الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَّا. . فَبالْقُرْبِ، وَقِيلَ: الإِرْثِ، وَقِيلَ: بِوِلَايَةِ الْمَالِ. وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ. . فَفِي الأَصَحِّ: عَلَى الْفَرْعِ وَإِنْ بَعُدَ. أَوْ مُحْتَاجُونَ. . يُقَدِّمُ زَوْجَته ثُمَّ الأَقْرَبَ، وَقِيلَ: الْوَارثَ، وَقِيلَ: الْوَليَّ.
فَصْلٌ [في الحضانة]
الْحَضَانَةُ: حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ وَتَرْبِيَتُهُ.
===
الأقرب؛ لإدلاء الأبعد به، (وإلا) أي: وإن لم يدل بعضهم ببعض (. . فبالقرب، وقيل: الإرث) على ما تقدم في جانب الفروع، (وقيل: بولاية المال) لأنها تشعر بتفويض التربية إليه.
أمثلة: أبو أب وأبو أم، هما سواء على القرب، وعلى أبي الأب على الأخيرين.
أم أم وأم أب، هما سواء على الأولين، وتلزم أم الأب على الثالث لإدلائها بولي.
أبو أم وأم أب، هما سواء على الأول، وتلزم أم الأب على الأخيرين.
(ومن له أصل وفرع. . ففي الأصح: على الفرع وإن بعد) كأب وابن ابن؛ لأن عصوبته أقوى، وهو أولى بالقيام بشأن أبيه؛ لعظم حرمته، والثاني: أنها على الأب؛ استصحابًا لما كان في الصغر، والثالث: أنها عليهما؛ لاستوائهما في القرب.
(أو محتاجون) من النوعين أو أحدهما مع زوجة، وضاق الموجود عنهم (. . يقدم زوجته) لأن نفقتها آكد؛ لأنها لا تسقط بمضي الزمان، ولا بغناها؛ فالتحقت بالديون (ثم الأقرب) فالأقرب، (وقيل: الوارث، وقيل: الولي) هذا هو الخلاف المار في اجتماع فروع المنفق عليه، وقد مر ما فيه.
* * *
(فصل: الحضانة: حفظ من لا يستقل) بأمره؛ لعدم تمييزه، (وتربيته) بما يصلحه ويقيه عما يهلكه.
والحضانة: بفتح الحاء؛ مأخوذة من الحِضن، بكسر الحاء، وهو الجَنْب؛ لأنها تضمه إلى حضنها.
وَالإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا، وَأَوْلَاهُنَّ: أُمٌ ثُمَّ أُمَّهَاتٌ يُدْلِينَ بِإِنَاثٍ يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُنَّ. وَالْجَدِيدُ: يُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ أُمُّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ ثُمَّ أُمُّ أَبِي أَبٍ كَذَلِكَ، ثُمَّ أُمُّ أَبِي جَدٍّ كَذَلِكَ. وَالْقَدِيمُ: الأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَيْهِنَّ.
===
(والإناث أليق بها) لأنهن بها أبصر، وعلى القيام بها أصبر، (وأولاهن) عند التنازع في طلبه (أُمٌّ) لفرط حُنوِّها، هذا إذا كان المحضون حرًّا؛ فإن كان رقيقًا. . فحضانته لسيدته.
ويستثنى من إطلاقه: ما لو كان للمحضون زوج، وأمكن الاستمتاع. . فالزوج والزوجة أحقُّ بالكفالة من جميع الأقارب وإن كانا أجنبيين؛ لما بينهما من السكون والمودة، كذا حكياه هنا عن الروياني، وأقراه (1).
(ثم أمهات يدلين بإناث) وارثات؛ لمشاركتهن الأم في الإرث والولادة (يقدم أقربهن) لوفور الشفقة.
(والجديد: يقدم بعدهن أم أب) لمشاركتها أم الأم في المعنى السابق، وإنما قدمت أمهات الأم وإن علون؛ لأن الولادة فيهن محققة، وفي أمهات الأب مظنونة، (ثم أمهاتها المدليات بإناث) وارثات؛ لما سبق، (ثم أم أبي أب كذلك) ثم أمهاتها المدليات بالإناث، (ثم أم أبي جد كذلك) ثم أمهاتها المدليات بالإناث؛ لأن لهن ولادة ووراثة؛ كالأم وأمهاتها.
