الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه الزيادة "غير محفوظة "، كما نص عليه أبو داود، وهو الذي يفهم من صنيع الإمام مسلم، بعد أن بيناه مفصلاً في أول الكلام.
وهكذا نخلص أن الأمام مسلماً لم يورد تلك الزيادات في أصول الأبواب، بل في المتابعات والشواهد، وهو مما أعله المتقدمون والنقاد من المتأخرين، وهذا لا يعني قبولها، ولو سلم لنا مثال أو مثالين - جدلاً - فإنها لا تصمد أمام الجم الغفير مما تركه، أو أعله من جهة، ومن جهة أخرى أقول: لا يحسن بنا أن نقيس ذلك على صنيع الإمام مسلم من خلال المرويات التي بين أيدينا، إذ إنّ الإمام مسلماً قد أنتقى أحاديثه من مئات الألوف من الطرق التي وصلنا بعضها، وفاتنا جمع كبير، وبما أننا لا نعرف الأسس التي انتقى على أساسها الإمام مسلم أحاديثه فمن الصعوبة بمكان إطلاق القول أن الإمام مسلماً ساق هذا الحديث في صحيحه لأنه من باب زيادة
الثقة بمفهومنا اليوم، اللهم إلا إذا اتفق المتقدمون أن هذا الحديث مما تفرد به هذا الراوي، إذ إطلاق القول بأنه خالف صنيع الأئمة المتقدمين مجانبة للصواب، والله أعلم.
ثم أنّه من المحرر أصلاً: أنّ الثقة قد يخطئ، وهذا من فطرة الإنسان التي فطره الله تعالى عليها، وقد صرح بعض الأئمة النقاد كالإمام الدارقطني وغيره أن الإمام مسلماً أخطأ هنا أو هناك، وهذا كله لا يخرجه من دائرة الضبط والإتقان، لكثرة الصواب.
المبحث الرابع: عند الإمام أبي داود:
أبو داود إمام من الأئمة المبرزين في علم الحديث - من المتقدمين - ويعد واحداً من الذين أرسوا لنا قواعد الحديث وعلله، وقد اخترناه هنا مع الأئمة البخاري ومسلم والترمذي والنسائي كنماذج من المتقدمين وذلك لعدة أسباب كما قدمناه سلفاً
ومن خلال استقراء سنن أبي داود، وجدت أنَّ أبا داود يسلك منهج أقرانه وشيوخه في قبول زيادة الثقة أو ردها فهو يقبل زيادة الثقة على وفق منهج المتقدمين وفهمهم لها - كما بيّناها سلفاً -.
أمّا على وفق فهم المتأخرين وعلماء المصطلح لها وهي أنها تفرد الثقة بزيادة على أقرانه في الشيخ نفسه - متناً أو سنداً - فإنني لم أقف له على مثال واحد يصرح به أبو داود أنه يقبلها أو يصحّحها.
…
أمّا سكوته عنها فهو كما قدمنا لا يعني قبوله لها، لأنه لم يشترط في كل حديث
يورده الصحة.
وقد سبقني إلى هذا الدكتور محمد سعيد حوى في بحثه (مقولات أبي داود النقدية في كتاب السنن)، ولم يذكر لنا الشيخ هناك منهج أبي داود في قبول الزيادة أو ردها، وإنما اكتفى بذكر الأمثلة التي ساقها مناقشاً أبا داود فيها. والأمثلة التي ذكرها كانت تدلل بوضوح على أن أبا داود لم يكن يقبل الزيادة بمفهوم - المتأخرين - فمثلاً ذكر في بحث زيادة الثقة أقسام الزيادة التي ذكرها أبو داود في سننه، وهي:
أولاً: ما رجح أبو داود أنها غير محفوظة وهي كذلك، وساق الأمثلة.
ثانياً: ما رجح أبو داود أنها غير محفوظة والراجح خلاف ذلك، وساق الأمثلة.
وهذا المنهج لا يسلم للباحث وإنما الصواب أن نحاكمه إلى منهجيته في القبول أو في الرد، ولا نحاكمه على قواعد غيره.
