المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في تزويج المحجور عليه] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [في الخطبة]

- ‌فصلٌ [في أركان النكاح وغيرها]

- ‌فصلٌ [فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية للنكاح]

- ‌فصلٌ [في الكفاءة]

- ‌فصلٌ [في تزويج المحجور عليه]

- ‌بابُ ما يحرُم من النِّكاح

- ‌فصلٌ [في نكاح من فيها رق وتوابعه]

- ‌فصلٌ [في حل نكاح الكافرة وتوابعه]

- ‌بابُ نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة]

- ‌فصلٌ [في مؤنة المسلمة أو المرتدة]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فَصْلٌ [في الإعفاف]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌فَصْلٌ [في بيان أحكام الصداق المسمى الصحيح والفاسد]

- ‌فَصْلٌ [في التفويض]

- ‌فَصْلٌ [في بيان مهر المثل]

- ‌فَصْلٌ [في تشطير المهر وسقوطه]

- ‌فَصْلٌ [في المتعة]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف في المهر والتحالف فيما سمي منه]

- ‌فَصْلٌ [في وليمة العرس]

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌فصلٌ [في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فصلٌ [في الصيغة وما يتعلق بها]

- ‌فصلٌ [في الألفاظ الملزمة للعوض وما يتبعها]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الخلع أو في عوضه]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْلٌ [في تفويض الطلاق إليها]

- ‌فَصْلٌ [في بعض شروط الصيغة والمطلق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان محل الطلاق والولاية عليه]

- ‌فَصْلٌ [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

- ‌فَصْلٌ [في الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الشك في الطلاق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان الطلاق السني والبدعي]

- ‌فَصْلٌ [في تعليق الطلاق بالأزمنة ونحوها]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع التعليق بالحمل والولادة والحيض وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع أخرى من التعليق]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإِيلاء

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الإيلاء من ضرب مدة وما يتفرع عليها]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الظهار من وجوب كفارة وغير ذلك]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللّعان

- ‌فصلٌ [في قذف الزوج خاصة]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [في المقصود الأصلي من اللعان]

- ‌كتاب العِددَ

- ‌فصلٌ [في العدة بوضع الحمل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [في حكم معاشرة المفارق للمعتدة]

- ‌فصلٌ [في الضرب الثاني من ضربي عدة النكاح]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها]

- ‌بابُ الاسْتِبْرَاء

- ‌كتابُ الرَّضاع

- ‌فَصْلٌ [في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريمًا وغرمًا]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه]

- ‌كتابُ النَّفقات

- ‌فَصْلٌ [في موجب المؤن ومسقطاتها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤن الأقارب]

- ‌فَصْلٌ [في الحضانة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤنة المماليك وتوابعها]

الفصل: ‌فصل [في تزويج المحجور عليه]

وَيجُوزُ مَنْ لَا تُكافِئُهُ ببَاقِي الْخِصَالِ فِي الأَصَحِّ.

‌فصلٌ [في تزويج المحجور عليه]

لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ، وَكَذَا كَبِيرٌ إِلَّا لِحَاجَةٍ

===

ولو زوجه عمياء أو عجوزًا أو مفقودة بعض الأطراف .. ففيه وجهان بلا ترجيح في "الشرح" و"الروضة"(1)، وصحح البُلْقيني: أنه لا يجوز، ونقله عن نص "الأم".

(ويجوز من لا تكافئه بباقي الخصال في الأصح) لأن الرجل لا يتعير بافتراشه من لا تكافئه.

نعم؛ له الخيار إذا بلغ؛ كما اقتضاه كلام "الشرح" و"الروضة" هنا، وصرحا به في أول الخيار حيث قالا: ولو زوج الصغير من لا تكافئه وصححناه .. فله الخيار إذا بلغ، والثاني: لا؛ كالبنت (2).

* * *

(فصل: لا يزوج مجنون صغير) مطلقًا، إذ لا حاجة في الحال، وبعد البلوغ لا ندري أمره، بخلاف الصغير العاقل، فإن الظاهر: حاجته إليه بعد البلوغ، قال ابن داوود: في "شرح المختصر": إلا أن يحتاج إليه للخدمة، وأقره ابن الرفعة، وقيل: يزوجه الأب والجد؛ كالعاقل.

