المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الخُلْع هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ. شَرْطُهُ: زَوْجٌ - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [في الخطبة]

- ‌فصلٌ [في أركان النكاح وغيرها]

- ‌فصلٌ [فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية للنكاح]

- ‌فصلٌ [في الكفاءة]

- ‌فصلٌ [في تزويج المحجور عليه]

- ‌بابُ ما يحرُم من النِّكاح

- ‌فصلٌ [في نكاح من فيها رق وتوابعه]

- ‌فصلٌ [في حل نكاح الكافرة وتوابعه]

- ‌بابُ نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة]

- ‌فصلٌ [في مؤنة المسلمة أو المرتدة]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فَصْلٌ [في الإعفاف]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌فَصْلٌ [في بيان أحكام الصداق المسمى الصحيح والفاسد]

- ‌فَصْلٌ [في التفويض]

- ‌فَصْلٌ [في بيان مهر المثل]

- ‌فَصْلٌ [في تشطير المهر وسقوطه]

- ‌فَصْلٌ [في المتعة]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف في المهر والتحالف فيما سمي منه]

- ‌فَصْلٌ [في وليمة العرس]

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌فصلٌ [في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فصلٌ [في الصيغة وما يتعلق بها]

- ‌فصلٌ [في الألفاظ الملزمة للعوض وما يتبعها]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الخلع أو في عوضه]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْلٌ [في تفويض الطلاق إليها]

- ‌فَصْلٌ [في بعض شروط الصيغة والمطلق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان محل الطلاق والولاية عليه]

- ‌فَصْلٌ [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

- ‌فَصْلٌ [في الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الشك في الطلاق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان الطلاق السني والبدعي]

- ‌فَصْلٌ [في تعليق الطلاق بالأزمنة ونحوها]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع التعليق بالحمل والولادة والحيض وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع أخرى من التعليق]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإِيلاء

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الإيلاء من ضرب مدة وما يتفرع عليها]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الظهار من وجوب كفارة وغير ذلك]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللّعان

- ‌فصلٌ [في قذف الزوج خاصة]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [في المقصود الأصلي من اللعان]

- ‌كتاب العِددَ

- ‌فصلٌ [في العدة بوضع الحمل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [في حكم معاشرة المفارق للمعتدة]

- ‌فصلٌ [في الضرب الثاني من ضربي عدة النكاح]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها]

- ‌بابُ الاسْتِبْرَاء

- ‌كتابُ الرَّضاع

- ‌فَصْلٌ [في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريمًا وغرمًا]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه]

- ‌كتابُ النَّفقات

- ‌فَصْلٌ [في موجب المؤن ومسقطاتها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤن الأقارب]

- ‌فَصْلٌ [في الحضانة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤنة المماليك وتوابعها]

الفصل: ‌ ‌كتابُ الخُلْع هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ. شَرْطُهُ: زَوْجٌ

‌كتابُ الخُلْع

هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ. شَرْطُهُ: زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَلَوْ خَالَعَ عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ .. صَحَّ وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ إِلَى مَوْلَاهُ وَوَلِيِّهِ

===

(كتاب الخلع)

هو مأخوذ من الخَلْع، وهو النزع؛ لأن الله تعالى سمَّى كلًّا من الزوجين لباسًا للآخر، فهو بالخلع خالع له، وهو مجمع على جوازه.

(هو فرقة بعوض) يبذل للزوج، كذا فسره ابن عباس (1)، واشتهر على ألسنة حملة الشرع (بلفظ طلاق أو خلع) أي: لفظ يقع به الطلاق صريحًا كان أو كناية.

(شرطه: زوج يصح طلاقه) لأن الخلع طلاق، فلا يصح من صبي ومجنون ومكره.

(فلو خالع عبدٌ أو محجورٌ عليه بسفه .. صح) بإذن ودونه، بمهر المثل أو أقل؛ إذ لكل منهما أن يطلق مجّانًا فبعوض .. أولى.

(ووجب دفع العوض إلى مولاه) أي: مولى العبد؛ كأكسابه، ويستثنى: المكاتب؛ فإنه يجب التسليم إليه؛ لاستقلاله، وكذلك المبعض المهايأ إذا قلنا بدخول الكسب النادر في المهايأة، وخالع في نوبة نفسه، وإلا دفعت إليه ما يخصه، (ووليه) أي: ولي السفيه؛ كسائر أمواله.

