المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في تشطير المهر وسقوطه] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [في الخطبة]

- ‌فصلٌ [في أركان النكاح وغيرها]

- ‌فصلٌ [فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية للنكاح]

- ‌فصلٌ [في الكفاءة]

- ‌فصلٌ [في تزويج المحجور عليه]

- ‌بابُ ما يحرُم من النِّكاح

- ‌فصلٌ [في نكاح من فيها رق وتوابعه]

- ‌فصلٌ [في حل نكاح الكافرة وتوابعه]

- ‌بابُ نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة]

- ‌فصلٌ [في مؤنة المسلمة أو المرتدة]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فَصْلٌ [في الإعفاف]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌فَصْلٌ [في بيان أحكام الصداق المسمى الصحيح والفاسد]

- ‌فَصْلٌ [في التفويض]

- ‌فَصْلٌ [في بيان مهر المثل]

- ‌فَصْلٌ [في تشطير المهر وسقوطه]

- ‌فَصْلٌ [في المتعة]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف في المهر والتحالف فيما سمي منه]

- ‌فَصْلٌ [في وليمة العرس]

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌فصلٌ [في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فصلٌ [في الصيغة وما يتعلق بها]

- ‌فصلٌ [في الألفاظ الملزمة للعوض وما يتبعها]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الخلع أو في عوضه]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْلٌ [في تفويض الطلاق إليها]

- ‌فَصْلٌ [في بعض شروط الصيغة والمطلق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان محل الطلاق والولاية عليه]

- ‌فَصْلٌ [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

- ‌فَصْلٌ [في الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الشك في الطلاق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان الطلاق السني والبدعي]

- ‌فَصْلٌ [في تعليق الطلاق بالأزمنة ونحوها]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع التعليق بالحمل والولادة والحيض وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع أخرى من التعليق]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإِيلاء

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الإيلاء من ضرب مدة وما يتفرع عليها]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الظهار من وجوب كفارة وغير ذلك]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللّعان

- ‌فصلٌ [في قذف الزوج خاصة]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [في المقصود الأصلي من اللعان]

- ‌كتاب العِددَ

- ‌فصلٌ [في العدة بوضع الحمل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [في حكم معاشرة المفارق للمعتدة]

- ‌فصلٌ [في الضرب الثاني من ضربي عدة النكاح]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها]

- ‌بابُ الاسْتِبْرَاء

- ‌كتابُ الرَّضاع

- ‌فَصْلٌ [في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريمًا وغرمًا]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه]

- ‌كتابُ النَّفقات

- ‌فَصْلٌ [في موجب المؤن ومسقطاتها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤن الأقارب]

- ‌فَصْلٌ [في الحضانة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤنة المماليك وتوابعها]

الفصل: ‌فصل [في تشطير المهر وسقوطه]

وَقِيلَ: إِنِ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ. . مَهْرٌ، وَإِلَّا. . فَمُهُورٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ [في تشطير المهر وسقوطه]

الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا. . كَفَسْخِهِ بعَيْبهَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ، وَمَا لَا كَطَلَاقٍ وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ أُمِّهَا. . يُشَطِّرُهُ. ثُمَّ قِيلَ: مَعْنَى التَّشْطِيرِ: أَنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّجُوعِ، وَالصَّحِيحُ: عَوْدُهُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ.

===

العلم بحقيقة الحال، (وقيل: إن اتحد المجلس. . فمهر، وإلا. . فمهور، والله أعلم) لانقطاع كل مجلس عن الآخر.

* * *

(فصل: الفرقة قبل وطء منها) كفسخها النكاح بعيبه، أو عتقها (أو بسببها. . كفسخه بعيبها. . يسقط المهر) لأنها أتلفت المعوض قبل التسليم فسقط العوض؛ كما لو أتلف المبيع قبل التسليم، (وما لا) يكون منها ولا بسببها (كطلاق) ولو باختيارها؛ بأن فوض إليها وعلقه على فعلها ففعلت، وسواء البائن وغيره، وكذا الخلع وإن جعلناه فسخًا.

(وإسلامه، وردته، ولعانه، وإرضاع أمه، أو أمها يُشطِّره) أما في الطلاق. . فلقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} ، وأما في الباقي. . فبالقياس عليه.

(ثم قيل: معنى التشطير: أنَّ له خيار الرجوع) في النصف؛ فإن شاء تملكه وإن شاء تركه كالشفيع؛ لأنه لا يدخل في الملك بغير اختيار سوى الإرث.

