الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمودتهم وموالاتهم التي نهى الله عنها.
قال الشافعي رحمه الله: يمنعون من الحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة وقراها. أما غير الحرم منه فيمنع الكتابي وغيره من الاستيطان والإقامة به، وله الدخول بإذن الإمام لمصلحة كأداء رسالة أو حمل متاع يحتاج إليه المسلمون: وإن دخل لتجارة ليس فيها كثير حاجة لم يأذن له إلا بشرط أن يأخذ من تجارته شيئاً، ولا يمكن من الإقامة أكثر من ثلاث (1) . وعقب ابن القيم رحمه الله على كلام الشافعي بقوله: أما حرم مكة فإنهم يمنعون من دخوله بالكلية فلو قدم رسول لم يجز أن يأذن له الإمام في دخوله، ويخرج الوالي أو من يثق به إليه، وأما حرم المدينة فلا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو حمل متاع (2) .
اعتراض وجوابه
إن قيل: إن الله سبحانه إنما منع المشركين من قربان المسجد الحرام ولم يمنع أهل الكتاب منه، ولهذا أذن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحج الأكبر أنه لا يحج بعد العام مشرك. والمشركون الذين كانوا يحجون هم عبدة الأوثان لا أهل الكتاب؟ (3) .
والجواب: للناس قولان في دخول أهل الكتاب في لفظ المشركين: " فابن عمر رضي الله عنهما وغيره كانوا يقولون: هم من المشركين، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لا أعلم شركاً أعظم من أن يقول المسيح ابن الله وعزير ابن الله، وقد قال الله فيهم:
{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلَاّ لِيَعْبُدُواْ
(1) أحكام أهل الذمة (1/184) وقارن بالأموال لأبي عبيد (ص90) .
(2)
أحكام أهل الذمة (1/185) .
(3)
المصدر السابق (ج1/188) .
إِلَهًا وَاحِدًا لَاّ إِلَهَ إِلَاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ { [سورة التوبة: 31] .
والثاني لا يدخلون في لفظ "المشركين" لأن الله سبحانه جعلهم غيرهم في قوله:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ { [سورة البقرة: 62] .
" قال ابن تيمية: والتحقيق: أن دينهم دين التوحيد فليسوا من المشركين في الأصل، والشرك طارىء عليهم فهم منهم باعتبار ما عرض لهم لا باعتبار أصل الدين، فلو قدر أنهم لم يدخلوا في لفظ الآية دخلوا في عمومها المعنوي وهو كونهم نجساً والحكم يعم بعموم علته.
"وجميع الصحابة والأئمة فهموا من قوله " فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " إن المراد مكة كلها والحرم ولم يخص ذلك أحد منهم بنفس المسجد الذي يطاف فيه. ولما نزلت هذه الآية كانت اليهود بخيبر وما حولها ولم يكونوا يمنعون من المدينة "(1)
(1) المصدر السابق (ج1/189) .