نعم؛ لو دُفع إلى السفيه بإذن وليه .. ففي الاعتداد بقبضه وجهان؛ أصحهما: الاعتداد.

وما أطلقه المصنف وغيره من وجوب الدفع إلى الولي قيده الدِّزْمَارِي تبعًا للروياني والماوردي بما إذا كان على عوض في الذمة.

[فإن قيده بالدفع إليه؛ كقوله: (إن دفعتِ إليَّ هذا العبدَ فأنتِ طالق) .. جاز للزوجة الدفع إليه](2) ولا تدفع إلى وليه.

(1) أخرجه الدارقطني (3/ 320)، وقال الحافظ في "التلخيص" (5/ 2430):(رواه أحمد عن ابن عباس، قال: "الخلع تفريق وليس بطلاق"، وإسناده صحيح، قال أحمد: ليس في الباب أصح منه).

(2)

هذه الزيادة من (ز).

ص: 193

وَشَرْطُ قَابِلِهِ: إِطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ: فَإِنِ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إِذْنِ سَيِّدٍ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنِ مَالِهِ .. بَانَتْ، وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا: مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ: قِيمَتُهَا، وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ: الْمُسَمَّى، وَفِي قَوْلٍ: مَهْرُ مِثْلٍ. وَإِنْ أَذِنَ وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا فَامْتَثَلَتْ .. تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ وَبِكَسْبِهَا فِي الدَّيْنِ،

===

وفرق بوجهين: أحدهما: أنَّ ما في الذمة ملكه قبل الدفع، وهنا لا يملكه إلا به، فلم تضمنه؛ لأنه ما تعلق بذمتها، ولم يملكه إلا بقبضه منها، الثاني: أنها لو دفعت إلى وليه .. لم تطلق، لعدم وجود المعلق عليه.

(وشرط قابله: إطلاق تصرفه في المال) لأن الاختلاع التزام للمال.

(فإن اختلعت أمة بلا إذن سيد بدين أو عين ماله .. بانت) لوقوعه بعوض فاسد؛ كالخلع على خمر، هذا إذا نجز الطلاق؛ فإن قيده بتمليك تلك العين .. لم تطلق، نبه عليه الماوردي، وهو ظاهر.

(وللزوج في ذمتها: مهر مثل في صورة العين) لأنه المَرد حينئذ، (وفي قول: قيمتها) إن كانت متقومة، وإلا .. فمثلها.

(وفي صورة الدين: المسمَّى) كما يصح التزام الرقيق بطريق الضمان، ويتبع به بعد العتق، وهذا ما صححه في "أصل الروضة"(1)، (وفي قول: مهر مثل) كما لو تزوج العبد بغير إذن سيده ووطئ .. فإن الواجب: مهر المثل، وهذا ما صححه في "المحرر" و"الشرح الصغير"، وكلام "الكبير" محتمل (2)، فالذي فهمه منه السبكي ترجيح وجوب المُسمَّى، والذي فهمه منه الأَذْرَعي ومن تبعه ترجيح وجوب مهر المثل كـ"المحرر"(3)، فما رجحه في "الكتاب" مخالفٌ لما في أصله من غير تنبيه.

(وإن أذن) وهو مطلق التصرف (وعين عينًا له أو قدر دينًا فامتثلت .. تعلق بالعين وبكسبها في الدين) وبما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونة [؛ لمهر العبد في

(1) روضة الطالبين (7/ 385).

(2)

فإنه نقل وجوب المسمَّى عن العراقيين والقفال وأبي علي، ثم قال: لكن نظم "الكتاب" يقتضي ترجيح مهر المثل، وهو الذي في "التهذيب" والموافق لما مر في الشراء والضمان فإنَّا بيَّنا أن الأصح فيهما: البطلان. اهـ هامش (أ).

(3)

المحرر (ص 321).

ص: 194

وَإِنْ أَطْلَقَ الإِذْنَ .. اقْتَضَى مَهْرَ مِثْلٍ مِنْ كَسْبِهَا. وَإِنْ خَالَعَ سَفِيهَةً، أَوْ قَالَ:(طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ) فَقَبِلَتْ .. طَلُقَتْ رَجْعِيًّا، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ .. لَمْ تَطْلُقْ. وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنَ الْثُّلُثِ إِلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ، وَرَجْعِيَّةٍ فِي الأَظْهَرِ،

===

النكاح المأذون فيه، وإن لم تكن مكتسبة ولا مأذونة .. ] (1) ففي ذمتها تتبع به بعد عتقها ويسارها.

