الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ: (كُنَّا فَاسِقَيْنِ). وَلَوِ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ .. فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِلَّا .. فَكُلُّهُ. وَيُسْتَحَبُّ الإِشْهَادُ عَلَى رضَا الْمَرْأَةِ حَيْثُ يُعْتبَرُ رضَاهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ.
فصلٌ [فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]
لا تزوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِإِذْنٍ،
===
يسقط بقولهما، قال: ولو أرادا إقامة بيّنة على ذلك .. لم يسمع قولهما ولا بينتهما.
(ولا أثر لقول الشاهدين: "كنا فاسقين") لأنه إقرار على غيرهما.
(ولو اعترف به الزوج وأنكرت .. فرّق بينهما) مؤاخذة له بقوله، وهي فرقة فسخ لا تنقص عدد الطلاق على الصحيح في "الروضة"؛ كإقراره بالرضاع (1).
(وعليه نصف المهر) المسمى (إن لم يدخل بها، وإلا .. فكله) لأن حكم اعترافه مقصور عليه؛ جريًا على القاعدة، فلو اعترفت به الزوجة وأنكر .. فالأصحُّ في "الروضة": قبول قوله (2)، وصحح الفارقي قبول قولها، قال صاحب "المعين": وربما كان أقيس؛ فإن الخلاف هو الخلاف في اجتماع الأصل والظاهر؛ إذ الأصل عدم العدالة، والظاهر وجودها. انتهى.
وعلى تصحيح "الروضة": لو مات .. لم ترثه، أو طلقها قبل الدخول .. فلا مهر، أو بعده .. فلها الأقل من المُسمَّى ومهر المثل.
(ويستحب الإشهاد على رضا المرأة حيث يعتبر رضاها) احتياطًا لإدامة النكاح، (ولا يشترط) في صحة النكاح؛ لأنه ليس من نفس العقد، وإنما هو شرط فيه، فإذا وجد من غير إشهاد .. كفى.
* * *
(فصل: لا تزوج امرأة نفسها بإذن) من الولي ولا غيره؛ لقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} ، قال الشافعي: هي أصرح دليل في اعتبار الولي،
(1) روضة الطالبين (7/ 48).
(2)
روضة الطالبين (7/ 48).
وَلَا غَيْرَهَا بِوَكَالَةٍ، وَلَا تقبَلُ نِكَاحًا لِأحَدٍ. وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ،
===
وإلا .. لما كان للعضل معنى (1).
ومن السنة: الحديث المار في اشتراط الشاهد (2).
قال الترمذي: وهو الذي عليه العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم (3).
ويستثنى: ما إذا كانت بموضع لا حاكم فيه وليس لها ولي .. فلها تفويض أمرها إلى عدل يزوجها، حكاه يونس بن عبد الأعلى عن النص، وقال في "الروضة": إنه المختار. قال في "المهمات": ولا يختص ذلك بفقد الحاكم، بل يجوز ذلك مع وجوده سفرًا وحضرًا بناء على الصحيح في جواز التحكيم في النكاح؛ كما هو مذكور في (كتاب القضاء)(4).
قال شيخنا: ومراد "المهمات": ما إذا كان المحكم صالحًا للقضاء، وأما الذي اختاره النووي؛ أنه تكفي العدالة، ولا يشترط أن يكون صالحًا للقضاء .. فشرطه: السفر وفقد القاضي.
(ولا غيرَها بوكالة) ولا بولاية؛ لحديث: "لَا تزوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؛ فَإِنَّ الزَّانِيَةَ الَّتِي تزوِّجُ نَفْسَهَا" رواه ابن ماجه، وأخرجه الدارقطني بإسناد على شرط الصحيح (5).
(ولا تقبل نكاحًا لأحد) بوكالة ولا بولاية، شريفة كانت أو دنيئة؛ إذ لا يصح لها، فلا تتعاطاه للغير، ومحاسن الشريعة تقتضي فطمهن عن ذلك؛ لما قصد منهن من الحياء وعدم ذكر ذلك بالكلية، والخنثى في ذلك كالمرأة؛ كما جزم به ابن مسلم تلميذ الغزالي في كتاب "الخناثى".
(والوطء في نكاح بلا ولي يوجب مهر المثل) لحديث: "أَيّمَا امْرَأَةٍ نَحَكَتْ بِغَيْرِ
(1) الأم (6/ 32).
(2)
في (ص 35).
(3)
سنن الترمذي (1102).