(والصحيح: عوده) أي: النصف (بنفس الطلاق) للآية المتقدمة، ولم يصرح المصنف بمن يعود إليه الشطر، وهو الزوج، إن كان هو المصدق، أو كان صغيرًا وأصدق عنه أبوه من مال نفسه، ولو أصدق الأب عن البالغ من مال نفسه ثم طلق. . عاد الشطر إلى الأب؛ كما لو أصدق عن الزوج أجنبي، ثم طلق الزوج. . فإنه يعود الشطر إلى الأجنبي على الأصحِّ؛ كذا نقلاه في (الباب الثاني في الصداق الفاسد)، وأقراه (1)، لكن قال الأَذْرَعي: إن المذهب الذي أورده أكثر العراقيين وغيرهم، ونصَّ

(1) الشرح الكبير (8/ 263)، روضة الطالبين (7/ 270).

ص: 158

فَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ. . فَلَهُ. وَإِنْ طَلَّقَ وَالْمَهْرُ تَالِفٌ. . فَنِصْفُ بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ. وَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا؛ فَإِنْ قَنِعَ بِهِ. . فَلَا أَرْشَ، وَإِلَّا. . فَنِصْفُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا.

===

عليه في "الأم" نصًّا صريحًا: عوده إلى الزوج.

ولو سلم العبد الصداق من كسبه ثم طلق قبل الدخول. . عاد النصف إلى السيد؛ فالعبرة بالمالك عند الإصداق لا عند ملك الزوج الصداق على الأصحِّ.

(فلو زاد) الصداق (بعده) أي: بعد الطلاق (. . فله) نصف الزيادة المتصلة والمنفصلة؛ لحدوثها من الملك المشترك، وأشار بـ (الفاء) إلى تفريع هذا على الصحيح، أما على الأول. . فالزيادة لها إن حدثت قبل اختيار التملك؛ كالحادثة قبل الطلاق.

(وإن طلق والمهر تالف. . فنصف بدله من مثلٍ) إن كان مثليًّا (أو قيمة) إن كان متقومًا؛ لأنه لو كان باقيًا. . لأخذ نصفه، فإذا فات. . رجع بنصف بدله؛ كما في الرد بالعيب.

(وإن تعيب في يدها؛ فإن قنع به) أي: بنصفه (. . فلا أرش) كما لو تعيب المبيع في يد البائع، (وإلا) أي: وإن لم يقنع به (. . فنصف قيمته سليمًا) لأنه لا يلزمه الرضا بالمعيب، فله العدول إلى بدله.

واقتصاره على نصف القيمة محمولٌ على المتقوم، وأما المثلي. . فقيمة مثل نصفه؛ كما صرَّح به ابن الصباغ وغيره، وجزم فيه في "المطلب"، وهو واضح.

والتعبير بنصف القيمة عبر به الشافعي والجمهور، ووقع في كلام الغزالي قيمة النصف (1)، وهو تساهل. انتهى.

وما ذكره الغزالي تبع فيه إمامه، وذكر أن تعبيرهم بنصف القيمة تساهل، ومرادهم: قيمة النصف، وهو أقل من نصف القيمة؛ أي: لأنا إذا قومنا النصف. . نظرنا إلى جزء من الجملة، وذلك مما يوجب النقصان، فإن التشقيص عيب، وما ذكره مال إليه المصنف في (كتاب الوصية) فقال: القياص: قيمة النصف وهي

(1) الوجيز (ص 362).

ص: 159

وَإِنْ تَعَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهَا. . فَلَهُ نِصْفُهُ نَاقِصًا بَلَا خِيَارٍ. فَإِنْ عَابَ بِجِنَايَةٍ وَأَخَذَتْ أَرْشَهَا. . فَالأَصَحُّ: أَنَّ لَهُ نِصْفَ الأَرْشِ. وَلَهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، وَخِيَارٌ فِي مُتَّصِلَةٍ، فَإِنْ شَحَّتْ. . فَنِصْفُ قِيمَتِهِ بِلَا زِيَادَةٍ، وَإِنْ سَمَحَتْ. . لَزِمَهُ الْقَبُولُ. وَإِنْ زَادَ وَنَقَصَ كَكِبَرِ عَبْدٍ

===

أقل (1)، ومال إليه أيضًا ابن الرفعة والسبكي والإسنوي والبُلْقيني، ومن تبعهم.

