الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: استنكر الإمام مسلم تفرد سلمة بن وردان، وهو ضعيف الحديث (1)، قال أبو حاتم: ليس بالقوي، عامة ما عنده عن أنس منكر، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث (2).
واستنكر تفرد " صدوق "، فقال: " ذكر خبر ليس بمحفوظ المتن: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة:
…
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. " - ثم ساق الإمام مسلم الروايات الصحيحة عن المغيرة، بما يبين خطأ أبي قيس -، ثم قال: " قد بينا من ذكر أسانيد المغيرة في المسح بخلاف ما روى أبو قيس عن هزيل عن المغيرة ما قد اقتصصناه وهم من التابعين وأجلتهم مثل مسروق وذكر من قد تقدم ذكرهم، فكل هؤلاء قد اتفقوا على خلاف رواية أبي قيس عن هزيل ومن خالف خلاف بعض هؤلاء بين لأهل الفهم من الحفظ في نقل هذا الخبر، وتحمل ذلك والحمل فيه على أبي قيس
أشبه وبه أولى منه بهزيل لان أبا قيس قد استنكر أهل العلم من روايته أخباراً غير هذا الخبر " (3).
قلت: وأبو قيس: هو عبد الرحمن بن ثروان الأودي، قال الحافظ ابن حجر:"صدوق ربما خالف "(4)، وتعقب بأنه أطلق توثيقه يحيى بن معين، والعجلي، وابن نمير، وقال النسائي: لا بأس به، فهو صدوق حسن الحديث (5).
المطلب السابع: مذهب الإمام أبي داود:
أطلق الإمام أبو داود مصطلح "منكر " على تفرد الراوي بما لا يتابع عليه، وكان هذا الفرد مما لا يحفظه أئمة الحديث.
فقد أطلقه على تفرد الثقة، ومنه ما رواه في السنن فقال:" حدثنا نصر بن علي عن أبي علي الحنفي عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه". قال أبو داود: هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج
(1) التقريب (2514).
(2)
انظر ميزان الاعتدال 2/ 193 (3414).
(3)
التمييز ص202 (79).
(4)
التقريب (3823).
(5)
أنظر التحرير 2/ 311.
عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه ". والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام " (1).
قلت: وهمام ثقة معروف، لكنه انفرد بمتن غير محفوظ عند الأئمة فاستنكروه (2).
وأطلقه على تفرد صدوق، ومنه: قال: " حدثنا يحيى بن معين وهناد بن السري وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب وهذا لفظ حديث يحيى عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ، قال: فقلت له: صليت ولم تتوضأ وقد نمت؟ فقال: إنما الوضوء على من نام مضطجعا ". زاد عثمان وهناد: " فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله ". قال أبو داود: قوله: الوضوء على من نام مضطجعاً، هو حديث
منكر لم يروه إلا يزيد، أبو خالد الدالاني عن قتادة، وروى أوله جماعة عن ابن عباس، ولم يذكروا شيئاً من هذا، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم محفوظا، وقالت عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" تنام عيناي ولا ينام قلبي ". وقال شعبة: إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث حديث يونس بن متى، وحديث ابن عمر في الصلاة، وحديث القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس: حدثني رجال مرضيون منهم عمر، وأرضاهم عندي عمر. قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، وقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟ ولم يعبأ بالحديث " (3).
قلت: وأبو خالد الدالاني: قال الحافظ: " صدوق، يخطئ كثيراً، وكان يدلس "(4).
وأطلقه على تفرد الضعيف، ومنه: قال: " حدثنا نصر بن علي، قال: حدثني الحارث بن وجيه، قال: حدثنا مالك بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر ". قال أبو داود:
(1) السنن (19).
(2)
وانظر النكت على ابن الصلاح 2/ 677.
(3)
السنن (202).
(4)
التقريب (8072)، وقال صاحبا التحرير 4/ 185: " بل صدوق، كما قال البخاري، وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس، ووثقه أبو حاتم الرازي
…
.. وأما التدليس: فلم نجد من وصفه به ".
الحارث بن وجيه حديثه منكر وهو ضعيف " (1).
قلت: الحارث بن وجيه، هو الراسبي: ضعيف (2).
وقد استنكر أبو داود أحاديث كثراً لا لعلة يراها في السند، إلا لكون متنه غير محفوظ، أو يخالف المحفوظ، أو تفرد به ثقة فوصل المرسل، أو رفع الموقوف، ومن ذلك: قال: "
حدثنا عثمان بن أبي شيبة أن محمد بن جعفر حدثهم عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كله وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". قال أبو داود: هذا منكر إنما هو قول ابن عباس " (3).
قلت: عثمان بن أبي شيبة: ثقة حافظ (4)، وهو كأي حافظ يخطئ في بعض الأحاديث وكذا استنكر عليه الإمام أحمد بعض أحاديثه (5)، مع أنه وثقه هو نفسه (6).
ومنه: قال " حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة وعثمان بن أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن الحكم عن عمارة بن عمير عن أمه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم ". قال أبو داود: حماد بن أبي سليمان زاد فيه: إذا احتجتم وهو منكر "(7).
قلت: قال ابن حجر في حماد بن أبي سليمان:"فقيه صدوق له أوهام "(8)، وقال الإمام الذهبي:" ثقة إمام مجتهد "(9)، وجاء في تحرير التقريب: " فقيه صدوق حسن الحديث، وإنما أنزل إلى هذه المرتبة بسبب أوهام كانت تقع له، وثقه يحيى بن معين
(1) السنن (248).
(2)
التقريب (1056).
(3)
السنن (1790).
(4)
التقريب (4513).
(5)
انظر العلل ومعرفة الرجال 1/ 266 (1251)، وتاريخ الخطيب 13/ 163.
(6)
انظر تهذيب الكمال 5/ 134 (4446)،وتأريخ الخطيب 13/ 166 - 167.
(7)
السنن (3529).
(8)
التقريب (1500).
(9)
الكاشف 1/ 349 (1221).