(4)
روضة الطالبين (7/ 50)، المهمات (7/ 42).
(5)
سنن ابن ماجه (1882)، سنن الدارقطني (3/ 227) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
لَا الْحَدَّ. وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ الْوَليِّ بِالنِّكاحِ إِنِ اسْتَقَلَّ بِالإِنْشَاءِ،
===
إذْنِ وَلِيِّهَا .. فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ -ثلاثًا- فَإِنْ دَخَلَ بِهَا .. فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ تشَاجَرُوا .. فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم، وقال ابن معين: إنه أصح ما في الباب (1).
(لا الحدَّ) لشبهة اختلاف العلماء، وسواء معتقد التحريم وغيره، لكن يعزَّر معتقد التحريم، وقيل: يحدّ ولا مهر، وقيل: يحد معتقد الإباحة، حكاه في "الوسيط"(2).
ومحل الخلاف: ما إذا حضر العقد شاهدان؛ كما قاله القاضي، فإن لم يحضراه ولا حصل فيه إعلان .. فالحد واجب؛ لانتفاء شبهة العلماء، وإن وجد الإعلان خاصة، فإن لم يكن ولي .. وجب، وإلا .. فلا.
ومحله أيضًا: إذا لم يقض به قاض؛ كما قاله الماوردي، فإن قضى قاض شافعي ببطلانه وفرق بينهما ثم اجتمعا .. حُدّا؛ يعني: قطعًا؛ لارتفاع الشبهة بالحكم بالفرقة؛ فلو ترافعا بعد ذلك إلى حاكم حنفي .. لم يكن له أن يحكم بجوازه؛ لنفوذ الحكم بإبطاله، قال: وإن ترافعا إلى حنفي ابتداءً، فحكم بصحته .. فلا حد، فلو ترافعا بعد ذلك إلى الشافعي .. فهل ينقض حكم الحنفي؟ فيه وجهان: صحح الرافعي عدم النقض (3)، واختار السبكي النقض.
(ويقبل إقرار الولي بالنكاح إن استقل بالإنشاء) حالة الإقرار، وهو المجبر وإن لم توافقه البالغة على الأصحِّ، لأن من ملك الإنشاء .. ملك الإقرار غالبًا.
وإنما قيدت استقلاله بحالة الإقرار، للاحتراز عما لو كانت ثيبًا وادعى أنه زوجها حين كانت بكرًا .. فلا يقبل قوله وإن كان استقل بالإنشاء، كذا أطلقه الإمام، وقال الرافعي: إنه الظاهر (4).
(1) سنن الترمذي (1102)، صحيح ابن حبان (4074)، المستدرك (2/ 168)، وأخرجه أبو داوود (2083)، والنسائي في "الكبرى"(5373) عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
الوسيط (5/ 62).
(3)
الحاوي الكبير (11/ 71)، الشرح الكبير (7/ 533).
(4)
نهاية المطلب (12/ 40)، الشرح الكبير (7/ 534).
وإلَّا .. فَلَا. وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكِّاحِ عَلَى الْجَدِيدِ. وَلِلأَبِ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً بِغَيْرِ إِذْنِهَا،
===
(وإلا) أي: وإن لم يستقل به؛ إما لعدم إجباره أو لكون الزوج غير كفء ( .. فلا) يقبل؛ لعجزه عن الإنشاء.
(ويقبل إقرار البالغة العادلة) الحرة ولو سفيهة وفاسقة على الصحيح (بالنكاح على الجديد) وإن كذبها الولي والشاهدان إن عينتهما، لكن صدقها الزوج؛ لأنه حقهما، فثبت بتصادقهما كغيره من العقود، وهذا مستثنى من قاعدة: من لا يملك الإنشاء .. لا يملك الإقرار به.
والقديم: إن كانا غريبين .. قبل، وإلا .. طولبا بالبينة؛ لسهولتها، وعن القديم أيضًا: عدم القبول مطلقًا، وهو قضية كلام "الكتاب"، ومنهم من نفاه عن القديم، وحمله على الحكاية عن الغير.
وكلامه يفهم: الاكتفاء بمطلق الإقرار، وهو ما رجحاه في (الدعاوى)(1)، لكن رجحا هنا اشتراط التفصيل، فتقول:(زوَّجني منه ولي بحضور شاهدين عدلين، ورضاي) إن كان شرطًا (2).
(وللأب تزويج البكر صغيرة وكبيرة بغير إذنها) لحديث: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا" رواه الدارقطني (3).