(وإن تعيب قبل قبضها) بآفة سماوية (. . فله نصفه ناقصًا بلا خيار) ولا طلب أرش؛ لأنه حالة نقصه كان من ضمانه لا من ضمانها.

(فإن عاب بجناية وأخذت أرشها. . فالأصح: أن له نصف الأرش) مع نصف العين؛ لأنه بدل الفائت، والثاني: لا؛ كزيادة منفصلة.

(ولها زيادة منفصلة) كولد وثمرة وأجرة؛ لأنها حدثت في ملكها، والطلاق إنما يقطع ملكها من حين وجوده لا من أصله؛ فهو كرجوع الواهب بعد حدوث هذه الزيادة، إلا إذا كانت الزيادة ولد جارية لا يميز؛ فليس له ذلك؛ للتفريق، بل يرجع بقيمة النصف.

(و) لها (خيار في متصلة) كسمن وحرفة، (فإن شحَّت. . فنصف قيمته بلا زيادة) لأن الزيادة غير مفروضة، ولا يمكن الرد دونها فجعل المفروض كالهالك، ولا تمنع الزيادة المتصلة الاستقلال بالرجوع إلا في هذا الموضع، وفرقوا بفروق؛ منها: أن الزوج متهم بالطلاق بخلاف غيره.

(وإن سمحت) بالزيادة (. . لزمه القبول) لأنه حقه مع زيادة لا تتميز ولا تفرد بالتصرف، بل هي تابعة؛ فلا تعظم فيها المِنَّة.

(وإن زاد ونقص ككبر عبد) أي: كبرًا غير نقص؛ بأن بلغ حدًّا يمنع من دخوله على الحريم، فالزيادة من حيث إنه يقصد للصنائع والأسفار، والنقص من حيث منعه من الدخول على الحريم، وقد يكون الكبر زيادة محضة، كبلوغ ابن سنة خمس سنين أو نقصًا محضًا؛ كصيرورة الشاب شيخًا.

(1) روضة الطالبين (6/ 146).

ص: 160

وَطُولِ نَخْلَةٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ مَعَ مَرَضٍ؛ فَإِنِ اتَّفَقَا بِنِصْفِ الْعَيْنِ، وَإِلَّا. . فَنِصْفُ قِيمَتِهِ. وَزِرَاعَةُ الأَرْضِ نَقْصٌ، وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ. وَحَمْلُ أَمَةٍ وَبَهِيمَة زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ، وَقِيلَ: الْبَهِيمَةُ زِيَادَةٌ. وَإِطْلَاعُ نَخْلٍ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَإِنْ طَلَّقَ وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ. . لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ، فَإِنْ قُطِفَ. . تعَيَّنَ نِصْفُ النَّخْلِ. وَلَوْ رَضِيَ بِنِصْفِ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إِلَى جَذَاذِهِ. . أُجْبِرَتْ فِي الأَصَحِّ، وَيَصِيرُ

===

(وطول نخلة) بحيث يقل ثمرها؛ لكبرها، فالزيادة بكثرة الحطب، والنقص بقلة الثمر.

(وتعلم صنعة مع مرض (1)، فإن اتفقا بنصف العين). . فذاك؛ لأن الحق لا يعدوهما، (وإلا. . فنصف قيمته) لأنه الأعدل.

(وزراعة الأرض نقص) محض؛ لأنها تستوفي قوة الأرض غالبًا، (وحرثها زيادة) إذا كانت معدة للزراعة؛ كما صرح به في "المحرر"(2)، وإلا. . فهو نقص محض.

(وحملُ أمة وبهيمه زيادة ونقص) إذ فيه توقع الولد، والضعف حالًا وخوف الموت مآلًا، (وقيل: البهيمة زيادة) محضة؛ لأنها لا تهلك غالبًا، بخلاف الإماء.

وأجاب الأول: بأنه يؤثر في لحم المأكول، ولا ينتفع بغيره مع الحمل ما ينتفع به بلا حمل.

(وإطلاع نخل) بعد الصداق (زيادة متصلة) فيمنع الرجوع القهري؛ لحدوثه في ملكها، (وإن طلق وعليه ثمر مؤبر) حدث طلعه بعد الإصداق (. . لم يلزمها قطفه) لترجع إلى نصف المُسمَّى، بل تستحق إبقاءه إلى الجذاذ؛ لأن حصول الثمر على النخل بحق، فتمكن من إبقائه إلى الجذاذ.

(فإن قطف. . تعين نصف النخل) إن لم يحدث نقص؛ كانكسار سعف وأغصان، ولا طال زمن القطع لزوال المانع.

