الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ نَكَحَ بشَرْطِ إِذَا وَطِئَ طَلَّقَ أَوْ بَانَتْ أَوْ فَلَا نِكَاحَ .. بَطَلَ، وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ.
فصلٌ [في نكاح من فيها رق وتوابعه]
لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا، وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا .. بَطَلَ نِكَاحُهُ. وَلَا تنكِحُ مَنْ تَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ
===
(ولو نكح بشرط إذا وطئ طلّق، أو بانت أو فلا نكاح .. بطل) أما في الأولى .. فلأنه شرط لمنع دوام النكاح، فأشبه التأقيت، وأما في الباقي .. فلأنه ضرب من نكاح المتعة، وعليه حمل لعن المحلل والمحلل له.
(وفي التطليق قولٌ) أنه يصح، ويبطل الشرط، ويجب مهر المثل، لأنه شرط فاسد قارن العقد، فلا يبطل به؛ كما لو نكحها بشرط ألّا يتزوج عليها أو لا يسافر بها، فإذا وطئ .. حصل التحليل، وعلى الأوّل: إذا وطئ .. ففي تحليلها القولان في الوطء في النكاح الفاسد، ولو لم يجر شرط ولكن في عزمه أن يطلقها إذا وطئها .. كره وصح العقد، خلافًا لمالك وأحمد.
* * *
(فصل: لا ينكح من يملكها) ولو مستولدة ومكاتبة (أو بعضها) لتناقض أحكام الملك والنكاح؛ إذ الملك لا يوجب القسم، ولا يقتضي الطلاق ونحوه، وعند التناقض يثبت الأقوى ويسقط الأضعف، وملك اليمين أقوى؛ لأنه يملك به الرقبة والمنفعة، والنكاح لا يُملك به إلا ضرب من المنفعة.
(ولو ملك زوجته أو بعضها .. بطل نكاحه) وبقي ملك اليمين؛ لقوَّته.
(ولا تنكح من تملكه أو بعضه)(1) لتضاد الأحكام؛ لأنها تطالبه بالسفر إلى الشرق؛ لأنه ملكها، وهو يطالبها بالسفر معه إلى الغرب؛ لأنها زوجته، فلو ملكت زوجها أو
(1) فائدة: جاءت امرأة إلى عمر رضي الله عنه فقالت: إن لي عبدًا قد رضيت دينه وأمانته، وأنا أريد أن أتزوجه، فقال لها: ليس ذلك لك، قالت: لِمَ، أليس الله تعالى يقول:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} ؟ قال عمر: ويحك إنما هو للرجال دون النساء، قالت: والله؛ لا أدع تزويجه حتى تقرأ عليّ بها آية من كتاب الله تعالى للرجال دون النساء، فقال عمر: والله؛ لئن فعلت .. لأجلدنك، فكفت حين رأت منه الجد. اهـ هامش (أ).
وَلَا الْحُرُّ أَمَةَ غَيْرِهِ إِلَّا بِشُرُوطٍ: أَلَّا تَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ لِلاسْتِمْتَاعِ، قِيلَ: وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ
===
بعضه .. انفسخ النكاح إذا تم البيع؛ فإن فسخ في زمن الخيار .. فالنكاح بحاله إلا إذا قلنا: إن الملك للمشتري .. ففيه خلاف، وظاهر النص على مقتضى كلام الماوردي: عدم الانفساخ، ومقتضى كلام الإمام والغزالي: أن المشهور: خلافه (1).
(ولا الحر أمة غيره إلا بشروط: ألا تكون تحته حرة تصلح للاستمتاع) ولو كتابية على الصحيح؛ لأنه إذا كان تحته حرة تصلح للاستمتاع .. لا يخشى العنت، ولأن وجودها أعظم من استطاعة طولها، واستطاعة الطول وعدم خشية العنت مانعان من نكاح الأمة بالآية الكريمة، وقد روى البيهقي عن الحسن مرسلًا: أنه صلى الله عليه وسلم: نهى أن تنكح الأمة على الحرة، ولهذا المرسل ما يؤكده (2).
والتقييد بـ (المؤمنة) في الآية خرج مخرج الغالب؛ فإن الغالب أن المسلم إنما يرغب في المؤمنات.
وكان ينبغي أن يقول: (منكوحة) بدل (حرة) فإن الحرة والرقيقة في ذلك سواء.
واحترز بـ (الحر): عن العبد، فله نكاح الأمة، لقوله تعالى:{مِنْكُمْ} فإنه خطاب للأحرار، كما قاله الشافعي (3)، ولأن إرقاق ولده ليس عيبًا عليه.