(وكذا كبير) لما فيه من لزوم المهر والنفقة بلا حاجة، ولم يذكروا هنا الوجه المذكور في المجنون الصغير، قال السبكي: ولعل الفرق: أن الولاية على الصغير المجنون بسببين، فهو أقوى من الولاية على المجنون البالغ.

(إلا لحاجة) هو راجع إلى الكبير خاصة؛ فإن الصغير لا حاجة له بالوطء.

و(الحاجة): ظهور رغبته فيهن بدورانه حولهن وتعلقه بهن، أو توقع شفائه بالنكاح، أو بأن يحتاج إلى من يخدمه ويتعهده، ولا يوجد في محارمه من يقوم

(1) الشرح الكبير (7/ 581)، روضة الطالبين (7/ 85).

(2)

الشرح الكبير (7/ 581، 8/ 132)، روضة الطالبين (7/ 85، 176).

ص: 69

فَوَاحِدَةً. وَلَهُ تَزْوِيجُ صغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ إِنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ، وَلَا تشتَرَطُ الْحَاجَةُ، وَسَوَاءٌ صغِيرَةٌ وَكَبيرَةٌ، ثيِّبٌ وَبِكْرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ أَوْ جَدٌّ .. لَمْ تُزوَّجْ في صِغَرِهَا،

===

بذلك، وكانت مؤن النكاح أخف من الشراء، وتوقع شفائه: يكون بشهادة عدلين؛ كما قاله في "المطلب".

وإذا جاز تزويجه .. زوجه الأب، ثم الجد، ثم السلطان دون سائر العصبات؛ كولاية المال.

(فواحدةً) لاندفاع الحاجة بها.

(وله) أي: للأب والجد؛ كما صرح به في "المحرر"(1)(تزويج صغير عاقل أكثر من واحدة) ولو أربعًا إن رآه؛ لأن تزويجه بالمصلحة وقد تقتضي ذلك.

نعم؛ لو كان الصغير ممسوحًا .. ففي تزويجه الخلاف في الصغير المجنون، قاله الجويني.

(ويزوج المجنونة أب أو جد) لأنه لا يرجى لها حال تستأذن فيه، ولهما ولاية الإجبار في الجملة (إن ظهرت مصلحة، ولا تشترط الحاجة) لإفادة المهر والنفقة، بخلاف المجنون.

(وسواء صغيرة وكبيرة، ثيِّب وبكْر) لما قلناه، وقيل: لا يستقل الأب بتزويج الثيب الكبيرة، بل يفتقر إلى إذن السلطان بدلًا من إذنها، وقيل: لا يزوج الثيِّب الصغيرة؛ كما لو كانت عاقلة، ورجحه في "المطلب".

والفرق على الأصحِّ: أن للبلوغ غاية ترتقب فيمكن انتظارها لتأذن، بخلاف الإفاقة، وسواء التي بلغت مجنونة، ومن بلغت عاقلة ثم جنت؛ بناءً على أن من بلغ عاقلًا ثم جن .. فولاية ماله لأبيه، وهو الأصحُّ؛ فإن قلنا: إنها للسلطان .. فكذا التزويج.

(فإن لم يكن أب أو جد .. لم تزوّج في صغرها) إذ لا إجبار لغيرهما، ولا حاجة

(1) المحرر (ص 295).

ص: 70

فَإِنْ بَلَغَتْ .. زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الأَصَحِّ لِلْحَاجَةِ، لَا لِمَصْلَحَةٍ فِي الأَصَحِّ. وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ .. لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ،

===

لها في الحال، (فإن بلغت .. زوّجها السلطان في الأصح) كما يلي مالها.

وظاهر كلامه: أنه لا يحتاج إلى مراجعة الأقارب، والأصحُّ في "التهذيب": الوجوب، وقال الإمام: إنه يستحب، كذا نقلاه في "الشرح" و"الروضة" ولم يرجحا شيئًا (1).

