الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَطْلَقَتْ فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ. . بَطَلَ، وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ. قُلْتُ: الأَظْهَرُ: صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الصُّورَتَيْنِ بمَهْرِ الْمِثْلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ [في التفويض]
قَالَتْ رَشِيدَةٌ: (زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ)، فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ. . فَهُوَ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ،
===
أطلقت، فنقص عن مهر مثل. . بطل) لأن الإذن المطلق محمول على مهر المثل؛ فكأنها قيدت به، (وفي قول: يصح بمهر المثل) إذ ليست المخالفة صريحة، ولو زوجها بلا مهر. . فالقولان، وديل: يبطل قطعًا، وهذا الخلاف والترجيح ذكره الخراسانيون، وجرى عليه الرافعي، (قلت: الأظهر: صحة النكاح في الصورتين بمهر المثل، والله أعلم) كما في سائر الأسباب المفسدة للصداق، وهذا ما قطع به العراقيون، ونصَّ الشافعي في "الأم" في مواضع على ما يوافقه (1).
* * *
(فصل: قالت رشيدة: "زوجني بلا مهر"، فزوَّج ونفى المهر أو سكت) عن ذكر المهر (. . فهو تفويض صحيح) لأن حقيقته إخلاء النكاح عن المهر، وقد وجد، وحكم التفويض الصحيح: أنه لا يجب شيء بالعقد، والفاسد: أنه يجب مهر مثل بالعقد، وسيأتي حكمه.
وظاهره: أنها لو قالت: (زوجني) وسكتت عن المهر. . فليس بتفويض، وهو ما رجحه في "الشرح الصغير"؛ لأن النكاح يعقد بالمهر غالبًا، فيحمل مطلق الإذن عليه، وقيل: هو تفويض صحيح، ونصَّ عليه في "الأم"، وصوبه في "المهمات" وقال: إنه المفتى به (2)، وليس في "الروضة" و"أصلها" ترجيح (3)، وقضية إطلاق المصنف نفي المهر: أنها لو قالت: (زوجني بلا مهر في الحال ولا عند الدخول،
(1) الأم (6/ 180).
(2)
الأم (6/ 174)، المهمات (7/ 190).
(3)
الشرح الكبير (8/ 275)، روضة الطالبين (7/ 280).
وَكَذَا لَوْ قَالَ سَيِّدُ أَمَةٍ: (زَوَّجْتُكَهَا بلَا مَهْرٍ). وَلَا يَصِحُّ تفوِيضُ غَيْرِ رَشِيدَةٍ. وَإِذَا جَرَى تفوِيضٌ صَحِيحٌ. . فَالأَظْهَرُ: أنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَطِئَ. . فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَيُعْتبَرُ بِحَالِ الْعَقْدِ فِي الأَصَحِّ.
===
ولا غيره) فزوجها. . يكون تفويضًا صحيحًا، وهو أحد وجهين بلا ترجيح، والثاني: أنه تفويض فاسد.
ولو عبر المصنف بمطلقة التصرف. . لكان أولى، إذ الأصح: أنها لو سفهت ولم يحجر عليها. . كانت كرشيدة في التصرف.
(وكذا لو قال سيد أمة: "زوجتكها بلا مهر") لأنه المستحق للمهر، فأشبه الرشيدة، فظاهر كلامه: أنه لو سكت عن ذكر المهر لا يكون تفويضًا، وليس كذلك؛ كما حكاه الرافعي عن الأصحاب، ونص عليه في "الأم"، وفرق ابن الرفعة بين هذا وبين ما إذا سكتت الحرة عن المهر، وقلنا: لا يكون تفويضًا؛ فإن المرأة إذا أطلقت الإذن. . جاز أن يحمل على أن الولي يذكر المهر، فلذلك لم يجعل تفويضًا، ولا كذلك السيد فإنه لم يكن له تحليفه، فعُدَّ تفويضًا.
(ولا يصح تفويض غير رشيدة) لأن التفويض تبرع.
نعم؛ يستفيد الولي من السفيهة بذلك الإذن في النكاح، ويلغو فيما يرجع إلى المهر.
(وإذا جرى تفويض صحيح. . فالأظهر: أنه لا يجب شيء بنفس العقد) إذ لو وجب به لتشطر بالطلاق قبل الدخول؛ كالمُسمَّى، وقد دلَّ القرآن على أنها لا تستحق إلا المتعة، والثاني: يجب؛ لأنه لو لم يجب. . لما استقر بالموت.
(فإن وطئ. . فمهو مثل) لأن البضع لا يتمحض حقًّا للمرأة بل فيه حق لله تعالى؛ بدليل أنه لا يباح بالإباحات، فيصان عن التصوير بصورة المباحات.
نعم؛ يستثنى: ما لو نكحها في الكفر تفويضًا، ثم أسلما ووطئ. . فلا مهر إن اعتقدوا أن لا مهر لها بحال.
(ويعتبر) مهر المثل (بحال العقد في الأصح) لأنه الذي اقتضى الوجوب عند الوطء، وهذا ما صححه في "المحرر" و"الشرح الصغير"(1)، والثاني:
(1) المحرر (ص 312).
وَلَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِأَنْ يَفْرِضَ مَهْرًا، وَحَبْسُ نَفْسِهَا لِيَفْرِضَ، وَكَذَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ فِي الأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ لَا عِلْمُهَا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الأَظْهَرِ.
