الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السياسة. وقد أصدر كتاب (أم القرى) سنة 1889 م. وورد في هذا الكتاب آراء لم تخل من إشارات مريبة إلى موالاة الدول الأوربية المستعمرة حيث قال فيما قال: " وكفتح أبواب حسن الطاعة للحكومات العادلة والاستفادة من إرشاداتها وإن كانت غير مسلمة، وسد أبواب الانقياد المطلق ولو لمثل عمر بن الخطاب "(1) .
أما الشيخ
محمد عبده
فكما يقول عنه الأستاذ غازي التوبة: قد تجاوز تعاونه مع الإنجليز المحتلين لمصر إلى التعاون مع الجواسيس المستشرقين في انكلترا نفسها، حيث تتضح ثقتهم المطلقة به، وتعاونه البعيد معهم في الرسالتين المبعوثتين إلى "المستر بلنت" جواباً على سؤال الأخير عن رأي المفتي في الحالة السياسية الجديدة في مصر، وعن رأيه في الدستور المناسب لمصر. وقد أورد محمد رشيد رضا نص الرسالتين في الجزء الأول من تاريخه ص 899 - 902 وورد في الرسالة الثانية الفقرة الثالثة قوله (إذا فرض إن كان بعض الوزراء من الانكليز وكان لهم مرؤوسون من المصريين فإنه ينبغي أن يعطى هؤلاء المرؤوسون المصريون أو الوزراء الثانويون سلطة تسمح لهم بأن يفصلوا في جميع المسائل المختصة بالدين وما أشبه ذلك تحت مراقبة الوزراء الأصليين بحيث لا يكون الموظفون المصريون مجرد ألعوبة في أيديهم كما هو الحال الآن)(2) . وهذا هو رأي الشيخ الذي نعت بمصلح العصر.
أما
عباس محمود العقاد
فيقول في كتابه: " التفكير فريضة إسلامية" ما الذي يمنع المسلم أن يعمل للديموقراطية أو يعمل للاشتراكية. أو يعمل للوحدة العالمية؟
وما الذي يمنع المسلم من أحكام دينه أن يقبل مذهب التطور أو يقبل الوجودية في صورتها المثلى؟
إلى أن قال: إن عقيدة المسلم لا تمنعه من أن يكون اشتراكياً (3) . وأنا أعلم مثل ما علم غيري أن هذا الكلام قد يقابل بالاستنكار والاستغراب لأنه خلاف
(1) انظر كتاب أزمة العصر للدكتور محمد محمد حسين (18 - 20) حول هذا الموضوع.
(2)
الفكر الإسلامي المعاصر. دراسة وتقويم (35 - 37) .
(3)
موسوعة العقاد (5/958) وانظر الفكر الإسلامي لغازي التوبة (ص 171) .
المعهود ولكن أقول ما قاله الأستاذ الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله في كتابه القيم "الإسلام والحضارة الغربية" حيث قال: (نحن حين ندعو إلى إعادة النظر في تقويم الرجال لا نريد أن ننقص من قدر أحد، ولكننا لا نريد أن تقوم في مجتمعنا أصنام جديدة معبودة لأناس يزعم الزاعمون أنهم معصومون من كل خطأ، وأن أعمالهم كلها حسنات لا تقبل القدح والنقد، حتى أن المخدوع بهم والمتعصب لهم والمروج لآرائهم ليهيج ويموج إذا وصف أحد الناس إماماً من أئمتهم بالخطأ في رأي من آرائه، في الوقت الذي لا يهيجون فيه ولا يموجون حين يوصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يقبلون أن يوصف به زعماؤهم المعصومون فيقبلون أن يوصم سيف الإسلام خالد بن الوليد بأنه قتل مالك بن نويرة في حرب الردة طمعاً في زوجته، ويرددون ما شاع حول ذلك من أكاذيب. ويقبلون أن يلطخ تاريخ ذي النورين عثمان بن عفان بما ألصقه به، ابن سبأ اليهودي من تهم.. يقبلون ذلك كله ثم يرفضون أن يمس أحد أصنامهم بما هو أيسر منه، ويحتمون بحرية الرأي في كل ما يخالفون به إجماع المسلمين، ويأبون على مخالفيهم في الرأي هذه الحرية. يخطئون كبار المجتهدين من أئمة المسلمين ويجرحونهم بالظنون والأوهام ويثورون لتخطئة ساداتهم أو تجريحهم بالحقائق الدامغة)(1) .
إننا لا بد أن نقول للمخطىء أنت مخطىء وللمصيب نقول: أحسنت وبارك الله فيك. لذا فإن انزلاق هؤلاء العلماء. أو غيرهم في قضية موالاة الكفار أو التساهل معهم في بعض الأمور بغير دليل شرعي أمر يرفضه الإسلام ويأباه لأن موضع القدوة لنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأجلاء وسلفنا الصالح وكفى. وليس من حق فرد - كائناً من كان - أن يجعل من آرائه وعلمه سلما يرتقي عليه الموالون للكفار، ثم يزعم بعد هذا أنه داعية إسلامي، أو مصلح عظيم!!
(2)
أما الصنف الثاني: فهم الذين صنعهم الاستعمار على عينه، ورباهم تربية أوربية خالصة في التفكير والسلوك من أجل أن يكونوا أداة للتقريب بين المسلمين وبين المستعمر الأوربي.
(1) الإسلام والحضارة الغربية (ص50) .