الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واقد الليثي وهو منكر الحديث، قال محمد: وقد روي في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغال فلم يأمر فيه بحرق متاعه، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب " (1).
قلت: صالح بن محمد بن زائدة: ضعيف (2).
المطلب التاسع: مذهب الإمام أبي بكر البرديجي:
قال: " إنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه عنه ولا من وجه آخر "(3).وسنناقشه لاحقاً.
المطلب العاشر: مذهب الإمام النسائي:
أطلق الإمام النسائي مصطلح "منكر " على مخالفة الثقة، ومثاله: قال: " أخبرنا هناد ابن السري عن أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اشربوا في الظروف ولا تسكروا". قال أبو عبد الرحمن: وهذا حديث منكر غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم، لا نعلم أن أحدا تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب وسماك ليس بالقوي وكان يقبل التلقين، قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث، خالفه شريك في إسناده وفي لفظه"(4).
قلت: وأبو الأحوص: ثقة (5)، قد خالف شريكاً فأخطأ (6).
وأطلقه على تفرد الصدوق، ومنه: قال: " أخبرنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تسحروا فإن في السحور بركة ". قال أبو عبد الرحمن:
(1) الجامع (1461)
(2)
التقريب (2885).
(3)
مقدمة ابن الصلاح ص80، وانظر شرح علل الترمذي 2/ 653 وفتح المغيث، السخاوي 1/ 222 وغيرها.
(4)
سنن النسائي 8/ 319.
(5)
التقريب (2703).
(6)
وأعله أيضا: أبو زرعة، العلل 2/ 24 (1549)، والدارقطني في السنن 4/ 259.
قلت: فأما خطأ الإسناد: فقد رواه شريك: عن سماك عن القاسم عن أبي بردة عن أبيه. وأما خطأ المتن: فالمحفوظ: " كنت نهيتكم عن الظروف فاشربوا ولا تشربوا مسكرا " وهو الذي صوبه الحافظ ابن حجر العسقلاني في النكت الظراف 8/ 306.
حديث يحيى بن سعيد هذا إسناده حسن وهو منكر، وأخاف أن يكون الغلط من محمد بن فضيل " (1). قلت: ومحمد بن فضيل: صدوق (2) وقد تفرد ولم يتابع.
وأطلقه أيضا على مخالفة الصدوق، ومنه: قال: " أخبرنا أحمد بن نصر، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا عثام بن علي، قال: حدثنا الأعمش، عن حبيب بن
أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما". قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث منكر " (3).
قلت: وعثام بن علي بن هجير العامري: قال الحافظ ابن حجر: "صدوق "(4)؛ وقد خالفه محمد بن فضيل عن الأعمش: فرواه عن الأعمش عن حبيب، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس (5).
وأطلقه على مخالفة الضعيف، ومنه: قال النسائي:" أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه، قال: سمعت طلقاً يذكر عشرة من الفطرة: السواك وقص الشارب وتقليم الأظفار وغسل البراجم وحلق العانة والاستنشاق وأنا شككت في المضمضة. أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن طلق بن حبيب، قال: عشرة من السنة السواك وقص الشارب والمضمضة والاستنشاق وتوفير اللحية وقص الأظفار ونتف الإبط والختان وحلق العانة وغسل الدبر. قال أبو عبد الرحمن: وحديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة ومصعب منكر الحديث "(6).
(1) سنن النسائي 4/ 142.
(2)
هكذا قال الحافظ في التقريب (6227). قلت: هو ثقة، وإنما حمل عليه لتشيعه، وهي علة غير قادحة، إلا فيما يؤيدها من الأحاديث، وإلا فقد وثقه ابن معين، وابن المديني، وابن سعد، والعجلي، وغيرهم، وقال الذهبي في الكاشف، وقد احتج به الشيخان في صحيحيهما. أنظر ميزان الإعتدال 4/ 9 وتهذيب التهذيب 9/ 359 (660) والتحرير 3/ 307.
(3)
سنن النسائي 3/ 256.
(4)
التقريب (4448)، قال صاحبا التحرير 2/ 433:" ثقة، وثقه أبو زرعة الرازي، وابن سعد، وابن معين، والبزار، وقال أحمد: لابأس به، وقال ابو حاتم: صدوق، وأثنى عليه أبو داود
…
ولا يعلم فيه جرح ".
(5)
أخرجه النسائي في الكبرى 1/ 163 (405).
(6)
سنن النسائي 8/ 128.
