المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في الشك في الطلاق] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [في الخطبة]

- ‌فصلٌ [في أركان النكاح وغيرها]

- ‌فصلٌ [فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية للنكاح]

- ‌فصلٌ [في الكفاءة]

- ‌فصلٌ [في تزويج المحجور عليه]

- ‌بابُ ما يحرُم من النِّكاح

- ‌فصلٌ [في نكاح من فيها رق وتوابعه]

- ‌فصلٌ [في حل نكاح الكافرة وتوابعه]

- ‌بابُ نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة]

- ‌فصلٌ [في مؤنة المسلمة أو المرتدة]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فَصْلٌ [في الإعفاف]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌فَصْلٌ [في بيان أحكام الصداق المسمى الصحيح والفاسد]

- ‌فَصْلٌ [في التفويض]

- ‌فَصْلٌ [في بيان مهر المثل]

- ‌فَصْلٌ [في تشطير المهر وسقوطه]

- ‌فَصْلٌ [في المتعة]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف في المهر والتحالف فيما سمي منه]

- ‌فَصْلٌ [في وليمة العرس]

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌فصلٌ [في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فصلٌ [في الصيغة وما يتعلق بها]

- ‌فصلٌ [في الألفاظ الملزمة للعوض وما يتبعها]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الخلع أو في عوضه]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْلٌ [في تفويض الطلاق إليها]

- ‌فَصْلٌ [في بعض شروط الصيغة والمطلق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان محل الطلاق والولاية عليه]

- ‌فَصْلٌ [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

- ‌فَصْلٌ [في الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الشك في الطلاق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان الطلاق السني والبدعي]

- ‌فَصْلٌ [في تعليق الطلاق بالأزمنة ونحوها]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع التعليق بالحمل والولادة والحيض وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع أخرى من التعليق]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإِيلاء

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الإيلاء من ضرب مدة وما يتفرع عليها]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الظهار من وجوب كفارة وغير ذلك]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللّعان

- ‌فصلٌ [في قذف الزوج خاصة]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [في المقصود الأصلي من اللعان]

- ‌كتاب العِددَ

- ‌فصلٌ [في العدة بوضع الحمل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [في حكم معاشرة المفارق للمعتدة]

- ‌فصلٌ [في الضرب الثاني من ضربي عدة النكاح]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها]

- ‌بابُ الاسْتِبْرَاء

- ‌كتابُ الرَّضاع

- ‌فَصْلٌ [في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريمًا وغرمًا]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه]

- ‌كتابُ النَّفقات

- ‌فَصْلٌ [في موجب المؤن ومسقطاتها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤن الأقارب]

- ‌فَصْلٌ [في الحضانة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤنة المماليك وتوابعها]

الفصل: ‌فصل [في الشك في الطلاق]

وَنَذْرٍ وَكُلِّ تَصَرُّفٍ. وَلَوْ قَالَ: (يَا طَالِقُ إِنْ شَاءَ اللهُ) .. وَقَعَ فِي الأَصحِّ، أَوْ قَالَ:(أَنْتِ طَالِقٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ) .. فَلَا فِي الأَصَحِّ.

‌فَصْلٌ [في الشك في الطلاق]

شَكَّ فِي طَلَاقٍ .. فَلَا،

===

لأفعلن إن شاء الله)، (ونذر) كقوله:(لله علي كذا إن شاء الله)، (وكل تصرف) كالبيع، والإقرار، والإجارة.

وما جزم به من منع المشيئة للانعقاد حكى الرافعي في (كتاب الأيمان) فيه وجهين: أحدهما: أنها يمين منعقدة، لكن المشيئة غير معلومة، فلا نحكم بالحنث؛ للشك، والثاني: أنها ليست منعقدة أصلًا (1).

(ولو قال: "يا طالق إن شاء الله " .. وقع في الأصح) ويلغو الاستثناء؛ لأنه إنما يعتاد ويعمل في الأفعال دون الأسماء، فلا يحسن قولك:(يا أسود إن شاء الله)، والثاني: لا يقع؛ لأنه إنشاء في المعنى؛ كقوله: (طلقتك)، أو (أنت طالق).