والمذهب: أنه لا يجب؛ كما جزم به الماوردي، وقال في "البحر": إنه ظاهر نص "الأم"، وجزم به الشيخان في الكلام على الخطبة حيث قالا: والمعتبر في المجنونة ردّ السلطان وإجابته، فلو كان إذن الأقارب واجبًا .. لكان ردّهم وإجابتهم معتبرة. نبه عليه في "المهمات"(2)، والثاني: يزوّجها قريبها كالأخ؛ لأن النسيب أشفق، لكن يشترط إذن السلطان نيابة عنها؛ فإن امتنع القريب .. زوّجها السلطان؛ كما لو عضلها، ويجري الوجهان في وجوب المشاورة في تزويج المجنون.

(للحاجة) كظهور علامة الشهوة، أو توقع شفائها بقول أهل الخبرة، (لا لمصلحة) كتوفر المؤن (في الأصح) لأن تزويجها يقع إجبارًا، وغير الأب والجد لا يملك الإجبار، وإنما يصار إليه؛ للحاجة النازلة منزلة الضرورة، والثاني: تزوج للمصلحة؛ كالأب والجد، قال ابن الرفعة: وهو الأصحُّ المنصوص في "الأم"، و"المختصر"، ونقله الأَذْرَعي عن الأصحاب، وقال: إنه الحق، وما رجحاه تبعا فيه الإمام (3).

(ومن حُجر عليه بسفه .. لا يستقل بنكاح) لئلا يفني ماله في مؤن النكاح، فلا بدَّ من مراجعة الولي.

قال السبكي ومن تبعه: واحترز بالحجر: عن السفيه بلا حجر؛ إما أن يكون بلغ

(1) الشرح الكبير (8/ 13)، روضة الطالبين (7/ 95).

(2)

الحاوي الكبير (11/ 181)، الشرح الكبير (7/ 485)، روضة الطالبين (7/ 31)، المهمات (7/ 85).

(3)

الشرح الكبير (8/ 14)، روضة الطالبين (7/ 96).

ص: 71

بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ الْوَليِّ أَوْ يَقْبَلُهُ لَهُ الْوَليُّ. فَإِنْ أَذِنَ وَعَيَّنَ امْرَأَةً .. لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا، وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ .. فالْمَشْهُورُ: صِحَّةُ النِّكاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنَ الْمُسَمَّى

===

سفيهًا -وهو المهمل- .. فتزويجه كسائر تصرفاته، وفيها خلاف، أو بأن بلغ رشيدًا ثم سفه في الدين أو المال أو فيهما، ولم يعد الحجر عليه، وشرطناه -وهو الأصحُّ- .. فتصرفه قبل الحجر نافذ.

قال ابن الرفعة: وإن كان يجوز أن يكون في نفوذه خلاف .. يؤخذ من الخلاف في أن المشرف على الزوال كالزائل، ومن الخلاف في أن دخول وقت الشيء هل يقوم مقامه؛ كما هو في رمي الجمار في الحج؟ عن ابن سريج وغيره. انتهى.

وجَعْلُه الأول السفيه المهمل .. فيه نظر، والمعروف: أنه الثاني.

(بل ينكح بإذن الولي) لأنه صحيح العبارة، وإنما منع منه؛ حفظًا لماله وقد زال المانع بالإذن (أو يقبله له الولي) بإذنه؛ لأنه قائم مقامه.

والمراد بـ (الولي): الأب ثم الجد؛ إن بلغ سفيهًا، والقاضي أو منصوبه إن بلغ رشيدًا ثم طرأ السفه؛ كما صححه في "زيادة الروضة"(1).

(فإن أذن وعيّن امرأة .. لم ينكح غيرها) إذ الإذن مقصور عليها (وينكحها بمهر المثل) لأنه المأذون فيه (أو أقل) لأنه حصل لنفسه خيرًا، (فإن زاد .. فالمشهور: صحة النكاح) لأنه لا يفسد بفساد الصداق، والثاني، وهو مخرج: أنه باطل للمخالفة، (بمهر المثل) أي: بقدر مهر المثل (من المُسمَّى) وتسقط الزيادة؛ لأنها تبرع من سفيه، وقال ابن الصباغ: القياس: بطلان المُسمَّى والرجوع إلى مهر المثل؛ لأنها لم ترض إلا بجميعه.

والفرق: أن على التقدير الأول: تستحق الزوجة مهر المثل من المعين، وعلى الثاني: يجب مهر المثل في الذمة.

