرقام الأحاديث في العلل:"9و38 و69و72و82و90 و95و98و99و104 و117و129و144و158و203و221و238و248و259و275و283و286و290و292وو312و319و395و408و413و454و455و471و473و513و577و579و629و642و 680 و682 و685 و690 ".
المبحث الرابع: عند الإمام مسلم:
الإمام مسلم من الأئمة المبرزين في النقد، ومعرفة العلل، وتبرز شخصيته النقدية بشكل كبير في كتابه العظيم " التمييز"،إذ قد ضمنه أبواباً وتقسيمات دلّت على فطنته، ويقظته في معرفة مظان العلة، ووسيلة الكشف عنها.
وليس ذلك عجباً فهو الإمام الجليل، صاحب أصح كتاب بعد صحيح الإمام البخاري.
ولم تخف شخصيته النقدية في جامعه الصحيح بل ضمنَّه عللاً في مواضع عديدة ونبه على ذلك في مقدمته (2).
وفيما يخص موضوع زيادة الثقة فإنه وضع أول باب في التمييز يتعلق بحيثية مهمة في الزيادة، وهي التفرد والمخالفة فقال:"السمة التي تعرف بها خطأ المخطئ في الحديث وصواب غيره إذا أصاب".
ثم ذكر لنا وجهتين: إحداهما أن ينقل الناقل حديثاً بإسناد فينسب رجلاً مشهوراً ينسب في إسناد خبره خلاف نسبته التي هي نسبته .... إلى أنْ قال: " والجهة الأخرى: أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمّن حدّث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه، فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى مَنْ وصفنا من الحفاظ فيعلم حينئذٍ أن الصحيح من الروايتين ما
(1) وكذا خطأ أبو حاتم ابن المبارك في زيادته، انظر العلل 1/ 80 (213).
(2)
انظر ص370 فما بعد من هذا البحث.
حدّث الجماعة من الحفاظ دون الواحد المنفرد وإن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أئمة أهل العلم، وسنذكر
من مذاهبهم وأقوالهم في حفظ الحفاظ وخطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك " (1).
وهذا هو مذهب المتقدمين كما قال الإمام مسلم فهم يقضون برواية الجماعة على الواحد وعندهم: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، إذ في العدد الكثير تقل احتمالية نسبة الخطأ إليهم، بخلاف الواحد وإنْ كان حافظاً فاحتمالية الخطأ والوهم واردة منه.
ولعل أحدهم يورد شبهة وهي: إنّ كلام الإمام مسلم هنا لا يعني الزيادة التي معناها تفرد راوٍ واحد عن الجماعة - إذا كانوا ثقات - في نفس الشيخ بزيادة في السند أو المتن.
فأقول: قد يشمل النص السابق للإمام مفهوم كل مخالفة ولكنّ الزيادة تدخل في معنى كلامه جزماً، إذ قد انطبق ذلك في أمثلة، وعَدَ الإمام مسلم بإيرادها في تتمة النص: " وسنذكر من مذاهبهم وأقوالهم
…
".
ثم أورد تلكم الأمثلة فمنها:-
1 -
في ص202 (79) رد زيادة أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان وهو صدوق، في حديث المسح على النعلين فبوّب:"ذكر خبر ليس بمحفوظ المتن "،ثم مثل له فقال:"حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين ".
2 -
وردّ زيادة عبد العزيز بن أبي رواد ص211 (92)، تحت عنوان باب:"ذكر رواية فاسدة بين خطؤها بخلاف الجماعة من الحفاظ". فمثل له فقال:"حدثني القاسم بن زكريا بن دينار قال: حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر كان الناس يخرجون صدقة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاع شعير أو تمر أو سلت أو زبيب فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء وسنذكر إن شاء الله من رواية أصحاب نافع بخلاف ما روى عبد العزيز".
(1) التمييز ص170 - 172 بتصرف.
أقول: قوله:"ذكر رواية فاسدة بيّن خطؤها بخلاف الجماعة من الحفاظ "أسأل هنا: ما هو الخلاف في هذه الرواية؟ عبد العزيز زاد على بقية الرواة زيادة متن " ألفاظاً " قصر عنها بقية الرواة، فسمّاها الإمام مسلم مخالفة!؟ أمّا عند المتأخرين فلا يسمونها مخالفة؟! بل يسمونها زيادة ثقة (1)؟!
