الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دون الثقات ثقة خالفهم
…
فيه صريح فهو رد عندهم
أولم يخالف فاقبلنه وادعى
…
فيه الخطيب الاتفاق مجمعا
أو خالف الإطلاق نحو"جعلت
…
تربة الأرض"فهي فرد نقلت
فالشافعي وأحمد احتجا بذا
…
والوصل والإرسال من ذا أخذا
9 - الحافظ السخاوي
ت (902):
قال: " الصحيح الذي عليه الجمهور أن الراوي إذا روى الحديث مرفوعاً وموقوفاً فالحكم للرفع لأنه معه في حالة الرفع زيادة، هذا هو المرجح عند أهل الحديث "(1).
وقال: " والحق أن الزيادة مع الواصل وأن الإرسال نقص في الحفظ لما جبل عليه الإنسان من النسيان "(2).
10 - الشيخ أحمد محمد شاكر:
قال:"إذا روى العدل الثقة حديثاً وزاد فيه زيادة لم يروها غيره من العدول الذين رووا نفس الحديث أو رواه الثقة العدل نفسه مرة ناقصاً ومرة زائداً، فالقول الصحيح الراجح: إن الزيادة مقبولة سواء أوقعت ممن رواه ناقصاً أم من غيره وسواء أتعلق بها حكم شرعي أم لا، وسواء غيرت الحكم الثابت أم لا، وسواء أوجبت نقض أحكام ثبتت بخبر ليست هي فيه أم لا "(3).
وممن قال به أيضاً: أبو الحسن بن القطان (4)، وابن الملقن (5)،وغيرهما.
مناقشة أمثلة القائلين بقبول الزيادة مطلقاً
.
استدل القائلون بقبول الزيادة مطلقاً بأدلة، أرى من المناسب أن أبينها ههنا، وقبل مناقشتها، لابد من توطئة مهمة فأقول:
كما أوضحنا سلفاً أنّ علم المصطلح - مصطلح الحديث - نشأ كما ينشأ أي علم في المصطلح في بقية علوم الشريعة وغيرها.
(1) فتح المغيث 1/ 195.
(2)
فتح المغيث 1/ 238.
(3)
الباعث الحثيث ص59 - 60 هامش.
(4)
انظر النكت على ابن الصلاح 2/ 604.
(5)
انظر كتابه خلاصة البدر المنير فإنه مليء، فمثلا: 1/ 129و151و 319.
فإنه ينشأ بعد اكتمال صرح العلم وأركانه .. فيحتاج طلبة العلم في تعاملهم مصطلحات متفق عليها.
وهذا يعني أنه - المصطلح - وليد ثمار جهود السابقين من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه لا يعني أن المتقدمين أرادوا ما فهمهُ المتأخرون كاملاً.
فالمتأخرون إنما هم مجتهدون حاولوا فهم مراد المتقدمين من خلال صنيعهم في مصنفاتهم.
ومر علم المصطلح بمراحل - عند المتأخرين - تطورت فيه مفاهيم ومصطلحات عبر المصنفات المتتالية.
فلو قرأت مثلاً ((المحدث الفاصل))، لم تجد فيه كثيراً من المصطلحات عند الخطيب في الكفاية أو عند ابن الصلاح في المقدمة أو عند السخاوي في الفتح .. وهكذا.
وعلى سبيل المثال: لا تجد فيه - المحدث الفاصل - مصطلح منكر .. شاذ
…
زيادة ثقة
…
الخ.
والذي أريده من هذا الكلام: أنّ الخطأ الذي وقع فيه الكثير من طلبة علم الحديث أنهم يعدون المتأخرين .. متقدمين؟؟،
ويظنون أنَّ المصطلحات الحديثة اتفق عليها المتقدمون والمتأخرون
…
فظنوا أنّ المتأخرين -أعني بعد القرن الثالث الهجري - قد أدركوا مراد المتقدمين فأسسوا على ذلك قواعد كلية صححوا على ضوئها الأحاديث وحسنوها فوقعوا في تعارض واضح وإشكال كبير.