وحاصل الخلاف: أنَّا هل نراعي الوضع في الاستثناء، أو نراعي المعنى المراد باللفظ، ونقيمه مقام الموضوع؟

(أو قال: "أنت طالق إلا أن يشاء الله" .. فلا في الأصح)(2) معناه: إلا أن يشاء الله عدم تطليقك؛ فلا يقع شيء؛ لأن المشيئة لا اطلاع لنا عليها، والثاني: يقع؛ لأنه أوقعه، وجعل الخلاص بالمشيئة، وهي غير معلومة، فلا يحصل الخلاص، وصار كما لو قال:(أنت طالق إلا أن يشاء زيد)، فمات زيد، ولم يعلم مشيئته .. فإنه يقع الطلاق، وهذا ما عليه الجمهور؛ كما قاله الأَذْرَعي.

* * *

(فصل: شك في طلاق) أي: هل تطلق أم لا؟ ( .. فلا) يقع؛ بالإجماع.

(1) الشرح الكبير (12/ 231).

(2)

فرع: لو قال: (علي الطلاق لا أفعل كذا إلا أن يسبقني القضاء والقدر)، ثم فعله، وقال:(قصدت إخراج ما قدر منه عن اليمين) .. قال ابن الصلاح في "فتاويه"[2/ 447]: لا تطلق. اهـ هامش (أ).

ص: 248

أَوْ فِي عَدَدٍ .. فَالأَقَلُّ، وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. وَلَوْ قَالَ:(إِنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا .. فَأَنْتِ طَالِقٌ)، وَقَالَ آخَرُ:(إِنْ لَمْ يَكُنْهُ .. فَامْرَأَتِي طَالِقٌ) وَجُهِلَ .. لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ، فَإِنْ قَالَهُمَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ .. طَلُقَتْ إِحْدَاهُمَا وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ. وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ جَهِلَهَا .. وُقِفَ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ إِنْ صَدَّقَتَاهُ فِي الْجَهْلِ.

===

(أو في عدد) أي: تحقق وقوع الطلاق، وشك في عدده ( .. فالأقل) لأنه اليقين، والأصل: عدم الزائد، (ولا يخفى الورع) في الصورتين: [وهو الأخذ بالأحوط، (1) فيراجع في الأولى إن كان له الرجعة، وإلا .. فيجدد نكاحها إن كان له فيها رغبة، وإلا .. فلينجز طلاقها؛ لتحل لغيره يقينًا، وفي الثانية: إن شك في أنه طلَّق ثلاثًا أو ثنتين .. لم ينكحها حتى تنكح زوجا غيره، وإن شك هل طلق ثلاثًا أم لم يطلق شيئًا؟ طلقها ثلاثًا لتستبيح نكاح غيره بيقين؛ كذا قاله الرافعي (2)، وفيه نظر؛ فإنها تحل لغيره في الصورة الثانية بأي شيء أوقعه ولو طلقة.

نعم؛ فائدة إيقاع الثلاث: أنه لو تزوجها بعد دخول الثاني بها وتطليقه إياها .. ملك عليها الثلاث بيقين.

(ولو قال: "إن كان ذا الطائر غرابًا .. فأنت طالق"، وقال آخر: "إن لم يكنه .. فامرأتي طالق"، وجهل .. لم يحكم بطلاق أحد) لأنه لو انفرد أحدهما بما قال: لم نحكم بوقوع طلاقه؛ لجواز أنه غير غراب، والأصل: بقاء النكاح، فتعليق الآخر لا يغيِّر حكمه.

(فإن قالهما رجل لزوجتيه .. طلقت إحداهما) لأنه لا بدَّ فيه من أحد الوصفين؛ إذ ليس بين النفي والإثبات واسطة، (ولزمه البحث والبيان) والامتناع عنهما إلى أن يتبيَّن الحال؛ لجواز أن يكون عنده علم منه.

(ولو طلق إحداهما بعينها ثم جهلها) بنسيان ونحوه ( .. وقف) عنهما (حتى يتذكر) وجوبًا؛ لأن إحداهما حرمت عليه بالطلاق، والأخرى بالاشتباه.

(ولا يطالب ببيان إن صدقتاه في الجهل) لأن الحق لهما، وإن كذبتاه أو بادرت

(1) ما بين المعقوفين زيادة من (ز).

(2)

الشرح الكبير (9/ 40).

ص: 249

وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلِأجْنَبيَّةٍ: (إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ)، وَقَالَ:(قَصَدْتُ الأَجْنَبيَّةَ) .. قُبِلَ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ: (زَيْنَبُ طَالِقٌ)، وَقَالَ:(قَصَدْتُ الأَجْنَبيَّةَ) .. فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: (إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً .. طَلُقَتْ، وَإِلَّا .. فَإِحْدَاهُمَا،

===

واحدة وقالت: (أنا المطلقة) .. لم يقنع منه بقوله: (نسيت)، أو (لا أدري) وإن كان قوله محتملًا، بل يطالب بيمين جازمة أنه لم يطلقها، فإن نكل .. حلفت، وقضي لها.