(وإن أطلق الإذن) فلم يذكر عينًا ولا دينًا ( .. اقتضى مهر مثل من كسبها) كما لو أذن لعبده في النكاح، فإن زادت عند الإطلاق على مهر المثل، أو على المُعيَّن في صورة التعيين .. تعلقت الزيادة بذمتها تتبع بها بعد العتق.

(وإن خالع سفيهة) محجورًا عليها (أو قال: "طلقتك على ألف" فقبلت .. طلقت رجعيًّا) إن كان بعد الدخول؛ لعدم ثبوت المال، فإنها لا تتصرف فيه، وسواء خالعت بعين أو دين، بإذن الولي أو دونه، وليس للولي صرف مالها في ذلك، هذا إذا لم يعلق الطلاق على شيء، أما لو قال لها:(إن أبرأتني من دينك .. فأنت طالق)، فقالت في الحال:(أبرأتك) .. لم يقع الطلاق، صرح به الخوارزمي؛ كما نقله البُلْقيني واعتمده، وهو واضح؛ لعدم وجود الصفة المعلق عليها وهي الإبراء.

(فإن لم تقبل .. لم تطلق) لأن الصيغة تقتضي القبول، فأشبه الطلاق المعلق على صفة، فلا بدَّ من حصولها.

(ويصح اختلاع المريضة مرض الموت) لأن لها صرف مالها في أغراضها وملاذها، بخلاف السفيه، (ولا يحسب من الثلث إلا زائد على مهر مثل) لأن الزائد تبرع؛ كالوصية للمخالع، ولا يكون كالوصية للوارث؛ لخروجه بالخلع عن الإرث إلا أن يكون وارثًا بجهة أخرى غير الزوجية؛ كابن عم مثلًا.

(ورجعية) أي: يصح اختلاع رجعية (في الأظهر) لأنها في حكم الزوجات، والثاني: لا؛ لعدم الحاجة إلى الافتداء؛ لجريانها إلى البينونة.

(1) ما بين المعقوفين زيادة من غير (أ).

ص: 195

لَا بَائِنٍ. وَيَصِحُّ عِوَضُهُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً. فَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ أَوْ خَمْرٍ .. بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ: بِبَدَلِ الْخَمْرِ. وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ، فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ:(خَالِعْهَا بِمِئَةٍ) .. لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا،

===

(لا بائن) بخلع أو غيره؛ إذ لا يملكها بضعَها حتى يزيله (1)، وحكى الماوردي فيه: إجماع الصحابة.

(ويصح عوضه قليلًا وكثيرًا، دينًا وعينًا ومنفعة) إذا كان متمولًا معلومًا مقدورًا على تسليمه؛ لعموم قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ، ولأنه عقد على منفعة البضع فجاز بما ذكرناه؛ كالصداق.

(فلو خالع بمجهول) كثوب غير معيَّن ولا موصوف (أو خمر .. بانت بمهر المثل، وفي قول: ببدل الخمر) هما القولان المتقدمان في مسألة الصداق، وقد سبق ما فيهما.

ومحل البينونة: إذا لم يكن فيه تعليق، أو علَّق بإعطاء مجهول يمكن إعطاؤه مع الجهالة، أما إذا قال:(إن أبرأتني من صداقكِ أو من دينكِ .. فأنت طالق)، فأبرأته وهي جاهلة به .. لم تطلق؛ لأن الإبراء لم يصح، فلم يوجد ما علق عليه الطلاق، قاله السبكي، وهو المعتمد، وكلام الماوردي يوافقه، وفي كلام القفال ما يدل عليه؛ خلافًا لما وقع في كلام ابن الصلاح، وجرى عليه في "الأنوار"، فقال: ولو قال: (إن برئت .. فأنت طالق) فأبرأته جاهلة .. لم يقع الطلاق، بخلاف:(إن أبرأتني)(2).

