الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: وقد استعمل هذه اللفظة " غير محفوظ
…
" البخاري في صحيحه مرة واحدة (1)،واستعملها أبو حاتم ما يقارب خمساً وعشرين مرة (2)، وأطلقها الترمذي ما يقارب ثلاث
عشرة مرة في علله (3)،وما يقارب تسعاً وعشرين مرة في جامعه (4)،وأطلقها النسائي حوالي ثلاث مرات فقط (5)،وأطلقها الإمام مسلم في التمييز خمس مرات (6).
المطلب الأول: مذهب الإمام البخاري:
نقل تلميذه النجيب " الترمذي " عنه في سننه، وعلله في مواضع عدة أقوال شيخه البخاري فأطلق لفظ "محفوظ"،"غير محفوظ"،"ليس بمحفوظ"،"لا أعلمه محفوظا"
…
.. وهلم جرا.
وسأذكر هنا بعض الأمثلة عسى أن نقف على غاية البخاري من إطلاقاته تلك.
1 -
حديث أخرجه الترمذي في الجامع (1128)" باب ما جاء في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة " قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا عبدة عن سعيد بن أبي عروبة عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر:"أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير أربعاً منهن".
قال أبو عيسى: هكذا رواه معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه. قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري وحمزة قال: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة. قال محمد: وإنما حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن رجلاً من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك كما رجم قبر أبي رغال. قال أبو عيسى: والعمل على حديث غيلان بن سلمة عند أصحابنا منهم الشافعي وأحمد وإسحاق".
(1) كتاب الزكاة (1396)، أطلقها على مخالفة شعبه بن الحجاج في اسم راو فانظرها هناك.
(2)
أنظر كتاب علل أبن أبي حاتم فأنه مليء بها ومنها برقم (84 و 1346 و 2682).
(3)
مثلا أنظر الأحاديث برقم (105 و 208 و 252،و 283،و 396 .. ).
(4)
انظر مثلا: (203 و241 و290 و316 و386 و 592 و 644و719 و720 و518 و
…
) وغيرها.
(5)
أنظر مثلا: 8/ 137 و 155 و 159.
(6)
وهي برقم (45 و 48 و 87 و 88 و 92).
التعليق:
قول البخاري " غير محفوظ " يريد به حديث معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر:" أن غيلان بن سلمة أسلم وله عشر نسوة
…
. فأمره النبي
…
." وإنما المحفوظ:" ما رواه
شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري وحمزة قال: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة أسلم .. "
يعني أنه منقطع " حُدثت " وليس هو من حديث ابن عمر بل من حديث محمد بن سويد وهذا ليس من حديث ابن عمر وإنما هو ملفق وصوابه، كما ذكر البخاري، أنه من"حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن رجلاً من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر لتراجعنّ نساءك
…
"
الاستنتاج:
الإمام البخاري لم يقبل هذا الحديث ولم يعده زيادة من ثقة " ومعمر بن راشد " هو المتفرد به. بل أعله بالمحفوظ عند الحفاظ:- حديث محمد بن سويد - وهذا يعني أنه يعد الفرد غير المعروف عند أهل الصنعة غير محفوظ.
2 -
حديث أخرجه الترمذي (1705) قال:
حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسؤولة عنه، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي موسى وحديث أبي موسى غير محفوظ وحديث أنس: غير محفوظ، وحديث ابن عمر حديث حسن صحيح. رواه إبراهيم بن بشار الرمادي عن سفيان بن عيينة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1705م) أخبرني بذلك محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن بشار، قال: وروى غير واحد، عن سفيان، عن بريد عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وهذا أصح. قال محمد: وروى إسحاق بن إبراهيم عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله سائل كل راع عما استرعاه". قال: سمعت محمداً يقول: هذا غير محفوظ، وإنما
الصحيح عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً ".
التعليق:
أطلق البخاري لفظة " غير محفوظ " على حديث مرفوع وهو حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أنس عن النبي- متصلاً-.
وقد أعله بحديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً-.
ولم يعده من قبيل المزيد في متصل الأسانيد أو زيادة الثقة؟ ! بل أعله لأنه غير محفوظ عند أهل الحفظ والإتقان بهذا الإسناد.
الاستنتاج:
أطلق البخاري لفظة " غير محفوظ " على حديث تفرد به ثقة!
3 -
حديث أخرجه الترمذي (720) قال:
حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقض ".وفي الباب عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا من حديث عيسى بن يونس. وقال محمد: لا أراه محفوظاً. قال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده، وقد روي عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فافطر وإنما معنى هذا:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر لذلك ".هكذا روي في بعض الحديث مفسراً والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه وإذا استقاء عمداً فليقض وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ".
التعليق:
تفرد بهذا الحديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
…
الحديث.