ومثالي على هذا الكلام مصطلح " زيادة الثقة "،فلا تجد أحداً من المتقدمين الأوائل قد تكلم فيه بمثل ما فهمه المتأخرون حتى إنّ جمهور المتأخرين قد خلطوا بين أنواع التفرد.
وتجد هذا واضحاً في هذه الأطروحة فترى الإشكال قائماً-عند المتأخرين - بين المنكر .. والشاذ
…
وزيادة الثقة.
وفي موضوع زيادة الثقة خلط جمهور كتّاب المصطلح بينه وبين موضوع مختلف الحديث.
فالمراد بزيادة الثقة - كما عرّفوه هم -: هو ما تفرد به ثقة واحد عن مجموعة من
الثقات بالسند نفسه أو زاد في المتن زيادة لم يذكرها الثقات الآخرون الذين رووا الحديث بالسند نفسه أيضاً.
وقد نص عليه الحاكم بقوله:"معرفة زيادات ألفاظ فقهية في أحاديث ينفرد بالزيادة راو واحد "(1).
وقال ابن رجب:"أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد، ومتن واحد فيزيد بعض الرواة فيه زيادة، لم يذكرها بقية الرواة "(2).
قلت: فأما إذا كانت هذه الزيادة من أكثر من ثقة فاختلف أصحاب المروي عنه فرواه قسم بهذه الزيادة، ورواه آخرون من دونها فهذه مخالفة تدرس ويتبين الصحيح منها لأن المفروض في مثل هذا أن المروي عنه إما حدث بالحديث على وجهين وإما أخطأ قسماً منه وأصاب بالآخر (3).
وهذا يعني أمرين:
الأول: أن الزيادة إذا جاءت من ثقة واحد عن نفس الشيخ وانفرد بها عن أقرانه رواة الحديث فهذا الذي يسمى زيادة ثقة.
أما إذا وجدنا متابعة لهذا الثقة فإنه يخرج من دائرة الزيادة والتفرد إلى دائرة الاختلاف
…
"مختلف الحديث "،فندرس الحديثين ونخرج بنتيجة حسب القرائن المرجحة.
أيّ: إنّ زيادة الثقة إنما تكون من ثقة واحد أمام جماعة أما إذا تكافأ العدد كأن يكون واحداً أمام واحد أو أكثر فهذه لا تسمى زيادة ثقة بل هي من باب:"مختلف الحديث".
لذا فإن الإمام النووي رحمه الله وهو القائل بقبول الزيادة مطلقاً من غير تفصيل رد التمثيل بزيادة مالك"من المسلمين "،وقال:" لا يصح التمثيل به فقد وافق مالكاً عمرُ بن نافع والضحاك بن عثمان"(4).
ثانياً: إذا روى ثقة حديثاً ثم نشط فرواه بسند آخر أعلى من السند الأول فهذا لا
(1) معرفة علوم الحديث ص 130.
(2)
شرح علل الترمذي 2/ 635.
(3)
انظر النكت على ابن الصلاح 2/ 712 - 715 و 777 - 782.
(4)
تقريب النوواي من تدريب الراوي 1/ 206، وانظر النكت على ابن الصلاح 2/ 196.
يسمى زيادة ثقة ممن دون الشيخ الراوي بل هذا من قبيل الإسناد العالي والنازل.
وبهذا اخطأ بعض المتأخرين ممن عدوا المزيد في متصل الأسانيد زيادة ثقة. وإنما أشكل عليهم التفريق بين الزيادة من الثقة في السند وبين المزيد في متصل الأسانيد.
وسأمثل لذلك بمثالين أحدهما يبين زيادة الثقة في السند والآخر يبين المزيد في متصل الأسانيد.
1 -
قال محمد بن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله.
2 -
قال محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن سفيان عن الزهري عن أنس بن مالك.
فهل: هذا زيادة ثقة من محمد بن بشار"بندار"؟
أولاً: علينا أن نبحث هل السند الأول متصل بالسماع؟ فإذا كان الجواب بنعم، فهذا الثاني من قبيل المزيد في متصل الأسانيد.
إما إذا كان الجواب: لا؟ وهذا يعني أن الإسناد الأول منقطع، فهذا الثاني يكون متصلاً والأول يكون معلولاً فيه انقطاع.