(ولو رضي بنصف النخل وتبقية الثمر إلى جذاذه. . أجبرت في الأصح، ويصير

(1) في (ز): (وتعلم صنعة مع برص).

(2)

المحرر (ص 314).

ص: 161

النَّخْلُ فِي يَدِهِمَا، وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ. . فَلَهُ الامْتِنَاعُ وَالْقِيمَةُ. وَمَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ أَوْ لَهَا أَوْ لَهُمَا. . لَمْ يَمْلِكْ نِصفَهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذُو الاخْتِيَارِ. وَمَتَى رَجَعَ بِقِيمَتِهِ. . اعْتُبِرَ الأَقَلُّ مِنْ يَوْمَيِ الإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ.

===

النخل في يدهما) كسائر الأملاك الشائعة، والثاني: لا تجبر؛ لأنها لا تأمن أن يدعي الزوج شركة في الثمر؛ لثبوت يده.

(ولو رضيت به) أي: برجوعه في نصف الشجر وترك ثمرها إلى الجذاذ (. . فله الامتناع والقيمة) أي: طلبها لأنه لمَّا طلقها، وهي زائدة. . تعلق حقه بالقيمة، فلا تنقل إلى العين إلا برضاه.

(ومتى ثبت خيار له) بسبب نقص الصداق (أو لها) بسبب زيادة (أو لهما) لاجتماع المعنيين (. . لم يملك نصفه حتى يختار ذو الاختيار) إن كان لأحدهما، فإن كان الخيار لهما. . اعتبر توافقهما وإن قلنا: إن الطلاق يشطر الصداق بنفسه، وإلا. . لبطلت فائدة التخيير والتوافق، واقتضى كلامه: أنه على التراخي، وهو كذلك.

نعم؛ إذا طالب الزوج. . كلفت اختيار أحدهما على الفور.

(ومتى رجع بقيمته) لهلاك الصداق أو غيره (. . اعتبر الأقل من يومي الإصداق والقبض) لأن قيمة يوم الإصداق إن كانت أقل. . فالزيادة بعد ذلك حدثت على ملكها لا تعلق للزوج بها، فلا تضمنها له، وإن كانت قيمة يوم القبض أقل. . فما نقص قبل ذلك فهو من ضمانه، فكيف يرجع عليها بما هو مضمون عليه؟

وقضية كلامه كـ "الروضة"؛ عدم اعتبار الحالة المتوسطة بينهما، فلو كانت قيمته يوم العقد مئة، ثم رجعت قبل القبض إلى خمسين، ثم قبضته وقيمته تسعون يجب تسعون، وبه صرح ابن الملقن في "شرحيه"(1)، قال الأَذْرَعي: وهو غلط، والذي ذكره الأئمة اعتبارها.

ويستثنى من إطلاق المصنف: ما لو تلف في يدها بعد الفراق، وقلنا بالمذهب: إنه مضمون عليها. . فتعتبر قيمة يوم التلف، لأن الرجوع وقع إلى عين الصداق، ثم تلف تحت يد ضامنه.

(1) عجالة المحتاج (3/ 1306).

ص: 162

وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ. . فالأَصَحُّ: تَعَذُّرُ تَعْلِيمِهِ، وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ بَعْدَ وَطْءٍ، وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ. وَلَوْ طَلَّقَ وَقَدْ زَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ. . فَنِصْفُ بَدَلِهِ، فَإِنْ كَانَ زَالَ وَعَادَ. . تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ فِي الأَصَحِّ.

===

(ولو أصدق تعليم القرآن وطلقَّ قبله. . فالأصح: تعذر تعليمه) لأنها صارت أجنبية، ولا تؤمن المفسدة لو علَّم، وهذا هو المنصوص في "المختصر"؛ كما ذكره الرافعي (1)، والثاني: لا يتعذر؛ لإمكانه من وراء حجاب في غير خلوة؛ كما يسمع منها الحديث، وصححه جمع، واختاره الأَذْرَعي، وقد جزموا بجواز تعلمها من الأجنبي من وراء ستر بحضور محرم، وحكى الإمام عن الأئمة: أن علة التعذر عسر التنصيف (2)، ورُدَّ: بما إذا كان الطلاق بعد الدخول؛ فإن المستحق تعليم الكل، وقد صرحوا بتعذر التعليم.