(والقديم: الأخوات والخالات) يقدمن (2)(عليهن) أما الأخوات. . فلأنهن اجتمعن في الصلب والبطن أو في أحدهما وشاركنه في النسب؛ فهُنَّ عليه أشفق، وأما الخالات. . فلقوله: صلى الله عليه وسلم في قضية ابنة حمزة: "الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ" رواه البخاري (3)، وأجاب الجديد: بأن النظر هنا إلى الشفقة، وهي في الجدات أغلب.
(1) الشرح الكبير (10/ 103 - 104)، روضة الطالبين (9/ 110).
(2)
قوله: (يقدمن) من المتن في (هـ).
(3)
صحيح البخاري (2699) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
وَتُقَدَّمُ أُخْتٌ عَلَى خَالَةٍ، وَخَالَةٌ عَلَى بِنْتِ أَخٍ وَأُخْتٍ، وَبِنْتُ أَخٍ وَأُخْتٍ عَلَى عَمَّةٍ، وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَالأَصَحُّ: تقدِيمُ أُخْتٍ مِنْ أَبٍ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ، وَخَالَةٍ وَعَمَّةٍ لِأبٍ عَلَيْهِمَا لِأمٍّ. وَسُقُوطُ كُلِّ جَدَّةٍ لَا تَرِثُ دُونَ أُنْثَى غَيْرِ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ خَالَةٍ.
===
(وتقدم أخت) من أي جهة كانت (على خالة) لقربها (وخالة على بنت أخ و) بنت (أخت) لأنها كالأم (وبنت أخ و) بنت (أخت على عمة) كما يقدم ابن الأخ في الميراث على العم، (وأخت من أبوين على أخت من أحدهما) لأن شفقتها أتم؛ لاجتماعها معه في الصلب والرحم.
(والأصح: تقديم أخت من أب على أخت من أم) لقوة إرثها؛ لأنها قد تصير عصبة، والثاني: تقدم الأخت من الأم؛ لأنها تدلي بالأم، فتقدم على من تدلي بالأب، (وخالة وعمة لأب عليهما لأم.) لقوة الجهة؛ كالأخت، والثاني: لا؛ لأن التقديم في المسألة قبلها كان لقوتها في الإرث، وهنا لا إرث لواحدة منهما.
(وسقوط كل جدة لا ترث) كأم أبي الأم؛ لأنها تدلي بمن لا حقَّ له في الحضانة؛ فأشبهت الأجانب، والثاني: لا؛ لولادتهن، وشمول أحكام البعضية لهُنَّ لكن يتأخرن عن جميع المذكورات أولًا؛ لضعفهن، قال الشيخان: وفي معنى الجدة الساقطة: كلُّ مَحرم تدلي بذكر لا يرث؛ كبنت ابن البنت، وبنت العم للأم. انتهى (1).
وكون بنت العم محرمًا ذهولٌ.
(دون أنثى غير محرم؛ كبنت خالة) وبنت عمة، وبنتي الخال والعم، فلا تسقط على الأصحِّ؛ لشفقتها بالقرابة، وهدايتها بالأنوثة، والثاني: لا حق لهن؛ كالجدات الساقطات.
وفرق الأول: بأن الجدات الساقطات تدلين بغير وارث، بخلاف هؤلاء، كذا قاله الرافعي (2)، واعترض: بأنه ليس في هؤلاء من تدلي بوارث غير بنت العم العصبة.
(1) الشرح الكبير (10/ 103)، روضة الطالبين (9/ 109).
(2)
الشرح الكبير (10/ 103).
وَتَثْبُتُ لِكُلِّ ذَكَرٍ مَحْرَمٍ وَارِثٍ عَلَى تَرْتيبِ الإِرْثِ، وَكَذَا غَيْرُ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا تُسَلَّمُ إِلَيْهِ مُشْتَهَاةٌ بَلْ إِلَى ثِقَةٍ يُعَيِّنُهَا. وَإِنْ فُقِدَ الإِرْثُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ أَوِ الإِرْثُ. . فَلَا فِي الأَصَحِّ. وَإِنِ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ. . فَالأُمُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا ثُمَّ الأَبُ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ وَالأُخْتُ مِنَ الأمِّ. وَيُقَدَّمُ الأَصْلُ عَلَى الْحَاشِيَةِ،
===
(وتثبت لكل ذكر محرم وارث) كالأب والجد وإن علا، والأخ وابنه والعم؛ لوفور شفقته، وقوة مرتبته بالإرث والمحرمية (على ترتيب الإرث) كما تقرر في بابه.