وما ذكره ابن الصباغ هو ما صححه المصنف وغيره في (الصداق) فيما إذا نكح لطفل بفوق مهر مثل، ولا يظهر فرق بين أن يكون المحجور عليه صغيرًا أو سفيهًا.

(1) روضة الطالبين (7/ 100).

ص: 72

وَلَوْ قَالَ: أنْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنِ امْرَأَةً .. نَكَحَ بِالأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا. وَإِنْ أَطْلَقَ الإِذْنَ .. فَالأَصَحُّ: صِحَّتُهُ، وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ

===

(ولو قال: "انكح بألف" ولم يعيِّن امرأة .. نكح بالأقل من ألف ومهر مثلها) فإن نكح امرأة بألف؛ فإن كان مهر مثلها ألفًا أو أكثر .. صح النكاح بالمُسمَّى، وإن كان أقل .. صحّ النكاح بمهر المثل وسقطت الزيادة؛ إذ لا تبرع في مال السفيه.

وإن نكح بألفين؛ فإن كان مهر مثلها أكثر من ألفين .. لم يصح النكاح، وإن كان ألفًا أو أقل .. صح بمهر المثل وسقطت الزيادة.

(وإن أطلق الإذن .. فالأصح: صحته، وينكح بمهر المثل) كما لو أذن السيد لعبده في النكاح، فلو تزوج بأكثر من مهر المثل .. صح النكاح وسقطت الزيادة، وإذا تزوج بمهر المثل أو أقل .. صح النكاح بالمُسمَّى، والثاني: لا يصح، بل لا بد من الإذن المقيد؛ لأنا لو اعتبرنا الإذن المطلق .. لم يأمن أن ينكح شريفة يستغرق مهر مثلها ماله، بخلاف العبد؛ فإنه لا ترغب فيه الأشراف، فلذلك صح الإذن مطلقًا.

وقد ذكر المصنف للمسألة ثلاث حالات: ما إذا عين امرأة فقط، أو مهرًا فقط، أو أطلق، وأهمل رابعًا، وهو: ما لو عين المرأة وقدر المهر؛ كقوله: (انكح فلانة بألف)، والحكم فيه: إن كان مهر مثلها دون ألف .. فالإذن باطل، وإن كان ألفًا فنكحها بألف أو أقل .. صح النكاح بالمُسمَّى، وإن زاد .. سقطت الزيادة، وإن كان مهرها أكثر من ألف؛ فإن نكحها بألف .. صح بالمُسمَّى، وإن زاد .. لم يصح، قاله البغوي (1).

(من تليق به) فلو نكح شريفة يستغرق مهر مثلها ماله .. لم يصح عند الإمام والغزالي (2)، وقيل: يصح، ولا ترجيح في "الروضة"، و"أصلها"، قال في "المهمات": والاستغراق لا ينافي المصلحة؛ فإنه قد يكون كسوبًا أو المهر مؤجلًا، وفي اتصاله بأهل المرأة رفق (3).

(1) التهذيب (5/ 266).

(2)

نهاية المطلب (12/ 58)، الوسيط (5/ 96).

(3)

روضة الطالبين (7/ 97)، الشرح الكبير (8/ 16)، المهمات (7/ 87).

ص: 73

فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ .. اشْتُرِطَ إِذْنُهُ فِي الأَصَحِّ، وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ .. صَحَّ النِّكاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ: يَبْطُلُ. وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إِذْنٍ .. فَبَاطِلٌ، فَإِنْ وَطِئَ .. لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ،

===

(فإن قبل له وليُّه .. اشترط إذنه في الأصح) لأنه حر مكلف، فلا بد من إذنه، والثاني: لا يشترط؛ لأنه فوّض إليه رعاية مصلحته، فإذا عرف حاجته .. زوّجه؛ كما يكسوه ويطعمه (1).

(ويقبل بمهر المثل فأقل، فإن زاد .. صحّ النكاح بمهر المثل) وتسقط الزيادة؛ لتبرعه بها، (وفي قول: يبطل) كما لو اشترى له بأكثر من ثمن مهر المثل.