ثالثاً: زيادات لم يصرح برأيه فيها والراجح أنها غير محفوظة.
رابعاً: ما سكت عن بيان رأيه فيها والراجح أنها محفوظة (1).ولم يذكر في هذا مثلاً نستهدي به على رجحان حفظها.
ومِنْ ثَمَّ، فإنني لم أقف على مثال واحد - بعد البحث والتحري- ينطبق عليه مفهوم الزيادة عند المتأخرين.
بل الذي توصلت إليه استقراءاً أنَّ أبا داود لا يقبل الزيادة - موضوع البحث - بل يعد ذلك إعلالاً للحديث، وفيما يأتي بعض أمثلة ذلك:
1 -
قال أبو داود (281):حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن سهيل يعني بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش أنها أمرت أسماء، أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل ".
قال أبو داود: ورواه قتادة عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدع الصلاة أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي.
(1) مقولات أبي داود ص375، وقد استفاد من الأمثلة الشيخ سعيد عزاوي في رسالته " زيادة الراوي " فسار على منهجه حذو القذة بالقذة؟.
قال أبو داود: لم يسمع قتادة من عروة شيئاً.
وزاد ابن عيينة في حديث الزهري عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم:"فأمرها أن تدع الصلاة أيام إقرائها ". قال أبو داود: وهذا وهم من ابن عيينة ليس هذا في حديث الحفاظ عن الزهري، إلا ما ذكر سهيل ابن أبي صالح، وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة لم يذكر فيه " تدع الصلاة أيام إقرائها ".
أقول: دار الحديث على الزهري رواه عنه:
- الليث بن سعد: أخرجه أحمد 6/ 82.
- وابن أبي ذئب: أخرجه أحمد 6/ 141 والبخاري (327) وأبو داود (291).
- والأوزاعي: أخرجه الدارمي (774)،وابن ماجه (626)، والنسائي 1/ 117و1/ 119،وفي الكبرى (207).
- وعمرو بن الحارث: أخرجه مسلم 1/ 263 (334)،وأبو داود (285و288)،والنسائي في الكبرى (209).
- وحفص بن غيلان: أخرجه النسائي في الكبرى (208).
- والنعمان بن راشد، والأوزاعي، وحفص بن غياث - جميعاً -: أخرجه النسائي 1/ 117و118و119.
- وإبراهيم بن سعد: أخرجه أحمد 6/ 187، والدارمي 1/ 221 (782)، ومسلم 1/ 264 (334)، وأبو عوانة 1/ 267 (930)، وأبو يعلى 7/ 381 (4410) وابن حبان 4/ 184 (1351)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 99.
- ومعمر بن راشد: أخرجه مسلم ذكر ذلك المزي في التحفة (17922) ولم أقف عليه في المطبوع من الصحيح.
كلهم عن الزهري بلفظ متقارب (1).
ورواه سفيان بن عيينة فزاد في الحديث"تدع الصلاة أيام أقرائها".أخرجه النسائي 1/ 121 و 1/ 183، وفي الكبرى 1/ 111 (215)، وذكره أبو داود (281 و 285) تعليقاً.
وجاء مرة عن سفيان دون الزيادة أخرجه الحميدي 1/ 87 (160)، ومسلم 1/ 264
(1) انظر المسند الجامع 19/ 337 (16124).
(334)
(1).
أقول: فلو قال أبو داود بالزيادة من الثقة لأوردها هنا ولم يعلّها ويوهم سفيان بن عيينة بها على حفظه وإتقانه؟
وكذا الإمام مسلم إذ أوردها في صحيحه عن سفيان نفسه دون الزيادة؟ فتأمل!
2 -
وأخرج في (1618) فقال: حدثنا حامد بن يحيى قال: أخبرنا سفيان (ح) وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن ابن عجلان أنه سمع عياضاً قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: " لا أخرج أبداً إلاّ صاعاً، إنا كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو شعير أو أقط أو زبيب " هذا حديث يحيى، زاد سفيان: أو صاعاً من دقيق. قال حامد: فأنكروا عليه فتركه سفيان.
