المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف المسلم تجاه هذه الصور: - الولاء والبراء في الإسلام

[محمد بن سعيد القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخ العلامةعبد الرزاق عفيفي

- ‌التمهيد

- ‌شروط لا إله إلا الله

- ‌الولاء والبراء من لوازم لا إله الله

- ‌الرد على من زعم أن كلمة التوحيد لفظ فقطمع بيان المذهب الصحيح في الأحاديث الواردة بخصوصها

- ‌آثار الإقرار بلا إله إلا الله في حياة الإنسان

- ‌تعليق لا بد منه

- ‌الفصل الأولتعريفه وأهميته في الكتاب والسنة

- ‌الولاء في اللغة:

- ‌ البراء في اللغة:

- ‌أهمية هذا الموضوع في الكتاب والسنةونصيبه من الدراسة والتأليف

- ‌ طريقة القرآن والسنة في غرس عقيدة (الولاء والبراء

- ‌من لوازم محبة الله اتباع رسول الله

- ‌الفصل الثاني

- ‌أولياء الرحمن وأولياء الشيطانوطبيعة العداوة بينهما

- ‌طبيعة العداوة بين الفريقين

- ‌الفصل الثالث

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء

- ‌الولاء والبراء القلبي:

- ‌موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب البدع والأهواء:

- ‌أسوة حسنة في الولاء والبراء من الأمم الماضية

- ‌أ- إبراهيم الخليل عليه السلام:

- ‌(ب) أمثلة أخرى على طريق الحق والهدى:

- ‌الفصل الخامس

- ‌الولاء والبراء في العهد المكي

- ‌الملتقى الأولوأولى خطوات الطريق

- ‌سمات العلاقة بينالمسلمين وأعدائهم في العهد المكي

- ‌بر الأقارب المشركين

- ‌كيف كانت صورة البراء في العهد المكي

- ‌لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ

- ‌فرج من الله قريب

- ‌صيغة البيعة

- ‌الفصل السادس

- ‌الولاء والبراء في العهد المدني

- ‌نبذة تاريخية

- ‌وقفة عند المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌سمات الولاء والبراء في العهد المدني

- ‌ثانياً: النفاق والمنافقون:

- ‌أ- صور البراءة من المشركين:

- ‌ب- البراء من أهل الكتاب:

- ‌ج- البراء من المنافقين:

- ‌د- قطع الموالاة مع الأقارب إذا كانوا محادين لله ورسوله:

- ‌الفصل السابع

- ‌صور الموالاة ومظاهرها

- ‌ما يقبل من الأعذاروما لا يقبل في هذه الصور

- ‌موقف المسلم تجاه هذه الصور:

- ‌الفصل الثامن

- ‌الرد على الخوارج والرافضةفي عقيدة الولاء والبراء

- ‌الفصل الأول

- ‌حق المسلم على المسلم

- ‌الفصل الثاني

- ‌الهجرة

- ‌أ- الإقامة في دار الكفر

- ‌ المراد بإظهار الدين:

- ‌ب- الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام

- ‌ الهجرة هجرتان

- ‌الفصل الثالث

- ‌الجهاد في سبيل الله

- ‌ أهداف الجهاد

- ‌حكم التجسس على المسلمين

- ‌الفصل الرابع

- ‌هجر أصحاب البدع والأهواء

- ‌كيفية مخالطة الناس

- ‌موقف المسلم من أصحاب البدع

- ‌الفصل الخامس

- ‌انقطاع التوارث والنكاح بين المسلم والكافر

- ‌الفصل السادس

- ‌النهي عن التشبه بالكفار والحرصعلى حماية المجتمع الإسلامي

- ‌أصل المشابهة:

- ‌متى تكون الموافقة ومتى تكون المخالفة

- ‌ما بين التشبه والولاء من علاقة

- ‌مثال واحد من مشابهة اليهود والنصارى(العيد)