(قيل: ولا غيرُ صالحة) للاستمتاع بها؛ كعيب يثبت الخيار، أو صغر أو هرم، ونحوها؛ لعموم النهي عن أن تنكح الأمة على الحرة؛ ولأنه يمكنه الجماع فيما دون الفرج، وبه تندفع الشهوة، فيأمن العنت، وكلام "المحرر" يقتضي ترجيحه؛ فإنه قال:(والأحوط: المنع)، وخالفه المصنف، فصحح الجواز من غير تمييز، قال
(1) الحاوي الكبير (11/ 114)، نهاية المطلب (12/ 71).
(2)
سنن البيهقي (7/ 175)، وأما ما يؤكده .. فهو ما أخرجه ابن ماجه (1862) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(3)
الأم (6/ 23).
وَأَنْ يَعْجَزَ عَنْ حُرَّةٍ تَصْلُحُ، قِيلَ: أَوْ لَا تَصْلُحُ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ .. حَلَّتْ أَمَةٌ إِنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا، أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتهُ،
===
في "المهمات"، وهو عجيب، ولم يصرحا في "الشرحين"، و"الروضة" بترجيح. انتهى (1).
ونسب ابن يونس في "شرح التعجيز" الجواز لاختيار الجمهور، قال السبكي: ولا شك أن المعنى يعضده؛ لأن وجود من لا تصلح للاستمتاع كعدمها.
(وأن يعجز عن حرّة) إما لفقدها، أو لفقد صداقها، أو لم ترض إلا بزيادة على مهر مثلها على الأصح في "زيادة الروضة"(2)، أو لم ترض بنكاحه لقصور نسبه ونحوه؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} الآية.
و(الطول): السعة والفضل؛ كما فسره ابن عباس (3).
ولا يمنع ماله الغائب نكاح الأمة؛ كما لا يمنع ابن السبيل الزكاة.
(تصلح، قيل: أو لا تصلح) أحال في "المحرر" الخلاف هنا على الخلاف السابق، وقد علمت ما فيه، لكن الأصحّ في "الروضة" و"الشرح الصغير" هنا: اشتراط صلاحيتها؛ كما أفهمه كلام الكتاب، وأفهمه إيراد "الكبير" أيضًا؛ لأنه لم يحصل منها ما هو المقصود الأصلي (4).
(فلو قدر على غائبة .. حلّت أمةٌ إن لحقه مشقة ظاهرة في قصدها، أو خاف زنًا مدَّته) أي: مدة قصدها، وإلا .. فلا يحل، ويجب عليه السفر لها، هذا إذا كانت الحرة تنتقل معه إلى بلده؛ فإن لم تسمح إلا بأن يقيم ببلدها .. فهي كالعدم فيما يظهر؛ لأن في تكليفه التغريب أعظم مشقة.
وضبط الإمام المشقة: بأن ينسب متحملها في طلب زوجة إلى الإسراف ومجاوزة الحد (5).
(1) المحرر (ص 298)، الشرح الكبير (8/ 56)، روضة الطالبين (7/ 129)، المهمات (7/ 112).
(2)
روضة الطالبين (7/ 130).
(3)
أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(10/ 125).
(4)
المحرر (ص 298)، روضة الطالبين (7/ 129)، الشرح الكبير (8/ 56).
(5)
نهاية المطلب (12/ 263).
وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ .. فَالأَصَحُّ: حِلُّ أَمَةٍ فِي الأَولَى دُونَ الثَّانِيَةِ. وَأَنْ يَخَافَ زِنًا، فَلَوْ أَمْكَنَهُ تَسَرٍّ .. فَلَا خَوْفَ فِي الأَصَحِّ. وَإِسْلَامُهَا،
===
(ولو وجد حرة بمؤجل) أو من يبيعه بنسيئة ما يفي بصداقها، أو وجد من يستأجره بأجرة معجلة، (أو بدون مهر مثل) وهو يجده (فالأصح: حلُّ أمةٍ في الأولى) لما فيه من شغل الذمة في الحال، وقد لا يظفر بما يتوقعه، والثاني: لا؛ للقدرة على نكاح حرة، وقيّدا في "الشرح" و"الروضة" الخلاف بمن يتوقع القدرة على الوفاء عند المحل، وقضيته: أنه إن لم يتوقعه .. يحل له قطعًا (1)، وإطلاق الكتاب يقتضي جريان الخلاف فيه.