(ولو قال لها ولأجنبية: "إحداكما طالق"، وقال: "قصدت الأجنبية" .. قبل في الأصح) بيمينه، لأن اللفظ متردد بينهما، يحتمل لهذه، ويحتمل لهذه، فإذا قال:(عينتها) .. صار كما لو قال للأجنبية: (أنت طالق)، والثاني: لا يقبل؛ لأن ظاهر اللفظ ينصرف إلى المملوك شرعًا.

وأفهم قوله: (قصدت الأجنبية) أنه لو لم تكن له إرادة .. تطلق زوجته، ونقلاه عن "فتاوى البغوي"(1)، قال في "المطلب": وفيه نظر، لما سبق في تعليل الأصح.

(ولو قال: "زينب طالق") وهو اسم زوجته واسم الأجنبية (وقال: "قصدت الأجنبية" .. فلا) يقبل (على الصحيح) فتطلق ظاهرًا، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى.

والفرق بين هذه والصورة التي قبلها: أن قوله: (إحداكما) يتناولهما تناولًا واحدًا، ولم يوجد منه تصريح باسم زوجته، ولا وصف لها، ولا إشارة بالطلاق، وههنا صرح باسمها، والظاهر: أنه أرادها، فلذلك لم يقبل قوله، والثاني: يقبل؛ كالصورة قبلها؛ لأن التسمية محتملة، والأصل: بقاء النكاح.

(ولو قال لزوجتيه: "إحداكما طالق"، وقصد معينة .. طلقت) لأن اللفظ صالح لكل منهما، فإذا صرفه بالنية إلى واحدة .. انصرف.

(وإلا) أي: وإن لم يقصد معينة، بل أرسل اللفظ ( .. فإحداهما) لعدم النية المميزة.

(1) روضة الطالبين (8/ 102)، الشرح الكبير (9/ 42).

ص: 250

وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ فِي الْحَالَةِ الأُولَى، وَالتَّعْيِينُ فِي الثَّانِيَةِ، وَتُعْزَلَانِ عَنْهُ إِلَى الْبَيَانِ أَوِ التَّعْيِينِ، وَعَلَيْهِ الْبدَارُ بِهِمَا، وَنَفَقَتُهُمَا فِي الْحَالِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يُعَيِّنْ .. فَعِنْدَ التَّعْيِينِ،

===

(ويلزمه البيان في الحالة الأولى، والتعيين في الثانية) لتعلم المطلقة؛ فيرتب عليها أحكام الفراق، ومحل هذا: في الطلاق البائن، أما الرجعي .. فلا يلزمه فيه بيان ولا تعيين في الحال على الأصحِّ؛ لأنها زوجة.

(وتعزلان عنه إلى البيان أو التعيين) لاختلاط المحظور بالمباح (وعليه البِدار بهما) أي: بالبيان أو التعيين؛ لرفع حبسه عمن زال ملكه عنها، فلو أخر بلا عذر .. عصى وعزر، (ونفقتهما في الحال) إلى البيان أو التعيين؛ لأنهما محبوستان عليه حبس الزوجات، وإذا بيَّن أو عيَّن .. لا يسترد المصروف إلى المطلقة، قال الإمام: وهو من النوادر؛ فإنها نفقة لبائن (1).

وقوله: (في الحال) قال المنكت: لم أفهم ما أراد به (2)، وقال غيره: أشار به إلى أنها لا تؤخر إلى البيان أو التعيين؛ لأن الأصل: بقاء النكاح فيهما، فيعمل بموجبه حتى يتحقق.

(ويقع الطلاق باللفظ) جزمًا إذا قصد معينة، وكذا إن لم يقصد على الأصحِّ؛ لأن لفظ الأيقاع قد وجد منجزًا، فلا بد من الحكم بالوقوع، لكن محله غير معين، فإذا عينه .. عمل لفظ الإيقاع من حينئذ، ألا ترى أنه لا يحتاج وقت التعيين إلى لفظ إيقاع جديد.

(وقيل: إن لم يعين .. فعند التعيين) لأنه لو وقع قبله .. لوقع لا في المحل، والطلاق شيء معين، فلا يقع إلا في محل معين.