- ‌صورة مشرقة من صورالتميز في المجتمع الإسلامي الأول

- ‌الأمكنة التي يمنع أعداء اللهمن دخولها والإقامة فيها

- ‌اعتراض وجوابه

- ‌الفصل السابع

- ‌تعامل المسلمين مع غير المسلمين

- ‌ المبحث الأول: الفرق بين الموالاة وحسن المعاملة:

- ‌(كلمة حول ما يسمى بزمالة الأديان)

- ‌الفرق بين الموالاة والمعاملة بالحسنى

- ‌ المبحث الثاني التعامل مع الكفار:

- ‌1- البيع والشراء:

- ‌2- الوقف عليهم أو وقفهم على المسلمين:

- ‌3- عيادتهم وتهنئتهم:

- ‌4- حكم السلام عليهم:

- ‌ المبحث الثالث: الانتفاع بالكفار وبما عندهم:

- ‌التقية والإكراه

- ‌متى تكون التقية

- ‌الإكراه:

- ‌شروط الإكراه

- ‌أنواع الإكراه:

- ‌الفصل الأولكيف طبق السلف الولاء والبراء

- ‌ موقف عبد الله بن عبد الله بن أبي

- ‌الفصل الثانيصورة الولاء والبراء في عصرنا الحاضر

- ‌ محمد عبده

- ‌ عباس محمود العقاد

- ‌ طه حسين

- ‌1- التربية والتعليم:

- ‌ الابتعاث

- ‌ رفاعة الطهطاوي

- ‌صورة من صورالولاء الفكري المعاصر

- ‌2- وسائل الإعلام:

- ‌3- نشر كتب المستشرقين:

- ‌4- المذاهب اللادينية:

- ‌ القومية والوطنية

- ‌الخاتمة

- ‌الإسلام طريق الخلاص وسبيل النجاة

الفصل: ‌موقف المسلم تجاه هذه الصور:

والإكراه لا ينفع أحداً فيما يتعلق بالرضى القلبي، والميل الباطني إلى الكفار لأنه غير مأذون فيه على أية حال لقوله تعالى (وقلبه مطمئن بالإيمان) ولأن الإكراه لا سلطان له على القلوب. فإنه لا يعلم ما في القلب إلا الله.

فمن والى الكفار بقلبه ومال إليهم فهو كافر على كل حال. فإن أظهر موالاته بلسانه أو بفعله عومل في الدنيا بكفره وفي الآخرة يخلد في النار، وإن لم يظهرها بفعل ولا قول وعمل بالإسلام ظاهراً عصم ماله ودمه وهو منافق في الدرك الأسفل من النار (1) .

‌موقف المسلم تجاه هذه الصور:

الولاء والبراء هو الصورة الفعلية للتطبيق الواقعي لهذه العقيدة وهو مفهوم ضخم في حس المسلم بمقدار ضخامة وعظمة هذه العقيدة. والله سبحانه وتعالى يقول:

{قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ { [سورة البقرة: 256] .

والله جل جلاله أراد للمسلم - بل للإنسان - الكرامة في هذه الأرض

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ { [سورة الإسراء: 70] .

فحين يكون ولاء المسلم لله ولدينه وحزبه المؤمنين فهو بهذا يقدر هذا التكريم

(1) انظر الإيمان للدكتور محمد نعيم ياسين (ص 147 - 148) .

ص: 248

حق قدره، ويعبد الله حق عبادته، لأنه تخلى بل وعادى كل عبودية تريد إخضاعه لسلطانها من دون الله.

أما حين ينتكس فيعبد غير الله – سواء بالشعائر أم بالشرائع أم بالطاعة والانقياد – فإنه بهذا يهبط من تلك المكانة والكرامة إلى عبودية أهواء شتى، وآراء ومذاهب تمزق عليه حياته وتضيع عليه آخرته، فيعيش شقياً – وإن زعم أنه سعيداً – ذلك أن مقياس السعادة والشقاوة، في التصور الإسلامي نابع من عبادة الله وحده وتحكيم شرعه والخلوص له، أو عكس ذلك: عبادة الطاغوت والهوى والشهوة وتلك هي دركات الشقاء التي يعيش فيها كل من أعرض عن هدى الله ودينه.