===
بحال الوطء؛ لأنه وقت الوجوب.
قال في "العجالة": وهذا ما صححه في "الروضة" تبعًا للرافعي. انتهى (1)، وهو وهم، بل الأظهر في "الروضة" و"أصلها": وجوب أكثر مهر من العقد إلى الوطء (2)، فلو كان يوم الوطء أكثر. . اعتبر؛ لأنه لما دخل البضع في ضمانه وأقترن به إتلاف. . وجب الأقصى؛ كالمقبوض بالبيع الفاسد.
(ولها قبل الوطء مطالبة الزوج بأن يفرض مهرًا) لتكون على بصيرة من تسليم نفسها، (وحبس نفسها ليفرض) لما ذكرناه (وكذا لتسليم المفروض في الأصح) كما لها ذلك في المُسمَّى في العقد، والثاني: لا، لأنها سامحت بالمهر فكيف تضايق بتقديمه؟ وحكاه الإمام عن الأصحاب (3)، ولا تصحيح في "الشرحين".
نعم؛ صحح في "زيادة الروضة" ما في "الكتاب"(4).
(ويشترط رضاها بما يفرضه الزوج)(5) لأن الحق لها؛ فإن لم ترض به. . فكأنه لم يفرض، (لا علمها بقدر مهر المثل في الأظهر) هذا الخلاف مبني على أنها ملكت بالعقد أن تملك مهر المثل، أو مهرًا يتقدر بالفرض؛ فإن قلنا: بالأول وهو الجديد. . فلا بد من العلم به، وإلا. . فلا، وقضية البناء: ترجيح الاشتراط، وهو المنصوص في "الأم" و"المختصر" و"البويطي"(6)، والخلاف فيما قبل الدخول، أما بعده. . فلا يصح تقديره إلا بعد علمها بقدره قولًا واحدًا؛ لأنه قيمة مستهلك، قاله الماوردي (7).
(1) عجالة المحتاج (3/ 1300).
(2)
الشرح الكبير (7/ 277)، روضة الطالبين (7/ 281).
(3)
نهاية المطلب (13/ 114).
(4)
الشرح الكبير (8/ 279)، روضة الطالبين (7/ 283).
(5)
في (ز) و (و) زيادة: (إذا فرض دون مهر المثل).
(6)
الأم (6/ 179)، مختصر المزني (ص 181).
(7)
الحاوي الكبير (12/ 112).
وَيَجُوزُ فَرْضُ مُؤَجَّلٍ فِي الأَصَحِّ، وَفَوْقَ مَهْرِ مِثْلٍ، وَقِيلَ: لَا إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ. وَلَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْفَرْضِ أَوْ تنَازَعَا فِيهِ. . فَرَضَ الْقَاضِي نَقْدَ الْبَلَدِ حَالًّا. قُلْتُ: ويفْرِضُ مَهْرَ مِثْلٍ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ مِنْ مَالِهِ فِي الأَصَحِّ.
===
(ويجوز فرض مؤجل في الأصح) بالتراضي؛ كما يجوز تأجيل المُسمَّى ابتداءً، والثاني: المنع؛ لأنه لا مدخل للأجل في الأصل، وهو مهر المثل فكذا بدله.
(وفوق مهر مثل) سواء أكان من جنسه أم لا؛ للتراضي، (وقيل: لا إن كان من جنسه) لأن مهر المثل هو الأصل، فلا يزاد البدل عليه.
وقضيته: أنه لو كان من غير جنسه. . جاز قطعًا، وهو كذلك، فلو عيَّن عوضًا تزيد قيمته على مهر المثل. . فلا خلاف في جوازه؛ لأن القيمة ترتفع وتنخفض فلا تتحقق الزيادة.
(ولو امتنع من الفرض أو تنازعا) أي: الزوجان (فيه) أي: في قدر المفروض (. . فرض القاضي) لأنه نائبه؛ فصلًا للخصومة (نقد البلد حالًّا) وإن رضيت بالتأجيل؛ كقِيَم المُتْلفات؛ لأن منصب القاضي يقتضي ذلك.
(قلت: ويفرض مهر مثل) بلا زيادة ولا نقص؛ لأنه قيمة البضع، ودفعًا للضرر من الجانبين.
نعم؛ تُغتفر الزيادة والنقص اليسير الواقع في الاجتهاد.
(ويشترط علمه به، والله أعلم) أي: يشترط علم القاضي بقدر مهر المثل حتى لا يزيد عليه ولا ينقص؛ لأنه متصرف على غيره بغير إذن.
(ولا يصح فرض أجنبي من ماله في الأصح) لأنه تغيير لما يقتضيه العقد، فلا يليق بغير المتعاقدين إلا بوكالة أو نيابة، والثاني: يصح؛ كما يؤدى الصداق عنه بغير إذنه، وكلام المصنف والغزالي يقتضي جريان الخلاف في إصداق الدين والعين (1)، قال صاحب "المطلب": وكلام العراقيين يقتضي: تخصيصه بالعين، وهو أقيس؛ لأن الدين لا يقبل أن يدخله في ملك الزوج حتى يقع عنه، بخلاف العين.
(1) الوجيز (ص 360).