وهذا الخلاف في تزويج موليته بدون مهر المثل، ولو اشتدت حاجة السفيه وخاف الوقوع في الزنا ولم يجد إلا امرأة لا ترضى إلا بأكثر من مهر مثلها .. ففي جواز نكاحه إياها احتمال للإمام (2).

(ولو نكح السفيه) المحجور عليه (بلا إذن .. فباطل) كما لو اشترى بغير إذنه.

قال في "الدقائق": قوله: (بلا إذن) أولى من قول "المحرر": (بغير إذن وليه)؛ لأنه يدخل في عبارة "المنهاج" ما إذا استأذنه فمنعه وأذن له الحاكم .. فإنه يصح قطعًا مع أن الولي لم يخرج بمنعه عن الولاية؛ لأنه صغيره (3). انتهى.

ولو تزوج في هذه الحالة بنفسه من غير مراجعة الحاكم .. لم يصح على الأصحِّ في "الشرح الصغير"، ولو تعذرت مراجعة الحاكم .. قال ابن الرفعة: إن لم ينته إلى خوف العنت .. فالوجهان، وإلا .. فالأصحُّ: الصحة، وهو أولى من المرأة في المفازة لا تجد وليًّا.

(فإن وطِىَء .. لم يلزمه شيء) أي: لا حدّ؛ للشبهة، ولا مهر؛ لأن المرأة سلطته على بضعها؛ كما لو بيع منه شيء فأتلفه.

نعم؛ لو كانت الزوجة سفيهة .. وجب لها مهر المثل؛ كما أفتى به المصنف؛

(1) بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).

(2)

نهاية المطلب (12/ 57).

(3)

دقائق المنهاج (ص 67)، المحرر (ص 296).

ص: 74

وَقِيلَ: مَهْرُ مِثْلٍ، وَقِيلَ: أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ. وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ .. يَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَمُؤَنُ النِّكاحِ فِي كَسْبِهِ، لَا فِيمَا مَعَهُ. وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إِذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ، وَبِإِذْنِهِ صَحِيحٌ، وَلَهُ إِطْلَاقُ الإِذْنِ، وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ بَلَدٍ، وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أُذِنَ فِيهِ

===

لأن تسليطها لا أثر له؛ كما لو تبايع سفيهان، قال في "الكفاية": وسواء علمت الزوجة بسفهه أم لم تعلم، لتفريطها بترك البحث (1). انتهى، وفيه نظر، والقياس: ألا يجب شيء إذا كانت عالمة بفساد النكاح وسلمت مطاوعة؛ كسائر الإتلافات البدنية؛ ولهذا لو قال سفيه لآخر: (اقطع يدي) فقطعه .. لم يلزمه شيء.

(وقيل: مهر مثل) لئلا يخلو الوطء عن عُقر أو عقوبة، (وقيل: أقل متمول) لاندفاع الخلو المذكور به.

وقضيته: أنه لا يلزمه شيء في الحال، ولا بعد فك الحجر، وهو المذهب في "زيادة الروضة"(2)، وهذا في الظاهر، أما في الباطن فيما بينه وبين الله تعالى .. فقد نص في "الأم" على لزوم مهر المثل بعد فك الحجر عنه، واختاره الأَذْرَعي.

(ومن حجر عليه بفلس .. يصح نكاحه) لصحة عبارته وذمته، (ومؤن النكاح في كسبه، لا فيما معه) لتعلق حق الغرماء بما في يده، فإن لم يكن له كسب .. ففي ذمته إلى فك الحجر، وإذا لم تعلم المرأة بفلسه، ولا كسب له .. قال في "المطلب": يشبه أن يثبت لها الخيار.

(ونكاح عبد بلا إذن سيِّده باطل) لحديث: "أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ .. فَهُوَ عَاهِرٌ" حسنه الترمذي، وصححه الحاكم، قال الترمذي: وعليه العمل عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم (3).

(وبإذنه صحيح) لمفهوم الحديث، وسواء أكان السيد رجلًا أم امرأة.

(وله إطلاق الإذن، وله تقييده بامرأة أو قبيلة أو بلد، ولا يعدل عمّا أُذن فيه)

(1) فتاوى النووي (ص 131)، كفاية النبيه (13/ 18).

(2)

روضة الطالبين (7/ 99).