(وكذا غير محرم؛ كابن عم على الصحيح) لوجود القرابة والإرث والشفقة، والثاني: لا؛ لفقد المحرمية.
وأورد على إطلاقه: المعتق؛ فإنه وارث غير محرم، ولا حضانة له على الصحيح؛ لعدم القرابة التي هي مظنة الشفقة.
(ولا تسلم إليه مشتهاة) حذرًا من الخلوة (بل إلى ثقة يعينها) ولو بأجرة من ماله؛ لأن الحقَّ له في ذلك.
(وإن فقد الإرث والمحرمية) كابن الخال وابن العمة (أو الإرث) مع وجود المحرمية؛ كأب الأم والخال (. . فلا) حضانة لهم (في الأصح) لفقدان الإرث والمحرمية في الأولى، ولضعف قرابته في الثانية؛ لأنه لا يرث بها ولا يلي ولا يعقل، والثاني: نعم؛ لوفور شفقته.
(وإن اجتمع ذكور وإناث. . فالأم ثم أمهاتها) المدليات بالأمهات؛ لما تقدم، (ثم الأب) لأن مَنْ عداه إن أدلى به. . فهو مقدم عليه؛ كالإرث، وإن لم يدل به. . فمن يدلي به مقدمٌ عليه، والمقدم على المقدم مقدم، (وقيل: تقدم عليه الخالة، والأخت من الأم) لإدلائهما بالأم؛ فأشبها أمهاتهما.
ولو حذف قوله: (من الأم) لكان أخصر وأشمل؛ إذ في كلِّ واحدةٍ من الأخوات الثلاث وجه أنها تقدَّمُ على الأب.
(ويقدم الأصل على الحاشية) أي: وتتقدم الأصول على الأقارب الواقعين في حواشي النسب؛ كالأخت والعمة؛ لقوة الأصول، وجزمه بتقديم الأصل على
فَإِنْ فُقِدَ. . فالأَصَحُّ: الأَقْرَبُ، وَإِلَّا. . فَالأُنْثَى، وَإِلَّا. . فَيُقْرَعُ وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَمَجْنُونٍ، وَفَاسِقٍ
===
الحاشية كذا هو في "المحرر" و"الشرحين" و"الروضة"(1)، وهو مخالف لقولهما قبل:(وقيل: تقدم عليه الخالة، والأخت من الأم).
(فإن فقد) الأصل (. . فالأصح) أنه يقدم (الأقرب) فالأقرب؛ كالإرث ذكرًا كان أو أنثى، (وإلا) أي: وإن لم يوجد الأقرب؛ بأن فقد أو استوى جمع في القرب (. . فالأنثى) مقدمة على الأصحِّ؛ لكونها أصبر وأبصر.
(وإلا) أي: فإن استوى اثنان من كل وجه؛ كأخوين أو أختين (. . فيقرع) قطعًا للنزاع، والثاني: أن نساء القرابة وإن بعدن أولى بالحضانة من الذكور وإن كانوا عصبات؛ لأنهن أصلح للحضانة، والثالث: العصبات أولى منهن؛ لقوة نسبهم، وقيامهم بالتأديب، وما صححه تبعًا لأصله من تقديم الأقرب. . هو ما صححه في "أصل الروضة"(2)، ونقل في "الشرحين" تصحيحه عن الروياني، وأقره (3)، وهو مخالف لما جزما به من قبلُ من تقديم الخالة على بنات الإخوة والأخوات على الجديد والقديم؛ فكيف يمكن جعله أصح مع مخالفته الجديد والقديم؟ !
(ولا حضانة لرقيق) ولو مبعضًا ومدبرًا ومكاتبًا ومستولدة ولو أذن السيد في الحضانة؛ لأنها ولاية وليس من أهلها.
ويستثنى من إطلاقه: ما لو أسلمت أم ولد الكافر. . فإن ولدها يتبعها وحضانته لها ما لم تتزوج وإن كانت رقيقة، نقلاه في (كتاب أمهات الأولاد) عن أبي إسحاق المروزي، وأقراه (4).
(ومجنون) ولو تقطع جنونه إلا أن يقلَّ؛ كيوم في سنة؛ لأنه محضون، (وفاسق) لأنها ولاية، وهو لا يلي، واقتصاره على نفي الفسق يقتضي عدم اشتراط
(1) المحرر (ص 383)، الشرح الكبير (10/ 108)، روضة الطالبين (9/ 112).