الاستنتاج:
أطلق البخاري على حديث غريب لفظ - لا أراه محفوظاً - مع أنه لم يخالف فيه أحداً؟
4 -
حديث أخرجه الترمذي (815) قال:
حدثنا عبد الله بن أبي زياد الكوفي قال حدثنا زيد بن حباب عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله: " أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج، حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر ومعها عمرة فساق ثلاثاً وستين بدنة وجاء علي من اليمن ببقيتها فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من فضة فنحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل بدنة ببضعة فطبخت وشرب من مرقها ".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من حديث سفيان لا نعرفه إلا من حديث زيد بن حباب ورأيت عبد الله بن عبد الرحمن روى هذا الحديث في كتبه عن عبد الله بن أبي زياد. قال: وسألت محمداً عن هذا فلم يعرفه من حديث الثوري عن جعفر عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ورأيته لم يعد هذا الحديث محفوظاً، وقال: إنما يروى عن الثوري عن أبي إسحاق عن مجاهد مرسلاً ". التعليق:
جاء الطريق الأول من رواية زيد بن الحباب عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم .. الحديث.
هذا الطريق متصل، وقد خطأه البخاري وعده غير محفوظ، لأنه يخالف المحفوظ وهو من رواية الثوري عن أبي إسحاق (السبيعي) عن مجاهد به"مرسلاً"،فأعل المتصل بالمرسل، وإنما أعله لأنه لا يعرفه من هذا الطريق وبهذا اللفظ.
والخطأ فيه يحمل على زيد بن الحباب العكلي فإنه: " صدوق يخطئ في حديث الثوري ". (1)
الاستنتاج:
أطلق البخاري لفظة "لا أراه محفوظاً"على تفرد الضعيف ومخالفته وهو ما يسمى اليوم"منكراً "؟!
(1) التقريب (2124)،وانظر التحرير 1/ 432.
5 -
حديث أخرجه الترمذي (2730) قال:
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن سفيان عن منصور عن خيثمة عن رجل عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من تمام التحية الأخذ باليد ".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب ولا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم، عن سفيان.
سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعده محفوظاً، وقال: إنما أراد عندي حديث سفيان عن منصور، عن خيثمة عمن سمع ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا سمر إلا لمصل أو مسافر ". قال محمد: وإنما يروى عن منصور عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أو غيره قال: من تمام التحية الأخذ باليد ".
التعليق:
الحديث جاء من طريق يحيى بن سليم الطائفي عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة عن رجل "مبهم" عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وقد أعله البخاري بكونه "غير محفوظ" لأنه غير معروف بهذا السند وإنما هو من طريق "منصور عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي" به من قوله - موقوفاً -.
وأما السند الأول فخطأ .. ويحمل الخطأ فيه على يحيى بن سليم الطائفي فهو: "صدوق سيئ الحفظ"(1). وإنما هذا السند مركب "ملفق" والصحيح أنه حديث " سفيان الثوري عن منصور عن خيثمة عمن سمع ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا سمر إلا لمصلٍ أو مسافر ".
الاستنتاج:
قد يطلق البخاري حكمه على حديث " غير محفوظ " ويريد به القلب والتلفيق في الأسانيد. ومن هذا نستنتج أن " البخاري" يطلق مصطلح " غير محفوظ أو نحوه" ويريد به تفرد الثقة بحديث غير معروف، أو مخالفته، وكذا تفرد الضعيف أو مخالفته، وكذا على
(1) التقريب (7563)، وقد خالفه أستاذي المشرف في التحرير 4/ 86 ولكن هذه الرواية تدل على سوء حفظه في عبيد الله بن عمر وفي سفيان، والله أعلم.
الأحاديث ملفقة الأسانيد أو المتون.
6 -
حديث أخرجه الترمذي (1726) قال:
حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: حدثنا سيف بن هارون البرجمي عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء؟ فقال:" الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ". قال أبو عيسى: وفي الباب عن المغيرة وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصح وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أراه محفوظاً، روى سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان موقوفاً، قال البخاري: وسيف بن هارون مقارب الحديث، وسيف بن محمد عن عاصم ذاهب الحديث ".
التعليق:
قال البخاري في حديث إسماعيل بن موسى عن سيف بن هارون البرجمي عن سليمان عن أبي عثمان عن سلمان قال: سئل رسول الله .. الحديث. قال: " ما أراه محفوظاً "، وأعله بما رواه سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان " موقوفاً ". ثم قال: " وسيف بن هارون مقارب الحديث
…
." وهو علة الحديث.
الإستنتاج: أطلق البخاري لفظة "غير محفوظ" على زيادة في السند زادها راوٍ مقارب الحديث، فرفع ما أوقفه غيره من الرواة.
7 -
قال الترمذي (3179):
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا بن أبي عدي قال: حدثنا هشام بن حسان قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن السحماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"البينة وإلا حد في ظهرك" قال: فقال هلال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته أيلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"البينة وإلا فحد في ظهرك"،قال: فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن في أمري ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل:"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم"فقرأ حتى بلغ:"والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين "،قال: فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما فجاءا فقام هلال بن أمية فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: