الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]
قَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ) وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ .. لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ:(هكَذَا) .. طَلُقَتْ فِي إِصبَعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا،
===
بالتعليق، ولم يقصد الزوج إعلامه .. ففي قوله:(ولم يقصد إعلامه) ما يرشد إلى ذلك. انتهى.
أما لو قصد منعه، وكان ممن يبالي بتعليقه، ولم يعلم .. فالذي صرح به الجمهور، كما ذكره في "المهمات" أنه على القولين المذكورين (1).
ويمكن أن يقال: قوله: (ممن يبالي بتعليقه، وعلم به) فكذلك، أي: لا يقع عند الإكراه ولا النسيان، ثم قال:(وإلا .. فيقع) أي: وإن لم يحصل علم ولا مبالاة .. وقع، فالوقوع مرتب على انتفاء الأمرين، فدل على أنه إذا وجد أحدهما .. لا يقع؛ لأن الوقوع مرتب على شيئين، ولم يوجد إلا أحدهما، وهو انتفاء العلم دون انتفاء المبالاة، والمرتب على مجموع الشيئين لا يلزم ترتبه على أحدهما، لكن يرد على هذا التقدير: ما إذا لم يبال وعلم .. فإنه يقع قطعًا، ولم يوجد مجموع الشيئين (2).
* * *
(فصل: قال: "أنت طالق"، وأشار بإصبعين أو ثلاث .. لم يقع عدد إلا بنية) لأن الطلاق لا يتعدد إلا بلفظ أو نية، ولم يوجد واحد منهما، وأفهم وقوع واحدة؛ لأن الواحد ليس بعدد، وهو كذلك.
(فإن قال: مع ذلك: "هكذا" .. طلقت في إصبعين طلقتين، وفي ثلاث ثلاثًا) لأن الإشارة بالأصابع في العدد بمنزلة النية، هذا إذا أشار إشارة مفهمة للطلقتين أو
(1) المهمات (7/ 424).
(2)
بلغ مقابلة على خط مؤلفه، أمتع الله بحياته، ورحم سلفه، ونفعنا بعلمه، وختم له بخير. اهـ هامش (أ).
فَإنْ قَالَ: (أَرَدْتُ بِالإِشَارَةِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ) .. صدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَلَوْ قَالَ عَبْدٌ: (إِذَا مَاتَ سَيِّدِي .. فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ)، وَقَالَ سَيِّدُهُ:(إِذَا مِتُّ .. فَأَنْتَ حُرٌّ) فَعَتُقَ بِهِ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَتَجْدِيدٌ قَبْلَ زَوْجٍ
===
للثلاث، وإلا .. فقد يعتاد الإنسان الإشارة بأصابعه الثلاث في الكلام، فلا يظهر الحكم بوقوع العدد إلا بقرينة، قاله الإمام، وأقراه (1).
وخرخ بقوله: (مع ذلك)، ما لو قال:(أنت هكذا)، وأشار بأصابعه الثلاث، ولم يقل (طالق)، وفي "فتاوى القفال": إن نوى الثلاث .. وقع، وإلا .. فلا؛ كما لو قال:(أنت ثلاثًا)، ولم ينو بقلبه، وقال غيره: ينبغي ألّا تطلق وإن نوى الطلاق؛ لأن اللفظ لا يشعر بطلاق، وصححه في "زيادة الروضة"(2).
(فإن قال: "أردت بالإشارة المقبوضتين" .. صدق بيمينه) لاحتمال الإشارة بهما.
(ولو قال عبد: "إذا مات سيدي .. فأنت طالق طلقتين"، وقال سيده: "إذا مت .. فأنت حر"، فعتق به) أي: بموت السيد ( .. فالأصح: أنها لا تحرم) الحرمة الكبرى (بل له الرجعة) إن بقيت العدة (وتجديد قبل زوج) إن بانت؛ لأن وقوع الطلقتين وعتق العبد معلقان بالموت، فوقعا معًا.
والعتق كما لا يتقدم الطلاق لم يتأخر، فإذا وقعا معًا .. غلب حكم الحرية؛ كما تصح الوصية لمدبرة وأم ولده وإن كان العتق واستحقاق الوصية يتقارنان، فجعل كما لو تقدم العتق.
والثاني: يحرم، ولا تحل إلا بمحلل؛ لأن العتق لم يتقدم وقوع الطلاق، فصار كما لو طلقها طلقتين ثم عتق.
واحترز بقوله: (فعتق به) عما إذا عتق بعضه؛ بأن لم يخرج من الثلث، فإنها
(1) نهاية المطلب (14/ 311)، الشرح الكبير (9/ 128)، روضة الطالبين (8/ 176).
(2)
روضة الطالبين (8/ 176).
وَلَوْ نَادَى إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الأُخْرَى فَقَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ) وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ .. لَمْ تَطْلُقِ الْمُنَادَاةُ وَتَطْلُقُ الْمُجيبَةُ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً .. فَطَلْقَتَانِ. وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ: مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ؛
===
تبين بالطلقتين؛ لأن المبعض كالقن في عدد الطلقات، ولا تختص المسألة بموت السيد، بل يجري الخلاف في كل صورة تعلق عتق العبد ووقوع طلقتين على زوجته بصفة واحدة؛ كما لو قال العبد:(إذا جاء الغد .. فأنت طالق طلقتين)، وقال السيد:(إذا جاء الغد .. فأنت حر).
ولو قال العبد: (إذا عتقت .. فأنت طالق طلقتين)، وقال السيد:(إذا جاء الغد .. فأنت حر)، فإذا جاء الغد .. عتق، وطلقت طلقتين، ولا تحرم عليه قطعًا؛ لأن العتق سبق وقوع الطلاق، نقلاه عن الشيخ أبي علي، وأقراه (1).
ولو علق السيد عتقه بموته، وعلق العبد الطلقتين بآخر جزء من حياة السيد .. انقطعت الرجعة، واشترط المحلل قطعًا؛ لأن الطلاق صادف الرق.
(ولو نادى إحدى زوجتيه فأجابته الأخرى فقال: "أنت طالق"، وهو يظنها المناداة .. لم تطلق المناداة) لأنه لم يخاطبها بطلاق، وإنما ظن أنه يخاطبها ظنًّا مخطئًا، (وتطلق المجيبة في الأصح) لخطابها بالطلاق، والثاني: لا؛ لانتفاء قصدها.
(ولو علق بأكل رمانة، وعلق بنصف) بأن قال: (إن أكلت رمانة .. فأنت طالق)، وقال أيضًا:(إن أكلت نصف رمانة .. فأنت طالق)، (فأكلت رمانة .. فطلقتان) لوجود الصفتين؛ لأنه يصدق أنها أكلت رمانة ونصف رمانة، هذا إذا علق بما لا يقتضي التكرار كـ (إن)، فإن علق بـ (كلما) .. طلقت ثلاثًا؛ لأنها أكلت رمانة، ونصف رمانة مرتين.
(والحلف بالطلاق: ما تعلق به حث أو منع أو تحقيق خبر) لأن الحلف بالطلاق
(1) الشرح الكبير (9/ 124)، روضة الطالبين (8/ 173).
فَإِذَا قَالَ: (إِنْ حَلَفْتُ بطَلَاقٍ .. فَأَنْتِ طَالِقٌ)، ثُمَّ قَالَ:(إِنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إِنْ خَرَجْتِ أَوْ إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَمْرُ كَمَا قُلْتِ .. فَأَنْتِ طَالِقٌ) .. وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ، وَيَقَعُ الآخَرُ إِنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ، وَلَوْ قَالَ:(إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحَاجُّ .. فَأَنْتِ طَالِقٌ) .. لَمْ يَقَعِ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ اْتِخْبَارًا: (أَطَلَّقْتَهَا؟ ) فَقَالَ: (نَعَمْ) .. فَإِقْرَارٌ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ مَاضِيًا وَرَاجَعْتُ .. صُدِّقَ بِيَميِنِهِ
===
فرع الحلف بالله، والحلف بالله تعالى يشتمل على ذلك.
(فإذا قال: "إن حلفت بطلاق .. فأنت طالق"، ثم قال: "إن لم تخرجي، أو إن خرجت، أو إن لم يكن الأمر كما قلت .. فأنت طالق" .. وقع المعلق بالحلف) في الحال؛ لأنه حلف.
والمثال الأول: للحث.
والثاني: للمنع.
والثالث: لتحقيق الخبر.
(ويقع الآخر إن وجدت صفته) وهي في العدة؛ كما قاله في "المحرر"(1).
(ولو قال: ) بعد قوله: (إن حلفت
…
) إلى آخره ("إذا طلعت الشمس أو جاء الحاج .. فأنت طالق" .. لم يقع المعلق بالحلف) إذ لا حث، ولا منع، ولا تحقيق خبر، بل ذلك تعليق محض على صفة، فإذا وجدت .. وقع الطلاق المعلق عليها.
(ولو قيل له استخبارًا: "أطلقتها؟ ") أي: زوجتك (فقال: "نعم" .. فإقرار به) لأنه صريح إقرار؛ لأن التقدير: (نعم؛ طلقتها)، فإن كان كاذبًا .. فهي زوجته في الباطن.
(فإن قال: "أردت) طلاقًا (ماضيًا، وراجعت" .. صدق بيمينه) لاحتمال ما يدعيه.
واحترز بقوله: و (راجعت) عما إذا قال: (وجددت النكاح)، فإنه مبني على
(1) المحرر (ص 341).