الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
وطبيعة العداوة بينهما
إن وجود أولياء الرحمن وأولياء الشيطان أمر قديم نشأ منذ خلق آدم عليه السلام وأمر الله للملائكة بالسجود له فسجدت إلا إبليس أبى واستكبر.
وقد تحدث القرآن الكريم عن قصة هذه العداوة بين آدم وإبليس في سور شتى من أبرزها سورة البقرة وسورة الأعراف وسورة طه وغيرها.
قال تعالى:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {34} وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فلا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ { [سورة البقرة:34 - 38] .
وفي سورة الأعراف يأتي بيان عدم سجود إبليس:
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ { [سورة الأعراف:12] .
لقد كان أمر الله لإبليس أن يسجد فكان رده لعنه الله الامتناع والاستكبار مستخدماً في ذلك قياسه الفاسد: إن النار أشرف من الطين! وهو بهذا ينصب نفسه نداً لله سبحانه وتعالى: الله يقول كذا. فيقول إبليس أنا أرى كذا. ولذلك استحق اللعنة والطرد من رحمة الله.
وانقسام الناس إلى فريق الهدى وفريق الضلال بدأ بهذه البداية كما ذكر ذلك المولى سبحانه:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ { [سورة التغابن: 2] .
فأما الفريق الذي أجاب دعوة الرسل وآمن بكتب الله المنزلة ورسله المبعوثين رحمة للناس فهؤلاء أولياء الرحمن.
وأما الفريق الذي أعرض واستكبر فهم أولياء الشيطان.
وقبل الحديث عن الفريقين لا بد أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أقام الحجة على عباده فبين لهم عداوة الشيطان - حتى بعد قصته مع آدم -
فهو سبحانه لم يذكر قصة آدم وعداوة إبليس له عدة مرات في القرآن فحسب، بل زاد الأمر بياناً فحذر بني آدم في مواضع كثيرة من القرآن أن يستمعوا لغواية الشيطان ويعرضوا عن طريق الله المستقيم قال تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ { [سورة البقرة: 208] .
ثم يأتي التذكير مع التحذير في قوله تعالى:
{يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ { [سورة الأعراف: 27] .
ولم يقتصر البيان القرآني الكريم على هذا بل قد كشف للناس المخطط الشيطاني، حتى يبصر كل ذي عينين ويتفكر أولوا الألباب فقال تعالى عن إبليس:
{وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {118} وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ
فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا {119} يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَاّ غُرُورًا { [سورة النساء: 118 - 120] .
ثم يذكر الله للناس مشهداً من مشاهد يوم القيامة حين يندم أولياء الشيطان ولات ساعة مندم فيقول سبحانه: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ {59} أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَاّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ { [سورة يس: 59 - 61] .
ومشهد آخر لإبليس حين يتبرأ من أتباعه:
{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ { [سورة إبراهيم: 22] .
إنه ليس بعد بيان الله بيان. والأشياء لأصلها تعود كما يقولون فما دام أن إبليس عدو لآدم فلا شك أن أتباع إبليس وحزبه أعداء لأولياء الرحمن وأتباع المرسلين. ومن ثم فلا التقاء بين الفريقين ولا هوادة بينهما.
إنها الحرب والعداوة والحسد والاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة وكل ما يوحي به إبليس لأتباعه ذلك سلاح حزب الشيطان.
وحزب الشيطان أناس يتربصون بالمؤمنين يحاولون ما استطاعوا أن يصدوهم عن ذكر الله، ولقد أخبرنا الله جل جلاله بذلك في مواضع عدة من كتابه الكريم فقال سبحانه عن سخرية أعداء الله بحزب الله.
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ { [سورة البقرة: 212] .
{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ { [سورة الأعراف: 66] .
{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ {29} وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ {30} وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ {31} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ { [سورة المطففين: 29- 32] .
وانظر إلى تصوير القرآن لعداوة حزب الشيطان، وما تنطوي عليه نفوسهم ضد المؤمنين في قوله تعالى:
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفأنبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ { [سورة الحج: 72] .
وهاهنا حقيقة هامة وهي: أن العداوة التي وقعت بين آدم عليه السلام وبين إبليس هي عداوة قائمة بين إبليس وبني آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وتاريخ البشرية كله ما هو إلا مصداق لحقيقة انقسام الناس إلى فريق الهدى والرشاد وفريق الهوى والشهوة والشيطان.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ والله بما تعملون بصير { [سورة التغابن:2] .
وعلى ذلك فإنه لا التقاء بين الفريقين في الدنيا ولا في الآخرة ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(ومن سنة الله: أنه إذا أراد إظهار دينه، أقام من يعارضه فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)(1)
(1) مجموع الفتاوى (ج28/57) .