قال أبو داود: فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة.
أقول: مدار الحديث على ابن عجلان رواه عنه:
- حاتم بن إسماعيل: أخرجه مسلم 2/ 679 (985).
-ويحيى بن سعيد القطان: أخرجه أبو داود (1618)،والبيهقي 4/ 172.
-وحماد بن مسعدة: أخرجه ابن خزيمة 4/ 87 (2413).
كلهم عن ابن عجلان بلفظ مُتقارب (2).
ورواه سفيان بن عيينة عن ابن عجلان فزاد في متنه " أو صاعاً من دقيق ". أخرجه أبو داود (1618)، والنسائي 5/ 52،وفي الكبرى 2/ 28 (2293)، وابن خزيمة 4/ 88 (2414)، والدارقطني 2/ 146، والبيهقي 4/ 172 من طرق عن سفيان به (3).
وذكر أبو داود أن سفيان لما ذكر له استنكار الناس لزيادته تركها، وفي هذا إشارة مهمة وهي أن الناس وأعني الحفّاظ المتقدمين يستنكرون تفرد الراوي بزيادة ينفرد بها عن بقية الرواة وإن كانت من مثل سفيان! وأن سفيان تركها لأنه علم أنه لم يتابع عليها فخشي الوهم وإلاّ فلماذا تركها؟
(1) مصدر سابق.
(2)
انظر المسند الجامع 6/ 291 (4352).
(3)
انظر المسند الجامع 6/ 291 (4352).
وقد أخرجه عن سفيان - بدونها - الحميدي 2/ 327 (742). (1)
وأقول: لو كان أبو داود يقول بالزيادة لِما وَهَّم سفيان بن عيينة في زيادته.
3 -
وأخرج (1612) فقال: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن، قال: حدثنا محمد بن جهضم قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمر بن نافع، عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً، فذكر بمعنى مالك (2) زاد: والصغير والكبير، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال أبو داود: رواه عبد الله العمري عن نافع بإسناده، قال: على كل مسلم، ورواه سعيد الجمحي عن عبيد الله عن نافع قال فيه: من المسلمين، والمشهور عن عبيد الله ليس فيه (من المسلمين) ".
أقول: حديث عبد الله بن عمر العمري الذي أشار إليه أبو داود أختُلفَ فيه، فروي عنه وفيه "من المسلمين"،وروي عنه من غيرها، فممن رواه من غيرها:
1 -
يحيى بن سعيد القطان: أخرجه البخاري (1512)،وأبو داود (1613) وأحمد 2/ 55 وابن خزيمة 4/ 84 (2403).
2 -
وعبد الله بن نمير وحماد بن سلمة: أخرجه مسلم 2/ 677 (984)
3 -
ومحمد بن عبيد: أخرجه أحمد 2/ 102
4 -
وبشر بن المفضل وأبان بن يزيد: أخرجه أبو داود (1613)
5 -
وعيسى بن يونس: أخرجه النسائي 5/ 49 وفي الكبرى 5/ 25 (2284).
6 -
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، والمعتمر بن سليمان: أخرجه ابن خزيمة4/ 84 (2403)
7 -
وسفيان الثوري: أخرجه الدارمي1/ 481 (1662)،وابن خزيمة 4/ 86 (2409)(3).
وخالفهم سعيد بن عبد الرحمن الجمحي - وهو صدوق (4) -
فزاد فيها (من المسلمين) أخرجه أحمد 2/ 66 و 2/ 137، وأبو داود (1612).
(1) الحميدي تلميذه النجيب، الذي لازمه اثني عشر عاماً، ولو كانت محفوظة لما غفل عنها.
(2)
أي حديث مالك انظره ص 183 من هذا البحث.
(3)
انظر المسند الجامع 10/ 246 (7488).
(4)
قال ابن حجر: (صدوق له أوهام) التقريب (2350) ولعل الوهم من هذا الحديث وإضرابه.