(2)
روضة الطالبين (9/ 113)، الشرح الكبير (10/ 108).
(3)
الشرح الكبير (10/ 108).
(4)
الشرح الكبير (13/ 591)، روضة الطالبين (12/ 314).
وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَنَاكِحَةِ غَيْرِ أَبِي الطفْلِ إِلَّا عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ أَخِيهِ فِي الأَصَحِّ.
وَإِنْ كَانَ رَضِيعًا. . اشْتُرِطَ أَنْ ترْضِعَهُ
===
العدالة الباطنة حتى يكتفى بالمستور، وهو العدالة الظاهرة حتى يتبين الفسق، وبه صرح الماوردي والروياني (1).
(وكافر على مسلم) بخلاف العكس على الصحيح؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم، ولأنه قد يفتنه عن الدين، (وناكحة غير أبي الطفل) وإن لم يدخل بها؛ لأن النكاح يشغلها بحق الزوج.
وقوله: (غير أبي الطفل) أي: وإن علا؛ ليدخل الجد، وإلا. . فيرد على حصره الاستثناء في المسلمة بعدها؛ فلو نكحت الجد أبا الأم. . بطل حقها؛ كما صرح به البغوي، والمصنف في "فتاويه" و"تحريره"(2)، لكن نقل الأَذْرَعي في "القوت" عن جمع من العراقيين بأنه لا يسقط حقها، قال: وهذا هو الأصحُّ المختار، بخلاف ما ذكرته في "الغنية".
ويستثنى من سقوط الحضانة بالنكاح: ما لو خالع زوجته بألف، وحضانة الصغير سنة فتزوجت في أثناء السنة. . فليس له انتزاعه منها؛ لأن الإجارة عقد لازم، كذا حكياه في آخر (الخلع) عن "فتاوى القاضي الحسين"، وأقراه (3).
(إلا عمه وابن عمه وابن أخيه في الأصح) لأن هؤلاء أصحاب حق في الحضانة، والشفقة تحملهم على رعاية الطفل، فيتعاونان على كفالته بخلاف الأجنبي، والثاني: يبطل حقها؛ لاشتغالها بالزوج، ولا حقَّ له في الحضانة الآن، فأشبه الأجنبي.
ويرد على حصره: ما إذا تزوجت أخته لأمه بأخيه (4) لأبيه، وضابطه: كل من له حق في الحضانة.
(وإن كان) المحضون (رضيعًا. . اشترط) في استحقاقها الحضانة (أن ترضعه
(1) الحاوي الكبير (21/ 63)، بحر المذهب (14/ 147 - 148، 152).
(2)
فتاوى الإمام النووي (ص في 21)، تحرير ألفاظ النبيه (ص 291).
(3)
الشرح الكبير (8/ 476)، روضة الطالبين (7/ 437).
(4)
في "النجم"(8/ 302): (بابن أخيه) بدل (بأخيه).
عَلَى الصَّحِيحِ. فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ. . حَضَنَتْ، وَإِنْ غَابَتِ الأُمُّ أَوِ امْتَنَعَتْ. . فَلِلْجَدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ.
===
على الصحيح) لعسر استئجار مرضعة تترك بيتها، وتنتقل إلى مسكن الأم، والثاني: لا، وعلى الأب أن يستأجر مرضعة ترضعه عند الأم.
وبقي للحضانة موانع آخر؛ منها: المرض الذي لا يرجى زواله؛ كالسل والفالج إذا كان يشغله الألم عن الكفالة، وإن لم يشغله وإنما يؤثر في عسر الحركة والتصرف. . سقطت الحضانة في حق من يباشرها بنفسه دون من يدبر الأمور، ويباشرها غيره، قال الرافعي: ومنها: العمى، فلا حضانة لأعمى (1)، كما أفتى به عبد الملك بن إبراهيم المقدسي الهمداني شارح "المفتاح"، وهو من أقران ابن الصباغ، ومنها: الرشد فلا حضانة لسفيه؛ كما قاله الماوردي والقاضي أبو الطيب، قال الزركشي: ونصَّ عليه في "المختصر"، ومنها: التغفل، فلا حضانة لمغفل؛ كما قاله الجرجاني في "الشافي"، قال الأَذْرَعي: وهو حسن متعين في حق غير المميز، ومنها: الجذام والبرص يسقط الحضانة، كما صرح به الشيخ صلاح العلائي في "قواعده"؛ لحديث:"لَا يُورِدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ"(2).