وصورة المسألة: أن يصدقها تعليم ذلك بنفسه، أما لو أصدقها ذلك في ذمته. . لم يتعذر التعليم، لجواز تحصيل من يعلمها ذلك من محرم أو امرأة.

(ويجب مهر مثل بعد وطء، ونصفه قبله) أي: قبل الوطء، جريًا على القاعدة (3).

(ولو طلق) قبل الدخول (وقد زال ملكها عنه) أي: عن الصداق ببيع أو إعتاق أو هبة مقبوضة (. . فنصف بدله) أي: المثل إن كان مثليًّا، وقيمة النصف إن كان متقومًا؛ كما لو تلف، (فإن كان زال وعاد) ثم طلقها قبل الدخول (. . تعلق بالعين في الأصح) لأنه لا بُدَّ له من بدل؛ فعين ماله أولى، والثاني: لا؛ لأن الملك المستعاد من غير جهة الصداق.

(1) الشرح الكبير (8/ 311)، مختصر المزني (ص 179).

(2)

نهاية المطلب (13/ 27).

(3)

قال في "العجالة"[3/ 1307]: (واحترز بقوله: "قبله" عمَّا إذا طلقها بعد التعليم)، وهو عجيب؛ فإن قوله:(قبله) أي: قبل الوطء كما قلناه، ولعل مراده قول المصنف:(قبله) في المسألة التي قبلها، ويؤيد كون ذلك مراده أن السبكي قال في هذه المسألة: وقول المصنف المتقدم: (قبله) معناه: قبل التعليم. . . إلى آخره، فأخذ ابن الملقن كلامه كعادته وتصرف فيه فأخل. اهـ هامش (أ).

ص: 163

وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَ. . فَالأَظْهَرُ: أَنَّ لَهُ نِصْفَ بَدَلِهِ. وَعَلَى هَذَا: لَوْ وَهَبَتْهُ النِّصْفَ. . فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ، وَفِي قَوْلٍ: الْنِّصْفُ الْبَاقِي، وَفِي قَوْلٍ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَدَلِ نِصْفِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبُعِ بَدَلِ كُلِّهِ. وَلَوْ كَانَ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ. . لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَيْسَ لِوَليٍّ عَفْوٌ عَنْ صدَاقٍ عَلَى الْجَدِيدِ.

===

(ولو وهبته له ثم طلق) قبل الدخول (. . فالأظهر: أن له نصف بدله) من مثل أو قيمة؛ لعوده إليه بملك جديد، فلم يمتنع الرجوع؛ كما لو وهب المشتري المبيع من البائع ثم أفلس بالثمن؛ فإن البائع يضارب بالثمن مع الغرماء على المذهب، والثاني: لا يرجع عليها بشيء؛ لأنها عجلت له ما يستحقه، فأشبه تعجيل الزكاة قبل الحول، والدين قبل الحلول، ومنع الأول كونه تعجيلًا لحقه، فإنها لو صرحت بالتعجيل. . لم يصح.

(وعلى هذا) أي: الأظهر (لو وهبته النصف. . فله نصف الباقي وربع بدل كله) لأن الهبة وردت على مطلق الجملة، فيشيع فيما أخرجته وما أبقته، (وفي قول: النصف الباقي) لأنه استحق النصف بالطلاق، وقد وجده؛ فيتعين الرجوع فيه، وتنحصر هبتها في نصيبها؛ ويُسمَّى الأول: قول الإشاعة، والثاني: قول الحصر، (وفي قول: يتخير بين بدل نصف كله، أو نصف الباقي وربع بدل كله) لأن في الرجوع بنصف الباقي وبدل نصف الآخر تبعيضًا للشطر على الزوج، والتبعيض عيب والعيب بيد الزوجة فخير الزوج.

وقوله: (أو نصف الباقي)، الصواب: إسقاط (الألف) لأن (بين) إنما تكون بين شيئين.

(ولو كان دينًا فأبرأته. . لم يرجع عليها على المذهب) قطعًا؛ لأنه لم يغرم شيئًا؛ كما لو شهد شاهدان بدين على إنسان، وحكم به الحاكم ثم أبرأ المحكوم له المحكوم عليه عن الدين، ثم رجع الشاهدان عن الشهادة. . لم يغرما للمحكوم عليه شيئًا، وقيل: على القولين في هبة العين، ورجح قائلها هنا عدم الرجوع، والفرق: أنها لم تأخذ شيئًا، والإبراء إسقاط محض.

(وليس لولي عفو عن صداق على الجديد) كسائر الديون، والقديم: نعم؛ بناءً

ص: 164