أقول: ردّ أبو داود زيادة سعيد مع كونها من صدوق ولها شواهد صحيحة؟!
4 -
أخرج في (2093) فقال: حدثنا أبو كامل قال: حدثنا يزيد يعني ابن زريع (ح)، وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد المَعْني قال: حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها "والإخبار في حديث يزيد قال أبو داود: وكذلك رواه أبو خالد سليمان بن حيان ومعاذ بن معاذ عن محمد بن عمرو ".
وقال أبو داود في (2094):حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا ابن إدريس عن محمد بن عمرو بهذا الحديث بإسناده، زاد فيه:" قال فإن بكت أو سكتت زاد: "بكت". قال أبو داود: وليس "بكت"بمحفوظ وهو وهم في الحديث، الوهم من ابن إدريس أو من محمد بن العلاء. قال أبو داود: ورواه أبو عمر وذكوان عن عائشة قالت:"يا رسول الله إن البكر تستحي أن تتكلم قال: سكاتها إقرارها".
أقول: مدار الحديث على محمد بن عمرو بن علقمة رواه عنه:
- يزيد بن زريع: أخرجه أبو داود (2093)، والبيهقي 7/ 122.
- وحماد بن سلمة: أخرجه أحمد 2/ 384،وأبو داود (2093)،والبيهقي 7/ 122.
-وعبد الواحد بن واصل الحداد: أخرجه أحمد 2/ 259.
-ويحيى بن سعيد القطان: أخرجه النسائي 6/ 87،وفي الكبرى 3/ 282 (5378).
-وسفيان الثوري: أخرجه أبو يعلى 10/ 412 (6019).
-وعبد العزيز بن محمد الدراوردي: أخرجه الترمذي (1109).
-وزائدة بن قدامة: أخرجه ابن حبان 9/ 392 (4079).
كلهم رووه عن محمد بن عمرو بن علقمة بلفظ متقارب (1).
ورواه محمد بن العلاء بن كريب عن عبد الله بن إدريس الأودي عن محمد بن عمرو به، فزاد في متنه (بكت)، أخرجه أبو داود (2094)، والبيهقي 7/ 122.
وقد عدّه أبو داود وهماً وردد الوهم بين محمد بن العلاء (2)، وبين عبد الله
(1) انظر المسند الجامع 17/ 218 (13530).
(2)
التقريب (6204).
بن إدريس (1) وهما ثقتان؟ فلو كانت الزيادة مقبولة عنده لما عدل عنها؟ بل ووَهَّم صاحبها!
5 -
أخرج في (972) فقال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا أبو عوانة عن قتادة (ح) وحدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا هشام عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي قال:"صلى بنا أبو موسى الأشعري فلما جلس في آخر صلاته قال رجل من القوم: أقرت الصلاة بالبر والزكاة فلما انفتل أبو موسى أقبل على القوم فقال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟،قال: فأرم القوم، فقال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ فأرم القوم، قال: فلعلك يا حطان أنت قلتها؟،قال: ما قلتها، ولقد رهبت أن تبكعني بها، قال: فقال رجلٌ من القوم: أنا قلتها، وما أردت بها إلا الخير، فقال أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا وبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا فقال:"إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ"غير المغضوب عليهم ولا الضالين"فقولوا: آمين يحبكم الله، وإذا كبر وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فتلك بتلك"وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، يسمع الله لكم، فإنَّ الله تعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم:"سمع الله لمن حمده"وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فتلك بتلك"فإذا كان عنده القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ".
لم يقل أحمد: وبركاته، ولا قال: وأشهد، قال: وأن محمداً. حدثنا عاصم بن النضر قال: حدثنا المعتمر قال سمعت أبي يقول: حدثنا قتادة عن أبي غلاب يحدثه عن حطان بن عبد الله الرقاشي بهذا الحديث زاد:"فإذا قرأ فأنصتوا وقال في التشهد بعد أشهد أن لا إله إلا الله زاد وحده لا شريك له".
