الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
الجهاد في سبيل الله
وهو من أهم مقتضيات الولاء والبراء لأنه الفاصل بين الحق والباطل وبين حزب الرحمن وحزب الشيطان والجهاد: بكسر الجيم - لغة: المشقة، يقال: جهدت جهاداً: بلغت المشقة.
وشرعاً: بذل الجهد في قتال الكفار (1) .
ويطلق أيضاً: على مجاهدة النفس والشيطان والفساق.
فأما مجاهدة النفس: فعلى تعلم أمور الدين، ثم على العمل بها ثم على تعليمها وأما مجاهدة الشيطان: فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات.
وأما مجاهدة الكفار: فتقع باليد والمال واللسان والقلب.
وأما مجاهدة الفساق: فباليد ثم اللسان ثم القلب (2) .
وقد سبق القول في الفصل الثاني من الباب الأول (أولياء الرحمن وأولياء الشيطان وطبيعة العداوة بينهما) : أن العداوة بين الفريقين أمر متأصل وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وذلك لأن المنهجين مختلفان، ويستحيل الالتقاء بينهما لأن حزب الله يريد إقامة كلمة الحق في الأرض وهيمنة الشريعة الإسلامية
(1) فتح الباري لابن حجر (6/3) .
(2)
فتح الباري لابن حجر 6/3.
على كل وضع. وحزب الشيطان يغيظه هذا المنهج فيسعى جاهداً في سحقه وإبادته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وقد تحدثنا عن البراء وقلنا: أن أبرز صوره هو الجهاد لأنه هو السبيل الوحيد للمفاصلة بين حزب الرحمن وحزب الشيطان.
وإذا رجعنا إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم: لوجدنا أن الجهاد هو الخطوة التالية للهجرة النبوية. مما يدل على أهميته في إقامة هذا الدين، وبيع المهج في سبيل الله تلبية لنداء الجهاد في سبيل الله.
ومن المعلوم: أن هذا الدين الحنيف يأمر بدعوة الناس إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة والألوهية فإذا لبوا هذا النداء فهذا هو المراد من بعثة الرسل، وإنزال الكتب وإن انتكصوا على أعقابهم فلا بد من جهادهم.
{حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه { [سورة الأنفال: 39] .
وقد سبق معنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (.. فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم)(1) .
فالدين الإسلامي يبدأ بدعوة الناس إلى الخير وجدالهم بالتي هي أحسن فإذا قامت عليهم الحجة ثم أعرضوا وجب قتالهم. وإذا كان هناك سلطان وطواغيت ترفض أن يستمع الناس للإسلام فإنه يجب بتر هذه الطواغيت من ساسها لتبلغ كلمة الإسلام للناس ثم يأتي هنا مبدأ (لا إكراه في الدين) أي إذا سيطر سلطان المسلمين على منطقة ما فإن أهلها لا يجبرون على اعتناق عقيدة الإسلام، ولكن يجب أن يخضعوا لسلطانه، فإن أسلموا فلهم ما للمسلمين وإن طلبوا البقاء على
(1) سبق تخريجه.