الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هذا الصنف
طه حسين
الذي يقول في كتابه مستقبل الثقافة في مصر: (لكن السبيل إلى ذلك - أي الرقي - ليست في الكلام يرسل إرسالا، ولا في المظاهر الكاذبة والأوضاع الملفقة، وإنما هي واضحة بينة ومستقيمة ليس فيها عوج ولا التواء، وهي واحدة فذة ليس لها تعدد، وهي: أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره وما يحمد منها وما يعاب (1) .
وما دام أننا عرفنا هدف أعدائنا بصورة عامة، ووقفنا على حقيقة بعض مواقف المخدوعين بهم: فإنه لحري بنا أن نعرف بعض تفاصيل خططهم ووسائلهم التي منها:
1- التربية والتعليم:
العلم كما يقال - سلاح ذو حدين، ومن هذا المنطلق أدرك أعداء الله من جميع الكفار أن صخرة العقيدة الإسلامية لا يمكن النيل منها عن طريق القوة والسلاح فهي قد أدمتهم كثيراً، ولا يستطيعون الصمود أمام هتاف المجاهدين الصادقين في سبيل الله، ولذلك لجأوا إلى وسيلة أخرى هي أخبث في التأثير وأشد في الدهاء. وهذه الوسيلة هي غزو مناهج التربية والتعليم في العالم الإسلامي بأفكار ونظريات وشبهات وشكوك يضفي عليها - كذباً وبهتاناً - ثوب التجرد العلمي، والبحث العلمي!! وسلك أعداء الإسلام في هذا سبيلين: الأول: السيطرة على التعليم في الداخل والثاني عن طريق الابتعاث إلى الدول الكافرة.
فأما الأمر الأول فيقول عنه القس زويمر الذي أوردنا صدر كلمته سابقاً يقول أيضاً (.. لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر من ثلث القرن التاسع
(1) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر (2/229) طبعة بيروت والفكر الإسلامي للتوبة (ص104) .
عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية المستقلة أو التي تخضع للنفوذ المسيحي أو التي يحكمها المسيحيون حكماً مباشراً، ونشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير المسيحي والكنائس والجمعيات وفي المدارس الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوربية والأمريكية وفي مراكز كثيرة ولدى شخصيات لا تجوز الإشارة إليها الأمر الذي يرجع الفضل فيه إليكم أولاً وإلى ضروب كثيرة من التعاون بارعة باهرة النتائج، وهي من أخطر ما عرف البشر في حياته الإنسانية كلها. إنكم أعددتم بوسائلكم جميع العقول في الممالك الإسلامية إلى قبول السير في الطريق الذي مهدتم له كل التمهيد (إخراج المسلم من الإسلام) إنكم أعددتم نشئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي: جاء النشئ الإسلامي طبقاً لما أراده له الاستعمار، لا يهتم بالعظائم ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع فللشهوات، وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات يجود بكل شيء (1) .
أجل صدق هذا القس وهو كافر أن هناك جيلاً تربى على ثقافة الغرب فخرج لا يعرف الصلة بالله أبداً.
وانطلاقاً من مبدأ هذا الصليبي الحاقد قام "اللورد كرومر" - المعتمد البريطاني في مصر أيام الاحتلال - بإنشاء كلية فكتوريا حيث قصد بها تربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا من بعدهم أدوات المستعمر الغربي في إدارة شؤون المسلمين (2) .
وجاء "دنلوب" المتخرج من كلية اللاهوت البريطانية ليرسم سياسة التعليم في مصر، حيث وضع مناهج كفيلة بإخراج النماذج التي عناها القس زويمر (لا تعرف الصلة بالله) .
ومصداق ذلك أن درس الدين لا يدرس منه إلا نتف يسيرة مثل: إن
(1) جذور البلاء (ص 276) .
(2)
الإسلام والحضارة الغربية للدكتور محمد محمد حسين (ص 46)