الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني؟ أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك) (1) . ثم رجع إلى مكة.
وعلى الدعاة أن يقفوا طويلاً عند قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي) فإن هم الداعية المسلم هو رضاء الله وكفى. ثم بعد ذلك ليكن ما يكون من أمر الناس فإن ذلك ليس كبير حسبان طالما أن الغاية هي رضاء الله.
بر الأقارب المشركين
ومن خلال تتبع القرآن المكي نجد أنه رغم قطع الولاء سواء في الحب أو النصرة بين المسلم وأقاربه الكفار فإن القرآن أمر بعدم قطع صلتهم وبرهم والإحسان إليهم ومع ذلك فلا ولاء بينهم.
قال تعالى:
{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فأنبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ { [سورة العنكبوت: 8] .
(1) السيرة لابن هشام (2/60) والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/35) ونسبة للطبراني وقال: (فيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة وبقية رجاله ثقات) وحكم عليه الألباني في تخريج فقه السيرة للغزالي (ص132) بالضعف. لكن ألفاظ الحديث ينقدح منها نور مشكاة النبوة.
قال البغوي: إن هذه الآية وآية 15 من سورة لقمان وهي قوله تعالى:
{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فإنبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {
نزلت في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأمه حمنة بنت أبي سفيان، فقد كان سعد من السابقين الأولين للإسلام، وكان باراً بأمه.
قالت له أمه: ما هذا الدين الذي أحدثت؟ والله لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه، أو أموت فتعير بذلك أبد الدهر، يقال: يا قاتل أمه! ثم إنها مكثت يوماً وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل، فأصبحت قد جهدت ثم مكثت يوماً آخر وليلة لم تأكل ولم تشرب، فجاء سعد إليها وقال: يا أماه: لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، فكلي وإن شئت فلا تأكلي، فلما أيست منه أكلت وشربت، فأنزل الله هذه الآية وأمره بالبر بوالديه، والإحسان إليهما، وعدم طاعتهما في الشرك لأنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)(1) .
لذلك فالولاء لله ودينه والمؤمنين شيء لا طاعة لمخلوق في مخالفته، وبر القريب المشرك شيء. قد يكون من باب تأليفه وترغيبه في الإسلام.
(1) تفسير البغوي (5/188) وانظر أسباب النزول للواحدي، (ص195) فقد ذكر نحو هذا والحديث:(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) حديث صحيح انظر مشكاة المصابيح (2/1092 ح3696) .