الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظائره من هذا النوع " (1).
وقال عند ترجمة نافع مولى ابن عمر: " فما رواه الثقات من حديثه كمالك والثوري وشعبة وابن جريج وسليمان بن بلال ومن بعدهم كيحيى بن سعيد القطان وابن المبارك وعبد الوهاب الثقفي وأبي أسامة وسلام بن سليم ويزيد بن هارون، وحماد بن زيد وعبد السلام بن حرب فهو صحيح متفق عليه بلا مدافع "(2).
فالخلاصة: أن الشاذ عند الحاكم والخليلي معناه واحد:- هو ما تفرد به الثقة مطلقاً، وهو منقوض بالأفراد الصحيحة كما نص على ذلك علماء المصطلح - والله أعلم -.
المذهب الثالث: الشاذ: مخالفة الثقة لمن هو أوثق أو أكثر
.
وهو في حقيقته مذهب الحافظ ابن حجر العسقلاني، فهو أول من قال به، وتبعه عليه من جاء بعده كالسخاوي (3)،والسيوطي (4)،والصنعاني (5)، وغيرهم.
قال " وفي الجملة فالأليق في حد الشاذ ما عرف به الشافعي "(6).
وفسر ذلك في النزهة إذ قال: " الشاذ ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه. وهذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح "(7).
وقال:" فإن خولف - أي الراوي - بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالراجح يقال له المحفوظ ومقابله هو المرجوح يقال له الشاذ "(8).
قال اللكنوي: " والذي حققه الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها وارتضاه كثير ممن جاء بعده هو أنّ المنكر والشاذ يعتبر فيهما المخالفة، ويفترقان في كون الراوي مجروحاً وغير مجروح"(9).
(1) الإرشاد 1/ 169.
(2)
الإرشاد 1/ 207.
(3)
الإرشاد 1/ 207.
(4)
تدريب الراوي 1/ 196.
(5)
توضيح الأفكار 1/ 379.
(6)
النكت 2/ 671.
(7)
نزهة النظر ص51.
(8)
نزهة النظر ص 50، وانظر فتح المغيث، السخاوي 1/ 218.
(9)
ظفر الأماني شرح مختصر السيد الجرجاني ص 362، وانظر رسالة الحديث المنكر وتطبيقاته في علل ابن أبي حاتم، سلام أبي سمحة ص 33.
فالحافظ ابن حجر أول من فرق اصطلاحياً بين مخالفة الثقة فأطلق عليها "الشاذ "، ومخالفة الضعيف وأطلق عليها " المنكر " وعد من سوى بينهما أنه غفل؟!، ولم أقف على من سبقه؟! ثم أصبح هذا التفريق قاعدة لمن جاء بعده، وإلى يومنا هذا؟ وهو بذلك غفّل المتقدمين والمتأخرين ممن سبقه؟ ثم إنه لم يقل أحد من المتقدمين أو المتأخرين قبل الحافظ ابن حجر أنّ الإمام الشافعي قصد هذا، وسيأتي بيانه.
وإذا أردنا تتبع الأمثلة التي ذكرها أهل هذا المذهب في الشاذ،، فإنها في الأغلب لا تسلم من نقد، ذلك لأنهم تكلفوا في تعريف الشاذ، ثم تفريقه عن المنكر، والحق إن
الشاذ والمنكر بمعنى واحد، وهو في حقيقته: الحديث الخطأ، كما قرره المتقدمون وتبعهم عليه علماء المصطلح الأوائل، كما مر في فصل المنكر، فمثلًا:
مثل الحافظ ابن حجر في النزهة لشذوذ الإسناد بمثال فقال: " مثال ذلك ما رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجة من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن عوسجة، عن ابن عباس: أن رجلاً توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثاً إلا مولى هو أعتقه .. "(1) الحديث.
وتابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره (2)، وخالف حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة، ولم يذكر ابن عباس. قال أبو حاتم: المحفوظ حديث ابن عيينة (3). انتهى كلامه فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط، ومع ذلك رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عدداً منه. وعرف من هذا التقرير أن الشاذ: ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه " (4).
وتابعه في التمثيل به السيوطي والسخاوي (5).
(1) أخرجه أحمد 1/ 221، والترمذي (2106)، وابن ماجة (2741)، والنسائي في الكبرى 4/ 88 (6409)، وانظر تفصيله في المسند الجامع 9/ 238 (6551).
(2)
أخرجه أحمد 1/ 358، والنسائي في الكبرى 4/ 88 (6410)، من طريق ابن جريج به، وأخرجه أبو داود (2905) من طريق حماد بن سلمة به، وانظر المسند الجامع 9/ 238 (6551).
(3)
علل ابن أبي حاتم 2/ 52.
(4)
نزهة النظر ص50 - 51.
(5)
تدريب الراوي 1/ 195، وفتح المغيث 1/ 218.
أقول: فات الحافظ ابن حجر، ومن تبعه من علماء المصطلح أن حماد بن زيد لم ينفرد بإرسال هذا الحديث، إذ تابعه روح بن عبادة عند البيهقي (1)،وأصل الحديث عند أبي حاتم، قال عبد الرحمن: " سألت أبي عن حديث رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجة مولى ابن عباس أن رجلاً توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثاً إلا مولى هو أعتقه الحديث فقلت له: فإن ابن عيينة ومحمد بن مسلم الطائفي يقولان: عن عوسجة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: اللذان يقولان ابن عباس محفوظ؟ فقال: نعم قصر حماد بن زيد، قلت لأبي: يصح هذا الحديث؟ قال:
عوسجة ليس بالمشهور" (2). فلعل الحافظ فهم من قول أبي حاتم الرازي عن الحديث الموصول أنه محفوظ، وأن حماد بن زيد قصر به أنه انفرد به فهو شاذ، إذ الحافظ يجعل الشاذ مقابل غير المحفوظ (3)، ثم أخذه عنه السيوطي، والسخاوي.
وعلى هذا فلا يصلح هذا الحديث أن يكون مثلاً للشاذ، إذ الشاذ هوماخالف المقبول، كما قرروه هم، وهنا لم يتفرد الثقة، بل توبع كما في سنن البيهقي، فهو من قبيل المختلف.
ومثل السخاوي للشاذ في المتن فقال: " ومثاله في المتن زيادة يوم عرفة في حديث: أيام التشريق أيام أكل وشرب، فإن الحديث من جميع طرقه بدونها وإنما جاء بها موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، كما أشار إليه ابن عبد البر "(4).
أقول: أصل الحديث في جامع الترمذي (773) قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن موسى بن علي عن، أبيه، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب ". قال وفي الباب عن علي وسعد وأبي هريرة وجابر ونبيشة وبشر بن سحيم وعبد الله بن حذافة وأنس وحمزة بن عمرو الأسلمي وكعب بن مالك وعائشة وعمرو بن العاصي وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى: وحديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح ".
(1) السنن الكبرى 6/ 242.
(2)
العلل 2/ 52 (1643).
(3)
نزهة النظر ص 50.
(4)
فتح المغيث 1/ 218 - 219.