(3)

سنن الترمذي (1111)، المستدرك (2/ 194)، وأخرجه أبو داوود (2078) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

ص: 75

وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُ عَبْدِهِ عَلَى النِّكاحِ وَلَا عَكْسُهُ

===

مراعاة له، فإن عدل .. بطل، وإذا أطلق الإذن .. فله نكاح حرّة أو أمة، في تلك البلد أو غيرها.

نعم؛ للسيد منعه من الخروج إلى بلد آخر، ولو قدر مهرًا فزاد .. فالزيادة يتبع بها إذا عتق، وأبدى الإمام احتمالًا: أن الزيادة لا تلزم أصلًا (1).

(والأظهر: أنه ليس للسيد إجبار عبده على النكاح) سواء كان صغيرًا أم كبيرًا؛ لأنه لا يملك رفع النكاح بالطلاق، فكيف يجبر على ما لا يملك رفعه؟ ! والثاني: له إجباره؛ كالأمة، والجبر: بأن يقبل له أو يكرهه عليه؛ لأنه إكراه بحق، قاله البغوي (2)، وفي "التتمة": لا يصح قبوله كرهًا.

وقيل: يجبر الصغير قطعًا، ورجحه في "المهمات" وقال: إن ما رجحه المصنف مخالف لنص الشافعي والأصحاب والقياس الجلي، واقتضى كلام الشيخين في (باب التحليل والرضاع): أنه المذهب (3)، وقيل: لا يجبر الصغير قطعًا؛ لأن في تزويج الكبير غرضًا ظاهرًا، وهو صيانة ملكه، بخلاف الصغير، والكبير المجنون كالصغير.

ومحل الخلاف: في غير المكاتب والمبعض، أما هما .. فلا يجبرهما قطعًا.

(ولا عكسه) أي: لا يُجبر السيد على نكاح عبده إذا طلبه منه؛ لأنه يشوش مقاصد الملك وفوائده. والثاني: يُجبر عليه أو على بيعه؛ لأن المنع من ذلك يوقعه في الفجور، واستحسنه في "الكفاية"(4).

والمدبر والمعلق عتقه كالقن، ومن بعضه حر .. لا يجبر ولا يستقل، وفي وجوب إجابته الخلاف.

والمكاتب: لا يجبر، وفي وجوب إجابته الخلاف كالقن وأولى بالوجوب.

والعبد المشترك هل لسيديه إجباره وعليهما إجابته؟ فيه الخلاف المذكور في

(1) نهاية المطلب (12/ 69).

(2)

التهذيب (5/ 267).

(3)

المهمات (7/ 91)، الشرح الكبير (9/ 589)، روضة الطالبين (9/ 24 - 25).

(4)

كفاية النبيه (13/ 23).

ص: 76

وَلَهُ إِجْبَارُ أَمَتِهِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ، فَإِنْ طَلَبَتْ .. لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا، وَقِيلَ: إِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ .. لَزِمَهُ. وَإِذَا زَوَّجَهَا .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ؛

===

الطرفين، ولو دعاه أحدهما إلى النكاح، وامتنع الآخر والعبد .. فلا إجبار، ولو طلب أحدهما مع العبد، وامتنع الآخر فعن الشيخ أبي حامد: أنه كالمكاتب، وقال ابن الصباغ: لا تؤثر موافقة الآخر.

(وله إجبار أَمتِه بأيِّ صفة كانت) أي: صغيرة كانت أو كبيرة، بكرًا أو ثيبًا، عاقلة أو مجنونة، مدبرة أو مستولدة، رضيت أم سخطت؛ لأن النكاح يرد على البضع، وهو مملوكه؛ ولأنه ينتفع بمهرها ونفقتها، بخلاف العبد.

نعم؛ المبعضة والمكاتبة لا يجبران على الأصحِّ.

وشمل إطلاقه: تزويجها من غير كفء، ويستثنى: ما لو زوجها من معيب؛ كأجذم وأبرص .. فإنه لا يجوز بغير رضاها وإن جاز أن يبيعها ممن هذا حاله ولو كرهت؛ كما نص عليه في الحكمين جميعًا (1)، والفرق: أنه لا يقصد من البيع الاستمتاع غالبًا، بخلاف النكاح.