(ولهما التوكيل) لأنه عقد معاوضة؛ كالبيع، (فلو قال لوكيله:"خالعها بمئة") من الدراهم من نقد معلوم ( .. لم ينقص منها)؛ لأنه دون المأذون فيه، وأفهم: جواز الزيادة، وهو كذلك إن كانت من جنسها قطعًا، كمئة وعشرة، وكذا من غيره على الأصحِّ؛ كمئة وثوب، قال في "التنقيح": وكان ينبغي ألا يصح؛ كـ (بعته من زيد بألف) لأنه قد يقصد محاباته.

(1) في (ز): (إذ لا يملك بضعها) وكلاهما صحيح.

(2)

الأنوار (2/ 157 - 158).

ص: 196

وَإِنْ أَطْلَقَ .. لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ، فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا .. لَمْ تَطْلُقْ، وَفِي قَوْلٍ: يَقَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ

===

وفرق البُلْقيني بينهما: بأن الزوجة متعينة؛ أبدًا، بخلاف المشتري، فإذا عينه .. ظهر قصد محاباته، وفرق غيره: بأن الخلع ليس المقصود الأعظم منه المالية بل الفراق وقد حصل، فإذا زاد الوكيل لا يعد مخالفًا، ولم يضر، بخلاف البيع؛ فإن مقصوده المالية، فإذا زاد .. عدّ مخالفًا فلا يصح، ورجح هذا بأن الخلع يقع غالبًا عن شقاق، ومع ذلك يبعد قصد المحاباة.

(وإن أطلق .. لم ينقص عن مهر مثل) وله أن يزيد عليه؛ كما لو أطلق الأذن في البيع، وصورة الإطلاق: أن يقول: (خالعها بمال) ونحو ذلك، أو يقول:(خالعها) وقلنا: مطلق الخلع يقتضي المال، فإن قلنا: لا يقتضيه .. فلا بدَّ من ذكر المال.

(فإن نقص فيهما) أي: في المقدر عنه وفي المطلق عن مهر المثل ( .. لم تطلق) للمخالفة؛ كما لا ينفذ بيعه في مثل هذا، (وفي قول: يقع بمهر المثل) لأن الخلل في العوض لا يمنع الوقوع كخلع الزوج على عوض فاسد، وما رجحه تبع فيه "المحرر"(1)، لكن صحح في "أصل الروضة" و"تصحيح التنبيه" في حالة الإطلاق: أنه يقع بمهر المثل (2)، ونقله الرافعي عن الأكثرين، وعبارته في "الشرح الكبير": رجَّح البغوي عدم الوقوع، وكأنه أقوى توجيهًا لكن العراقيون والروياني وغيرهم رجَّحوا الوقوع. انتهى (3)، واختاره السبكي، وقال في "المهمات": إن الفتوى عليه؛ استنادًا للأكثرين (4)، واتفقوا على ترجيح عدم الوقوع في صورة التقدير، والفرق: أن المخالفة في حالة التقدير صريحة، فلا يكون المأتي به مأذونًا فيه، بخلاف النقصان حالة الإطلاق؛ فإنه لا يخالف صريح قوله، واللفظ مطلق يشمل مهر المثل وغيره، وللطلاق قوة وغلبة؛ فعموم اللفظ يقتضي وقوعه، وأثر

(1) المحرر (ص 321).

(2)

روضة الطالبين (7/ 391)، تصحيح التنبيه (2/ 57).

(3)

الشرح الكبير (8/ 421).

(4)

المهمات (7/ 265).

ص: 197

وَلَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا: (اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ) فَامْتَثَلَ .. نَفَذَ، وَإِنْ زَادَ فَقَالَ:(اخْتَلَعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا) .. بَانَتْ وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ: الأَكْثَرُ مِنْهُ وَمِمَّا سَمَّتْهُ. وَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إِلَى نَفْسِهِ .. فَخُلْعُ أَجْنَبِيٍّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ

===

المخالفة يظهر في العوض.

(ولو قالت لوكيلها: "اختلع بألف" فامتثل .. نفذ) لوقوعه كما أمرته، وكذا بما دونها؛ كما صرح به في "المحرر"(1)، وحذفه المصنف؛ لفهمه من باب أولى.

