الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ قِيلَ لَهُ: (مُتِّعْتَ بِوَلَدِكَ) أَوْ (جَعَلَهُ اللهُ لَكَ وَلَدًا صَالِحًا) فَقَالَ: (آمِينَ)، أَوْ (نَعَمْ) .. تَعَذَّرَ نَفْيُهُ، وَإِنْ قَالَ:(جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا) أَوْ (بَارَكَ اللهُ عَلَيْكَ) .. فَلَا. وَلَهُ اللِّعَانُ مَعَ إِمْكَانِ بيِّنَةٍ بزِنَاهَا، وَلَهَا لِدَفْع حَدِّ الزِّنَا.
فصلٌ [في المقصود الأصلي من اللعان]
لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِنْ عَفَتْ عَنِ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكِّاحُ، وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ وَإِنْ زَالَ النِّكاحُ وَلَا وَلَدَ، وَلِتَعْزِيرِهِ، إِلَّا تَعْزِيرَ تأدِيبٍ لِكَذِبٍ؛ كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ
===
الخفاء فيها .. لم يقبل؛ لمخالفة الظاهر إذن.
(ولو قيل له: "متعت بولدك" أو "جعله الله لك ولدًا صالحًا"، فقال: "آمين" أو "نعم" .. تعذر نفيه) ولحقه الولد؛ لأن ذلك يتضمن الرضا به.
(وإن قال: "جزاك الله خيرًا"، أو "بارك الله عليك" .. فلا) يتعذر النفي؛ لاحتمال أنه قصد مقابلة الدعاء، فلا يكون مقرًا بالشك.
وصورة المسألة: أن يقول ذلك وهو متوجه إلى الحاكم، أو في حالة يعذر فيها بالتخلف؛ كالليل ونحوه، أو يهنئه من لا يسقط الحق بإخباره.
(وله اللعان مع إمكان بينة بزناها) لأن كلًّا منهما حجة، (ولها لدفع حد الزنا) المتوجه عليها بلعان الزوج؛ لقوله تعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8]، ولا يحل لها النكول عن اللعان إذا كانت صادقة في نفس الأمر؛ كي لا يكون عونًا على جلدها أو رجمها وفضيحة أهلها، قاله الشيخ عز الدين، وصوّب (1).
* * *
(فصل: له اللعان لنفي ولد وإن عفت عن الحد وزال النكاح) بطلاق أو غيره؛ للحاجة إليه، بل نفي النسب آكد من درء الحد.
(ولدفع حد القذف وإن زال النكاح ولا ولد) لحاجته إليه أيضًا.
(ولتعزيره) الواجب على القاذف؛ كقذف زوجته الذمية أو الأمة؛ لأنه غرض صحيح، (إلا تعزير تأديب لكذب؛ كقذف طفلة لا توطأ) أي: لا يمكن وطؤها؛
(1) القواعد الكبرى (2/ 59).
وَلَوْ عَفَتْ عَنِ الْحَدِّ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَا وَلَدَ يَنْفِيهِ، أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ .. فَلَا لِعَانَ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتت ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا مُطْلَقٍ، أَوْ مُضَافٍ إِلَى مَا بَعْدَ النِّكَاحِ .. لَا عَنَ إِنْ كَانَ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ، فَإِنْ أَضَافَ إِلَى مَا قَبْلَ النِّكاحِ .. فَلَا لِعَانَ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ،
===
للعلم بكذبه، بل يعزر؛ تأديبًا على الكذب حتى لا يعود للإيذاء.
(ولو عفت عن الحد) أو التعزير، (أو أقام بينة بزناها، أو صدقته، ولا ولد) ولا حمل (ينفيه (1)، أو سكتت عن طلب الحد) ولم تعف، (أو جُنّت بعد قذفه .. فلا لعان في الأصح) في المسائل الخمس.
وجه الأصحِّ في عفوها: أن اللعان حجة ضرورية، إنما يستعمل لغرض مهم؛ وهو دفع النسب أو عقوبة القذف، ولا ضرورة هنا، ووجه مقابله: قطع النكاح ودفع عار الكذب عنه.
ووجه الأصحِّ في إقامة البينة أو تصديقها: ثبوت قوله بحجة أقوى من اللعان، فلا فائدة في اللعان، ووجه مقابله: قصد التحريم المؤبد وغيره.
ووجه الأصحِّ فيما إذا سكتت أو جُنت: عدم ضرورته إليه، وإنما تلاعن عند الضرورة إليه، ووجه مقابله: أن له غرضًا في إسقاط الحد؛ لأنه معرض للطلب في كل وقت.
وكان الأولى: تأخير قوله: (ولا ولد) إلى آخر الصور؛ لئلا يرد عليه: ما لو كان ولدٌ أو حمل في مسألتي السكوت والجنون .. فإن له اللعانَ قطعًا.
وكلامه يوهم: تساوي الكل في عدم اللعان، وليس كذلك، بل هو في الثلاث الأُوَل مطلق وفي الأخيرتين منفي في الحال خاصة، فإذا طولب .. لاعن.
(ولو أبانها) بثلاث أو غيرها (أو ماتت، ثم قذفها بزنًا مطلق أو مضاف إلى ما بعد النكاح .. لاعن إن كان ولد يلحقه) للحاجة إلى النفي؛ كما في صلب النكاح.
(فإن أضاف إلى ما قبل النكاح .. فلا لعان إن لم يكن ولد) ويحد؛ لأنه غير محتاج إليه؛ كقذف الأجنبية.
(1) قوله: (ينفيه) في (هـ) و (ز) من الشرح.
وَكَذَا إِنْ كَانَ فِي الأَصَحِّ لكِنْ لَهُ إِنْشَاءُ قَذْفٍ وُيلَاعِنُ، وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْءَمَيْنِ.
===
(وكذا إن كان) ولد أو حمل (في الأصح) لتقصيره بذكر التاريخ.
وتبع في هذا التصحيح "المحرر"، ونقله في "زيادة الروضة" عنه وقال: إنه أقوى (1).
والثاني: له اللعان، كما لو أطلق، وعزاه في "الشرح الصغير" للأكثرين، ولم يذكر ترجيحًا سواه، واقتضى كلام "الكبير": ترجيحه، وقال في "المهمات": إن الفتوى عليه؛ لكونه قول الأكثرين (2).
(لكن له إنشاء قذف) تفريعًا على أنه لا يلاعن (ويلاعن) لنفي النسب للضرورة، فإن لم يفعل .. حد.
(ولا يصح نفي أحد توءَمين) قطعًا؛ لأن الله تعالى لم يجر العادة بأن يجتمع في الرحم ولدان من ماء رجلين؛ لأن الرحم إذا اشتمل على المني .. انسد فمه فلا يتأتى منه قبول مني آخر، ومجيء الولدين إنما هو من كثرة مادة الزرع، فإن نفى أحدهما واستلحق الآخر، أو سكت عن نفيه مع إمكانه .. لحقاه.
* * *
(1) المحرر (ص 359)، روضة الطالبين (8/ 337).
(2)
الشرح الكبير (9/ 373)، المهمات (7/ 515).