الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً، وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي" وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى ولا يصح.
ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي عندي أصح لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث فإن رواية هؤلاء عندي أشبه لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي"؟ فقال: نعم، فدل هذا الحديث على أن سماع شعبة والثوري عن مكحول هذا الحديث في وقت واحد، وإسرائيل هو ثقة ثبت في أبي إسحاق سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ما فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق الذي فاتني إلا لما اتكلت به على إسرائيل لأنه كان يأتي به أتم" (1).
ثم أقول: زيادة الثقة: هو أن يزيد ثقة واحد على غيره " جماعة ".
أما هذا الحديث فقد زاد جماعة على اثنين فهل يسمى هذا زيادة ثقة؟ - بمفهوم المتأخرين - حتى نستدل به على صحة القول؟
ثالثاً: مناقشة أمثلة الحافظ ابن الصلاح:
المثال الأول: مثل أولاً بحديث:"تربتها طهوراً "(2)،ومر بيان ذلك في أمثلة الخطيب.
المثال الثاني: قال:"مثاله ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين "،فذكر
أبو عيسى الترمذي أن مالكاً تفرد من بين الثقات بزيادة قوله من المسلمين وروى عبيد الله بن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث عن نافع عن بن عمر دون هذه الزيادة فأخذ بها
(1) جامع الترمذي حديث (1101).
(2)
مقدمة ابن الصلاح ص 88.
غير واحد من الأئمة واحتجوا بها منهم الشافعي وأحمد رضي الله عنهم والله أعلم" (1).
أقول: لم يتفرد الإمام مالك بهذه الزيادة أصلاً فقد تابعه جمع من الثقات، وهم:
1 -
عمر بن نافع مولى ابن عمر: أخرجه البخاري في الصحيح (1503)،والنسائي 5/ 48، وفي الكبرى 2/ 25 برقم (2287)،وابن حبان 8/ 96،والدارقطني 2/ 139،والبيهقي في الكبرى 4/ 162.
2 -
الضحاك بن عثمان: أخرجه مسلم في 2/ 678 (984)،وابن خزيمة في الصحيح 4/ 83، وابن حبان في صحيحه 8/ 95،والدارقطني 2/ 139،والبيهقي في الكبرى 4/ 162.
3 -
عبد الله بن عمر العمري: أبو داود (1612)،والدارقطني 2/ 140 و 144،والحاكم في المستدرك 1/ 569.
4 -
عبيد الله بن عمر العمري: أخرجه أبو داود (1612)،وأحمد 2/ 66 و 137،والدارقطني 2/ 139، والبيهقي في الكبرى 4/ 166.
5 -
أيوب السختياني: أخرجه الدارقطني 2/ 139.
6 -
يونس بن يزيد: أخرجه الدارقطني 2/ 139.
7 -
كثير بن فرقد: أخرجه الدارقطني 2/ 140،والبيهقي 4/ 162.
8 -
عبد الله بن عمر ومالك-كلاهما-أخرجه ابن الجارود، في المنتقى 2/ 97،والبيهقي في الكبرى 4/ 163.
9 -
ابن أبي ليلى: أخرجه الدارقطني 2/ 140.
10 -
المعلى بن إسماعيل: أخرجه الدارقطني 2/ 140.
فهؤلاء جميعاً تابعوا مالكاً في حديثه، بل الصواب أنّ مالكاً قد تابعهم كما صنع البخاري إذ قدم رواية عبيد الله بن نافع على رواية مالك بن أنس.
وحري بي أن أنبه إلى أنّ الحافظ ابن رجب الحنبلي وهو من الذين يشترطون القرائن لقبول الزيادة -كما سيأتي- لما رد على من يزعم أن الإمام أحمد بن حنبل يقبل الزيادة مطلقاً، لم يتكلم على خطأ المثال أصلاً، وإنما إكتفى بنفي ذلك، أو بتأويله، فأردت إتمام الفائة ههنا، فمثلاً:
(1) مقدمة ابن الصلاح ص 88.
1 -
قال في شرحه لعلل الترمذي 2/ 632 - 633:"وقال أحمد أيضاً: في حديث ابن فضيل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية عن عائشة رضي الله عنه في تلبية النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيها:"والملك لا شريك لك ".قال أحمد: وهم ابن فضيل في هذه الزيادة، ولا تعرف هذه عن عائشة إنما تعرف عن ابن عمر".أقول: ذكر ابن رجب هذا المثال في معرض الاستدلال على أنّ الإمام أحمد لا يقبل الزيادة؟
أقول: هذا المثال ليس من قبيل زيادة الثقة لأنّ محمد بن فضيل لم يتفرد به بل قد توبع، تابعه ابن نمير وغيرهُ كما قال ابن رجب نفسه نقلاً عن الخلال:"إنّ هذه الزيادة رواها ابن نمير وغيره أيضاً عن الأعمش"(1).
وقال الزيلعي:" ليس ما ذكره من التلبية منقولاً باتفاق الرواة فقد روى حديث التلبية عائشة وعبد الله بن مسعود وليس فيه:"والملك لك لا شريك لك" (2).