(دون الثانية) لقدرته على نكاح حرة، ولا عبرة بالمنة؛ إذ العادة المسامحة في المهور، والثاني: تحل؛ لما فيه من المنة، ولو رضيت بلا مهر .. حلّت أيضًا على الأصحِّ، ولو أُقرض مهر الحرة .. لم يجب القبول على المذهب؛ لاحتمال المطالبة في الحال، ولو وهب له مال أو جارية .. لم يلزمه القبول، وحلّت الأمة.
(وأن يخاف زنًا) لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} ، والمراد به: الزنا، وأصل (العنت): المشقة الشديدة، وهذا الشرط يقتضي: أن المجبوب لا تحل له الأمة مطلقًا؛ إذ لا يمكنه زنًا، وهو الجواب في "الإبانة" و"العمد" و"النهاية" و"التتمة" و"البيان"، لكن في "تجربة الروياني": الجواز عند خوف الوقوع في الفعل المأثوم، وقال الشيخ عز الدين: ينبغي جوازه للممسوح مطلقًا وإن لم يخف إثمًا؛ لانتفاء محذور رق الولد؛ لأنه لا يلحقه (2)، وفي "فتاوى القاضي الحسين": أنه ليس للعنين نكاح الأمة (3).
(فلو أمكنه تسرٍّ .. فلا خوف في الأصح) لأمنه العنت مع وجودها، فلا ضرورة به إلى إرقاق ولده، والثاني: نعم؛ لأنها دون الحرة، ولهذا لا تستحق القسم.
(وإسلامها) فلا يحل له نكاح الأمة الكتابية، لقوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ
(1) الشرح الكبير (8/ 58)، روضة الطالبين (7/ 130).
(2)
نهاية المطلب (12/ 260)، البيان (9/ 265)، القواعد الكبرى (1/ 147).
(3)
فتاوى القاضي الحسين (ص 334).
وَتَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ كِتَابِيَّيْنِ أَمَةٌ كِتَابِيّةٌ عَلَى الصَّحِيح، لَا لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ فِي الْمَشْهُورِ. وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَرَقِيقَةٍ. وَلوْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ، أَوْ نَكَحَ حُرَّةً .. لَمْ تنفَسِخِ الأَمَةُ. وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ حُرَّةٌ وَأَمَةً بِعَقْدٍ .. بَطَلَتِ الأَمَةُ، لَا الْحُرَّةُ فِي الأَظْهَرِ
===
الْمُؤْمِنَاتِ} ، ولاجتماع نقصين: الكفر والرق، وكل منهما له مدخل في منع النكاح، ولا يشترط كونها لمسلم في الأصحِّ.
(وتحل لحرٍّ وعبد كتابيين أمةٌ كتابيةٌ على الصحيح) لتكافئهما في الدين، والثاني: المنع؛ كما لا ينكحها الحر المسلم، ومجوسي في أمة مجوسية، ووثني في أمة وثنية .. كذلك.
فإن قيل: أنكحة الكفار صحيحة، فما صورة منع نكاح الحر الكتابي الأمة الكتابية؟
قيل: إذا طلبوا من قاضينا تزويجها منه، قاله في "شرح التعجيز".
(لا لعبد مسلم في المشهور) لأن مدرك المنع فيها كفرها، فاستوى فيه الحرُّ والعبد؛ كالمرتدة والمجوسية، والثاني: له نكاحها؛ لتساويهما في الرق، وإنما تفاوتا في الدين، وهو لا يمنع النكاح؛ بدليل نكاح الحر المسلم الحرة الكتابية.
(ومن بعضها رقيق كرقيقة) فلا ينكحها الحرّ إلا بالشروط السابقة؛ لأن إرقاق بعض الولد محذور أيضًا.
وإطلاقه يفهم: أنه لو قدر على مبعضة صالحة .. حلت فيه، وفيه تردد للإمام هما وجهان في "البحر": أحدهما: لا يجوز (1)، إذ إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله لا سيما إذا قلّ الجزء، ورجحه بعضهم؛ لأن تخفيف الرق مطلوب.
(ولو نكح حرٌّ أمة بشرطه ثم أيسر، أو نكح حرة .. لم تنفسخ الأمة) لقوة الدوام؛ ولهذا الإحرام والعدة والردة تمنع ابتداء النكاح دون دوامه.
(ولو جمع من لا تحل له أمةٌ حرةً وأمةً بعقد .. بطلت الأمة) لأن شرط نكاحها فقد الحرة، (لا الحرة في الأظهر) هما قولا تفريق الصفقة، وقيل: لا يبطل نكاح الحرة قطعًا.
(1) نهاية المطلب (12/ 265)، بحر المذهب (9/ 233).