(فإن طلبت .. لم يلزمه تزويجها) لما فيه من تنقيص القيمة، وتفويت الاستمتاع عليه، (وقيل: إن حرمت عليه) مؤبدًا ( .. لزمه) إذ لا يتوقع منه قضاء شهوة، ولا بد من إعفافها؛ فإن كان التحريم غير مؤبد؛ كأن ملك أختين فوطئ إحداهما، ثم طلبت الأخرى تزويجها .. فإنه لا يلزمه إجابتها قطعًا.

(وإذا زوجها .. فالأصح: أنه بالملك لا بالولاية) لأن التصرف فيما يملك استيفاؤه ونقله إلى الغير يكون بحكم الملك، كاستيفاء المنافع ونقلها بالإجارة، والثاني: بالولاية، لأن عليه النظر لها، بدليل منعه من تزويجها بمعيب.

وكلامه يقتضي: أن الخلاف لا يأتي في تزويج العبد، وكلام الغزالي كالصريح في طرده فيه، وقال الرافعي: لا يأتي فيه إلا إذا قلنا للسيد إجباره، قال السبكي: وهو صحيح، والغزالي لا يخالفه فيه، وقال ابن الرفعة: وليعرف أن السيد إذا قلنا: يزوج

(1) مختصر المزني (ص 166).

ص: 77

فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ وَفَاسِقٌ وَمُكَاتَبٌ، وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ عَبْدَ صَبِيٍّ، وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ فِي الأَصَحِّ.

===

بطريق الولاية .. فسبب الولاية الملك، كما أن سبب ولاية الأب القرابة، ويتأكد القول بهذا في العبد؛ فإن مستمتعه غير مملوك للولي والعقد وارد عليه، فيظهر كونه متصرفًا بالولاية، ولا جرم خصّ من قال: إن الصحيح: أنه يتصرف بحكم الملك ذلك بتزويج الأمة (1).

(فيزوج مسلم أمته الكافرة) تفريعًا على الملك؛ فإن قلنا بالولاية .. امتنع.

وعبر في "المحرر"(2): بـ (الكتابية)، فعدل المصنف إلى (الكافرة) فشمل المرتدةَ ولا تزوج بحال، والوثنيةَ والمجوسيةَ، وفيهما وجهان بلا ترجيح في "الروضة" و"أصلها"(3).

[(وفاسق) وإن قلنا: الفسق يسلب الولاية، لأنه يتصرف بالملك؛ كإجارة](4).

(ومكاتب) كتابة صحيحة؛ لما ذكرناه من كونه تزوج بالملك، وقضيته: أنه يستقل به ولا يحتاج إلى إذن السيد، وليس كذلك؛ لضعف الملك.

(ولا يزوج ولي عبد صبي) وصبية ومجنون وسفيه؛ لما فيه من انقطاع أكسابه وفوائده عنهم، قال في "الدقائق": وهذه العبارة أصوب من قول "المحرر": (لا يجبر)؛ لأنه لا يلزم من عدم إجباره منع تزويجه برضاها، والصحيح: منعه (5).

(ويزوج أمته في الأصح) إذا ظهرت الغبطة؛ كما قيده في "الروضة" و"أصلها"؛ اكتسابًا للمهر والنفقة (6)، والثاني: المنع، لأنه ينقص قيمتها، وقد

(1) الوسيط (5/ 97)، الشرح الكبير (8/ 25).

(2)

المحرر (ص 296).

(3)

روضة الطالبين (7/ 105)، الشرح الكبير (8/ 25).

(4)

ما بين المعقوفين زيادة من غير (أ).

(5)

دقائق المنهاج (ص 67).

(6)

روضة الطالبين (7/ 106)، الشرح الكبير (8/ 26).

ص: 78

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تحبل فتهلك، والثالث: يزوج أمة الصبية دون الصبي؛ لأنه قد يحتاج إليها إذا بلغ، وقال ابن الرفعة: إنه المنصوص.

وإذا قلنا بالجواز .. قال الإمام: يجوز تزويج أمة الثيب الصغيرة وإن لم يجز تزويج السيدة، وليس للأب تزويج أمة بنته البكر البالغة قهرًا وإن كان يقهر سيدتها (1).

* * *

(1) نهاية المطلب (12/ 164).

ص: 79