وقد يُفْهِمُ كلامه: اعتبار العدة من اللفظ أيضًا، وهو كذلك إذا قصد معينة، أما إذا لم يقصد .. فمن التعيين على الأصحِّ، وهذا في حياة الزوجتين، وسيأتي أنهما إذا ماتتا أو إحداهما .. تبقى المطالبة بالتعيين؛ لبيان الإرث، وحينئذ فإن أوقعنا الطلاق

(1) نهاية المطلب (14/ 249).

(2)

السراج (6/ 360).

ص: 251

وَالْوَطْءُ لَيْسَ بَيَانًا وَلَا تَعْيِينًا، وَقِيلَ: تَعْيِينٌ. وَلَوْ قَالَ مُشِيرًا إِلَى وَاحِدَةٍ: (هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ) .. فَبَيَانٌ،

===

باللفظ .. فذاك، وإن أوقعنا بالتعيين .. فلا سبيل إلى إيقاع طلاق بعد الموت، فلا بدَّ من إسناده، للضرورة، وإلى ما يسند؟ وجهان: أصحهما عند الإمام: إلى وقت اللفظ (1)، فيرتفع الخلاف، وأرجحهما عند الغزالي: إلى قبيل الموت.

(والوطء ليس بيانًا) للتي قصدها؛ لأن الطلاق لا يقع بالفعل، فكذا بيانه، ولو بين الطلاق في الموطوءة .. حُدَّ إن كان الطلاق بائنًا، ويلزمه المهر؛ لجهلها كونها المطلقة، وإن بين في غيرها .. قبل، فإن ادعت الموطوءة أنه أرادها .. حلف، فإن نكل وحلفت .. طلقتا، وعليه المهر، ولا حد؛ للشبهة.

(ولا تعيينًا) للموطوءة للنكاح؛ لأن ملك النكاح لا يحصل بالفعل ابتداءً، فلا يتدارك به، ولذلك لا تحصل الرجعة بالوطء، (وقيل: تعيين) لأن هذا تعيين شهوة واختيار، فصح بالوطء؛ لأنه يدل على ذلك؛ كوطء المبيعة في زمن الخيار، يجعل فسخًا من البائع وإجازةً من المشتري.

وفرق الأول: بأن ملك النكاح لا يحصل بالفعل ابتداءً، فلا يتدارك بالفعل، بخلاف ملك اليمين.

وترجيح الأول تبع فيه "المحرر"، وقال في "زيادة الروضة": إنه المختار، واستند إلى قول ابن الصباغ: إنه الظاهر من مذهب الشافعي؛ لأنه نص على منعه منهما، ومن يجعله تعيينًا لا يمنعه منهما، ولا ترجيح في "الشرحين"(2)، ونقل الماوردي الثاني عن الأكثرين (3)، وحكاه المَحاملي عن سائر الأصحاب سوى ابن أبي هريرة.

وإذا جعلناه تعيينًا .. ففي كون سائر الاستمتاعات تعيينًا وجهان: بناء على الخلاف في تحريم الربيبة بذلك.

(ولو قال مشيرًا إلى واحدة: "هذه المطلقة" .. فبيان) عملًا بقوله، ولو قال:

(1) نهاية المطلب (14/ 260).

(2)

المحرر (ص 335)، روضة الطالبين (8/ 105)، الشرح الكبير (9/ 46 - 47).

(3)

الحاوي الكبير (13/ 158).

ص: 252

أَوْ (أَرَدْتُ هَذِهِ وَهَذِهِ)، أَوْ (هَذِهِ بَلْ هَذِهِ) .. حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا. وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ أَوْ تَعْيِينٍ .. بَقِيَمتْ مُطَالَبَته لِبَيَانِ الإِرْثِ. وَلَوْ مَاتَ .. فَالأَظْهَرُ: قَبُولُ بَيَانِ وَارِثهِ لَا تَعْيِينِهِ

===

(هذه الزوجة)، أو (لم أطلق هذه) .. بان الطلاق في الأخرى.

(أو "أردت هذه وهذه"، أو "هذه بل هذه") وكذا هذه مع هذه ( .. حكم بطلاقهما) لأنه أَقَرَّ بطلاق الأولى ثم رجع، وأقر بطلاق الثانية، فلم يقبل رجوعه، وقبل إقراره بطلاق الثانية؛ لأنه أقر بحق غيره عليه.

ولو عطف بـ (الفاء) أو بـ (ثم) .. فقال القاضي وصاحباه البغوي والمتولي: تطلق الأولى فقط؛ لأنهما للترتيب، واعترض الإمام بأنه اعترف بطلاقهما فليكن كهذه وهذه، قال الرافعي: وهذا هو الحق، وقال في "زيادة الروضة": قول القاضي أظهر، ومال في "المطلب" إلى ترجيحه، وقال في "المهمات": إنه المتجه من جهة البحث (1).