قلت: ومصعب بن شيبة: ضعيف (1).
وأطلقه على تفرد الضعيف، ومنه: قال النسائي: " أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا مصعب بن ثابت، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: جيء بسارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقتلوه، فقالوا يا رسول الله: إنما سرق؟ قال: اقطعوه، فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: اقتلوه، فقالوا يا رسول الله: إنما سرق؟ قال: اقطعوه فقطع، فأتي به الثالثة فقال: اقتلوه؟ قالوا يا رسول الله: إنما سرق؟ فقال: اقطعوه، ثم أتي به الرابعة فقال: اقتلوه، قالوا يا رسول
الله: إنما سرق؟ قال: اقطعوه، فأتي به الخامسة، قال: اقتلوه، قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النعم وحملناه فاستلقى على ظهره ثم كشر بيديه ورجليه فانصدعت الإبل ثم حملوا عليه الثانية، ففعل مثل ذلك، ثم حملوا عليه الثالثة فرميناه بالحجارة فقتلناه، ثم ألقيناه في بئر ثم رمينا عليه بالحجارة. قال أبو عبد الرحمن: وهذا حديث منكر، ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث والله تعالى أعلم " (2).
وأطلقه أيضا على سند فيه مجهول، ومنه: قال: "أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن سالم، عن رجل حدثه، عن البراء بن عازب: " أن رجلاً كان جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصرة أو جريدة فضرب بها النبي صلى الله عليه وسلم إصبعه، فقال الرجل: مالي يا رسول الله؟ قال ألا تطرح هذا الذي في إصبعك فأخذه الرجل فرمى به فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فقال: ما فعل الخاتم؟ قال: رميت به قال: ما بهذا أمرتك إنما أمرتك أن تبيعه فتستعين بثمنه "، وهذا حديث منكر "(3).
وخلاصة القول:
من خلال الاستقراء لمنهج الأئمة المتقدمين يظهر بجلاء أن الأحاديث المنكرة هي الأحاديث التي يخطئ فيها الراوي؛ في إسنادها أو متنها، سواء أكان هذا الراوي ثقة أم صدوقاً، أم ضعيفاً، أم متروكاً؛ وأنّ النكارة تطلق على تفرد الضعيف، أوعلى ما يرويه
(1) قال ابن حجر " لين الحديث " التقريب (6691).
(2)
سنن النسائي 8/ 90.
(3)
سنن النسائي 8/ 170.
المتروك مطلقاً.
فالرواة ثقاتٍ كانوا أم غير ثقاتٍ لا يحكم على أحدهم أنه منكر الحديث أو على روايته أنها منكرة إلا إذا عرضت روايته على روايات الثقات فإن وافقتها فهي مقبولة وراويها ثقة لا يخالف، وإن لم تكد توافق فهي غرائب منكرة بيد أن راويها يكون من رواة الاختبار- ممن يختبر حديثه- فإن كثر عليه ذلك حتى يغلب على روايته الغرائب عندئذ يكون منكر الحديث، فإن كان صاحب المناكير ثقة فرواياته الموافقة لروايات
الثقات تقبل، أما ما يخالف فتترك، وأما إن كان راوي المناكير ضعيفاً فإنه تترك روايته وافقه أحد أم لا، لأنه منكر الحديث (متروك).
قال الحافظ عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة: " قيل له: من الذي يترك حديثه؟ قال: الذي إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر طرح حديثه "(1).
ويفهم أيضا من كلام الإمام مسلم: "وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها، فإن كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعمله"(2).
ومن خلال ما مر من أقوال الأئمة، وصنيعهم تبين لنا بطلان القول الشائع عند بعض المتأخرين، أن المتقدمين يطلقون المنكر على تفرد الثقات فقط، وينسبون ذلك إلى الإمام أحمد، أو غيره من الأئمة، وبان أن من منهج المتقدمين إطلاق مصطلح منكر، أو مناكير، أو أغلاط، أو أخطاء، أو ما شاكلها على تفرد الرواة مطلقاً بشيء غير محفوظ عندهم، وأنهم لا يفرقون بين هذه الألفاظ الدالة على الخطأ، وهذا ما يسميه الحافظ ابن حجر شاذا إذا كان من ثقة، ومنكراً إذا كان من ضعيف، أي: لا يفرقون بينهما.
(1) الكفاية، الخطيب ص142.
(2)
مقدمة الإمام مسلم 1/ 7 وانظر النكت على ابن صلاح، ابن حجر 2/ 675.