(فإن كملت ناقصة أو طلقت منكوحة. . حضنت) لزوال المانع، وتستحق المطلقة الحضانة في الحال قبل انقضاء العدة على المذهب.
(وإن غابت الأم أو امتنعت. . فللجدة) أم الأم (على الصحيح) كما لو ماتت أو جنت، والثاني: تنتقل إلى الأب، والثالث: إلى السلطان؛ لبقاء أهلية الأم؛ كما لو غاب ولي النكاح أو عضل يزوج السلطان لا الأبعد، وإنما تنتقل الحضانة إلى الجدة بعد الأم إذا لم يرض الأب؛ فإن رضي الأب باستمراره عند الأم المزوجة ورضي الزوج بذلك. . فلا حق لمجدة على الصحيح في "أصل الروضة"(3)، وظاهره: بقاء حق الأم، وصححه البغوي والخوارزمي، وجرى عليه في "الكفاية"، واستغربه في
(1) في (هـ): (فلا حضانة للعمياء).
(2)
أخرجه البخاري (5771) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
روضة الطالبين (9/ 101).
هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَالْمُمَيِّزُ إِنِ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ. . كَانَ عِنْدَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ نَكَحَتْ. . فَالْحَقُّ لِلآخَرِ. وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ، وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الأَصَحِّ، فَإِنِ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ الآخَرَ. . حُوِّلَ إِلَيهِ.
===
"المطلب"؛ إذ كيف يسقط حق الجدة برضا الأب، وقال الأَذْرَعي: الأقيس: عدم السقوط.
(هذا كله في غير مميز، والمميز إن افترق أبواه) مع أهليتهما ومقامهما في بلد واحد (. . كان عند من اختار منهما) لأنه صلى الله عليه وسلم خيَّر غلامًا بين أبيه وأمه، حسنه الترمذي (1)، وسواء الغلام والجارية عندنا.
(فإن كان في أحدهما جنون أو كفر أو رق أو فسق أو نكحت. . فالحق للآخر) لوجود المانع به، فإن زال الخلل. . أنشئ التخيير.
(ويخير بين أم وجد) وإن علا عند فقد الأب أو عدم أهليته، لأنه بمنزلته، وكذلك الجدة أم الأم مع الأب.
(وكذا أخ أو عم، أو أب مع أخت أو خالة في الأصح) لما رواه الشافعي عن عُمَارة الجَرْمي قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمي وعمي، وكنت ابن سبع أو ثمان سنين (2)، والثاني: لا بل الأم أحق؛ لقربها وولادتها، كما قبل التمييز.
(فإن اختار أحدهما ثم الآخر. . حول إليه) لأنه قد يبدو له الأمر على خلاف ما ظنه.
نعم؛ لو كثر التردد بحيث يغلب على الظن أن سببه نقصانه وقلة تمييزه. . جعل عند الأم كما قبل التمييز، وكذا لو بلغ وهو على نقصانه وخبله، كذا في "الروضة"
(1) سنن الترمذي (1357)، وأخرجه أبو داوود (2277)، والنسائي (6/ 185)، وابن ماجه (2351) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
الأم (6/ 239)، لكن فيه أن المخيِّر هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وانظر "التلخيص الحبير"(5/ 2594).
فَإِنِ اخْتَارَ الأَبَ ذَكَرٌ. . لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ وَيَمْنَعُ أُنْثَى، وَلَا يَمْنَعُهَا دُخُولًا عَلَيْهِمَا زَائِرَةً، وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ، فَإِنْ مَرِضَا. . فالأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا؛ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ، وَإِلَّا. . فَفِي بَيْتِهَا. وَإِنِ اخْتَارَهَا ذَكَرٌ. . فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَ الأَبِ نَهَارًا يُؤَدِّبُهُ وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ وَحِرْفَةٍ،
===
و"أصلها"(1)، وقال الإمام: لا وجه عندي في ذلك إلا اتباعه بشرط ألا تتعطل الحضانة بالتردد؛ فإن ذلك لا ينكر في حال الصبي (2)، وسبقه إلى ذلك الماوردي فقال: وعلى هذا أبدًا كلما اختار واحدًا بعد واحدٍ. . حُوِّل إليه (3).