2 -
أورد ابن رجب حديث الإستسعاء في معرض كلامه عن منهج الإمام أحمد في زيادة الثقة فنقل عنه القول: " حديث أبي هريرة في الاستسعاء يرويه ابن أبي عروبة، أما شعبة وهمام فلم يذكراه ولا أذهب إلى الإستسعاء "(3).
قال ابن رجب:"فالذي يدل عليه كلام أحمد في هذا الباب: أنّ زيادة الثقة للفظة في حديث من بين الثقات إن لم يكن مبرزاً في الحفظ والتثبت على غيره ممن لم يذكر الزيادة ولم يتابع عليها فلا يقبل تفرده، وإن كان ثقة مبرزاً في الحفظ على من لم يذكرها ففيه عنه روايتان "(4).
أقول: النص الذي ذكره عن الإمام أحمد لا يفهم منه ما قاله ابن رجب، فالإمام أحمد إنما أعل حديث سعيد بن أبي عروبة فحسب!.
وأما الحديث فقد روي: عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أعتق شقيصاً من مملوكه فعليه خلاصه في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعى غير مشقوق عليه "(5).
رواه عن قتادة (سعيد بن أبي عروبة وجرير بن حازم، وحجاج بن حجاج،
(1) شرح علل الترمذي 2/ 633.
(2)
نصب الراية 3/ 23.
(3)
شرح علل الترمذي 2/ 634.
(4)
مصدر سابق.
(5)
هذا لفظ البخاري.
وأبان بن موسى بن خلف).
فرواية سعيد بن أبي عروبة - بذكر الزيادة -أخرجها البخاري في صحيحه (5492 و 2527) وكذا مسلم في الإيمان 1/ 1287 - 1288 (1503)، وأبو داود (3938)، والترمذي (1348).
وأخرجه البخاري من طريق جرير بن حازم (2504 و 2526). وقال عقب حديث سعيد: " تابعه حجاج بن حجاج، وأبان بن موسى بن خلف عن قتادة
…
اختصره شعبة " (1).
وجاء الحديث بدون الزيادة: أخرجه أبو داود (3939) من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به، وفي (3934) من طريق همام عنه به.
وأخرجه مسلم: الإيمان 3/ 1287 (1502و1503)،وأبو داود (3935) من طريق شعبة عن قتادة به.
وأخرجه أبو داود (3936) من طريق هشام بن عبد الله عن قتادة به.
وأخرجه الترمذي (1348) من طريق أبان العطاردي عن قتادة به، وقال: حسن صحيح، وفي (20815) من طريق همام -مرسلاً-.
وأخرجه أحمد 2/ 74 و 75 من طريق سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه -مرسلاً-.
أقول: لا يصح هذا المثال من وجهين:
الأول: أن سعيد بن أبي عروبة لم ينفرد به بل تابعه جمهرة من العلماء الثقات.
كما قاله البخاري في صحيحه (2527)، فلا يصح المثال أن يمثل به في هذا الموضع.
الثاني: لأن الحديثين أحدهما مستقل عن الآخر:
الأول: يقول بالاستسعاء.
والآخر: يقول بخلافه وهو:"حديث همام وشعبة "،ونصه:
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"قال في المملوك بين الرجلين فيعتق أحدهما قال يضمن ".فهذا من مختلف الحديث وليس من باب الزيادة.
(1) البخاري (2527).
3 -
مثال آخر: أورد الحافظ ابن رجب حديث:" ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه "، في معرض كلامه عن منهج الإمام أحمد في قبول زيادة الثقة (1).
وأقول: أخرج أحمد 2/ 15،وأبو داود (3261)،و (3262)، والترمذي (1531)، والنسائي 7/ 12 وابن ماجة (2106) من طرق عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه".
قال الترمذي عقبه: "وفي الباب عن أبي هريرة قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفاً وهكذا روي عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً، ولا نعلم أحداً رفعه غير أيوب السختياني، وقال إسماعيل بن إبراهيم: وكان أيوب أحياناً يرفعه وأحياناً لا يرفعه، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الاستثناء إذا كان موصولاً باليمين فلا حنث عليه، وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ".
أقول:
أولاً: قول الإمام الترمذي"حسن"، يعني أن الحديث معلولاً عنده - كما سيأتي -.
ثانياً: لم ينفرد به أيوب السختياني بل تابعه: كثير بن فرقد أخرجه النسائي 7/ 25،والحاكم 4/ 336، وأيوب بن موسى أخرجه ابن حبان 10/ 182 (4340)، وعبيد الله بن عمر العمري أخرجه الأصبهاني 2/ 140، وحسان بن عطية أخرجه الخطيب، في تأريخه 5/ 88.
وأما عن شك أيوب السختياني في رفعه: فقال البيهقي:"أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا عبدان قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: قال حماد بن زيد: كان أيوب يرفع هذا الحديث ثم تركه، قال الشيخ: لعله إنما تركه لشك اعتراه في رفعه"(2).
(1) شرح العلل 2/ 635.
(2)
في السنن الكبرى 10/ 46، وانظر تلخيص الحبير، ابن حجر 4/ 167، وتعليق استاذنا المشرف على الترمذي (1531).