وأشار المصنف بقوله: (حكم بطلاقهما) إلى أن هذا في ظاهر الحكم، وتطلق في الباطن المنوية لا غير، وهذا في الطلاق المعين، ويدل عليه قوله:(فبيان)، فأما في الطلاق المبهم .. فالمطلقة هي الأولى، سواء عطف بـ (الواو)، أو (الفاء)، أو (ثم)، أو (بل) لأنه إنشاء اختيار، وليس له اختيار إلا واحدة.

(ولو ماتتا أو إحداهما قبل بيان أو تعيين) والطلاق بائن ( .. بقيت مطالبته لبيان الإرث) لأنه ثبت إرثه في إحداهما بيقين، فيوقف من مال كل منهما نصيب زوج، فإن بين في الميتة .. لم يرثها، أو في الحية .. ورث الميتة، فإن نازعه ورثتها .. حلف لهم، فإن نكل .. حلفوا ولا إرث له.

(ولو مات) الزوج قبل البيان أو التعيين ( .. فالأظهر: قبول بيان وارثه لا تعيينه) لأن البيان: إخبار، وقد يقف على مراد مورثه منه أو من غيره، والتعيين: اختيار شهوة، فلم يخلفه فيه؛ كما لو أسلم على أكثر من أربع نسوة، ومات قبل الاختيار،

(1) التهذيب (6/ 110)، نهاية المطلب (14/ 250)، الشرح الكبير (9/ 48)، روضة الطالبين (8/ 106)، المهمات (7/ 358).

ص: 253

وَلَوْ قَالَ: (إِنْ كَانَ غُرَابًا .. فَأمْرَأَتِي طَالِقٌ، وَإِلَّا .. فَعَبْدِي حُرٌّ) وَجُهِلَ .. مُنِعَ مِنْهُمَا إِلَى الْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ .. لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ، بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ؛ فَإِنْ قَرَعَ .. عَتَقَ،

===

والثاني: يقوم مقامه فيهما؛ كما في الرد بالعيب وحق الشفعة، والثالث: المنع فيهما؛ لأن حقوق النكاح لا تورث.

(ولو قال: "إن كان غرابًا .. فامرأتي طالق، وإلا .. فعبدي حر"، وجهل .. منع منهما) أي: من استخدامِ العبد والاستمتاعِ بالمرأة (إلى البيان) لأنه عُلِمَ زوال ملكه عن أحدهما، فأشبه طلاق إحدى زوجتيه، وعليه نفقتها إلى البيان، وكذا نفقته على الأصحِّ.

(فإن مات .. لم يقبل بيان الوارث على المذهب) للتهمة في إخباره بالحنث في الطلاق؛ ليرق العبد، ويسقط إرث الزوجة، والطريق الثاني: فيه الخلاف في الطلاق المبهم قال السَّرَخْسي: ومحل الخلاف: ما إذا قال الوارث: حنث في الزوجة، فإن عكس .. قبل قطعًا لإضراره بنفسه، قال الرافعي: وهو حسن، زاد في "الروضة" قد قال به غير السَّرَخْسي، وهو متعين، وردَّه في "المهمات" من حيث النقل والمعنى بما فيه طول (1)، وقال البُلْقيني: ليس ما قاله السَّرَخْسي متعينًا فإن القرعة داخلة، وللعبد بها حق في العتق، وللميت حق في رقه، وإذا كان عليه دين .. فيوفى منه، ولا يقبل قول الوارث والحالة ما ذكر، فإن لم يكن هناك ما يمنع من ذلك .. تعين ما قاله السَّرَخْسي، وغيره.

(بل يقرع بين العبد والمرأة) رجاء خروج القرعة على العبد؛ لتأثيرها في العتق وإن لم تؤثر في الطلاق؛ كما يصغى إلى شهادة رجل وامرأتين في السرقة؛ لتأثيرها في الضمان وإن لم تؤثر في القطع.

(فإن قرع) أي: خرجت القرعة للعبد ( .. عتق) من رأس المال إن كان التعليق في الصحة، وإلا .. فمن الثلث؛ إذ هو فائدة القرعة، وترث المرأة، إلا إذا ادعت الحنث فيها، والطلاق بائن.

(1) الشرح الكبير (9/ 55)، روضة الطالبين (8/ 112)، المهمات (7/ 361).

ص: 254