قال أبو داود: وقوله فأنصتوا ليس بمحفوظ لم يجئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث " (2).
أقول: هكذا ردَّ أبو داود زيادة سليمان بن جرير وهو ثقة وعدها غير محفوظة.
(1) التقريب (3207).
(2)
تقدم تخريجه والكلام عليه ص 270.
ولو قال بالزيادة لما أعلّها، وأمّا عن تخريج الإمام مسلم لها فقد أجبنا عنه (1).
6 -
وأخرج في (3520) فقال: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء ".
وفي (3521) قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا عبد الله يعني ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معنى حديث مالك زاد:"وإن قضى من ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء فيها".
وقال في (3522): حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا عبد الله بن عبد الجبار يعني الخبائري، حدثنا إسماعيل يعني ابن عياش، عن الزبيدي، قال أبو داود: وهو محمد بن الوليد أبو الهذيل الحِمْصي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه:"قال فإن كان قضاه من ثمنها شيئاً فما بقي فهو أسوة الغرماء وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء". قال أبو داود:" حديث مالك أصح ".
أقول: مدار الحديث على الزهري رواه عنه:
- مالك بن أنس: أخرجه مالك في الموطأ (1979) وأبو داود (3520).
- يونس بن يزيد: أخرجه أبو داود (3521)،وفي المراسيل ص163 برقم (173).
كلاهما (مالك ويونس) عن الزهري به مرسلاً.
ورواه الزبيدي عن الزهري متصلاً بذكر أبي هريرة
أخرجه أبو داود (3522)، وابن الجارود في المنتقى ص160 برقم (632)، والدارقطني في السنن 3/ 30، والبيهقي 6/ 47.
وقد أعلَّ أبو داود المتصل بالمرسل رغم أنَّ الزبيدي ثقة (2).
فلو قال بقبول الزيادة لقبلها هنا؟ وكذا الحال مع مالك إذ أوردها مرسلة في الموطأ؟
(1) انظر ص 273.
(2)
التقريب (6372).
وقد جاء طريق آخر متابع للزبيدي وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن الزهري،
أخرجه ابن ماجه (2359)، وابن الجارود ص160 برقم (631 و 633)،والبيهقي 6/ 47،والدارقطني 3/ 30،وهو الصواب (1).
وهذا طريق ضعيف لأن إسماعيل (حمصي) رواه عن موسى وهو (مدني)، وإسماعيل يخلط في روايته عن غير أهل بلده (2).
وقد رجح المرسل أبو حاتم في العلل 1/ 383 (1143)، وابن الجارود ص160، والبيهقي 6/ 47، والدارقطني 3/ 30.
7 -
حديث (2611): قال: حدثنا زهير بن حرب أبو خثيمة قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي قال: سمعت يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يُغلب اثنا عشر ألفاً من قلة)،قال أبو داود: والصحيح أنه مرسل.
أقول: مدار الحديث على الزهري رواه عنه:
معمر بن راشد: أخرجه عبد الرزاق 5/ 306 (9699).
عقيل بن خالد الأيلي: أخرجه سعيد بن منصور (2387)،وأبو داود في المراسيل (313).
كلاهما عن الزهري به مرسلاً.
ورواه جرير بن حازم - وهو ثقة (3) - عن الزهري -موصولاً (4) -
أخرجه أحمد 1/ 294 و299،وعبد بن حميد 1/ 218 (652)،وأبو داود (2611)،والترمذي (1555)،وابن خزيمة (2538)،وأبو يعلى 4/ 459 (2587)،وابن حبان 11/ 17
(1) وانظر كلام الدكتور بشار عواد عليه في تعليقه على الموطأ 2/ 210 (1979) برواية الليثي.
(2)
قال ابن حجر في التقريب (473): " صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم ". أقول: فلعل هذا من تخاليطه إنما رواه على الصواب في الرواية الأولى عن الزبيدي فكلاهما حمصي، والله أعلم.
(3)
التقريب (911) وانظر التحرير 1/ 212.
(4)
انظر المسند الجامع 9/ 479 (6911).