(فإن اختار الأب ذكر. . لم يمنعه زيارة أمه) وجوبًا؛ كما قاله في "الكفاية"؛ لئلا يكون ساعيًا في العقوق (4)، (ويمنع أنثى) من زيارة أمها؛ لئلا تعتاد البروز، ولتألف الصيانة، وفي "فتاوى ابن الصلاح" أن للأم أن تطلب البنت، فتنفذ إلى زيارتها (5).
(ولا يمنعها) أي: الأم (دخولًا عليهما) أي: على الابن والبنت (زائرة) لما تقدم، (والزيارة مرة في أيام) عملًا بالعادة.
(فإن مرضا. . فالأم أولى بتمريضهما) لأنها أهدى إليه وأصبر عليه، (فإن رضي به في بيته، وإلا. . ففي بيتها) والأب مخير بين الحالتين، ويجب الاحتراز عن الخلوة عند التمريض في بيته، وعند زيارتها الولد.
(وإن اختارها ذكر. . فعندها ليلًا، وعند الأب نهارًا يؤدبه ويسلمه لمكتب وحرفة) على ما يليق به، ولا يكله في ذلك إلى أمه؛ لعجز النساء عن القيام بمثل ذلك، ويجب ذلك على الولي أبا كان أو جدًّا، أو وصيًّا أو قيمًا، وأجرة ذلك في مال الصبي؛ فإن لم يكن. . فعلى من تلزمه نفقته.
(1) روضة الطالبين (9/ 154)، الشرح الكبير (10/ 96).
(2)
نهاية المطلب (15/ 547).
(3)
الحاوي الكبير (15/ 114).
(4)
كفاية النبيه (15/ 286).
(5)
فتاوى ابن الصلاح (2/ 461).
أَوْ أُنْثَى. . فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، وَيَزُورُهَا الأَبُ عَلَى الْعَادَةِ. وَإِنِ اخْتَارَهُمَا. . أُقْرِعَ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ. . فالأُمُّ أَوْلَى، وَقِيلَ: يُقْرَعُ. وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ. . كَانَ الْوَلَدُ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَعُودَ، أَوْ سَفَرَ نُقْلَةٍ. . فَالأَبُ أَوْلَى بشَرْطِ أَمْنِ طَرِيقِهِ وَالْبَلَدِ الْمَقْصُودِ، قِيلَ: وَمَسَافَةِ قَصرٍ. وَمَحَارِمُ الْعَصَبَةِ فِي هَذَا كَالأبِ،
===
(أو أنثى. . فعندها ليلًا ونهارًا) طلبًا لسترها (ويزورها الأب على العادة) ولا يطلب إحضارها إليه؛ لتألف التستر والصيانة، قال الماوردي: ويعتبر في دخوله على الأم وجود محرم أو نسوة ثقات (1)، (وإن اختارهما. . أقرع) قطعًا للنزاع.
(وإن لم يختر) واحدًا منهما (. . فالأم أولى) استصحابًا لما كان، (وقيل: يقرع) إذ ليس أحدهما بعد زوال زمن الحضانة أولى من الآخر.
(ولو أراد أحدهما سفر حاجة. . كان الولد المميز وغيره مع المقيم حتى يعود) لما في السفر من الخطر والضرر، وسواء أطالت المدة أم قصرت.
(أو سفر نُقلة. . فالأب أولى) سواء انتقل الأب أو الأم أو كُلُّ واحدٍ إلى بلد؛ احتياطًا للنسب؛ فإنه يتحفظ بالآباء، ولمصلحة التأديب والتعليم والصيانة، وسواء أنكحها في بلده أم في الغربة.
(بشرط أمن طريقه والبلد المقصود) إليه؛ فإن كان أحدهما مخوفًا. . أقرّ عند أمه، وألحق ابن الرفعة بذلك: الحر والبرد الشديدين، (قيل: ومسافة القصر) لأن الانتقال لما دونها كالإقامة في محلة أخرى من البلد المتسع؛ لإمكان مراعاة الولد، وهذا ما اختاره جمهور العراقيين وغيرهم، والأصحُّ عند الشيخين: عدم الفرق (2)، وهو قضية إطلاق نص "الأم" و"المختصر"(3)؛ لأنه في معنى الانتقال إلى مسافة القصر.
(ومحارم العصبة) كالأخ والعم (في هذا كالأب) في انتزاع الولد عند الانتقال؛
(1) الحاوي الكبير (15/ 113).
(2)
الشرح الكبير (10/ 99)، روضة الطالبين (9/ 107).
(3)
الأم (6/ 241)، مختصر المزني (ص 235).