وإنما حكمنا على الثاني بكونه مزيداً لاحتمال سماع شعبة الحديث مرتين، مرة من سفيان - قرينه - ثم نشط فسمعه أخرى من الشيخ ذاته - الزهري -.
فيكون الإسناد الأول- إسناد محمد بن المثنى- عاليا، وإسناد بندار نازلا.
2 -
أما مثال زيادة الثقة فنمثل بالمثال السابق حتى يتضح الفرق، أن يروي مثلاً:
محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة عن الزهري، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا-.
ثم يخالفه جمع من الثقات فيروونه بالسند نفسه عن محمد بن جعفر عن شعبة عن الزهري عن أنس - موقوفاً -.
وكذا إذا جاء مرة مرسلاً ومرة متصلاً
…
وهكذا. فالذي يعنينا هنا أن يأتي الحديث على المثال الثاني أما احتمال المثال الأول:"المزيد في متصل الأسانيد "فهو وارد وصحيح ولا إشكال فيه
ومن هنا فإننا سوف نبحث في الأمثلة التي مثل بها علماء المصطلح المتأخرون
فإذا وجدنا للشيخ المتفرد بالزيادة متابعاً فإنه يخرج من دائرة الزيادة ولا يصح التمثيل به حينئذٍ.
أقول: قد نتج عن هذا الخلط نسبة الكثير من الأقوال إلى الأئمة المتقدمين نسبة خاطئة، إذ اقتطعوا من أقوالهم في مناقشة حديث ما في موضع الاختلاف"مختلف الحديث"ونسبوه لهم على أنه يتحدث عن زيادة الثقة-بمفهوم المتأخرين-.
فمثلاً:
1 -
جاء عن الإمام الشافعي أنه قال:" العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد "(1).
أورده الحافظ ابن حجر استدلالاً على أن الشافعي يفصل الأمر في زيادة الثقة (2).
أقول: الإمام الشافعي لم يتكلم عن زيادة الثقة حينما أورد هذا النص وإنما كان يتكلم عن حديثين متكافئين في الصحة مختلفين في المخرج في أحدهما زيادة تخالف الآخر: حديث البراء بن عازب، وحديث ابن عمر رضي الله عنهم في رفع اليدين في الصلاة، قال الشافعي رحمه الله:"وبهذه الأحاديث تركنا ما خالفها من الأحاديث قال الشافعي لأنها أثبت إسناداً منه
وأنها عدد"والعدد أولى بالحفظ من الواحد" فإن قيل: فإنّا نراه رأى المصلي يرخي يديه فلعله أراد رفعهما فلو كان رفعهما مداً احتمل مداً حتى المنكبين واحتمل ما يجاوزه ويجاوز الرأس ورفعهما ولا يجاوز المنكبين وهذا حذو حتى يحاذي منكبيه وحديثنا عن الزهري أثبت إسناداً ومعه عدد يوافقونه ويحددونه تحديداً لا يشبه الغلط والله أعلم فإن قيل: أفيجوز أن يجاوز المنكبين؟ قيل: لا ينقض الصلاة ولا يوجب سهواً والاختيار أن لا يجاوز المنكبين.
باب الخلاف فيه:
قال الشافعي: فخالفنا بعض الناس في رفع اليدين في الصلاة، فقال: إذا افتتح الصلاة المصلي رفع يديه حتى يحاذي أذنيه ثم لا يعود يرفعهما في شيء من الصلاة، واحتج بحديث رواه يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا افتتح الصلاة يرفع يديه".
قال سفيان: ثم قدمت الكوفة فلقيت يزيد بها فسمعته يحدث بهذا، وزاد فيه: " ثم لا
(1) اختلاف الحديث ص 177.
(2)
النكت 2/ 688.
يعود "، فظننت أنهم لقنوه، قال سفيان: هكذا سمعت يزيد يحدثه هكذا، ويزيد فيه:"ثم لا يعود"قال: وذهب سفيان إلى أن يغلط يزيد في هذا الحديث ويقول: كأنه لقن هذا الحرف الآخر فلقنه، ولم يكن سفيان يرى يزيد بالحافظ لذلك.