وموالاة غير المؤمنين – فضلاً عن أنها ردة وعصيان لله سبحانه – هي مصدر التذبذب والفصام النكد في حياة فاعلها، لأنه لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وفي هذا العصر الذي اختلطت فيه المفاهيم، واضطربت فيه الآراء، وخلط الحق بالباطل بل أقصي الحق ورفعت شارة الباطل: أين يقف المسلم؟ أين يكون ولاؤه ولمن يكون وهو يرى الكفر الصريح معلناً ومنفذاً في حياة الناس ثم يوضع لذلك (لافتة بسيطة) إن هذا لا يتعارض مع الإسلام؟ ومثال ذلك من يدين بالاشتراكية أو الديمقراطية أو العلمانية أو القومية أو الشيوعية ثم يقال: هذا لا يعارض الإسلام لأنه علاقة بين العبد وربه. لمن يكون ولاء المسلم وهو يرى شرع الله مبعداً من الأرض ومحارباً، ثم يستورد القانون البشري ليكون هو دستور الناس في حياتهم ومنهج مسيرتهم ويقال، إن هذا لا يعارض الإسلام لأن التشريع الإسلامي – سواء قيلت بلسان الحال أو المقال، - لم يعد مسايراً لركب الحضارة والتطور؟!

لمن يكون ولاء المسلم وهو يرى المنافقين يتمسحون باسم الإسلام وهم في الحقيقة أخطر على الدين من أعدائه الصرحاء؟

هذه أسئلة وأسئلة غيرها كثيرة.. والإجابة عليها تكمن في الحقيقة التالية: إنه لا يمكن للمسلم أن يكون ولاؤه لله ولدينه وللمؤمنين خالصاً إلا إذا كان مدركاً

ص: 249

لحقيقة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) متمثلاً لها، مدركاً مدلولها ومعناها عارفاً بمقتضياتها ولوازمها.

ثم علمه بالجاهلية والشرك والكفر والردة والنفاق حتى لا يكون مصيدة للوقوع في هذا الشر. لأنه لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية.

ثم علمه بحقيقة الولاء والبراء في المفهوم الإسلامي الصحيح وهو: أن الولاء والحب والنصرة للمؤمنين من أي جنس كانوا وبأي لغة نطقوا وفي أي مكان حلوا، لأنه لا يؤمن بما تؤمن به الجاهليات من لوثة الدم ونتن العرق وخسة التراب.

فهو مع إخوانه المؤمنين بقلبه ولسانه وماله ودمه، يألم لألمهم ويفرح لفرحهم وبغضه وبراءه لجميع أعداء الله سواء كانوا كفاراً أصليين أم مرتدين أم منافقين وموقفه منهم: الجهاد بالنفس والمال والقلم واللسان وكل ما أوتي من طاقة وعلى حسب جهده وطاقته.

إن هذه الحقيقة هي التي – إذا أدركها المسلم وعمل بها يستطيع بها أن يحدد موقعه من كل صورة من الصور السابقة وغيرها، فيعرف من يوالي ومن يعادي، وماذا يريد الإسلام منه وماذا يريد للإسلام من أعدائه.

وهو بهذا يكون مسلماً واعيًاً بعزة الله غير واهن ولا حزين لأن الله معه وهو القائل:

{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (1)[سورة آل عمران: 139] .

ومن كان الله معه فلن تضيره أن تجتمع البشرية بكاملها لأن تضره فهي بمجموعها لا تستطيع ذلك إلا إذا كان الله يريد له ذلك وإلا فهي أعجز من أن تنال منه شيئاً بسيطاً بغير قدر الله وإرادته.

(1) حبذا مراجعة كتاب (هل نحن مسلمون)(ص47) .

ص: 250