الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمكين والنصر فيقول:
{وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { [سورة الأنفال: 26] .
وسيبقى هذا الوعد بالتمكين ما دام المسلمون ملتزمون بالشرط وهو عبادته وحده لا شريك له.
نبذة تاريخية
لما أذن الله بالهجرة: خرج المسلمون إلى المدينة زرافات ووحداناً، ولم يبق بمكة منهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي حيث أقاما بأمر منه صلى الله عليه وسلم إلا من احتبسه المشركون كرهاً.
ولما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزوا، وخرجوا وساقوا الذرارى والأطفال والأموال إلى المدينة، وعرفوا أنها دار منعة، وأن أهلها أهل حلقة وشوكة وبأس: خافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ولحوقه بهم حيث سيشتد أمره وتقوى شوكته، فلذلك اجتمعوا في دار الندوة ولم يتخلف أحد من أهل الرأي والحجا منهم ليتشاوروا في أمره.
وخرجوا من ذلك الاجتماع برأي واحد: وهو أن يقوم من كل قبيلة شاب ثم يضربوه ضربة رجل واحد ليتفرق دمه في القبائل.
ولكن حماية الله ونصرته لنبيه صلى الله عليه وسلم أكبر من مكر أولئك المجرمين، فقد نزل جبريل عليه السلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم يأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه صاحبه الأمين أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وبقي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث نام تلك الليلة في فراش المصطفى صلى الله عليه وسلم. وينتهي الأمر بخسارة وذلة (الملأ) من قريش (1) .
ووصل المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى دار الهجرة، دار النصرة والمنعة، حيث وجد "أنصار الله" فكانت هذه الهجرة نصراً للمؤمنين المهاجرين الذين وجدوا من يؤويهم وينصرهم ويشاركهم الأموال والمساكن وحتى الأزواج!! وكانت نصراً أيضاً للأنصار حيث قُضي على الأحن والأحقاد الجاهلية بين أوسهم وخزرجهم، وعلى كيد اليهود الذين كانوا يشيعون بينهم الفرقة والفتنة.
وكان أول عمل قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة هو بناء المسجد. لينطلق منه النداء الرباني "الله أكبر الله أكبر" وليكون هذا المسجد الطاهر هو الملتقى التربوي للأمة المسلمة يتلقون فيه وحي الله عن رسول الله، ويتعلمون أمور دينهم، وهذا المسجد هو أيضاً مكان القيادة العسكرية الإسلامية التي انطلقت في سبيل الله.
وبعد ذلك: (آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار آخى بينهم على المواساة، يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عز وجل:
{وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ { [سورة الأحزاب: 6] .
رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة) (2) .
إن هذه الإخوة الإيمانية هي الوشيجة العظمى، والرابطة الفريدة في علاقات البشر بعضهم مع بعض، فلقد أحس كل مؤمن - كما يقول الأستاذ محمد قطب -
(1) انظر السيرة النبوية لابن هشام (ج 2/124 - 127) وزاد المعاد (3/50 - 51) .
(2)
زاد المعاد (3/63) .