الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريمًا وغرمًا]
تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى .. انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا، وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ: كُلُّهُ. وَلَوْ رَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ .. فَلَا غُرْمَ
===
احتمال الأمرين يوجب تساويهما، وألا يختص بأحدهما.
* * *
(فصل: تحته صغيرة فأرضعتها أمه أو أخته أو زوجة أخرى .. انفسخ نكاحه) من الصغيرة؛ لأنها صارت أختًا أو بنت أخت، أو بنتًا إذا أرضعتها زوجته بلبنه أو ربيبة إن أرضعتها بلبن غيره، وينفسخ نكاحه من الكبيرة أيضًا؛ لأنها صارت أُمَّ زوجته.
(وللصغيرة) على الزوج (نصف مهرها) المُسمَّى إن كان صحيحًا، وإلا .. فنصف مهر مثل؛ لأنه فراق حصل قبل الدخول لا بسببها فشطر المهر كالطلاق.
(وله على المرضعة نصف مهر مثل) أما الغرم .. فلأنها فوَّتت عليه ملك النكاح، وأما النصف .. فلأنه الذي يغرمه، (وفي قول: كله) لأنه قيمة البضع وإتلاف المتقوم، فوجب كمال قيمته.
وسكت عن مهر الكبيرة، وحكمه: إن كان مدخولًا بها .. فلها المهر، وإلا .. فلا.
(ولو رضعت من نائمة) خمس رضعات ( .. فلا غرم) على النائمة؛ لأنها لم تصنع شيئًا، وكذا لو كانت مستيقظة ساكتة على الأصحِّ في "زيادة الروضة" لعدم الفعل (1).
لكن ما صححه جزم في أول الفصل بعكسه، فقال: إنما يجب الغرم في الصورة السابقة على أم الزوجة ومَنْ في معناها إذا أرضعت أو مكنت الصغيرة من الإرضاع (2)، فجزم بأن الفعل لا يشترط بل يكفي التمكين، قال في "المهمات":
(1) روضة الطالبين (9/ 23).
(2)
روضة الطالبين (9/ 23).
وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ. وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبيرَةِ الصَّغِيرَةَ .. انْفَسَخَتِ الصَّغِيرَةُ، وَكَذَا الْكَبيرَةُ فِي الأَظْهَرِ، وَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَحُكْمُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَتغرِيمِهِ الْمُرْضِعَةَ مَاَ سَبَقَ، وَكَذَا الْكَبيرَةُ إِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً .. فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ مَهْرُ مِثْل فِي الأَظْهَرِ
===
وهو الحق، وبسط الكلام عليه (1).
(ولا مهر للمرتضعة) لأن الانفساخ حصل بفعلها، وذلك يسقط المهر قبل الدخول.
(ولو كان تحته كبيرة وصغيرة فأرضعت أم الكبيرة الصغيرة .. انفسخت الصغيرة) لأنها صارت أختًا للكبيرة، ولا سبيل إلى الجمع بين الأختين، (وكذا الكبيرة في الأظهر) لما مرَّ.
ووجه مقابله: أن الجمع حصل بالصغيرة فأشبه ما لو نكح أختًا على أخت؛ فإن البطلان يختص بالثانية، ونسبه الماوردي للجديد، والأول للقديم (2)، (وله نكاح من شاء منهما) من غير جمع؛ لأنهما أختان.
(وحكم مهر الصغيرة) على الزوج (وتغريمه المرضعة ما سبإ) في إرضاع أمه ونحوها لزوجته الصغيرة، (وكذا الكبيرة إن لم تكن موطوءة) حكمها في غرم الزوج مهرها، وتغريمه المرضعة ما سبق في الصغيرة؛ لاشتراكهما في عدم الوطء.
(فإن كانت موطوءة .. فله على المرضعة مهر مثل في الأظهر) كما لو شهدوا على الطلاق بعد الدخول، ثم رجعوا .. يغرمون مهر المثل.
والثاني: لا غرم عليها؛ لأن البضع بعد الدخول لا يتقوم للزوج؛ بدليل ما لو ارتدت وأصرت إلى انقضاء العدة .. لا غرم عليها.
هذا إذا كان المفسد لنكاحها غيرها، أما لو كان تحته كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة، وكانت موطوءة .. فالمنقول عن الأئمة، كما قال الرافعي: إنه
(1) المهمات (8/ 59).
(2)
الحاوي الكبير (14/ 448).
وَلَوْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ الْكَبيرَةِ الصَّغِيرَةَ .. حَرُمَتِ الْكَبيرَةُ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إِنْ كَانَتِ الْكَبيرَةُ مَوْطُوءَةً. وَلَو كَانَ تَحْتة صَغِيرَةٌ وَطَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ .. صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ. وَلَو نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ .. حَرُمَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالصَّغِيرِ أَبَدًا. وَلَوْ زَوَّجِ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ فَأَرْضَعَتْهُ لَبَنَ الشَيِّدِ .. حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى السَّيِّدِ. وَلَوْ أَرْضعَتْ مَوْطُوءَتُهُ الأَمَةُ صَغِيرَةً تَحْتة بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ .. حَرُمَتَا عَلَيْهِ
===
لا يرجع على الكبيرة بمهرها؛ لئلا تخلو عن مهر فتصير كالموهوبة، وذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم (1).