3 -
وردَّ زيادة الإمام مالك - على جلالة قدره وحفظه - في حديث ص220 (105)، بوبه فقال:" ذكر حديث وهم مالك بن أنس في إسناده ". -ثم قال-: " حدثنا قتيبة، قال: حدثنا مالك، عن هشام، عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول:" صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ سورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة، فقلت: إذن والله كان يقوم حين يطلع الفجر، قال: أجل"، فخالف أصحاب هشام هلمَّ جرا مالكاً في هذا الإسناد، في هذا الحديث. (106) أبو أسامة عن هشام قال: أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة قال:"صليت خلف عمر فقرأ سورة الحج وسورة يوسف قراءة بطيئة"،وكيع عن هشام أخبرني عبد الله بن عامر، وحاتم عن هشام عن عبد الله بن عامر قال:"صلى بنا عمر "، فهؤلاء عدة من أصحاب هشام كلهم قد أجمعوا في هذا الإسناد على خلاف مالك، والصواب ما قالوا دون ما قال مالك يتلوه مالك بإسناده ".
أقول: زاد الإمام مالك بن أنس: كلمة " الصبح "، فانفرد بها عن بقية الرواة فصوب الإمام مسلم رواية الجماعة ووهمه.
فلو كان الإمام مسلم يقول بالزيادة فلماذا ردها من الإمام مالك ومن أبي رواد؟!
أقول: وأورد الإمام مسلم أمثلة على قبول الزيادة - على منهج المتقدمين - فقد أطلق قبول الزيادة في الأخبار، وأراد أن ينفرد حديث عن حديث، أي أنه إذا كان ثمة حديث، محفوظ، معروف بسند ما وبمتن معروف، ثم جاء نفس الحديث بسند آخر فلا يقبل الحديث هذا إلاّ إذا كان من الذين:" لم يعثر عليهم الوهم في حفظهم "، ومثّل لذلك الإمام مسلم بحديث: طاووس عن ابن عباس، وسعيد بن جبير عن ابن عباس:
ص - 188 - 189 (58) فقال: " ومن الأخبار المنقولة على الوهم في الإسناد والمتن جميعاً: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو خالد عن أيمن عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: " بسم الله وبالله والتحيات لله "، قال أبو الحسين: هذه الرواية من
(1) وللمزيد انظر ص64 من البحث هذا.
التشهد والتشهد غير ثابت الإسناد والمتن جميعاً، والثابت ما رواه الليث وعبد الرحمن بن حميد فتابع فيه في بعضه فيما (59): حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث وحدثنا أبو بكر قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حميد قال: حدثني أبو الزبير عن طاووس عن ابن عباس قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن "سمعتُ مسلماً يقول: فقد اتفق الليث وعبد الرحمن بن حميد الرؤاسي،
عن أبي الزبير عن طاووس، وروى الليث فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وكل واحد من هذين عند أهل الحديث أثبت في الرواية من أيمن، ولم يذكر الليث في روايته حين وصف التشهد
:"بسم الله وبالله "،فلما بان الوهم في حفظ أيمن لإسناد الحديث بخلاف الليث وعبد الرحمن إياه، دخل الوهم أيضاً في زيادته في المتن، فلا يثبت ما زاد فيه. وقد روي التشهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه عدة صحاح فلم يذكر في شيء منه بما روى أيمن في روايته قوله بسم الله وبالله، ولا ما زاد في آخره من قوله:" أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار "والزيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن الحفاظ الذين لم يعثر عليهم الوهم في حفظهم ".
وتأمل في هذا النص ص198 - 200:- " وقد ذكرنا رواية الكوفيين حديث ابن عمر في سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام وقد أوهموا جميعاً في إسناده، إذ انتهوا بالحديث إلى ابن عمر، حكى ذلك من حضور رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله جبريل عليه السلام، وإنما روى ابن عمر عن عمر بن الخطاب أنه هو الذي حضر ذلك دون أن يحضره ابن عمر، ولو كان ابن عمر عاين ذلك وشاهده لم يجز أن يحكيه عن عمر، وسنذكر إن شاء الله رواية من أسند هذا الحديث إلى ابن عمر يرويه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال جبريل عليه السلام إياه ثم نذكر مواضع العلل في متنه ونبينها إن شاء الله، وذكر حديث كهمس ومطر الوراق وعثمان بن غياث وسليمان التيمي عن يحيى عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذه رواية البصريين لهذا الحديث، وهم في روايته أثبت وله أحفظ من أهل الكوفة، إذ هم الزائدون في الإسناد: عمر بن الخطاب ولم يحفظ الكوفيون فيه عمر، والحديث للزائد والحافظ لأنه في معنى الشاهد الذي قد حفظ في شهادته ما لم يحفظ صاحبه، والحفظ غالب على النسيان وقاض عليه لا محالة. فأما رواية أبي سنان عن علقمة في متن هذا الحديث إذ قال فيه: إن جبريل عليه السلام حيث قال:"جئت أسألك عن شرائع الإسلام"فهذه زيادة مختلفة، ليست من الحروف بسبيل، وإنما أدخل هذا