قال: فقلت لبعض من يقول هذا القول: أحديث الزهري عن سالم عن أبيه أثبت عند أهل العلم بالحديث أم حديث يزيد؟ قال: بل حديث الزهري وحده. قلت: فمع الزهري أحد عشر رجلاً من أصحاب رسول الله منهم أبو حميد الساعدي وحديث وائل بن حجر كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم بما وصفت وثلاثة عشر حديثاً أولى أن تثبت من حديث واحد ومن أصل قولنا.
وقولك أنه لو لم يكن معنا إلا حديث واحد ومعك حديث يكافئه في الصحة فكان في حديثك أن لا يعود لرفع اليدين وفي حديثنا يعود لرفع اليدين كان حديثنا أولى أن يؤخذ به، لأن فيه زيادة حفظ مالم يحفظ صاحب حديثك، فكيف صرت إلى حديثك وتركت حديثنا والحجة لنا فيه عليك بهذا، وبأن إسناد حديثك ليس كإسناد حديثنا بأن أهل الحفظ يرون أن يزيد لقن:"ثم لا يعود"، يقول: فإن إبراهيم النخعي أنكر حديث وائل بن
حجر، وقال: أترى وائل بن حجر أعلم من علي وعبد الله؟ قلت: وروى إبراهيم عن علي وعبد الله أنهما رويا عن النبي خلاف ما روى وائل بن حجر، قال: لا ولكن ذهب إلى أن ذلك لو كان روياه أو فعلاه، قلت: أفروى هذا إبراهيم عن علي وعبد الله نصاً؟ قال: لا، قلت: فخفي عن إبراهيم شيء رواه علي وعبد الله أو فعلاه، قال: ما أشك في ذلك، قلت: فتدري لعلهما قد فعلاه فخفي عنه وروياه فلم يسمعه، قال: إن ذلك ليمكن، قلت: أفرأيت جميع ما رواه إبراهيم فأخذ به، فأحل به وحرم، أرواه عن علي وعبد الله؟ قال: لا، قلت: فلم احتججت بأنه ذكر علياً وعبد الله وقد يأخذ هو وغيره عن غيرهما ما لم يأت عن واحد منهما، ومن قولنا وقولك أن وائل بن حجر إذ كان ثقة لو روى عن النبي شيئاً، فقال عدد من أصحاب النبي لم يكن ما روى، كان الذي قال كان أولى أن يؤخذ بقوله من الذي قال لم يكن، وأصل قوله أن إبراهيم لو روى عن علي وعبد الله لم يقبل منه، لأنه لم يلق واحداً منهما إلا أن يسمي من بينه وبينهما فيكون ثقة للقيهما، ثم أردت إبطال ما روى وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن لم يعلم إبراهيم فيه قول علي وعبد الله قال: فلعله علمه قلت: ولو علمه لم يكن عندك فيه حجة بأن رواه فإن كنت تريد أن توهم من سمعه أنه رواه بلا أن يقول هو رويته جاز لنا
أن نتوهم في كل ما لم يرو أنه علم فيه لم يقل لنا علمنا ولو روى عنهما خلافه لم يكن عندك فيه حجة فقال وائل أعرابي فقلت: أفرأيت قرنعاً الضبي وقزعة وسهم بن منجاب حين روى إبراهيم عنهم وروى عن عبيد بن نضلة أهم أولى أن يروي عنهم أم وائل بن حجر، وهو معروف عندكم بالصحابة وليس واحد من هؤلاء فيما زعمتم معروفاً عندكم بحديث ولا شيء، قال: بل وائل بن حجر، قلت: فكيف ترد حديث رجل من الصحابة وتروي عمن دونه ونحن إنما قلنا برفع اليدين عن عدد لعله لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً قط عدداً أكثر منهم غير وائل بن حجر ووائل أهل أن يقبل عنه " (1).
لهذا قال الإمام الشافعي: والعدد أولى بالحفظ من الواحد (2).
فمن هنا خلط المتأخرون بين هذين المفهومين.