(ولو أرضعت بنت الكبيرة الصغيرة .. حرمت الكبيرة أبدًا) لأنها جدة امرأته، (وكذا الصغيرة إن كانت الكبيرة موطوءة) لأنها ربيبته، فإن لم تكن موطوءة .. لم تحرم الصغيرة؛ لأن الربيبة لا تحرم إلا بالدخول.
(ولو كانت تحته صغيرة وطلقها، فأرضعتها امرأة .. صارت أم امرأته) فتحرم عليه، ولا نظر إلى حصول الأمومة قبل النكاح أو بعده؛ إلحاقًا للطارئ بالمقارن؛ كما هو شأن التحريم المؤبد.
(ولو نكحت مطلقته صغيرًا وأرضعته بلبنه .. حرمت على المطلق والصغير أبدًا) أما المطلق .. فلأنها زوجة ابنه، وأما الصغير .. فلأنها أمه، أو زوجة أبيه.
(ولو زوج أم ولده عبده الصغير، فأرضعته لبن السيد .. حرمت عليه) أي: على العبد؛ لأنها أمه، وموطوءة أبيه، (وعلى السيد) لأنها زوجة ابنه، وهذه المسألة مبينة على إجبار العبد الصغير على النكاح، وقد سبق في النكاح أن الأظهر: أنه لا يجبر العبد مطلقًا.
واحترز بقوله: (لبن السيد) عمَّا لو أرضعته بلبن غيره .. فإن النكاح ينفسخ؛ لكونها أمًّا له، ولا تحرم على السيد؛ لأن الصغير لم يصر ابنًا له، فلا تكون هي زوجة الابن.
(ولو أرضعت موطوءته الأمة صغيرة تحته بلبنه أو لبن غيره .. حرمتا عليه) أبدًا،
(1) الشرح الكبير (9/ 590).
وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا .. انْفَسَخَتَا وَحَرُمَتِ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إِنْ كَانَ الإِرْضَاعُ بِلَبَنِهِ، وَإِلَّا .. فَرَبِيبَةٌ. وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبيرَةٌ وَثَلَاثُ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْهُنَّ .. حَرُمَتْ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغَائِرُ إِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ، وَإِلَّا؛ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا بِإِيجَارِهِنَّ الْخَامِسَةَ .. أنْفَسَخْنَ وَلَا يَحْرُمْنَ مُؤَبَّدًا، أَوْ مُرَتَّبًا .. لَمْ يَحْرُمْنَ، وَتَنْفَسِخُ الأَولَى
===
أما الأمة .. فلأنها صارت أم زوجته، وأما الصغيرة .. فلأنها بنته، إن رضعت لبنه، وبنت موطوءته إن رضعت لبن غيره.
(ولو كان تحته صغيرة وكبيرة فأرضعتها) أي: أرضعت الكبيرة الصغيرة ( .. انفسختا) لصيرورة الصغيرة بنتًا للكبيرة، فامتنع الجمع بينهما، وقد تقدمت هذه المسألة أول الفصل وذكرت هناك: لأجل الغرم، وهنا: لتأبد التحريم وعدمه.
(وحرمت الكبيرة أبدًا) لأنها أم زوجته، (وكذا الصغيرة إن كان الإرضاع بلبنه) لأنها بنته.
(وإلا) أي: وإن لم يكن الإرضاع بلبنه ( .. فربيبة) فتحرم مؤبدًا إن كان دخل بالكبيرة، وإلا .. فلا.
(ولو كان تحته كبيرة وثلاث صغائر فأرضعتهن)( .. حرمت) الكبيرة (أبدًا) لأنها أمَّ زوجاته (وكذا الصغائر إن أرضعتهن بلبنه أو لبن غيره وهي) أي: الكبيرة (موطوءة) لأنهن بناته أو بنات زوجته المدخول بها.
وقوله: (وهي موطوءة) قيدٌ في لبن غيره.
(وإلا) أي: وإن لم يكن اللبن له، ولم تكن موطوءة (فإن أرضعتهن معًا بإيجارهنَّ الخامسة .. انفسخن) لاجتماعهن مع الأم في النكاح، ولثبوت الأخوة بينهن.
(ولا يحرمن) أي: الصغائر (مؤبدًا) بل له نكاح من شاء منهن بلا جمع؛ لأنهن بنات امرأة لم يدخل بها، (أو مرتبًا .. لم يحرمن) الصغائر مؤبدًا (وتنفسخ الأولى) مع الأم؛ لاجتماع الأم والبنت في النكاح، ولا ينفسخ نكاح الثانية بمجرد