وانظر إلى عداوة قوم نوح عليه السلام له وقوم عاد وقوم صالح وشعيب وإبراهيم وموسى وعيسى ثم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم العداوة التي تقابل بها الجاهلية أهل الإيمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وإذا كان أولياء الرحمن مصرين على اتباع هدي ربهم فإن أولياء الشيطان يصرون أيضاً على التردي في حمأة الجهل والضلال، عابدين للطاغوت سواء كان هذا الطاغوت نداً يعبد أو شهوة يراد إشباعها أو جنساً أو لغة أو سلطة أو أرضاً أو دين الآباء الأولين. وصدق الله العظيم إذ يقول:
{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ { [سورة البقرة: 257] .
أما حزب الرحمن فهم (الذين ينتمون إليه سبحانه، ويستظلون برايته، ويتولونه ولا يتولون أحداً غيره، وهم أسرة واحدة وأمة واحدة من وراء الأجيال والقرون، ومن وراء المكان والأوطان ومن وراء القوميات والأجناس، ومن وراء الأرومات والبيوت)(1) .
وقد جاء الدين الإسلامي بفيصل التفرقة بين الحق والباطل، وبين الإسلام والجاهلية فلم يجعل التقاء الناس على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو التراب كما تفعل ذلك الجاهليات القديمة والحديثة على سواء- بل جعل التقاء الناس على العقيدة في الله، وجعل المفاضلة بينهم بالعمل الصالح قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
(1) في ظلال القرآن (ج1/413) .
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ { [سورة الحجرات: 13] .
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أبيض، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى. كلكم لآدم وآدم من تراب)(1) .
وقال أيضاً: إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي أو فاجر شقي) (2) . ولقد تبرأ المصطفى صلى الله عليه وسلم من أقرباء له ليسوا على دينه، ليضع من نفسه قدوة للمؤمنين فقال فيما رواه عمرو بن العاص رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهاراً من غير سر (إن آل فلان - أناس من أقاربه - ليسوا لي بأولياء، وإنما ولي الله وصالح المؤمنين) متفق عليه) (3) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا)(4) وهذا موافق لقوله تعالى:
{َإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ { [سورة التحريم: 4] .
من هنا: كان المؤمنون هم أولياء الله لأنهم استجابوا لما أراد الله فتلقوا منه وحده، وعبدوه وحده، وخافوه وحده. بعكس الفريق الثاني فإنهم كلما دعاهم رسول من رسل الله قالوا
{بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ
(1) مسند الإمام أحمد (ج5/411) عن أبي نضرة وإسناده صحيح إلا أنه مرسل لأن أبا نضرة ليس صحابياً.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
صحيح البخاري كتاب الأدب (ج10/419 ح 5990) ومسلم في الإيمان (1/197 ح 215) .
(4)
مسند أحمد: (ج5/235) وهو حديث صحيح. انظر تخريج كتاب فقه السيرة للغزالي (ص485) وصحيح الجامع الصغير (ج2/181 ح 2008) .
كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ { [سورة البقرة: 170] .
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ { [سورة المائدة: 104] .
ومن صفات أولياء الرحمن: الاستجابة والانقياد لحكم الله وشرعه واتباع أمره قال تعالى:
{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ { [سورة النور: 51] .
أما أولياء الشيطان: فمن سماتهم الاعراض عن حكم الله وشرعه، واتباع الهوى والشيطان قال تعالى:
{ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع ورعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين { [سورة النساء: 46] .
وقال
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ { [سورة السجدة: 22] .
يقول العلامة ابن القيم:
(كل من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرض عن متابعته، وحاد عن شريعته، ورغب عن ملته، واتبع غير سنته، ولم يتمسك بعهده، ومكن الجهل من نفسه، والهوى والفساد من قلبه، والجحود والكفر من صدره، والعصيان والمخالفة من جوارحه فهو ولي الشيطان)(1) .
ومن سمات أولياء الشيطان أنهم:
(إذا جاء الحق معارضاً في طريق رياستهم طحنوه، وداسوه بأرجلهم، فإن عجزوا عن ذلك دفعوه دفع الصائل، فإن عجزوا عن ذلك حبسوه في الطريق، وحادوا عنه إلى طريق أخرى، وهم مستعدون لدفعه بحسب الإمكان، فإن لم يجدوا منه بداً أعطوه السكة والخطبة، وعزلوه عن التصرف والحكم والتنفيذ، وإن جاء الحق ناصراً لهم، وكان لهم صالوا به وجالوا، وأتوا إليه مذعنين لا لأنه حق بل لموافقته غرضهم وأهوائهم،
{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ {48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ {49} أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ { (2)[سورة النور 48-50] .
(1) هداية الحيارى: (ص7) .
(2)
مدارج السالكين (ج1/53) .