وهذا بالاتفاق ليس من قبيل زيادة الثقة. وأما إذا روى الثقة ما لم يروه غيره من الثقات أقرانه فإنه شاذ غير مقبول، قال ابن رجب:"وفي حكاية ذلك-قبول الزيادة- عن الشافعي نظر فإنه قال في الشاذ: هو أن يروي ما يخالف الثقات، وهذا يدل على أن الثقة إذا انفرد عن الثقات بشيء أنه يكون ما انفرد به شاذاً غير مقبول، والله اعلم "(3).
وهذا يعني أن التفرد عند الشافعي إذا كان يخالف أقرانه في زيادة لفظة أو رجل فإن ذلك يعني أن حديثه شاذ (4)، وسيأتي تفصيله.
2 -
ذهب جمهور الحنابلة من الفقهاء إلى نسبة القول إلى الإمام أحمد أنه يقبل الزيادة من الثقة اعتماداً على صنعه في بعض الأحاديث.
قال ابن رجب:"وأما أصحابنا: فذكروا في كتب أصول الفقه في هذه المسألة روايتين عن أحمد: بالقبول مطلقاً، وعدمه مطلقاً، ولم يذكروا نصاً له بالقبول مطلقاً مع أنهم رجحوا هذا القول، ولم يذكروا به نصاً عن أحمد، وإنما اعتمدوا على كلام له، لا يدل على ذلك مثل قوله في فوات الحج: جاء فيه روايتان أحدهما: فيه زيادة دم، قال: والزائد أولى أن يؤخذ، وهذا ليس مما نحن فيه فإن مراده أن الصحابة روى بعضهم فيمن
(1) اختلاف الحديث ص177 - 179.
(2)
اختلاف الحديث ص177.
(3)
شرح العلل 2/ 637.
(4)
انظر ص 99 من هذا البحث.
يفوته الحج عليه القضاء مع الدم، فأخذ بقبول من زاد الدم فإذا روي حديثان مستقلان في حادثة وفي أحدهما زيادة فإنها تقبل من الثقة كما لو تفرد الثقة بأصل الحديث وليس هذا من باب زيادة الثقة" (1).
أقول: وهنا وقع الأصوليون أيضا في خلط واضح بين الزيادة ومختلف الحديث.
3 -
قال أحمد في زيادة زادها سعيد بن أبي عروبة في حديث الإستسعاء:
"أما شعبة وهمام فلم يذكراه ولا أذهب إلى الإستسعاء"(2).
قال ابن رجب: فالذي يدل عليه كلام أحمد في هذا الباب: أن زيادة الثقة للفظة في حديث من بين الثقات إن لم يكن مبرزاً في الحفظ والتثبت على غيره ممن لم يذكر الزيادة ولم يتابع عليها فلا يقبل تفرده، وإن كان ثقة مبرزاً في الحفظ على من لم يذكرها
ففيه عنه روايتان، لأنه قال مرة في زيادة مالك (من المسلمين):كنت أتهيبه حتى وجدته من حديث العمريين.
وقال مرة إذا انفرد مالك بحديث هو ثقة وما قاله أحد بالرأي أثبت منه " (3).
أقول: وقع ابن رجب في نفس المأخذ الذي أخذه على فقهاء الحنابلة فهذا الحديث ليس من قبيل زيادة الثقة لان سعيداً قد توبع عليه. كما سيأتي (4).
4 -
استدل الكثير من علماء المصطلح المتأخرين بحديث:"لا نكاح إلا بولي"،على أنّ البخاري يقول بزيادة الثقة.
وهذا خلط واضح - كما قدمنا - فالإمام البخاري لم يتحدث عن الزيادة، وإنما كان يتحدث عن الاختلاف بين طريقين.
الطريق الأول رواه جماعة من الثقات:"إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، ويونس، وشريك، وأبو عوانة
…
"،عن أبي إسحاق السبيعي به-مرفوعاً-.
والطريق الثاني: رواه شعبة وسفيان عن أبى إسحاق به - موقوفاً -.
فالحديث جماعة إمام جماعة فأين زيادة الثقة؟؟. بل صرح البخاري بقوله تابعه
(1) شرح علل الترمذي 2/ 635.
(2)
شرح علل الترمذي 2/ 634، وانظر ص185 من هذا البحث.
(3)
مصدر سابق.
(4)
انظر ص184 من هذا البحث.