الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيوب زيادة من حافظ فتقبل والله أعلم " (1).
المثال العاشر: وقال:"أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الداربردي بمرو، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي قال: حدثنا القعنبي عن مالك عن حميد عن أنس قال:
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يزهى قيل: وما زهوه؟ قال: يحمر أو يصفر أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ ".قال أبو عبد الله: هذه الزيادة في هذا الحديث "أرأيت أن منع الله الثمرة"عجيبة فإن مالك بن أنس ينفرد بها، ولم يذكرها غيره، علمي في هذا الخبر.
وقد قال بعض أئمتنا: إنها من قول أنس فسمعت الشيخ أبا بكر بن إسحاق يقول: رأيت مالك بن أنس في المنام شيخاً أسمر طوالاً، فقلت: أحدثكم حميد الطويل عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ قال: نعم" (2).
أقول: مالك بن أنس لم ينفرد بذكر هذه الزيادة فقد تابعه عليها عبد العزيز بن محمد الدراوردي عند مسلم في الصحيح 3/ 1190 (1555)، وسليمان بن بلال القرشي التيمي، عند أبي عوانة 1/ 334 (5205)، ويحيى بن أيوب المقابري عند الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 24.
فهذه ليست زيادة وإنما هي من باب مختلف الحديث كما سلف، وسيأتي تفصيل القول فيها لاحقاً.
ثانياً: مناقشة أمثلة الخطيب البغدادي:
المثال الأول: قال في الكفاية:"ومن الأحاديث التي تفرد بعض رواتها بزيادة فيها توجب زيادة حكم ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن محمد الأصبهاني الحافظ بنيسابور قال: أنبأنا أبو عمرو بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن سعد بن طارق قال: حدثني ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء"،وذكر
(1) فتح الباري 2/ 106.
(2)
معرفة علوم الحديث ص 132.
خصلة أخرى قوله:"وجعلت تربتها لنا طهوراً ":زيادة لم يروها فيما أعلم - غير سعد بن
طارق عن ربعي بن حراش فكل الأحاديث لفظها وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً " (1).
أقول: هذا الحديث لا يصح التمثيل به، إذ تفرد أبو مالك الأشجعي بجملة الحديث عن شيخه: ربعي بن حراش، فلم يروه عنه إلا أبو مالك.
قال ابن حجر:"وهذا التمثيل ليس بمستقيم - أيضاً - لأن أبا مالك قد تفرد بجملة الحديث عن ربعي بن حراش رضي الله عنه كما تفرد برواية جملة ربعي عن حذيفة رضي الله عنه "(2).
وقد رواه عن أبي مالك: محمد بن فضيل، أخرجه مسلم 1/ 371 (522)،وابن خزيمة 1/ 133 (264).
ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة: عند مسلم أيضا المساجد 1/ 371 (522)،وأبو معاوية الضرير: عند أحمد 5/ 388.
وقد وقع الخطيب البغدادي في وهم كبير إذ قال في تأريخ بغداد 10/ 121: "تفرد به أبو عوانة وأخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه ".
والإمام مسلم لم يخرجه من طريق أبي عوانة أصلاً، ولم يتفرد به أبو عوانة كما سلف! (3).
المثال الثاني: وقال:" أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا الحسن بن مكرم بن حسان، قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين".قوله: في أول وقتها زيادة لا نعلم رواها في حديث ابن مسعود إلا عثمان بن عمر عن مالك بن مغول وكل الرواة قالوا عن مالك
(1) الكفاية ص 428، ومثل به أيضا: الحافظ إبن كثير، مختصر علوم الحديث بشرحه الباعث الحثيث ص 59، والنووي، تدريب الراوي 1/ 206 والحافظ العراقي، فتح المغيث 1/ 233،والسيوطي، تدريب الراوي 1/ 207،والسخاوي، فتح المغيث1/ 236، والصنعاني، توضيح الأفكار 2/ 23، والشيخ أحمد شاكر في الباعث ص 59.
(2)
النكت على ابن الصلاح 2/ 700.
(3)
قد نبه على ذلك أستاذنا الدكتور بشار في تحقيقه لتأريخ بغداد 11/ 339 (5201).
الصلاة لوقتها، وأما فصل من فصل بين أن تكون الزيادة في الخبر من رواية راويه بغير
زيادة، وبين أن تكون من رواية غيره، فإنه لا وجه له، لأنه قد يسمع الحديث متكرراً تارة بزيادة وتارة بغير زيادة كما يسمعه على الوجهين من راويين وقد ينسى الزيادة تارة فيرويه بحذفها مع النسيان لها والشك فيها ويذكرها فيرويها مع الذكر واليقين وكما أنه لو روى الحديث ونسيه فقال: لا أذكر أني رويته! وقد حفظ عنه ثقة وجب قبوله برواية الثقة عنه، فكذلك هذا وكما لو روى حديثاً مثبتاً لحكم وحديثاً ناسخاً له وجب قبولهما، فكذلك حكم خبره إذا رواه تارة زائداً وتارة ناقصاً وهذه جملة كافية" (1).
أقول: وقد توبع مالك بن مغول بروايته عن الوليد بن العيزار تابعه شعبة بن الحجاج عند الدارقطني 1/ 246، والحاكم 1/ 300، والبيهقي 1/ 434.فلا يصح التمثيل به.
المثال الثالث: قال: عند موضوع تعارض الوصل الإرسال:
" مثال ذلك ما أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف الصياد قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن محمد التميمي قال: حدثنا الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي". أخبرناه أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال: حدثنا إسرائيل (ح)،وأخبرنا أبو سعيد أيضا وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عثمان الطرازي قالا: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال: حدثنا طلق بن غنام قال: حدثنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا نكاح إلا بولي".
وقال طلق: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخبرنا أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن عبد الله البزاني بأصبهان قال: أنبأنا عبد الله بن الحسن بن بندار المديني قال: حدثنا أسيد بن عاصم قال: حدثنا الحسين بن حفص
(1) الكفاية ص 428 - 429، وكذا مثل به: السيوطي، في التدريب 1/ 208، وإبراهيم النعمة، مصطلح الحديث ص110.
قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي".
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر غندر قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي".
وكان: (يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وابنه إسرائيل، وقيس بن الربيع) يروون هذا الحديث عن أبي إسحاق مسنداً متصلاً وكان: (سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج) يرويانه عن أبي إسحاق مرسلاً
…
.. أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول: سمعت محمد بن هارون المكي يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري وسئل عن حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا نكاح إلا بولي" فقال: الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل بن يونس ثقة وان كان شعبة والثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضر الحديث ".
أقول: يبدو من خلال هذا المثال اضطراب المتأخرين في فهم منهج المتقدمين بشكل واضح فالحديث ليس فيه زيادة ثقة.
إسرائيل لم ينفرد بوصله فقد تابعه جماعة من الأثبات كما ذكره كل من تحدث عن هذا الحديث حتى الخطيب نفسه، فالذين وصلوه، هم:"أبو عوانة، وزهير بن معاوية، وشريك النخعي، وتمام العشرة من أصحاب أبي إسحاق "(1) والذين أرسلوه"شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري".
فهذا من قبيل مختلف الحديث لذا قال الترمذي:"وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف: رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم،وروى أسباط بن محمد وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم،وروى أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر فيه عن أبي إسحاق وقد روى عن يونس بن أبي
(1) النكت على ابن الصلاح 2/ 606.