(وإن زاد فقال: "اختلعتها بألفين من مالها بوكالتها" .. بانت، ويلزمها مهر مثل) لأن قضية فساد العوض الرجوع إليه، سواء أكان زائدًا على ما سمت أم ناقصًا، (وفي قول: الأكثر منه) أي: من مهر المثل (ومما سمته) لأن مهر المثل إن كان أكثر .. فهو المرجوع إليه، وإن كان المسمى أكثر .. فقد رضيت به، وحكاية هذا القول هكذا تابع فيه "المحرر"(2)، والأصوب فيه على ما جوزاه في "الروضة" و"أصلها": أنه الأكثر مما سمَّته، ومن أقل الأمرين من مهر المثل ومما سمَّاه الوكيل، وبينهما تفاوت.

فلو كان مهر المثل ألفين، وسمَّت ألفًا .. فسمَّى الوكيل ألفًا وخمس مئة .. لزمها على قضية ما في "الكتاب" على القول الثاني: ألفان، وعلى ما في "الروضة" و"أصلها": ألف وخمس مئة.

(وإن أضاف الوكيل الخلع إلى نفسه .. فخلع أجنبي والمالُ عليه) ولا شيء عليها، منه؛ لأن اختلاع الأجنبي لنفسه صحيحٌ، فإضافته إلى نفسه (3) إعراضٌ عن التوكيل، واستبداد بالخلع مع الزوج.

(وإن أطلق) فلم يضفه إليها ولا إلى نفسه، بل اقتصر على قوله:(اختلعت فلانة)( .. فالأظهر: أن عليها ما سمَّت) لالتزامها إياه (وعليه الزيادة) لأنها لم

(1) المحرر (ص 322).

(2)

المحرر (ص 322).

(3)

بأن قال: (من مالي). اهـ هامش (ز).

ص: 198

وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ ذِمِّيًّا وَعَبْدًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ. وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ. وَالأَصَحُّ: صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً لِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا

===

ترض بأكثر مما سمَّته، فكأنه افتداها بما سمَّته وزيادة من عند نفسه، والثاني: أنَّ عليها أكثر الأمرين من مهر المثل وما سمَّته؛ لأنه عقدٌ لها فأشبه ما إذا أضاف إليها؛ فإن بقي شيء مما سماه الوكيل .. فعلى الوكيل، وإن زاد مهر المثل على ما سماه الوكيل .. لم تجب تلك الزيادة؛ لأن الزوج رضي بما سمَّاه الوكيل، وعبارته توهم: أنه ليس على الوكيل سوى الزيادة، وليس كذلك، والذي في "الشرح" و"الروضة": على الوكيل ما سمَّاه، وفيما عليها منه قولان (1)؛ فإيجاب المُسمَّى بكماله على الوكيل لا نزاع فيه؛ أعني: مُسمَّى الوكيل لأنه التزمه بعقده ثم يرجع الوكيل عليها، إن غرم بمسماها فقط؛ بناءً على المشهور في تعلق العهدة بالوكيل.

(ويجوز توكيله) أي: الزوج في الخلع (ذميًّا) وإن كانت الزوجة مسلمة؛ لأنه قد يخالع المسلمة أو يطلقها؛ ألا ترى أنها لو أسلمت وتخلف فخالعها في العدة، أو طلقها ثم أسلم .. حكم بصحة الخلع والطلاق.

(وعبدًا ومحجورًا عليه بسفه)، وإن لم يأذن السيد والولي؛ إذ لا يتعلق بالوكيل هنا عهدة.

(ولا يجوز) أي: لا يصح (توكيل محجور عليه) بسفه (في قبض العوض) لأنه ليس أهلًا له، فإن فعل وقبض .. كان الزوج مضيِّعًا لماله، ويبرأ المخالع بالدفع، كذا حكياه عن "التتمة" وأقراه (2)، وكلامه يوهم: امتناع توكيل الزوجة لهؤلاء، وليس كذلك، بل يجوز توكيلها الكافر، وكذلك العبد وإن لم يأذن السيد، لا محجورًا عليه بسفه وإن أذن الولي.

(والأصح: صحة توكيله امرأة لخلع زوجته أو طلاقها) لأنه يجوز أن يفوض طلاق زوجته إليها، فإن كان توكيلًا .. فهو ما نحن فيه، أو تمليكًا؛ فمَنْ صَحَّ أن يملك

(1) الشرح الكبير (8/ 424)، روضة الطالبين (7/ 393).

(2)

الشرح الكبير (8/ 428)، روضة الطالبين (7/ 398).

ص: 199