وفي "مسلم": "الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا"(4)، وهو إجماع في الصغيرة؛ كما حكاه ابن المنذر.
نعم؛ للإجبار شروط: أحدها: أن يزوجها من كفء بمهر مثل، كذا قاله النشائي والزركشي وغيرهما، وقضيته: أنه لو زوج بدونه .. لم يصحّ، لكن ذكر الشيخان في (كتاب الصداق) ما يخالفه فقالا: إنه لو زوج ابنته البكر بلا إذن بدون مهر المثل ..
(1) الشرح الكبير (13/ 163 - 164)، روضة الطالبين (12/ 14 - 15).
(2)
الشرح الكبير (7/ 533)، روضة الطالبين (7/ 51).
(3)
سنن الدارقطني (3/ 240) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(4)
صحيح مسلم (1420)، وهو عند البخاري برقم (6946) عن عائشة رضي الله عنها.
وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهَا، وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ إِلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ
===
صح النكاح على الأظهر (1).
ثانيها: ألا يكون الزوج معسرًا، كذا حكاه الرافعي قبيل (الصداق) عن "فتاوي القاضي الحسين"(2) وأقرّه، وجزم به القفال في "فتاويه"، لكن صرح ببنائه على اعتبار اليسار في الكفاءة، فبان أنه من تفريعات المرجوح.
ثالثها: ألا يكون بينها وبين الأب عداوة ظاهرة؛ كما حكاه الرافعي عن ابن كَجٍّ وابن المرزبان، قال: وفيه احتمال للحناطي. انتهى (3).
وبمنع الإجبار أجاب ابن القطان، وجزم الماوردي، والروياني بالإجبار مع العداوة (4)؛ لأنه يحتاط لنفسه. وقال في "المطلب" في الكلام على تزويج اليهودي للنصرانية: إنه المذهب، وكلام "الشرح الصغير" يميل إليه.
رابعها: أن يزوجها بنقد البلد؛ كما جزم به ابن الرفعة، وفي "زوائد الروضة" نقلًا عن "البيان" عن أصحابنا المتأخرين: أنه إذا استأذن الولي البكر في أن يزوجها بدون مهر المثل أو بغير نقد البلد .. لم يكن سكوتها إذنًا في ذلك (5).
(ويستحب استئذانها) أي: الكبيرة؛ كما صرح به في "الروضة"(6)؛ للحديث السالف، أما الصغيرة .. فلا إذن لها.
والمستحب في الاستئذان: أن يرسل إليها نسوة ثقات ينظرن ما في نفسها، والأم بذلك أولى؛ لأنها تطلع على ما لا يطلع عليه غيرها، قال في "الأم": وأكره أن يزوجها ممن تكرهه (7).
(وليس له تزويج ثيب إلا بإذنها) للحديث المار (8)، (فإن كانت) الثيب
(1) الشرح الكبير (8/ 267)، روضة الطالبين (7/ 274).
(2)
الشرح الكبير (8/ 226).
(3)
الشرح الكبير (7/ 537).
(4)
الحاوي الكبير (11/ 92).
(5)
روضة الطالبين (7/ 56).
(6)
روضة الطالبين (7/ 53).
(7)
الأم (6/ 47).
(8)
في (ص 41).
صَغِيرَةً .. لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ، وَالْجَدُّ كَالأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ. وَسَوَاءٌ زَالَتِ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ فِي الأَصَحِّ. وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ. وَتُزوَّجُ الثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ بِصَرِيحِ الإِذْنِ،
===
(صغيرة .. لم تزوج حتى تبلغ) لأن عبارتها ملغاة.
نعم؛ لو كانت مجنونة .. زوّجت في الأصحِّ، وكذا الأمة يزوجها سيّدها.
(والجد) أبو الأب وإن علا (كالأب عند عدمه) لأن له ولادة وعصوبة (1)؛ كالأب، قال في "الخصال": ووكيلهما كهما.
(وسواء) في حصول الثيوبة واعتبار إذنها (زالت البكارة بوطء حلال أو حرام) أو بشبهة، فيعتبر إذنها، لأنها ثيب، فشملها الخبر، وعن القديم: أن المصابة بالزنا حكمها حكم الأبكار.
(ولا أثر لزوالها بلا وطء؛ كسقطة) أو بإصبع، أو حدة طمث وطول تعنيس وهو: الكبر (في الأصح) لأنها لم تمارس الرجال وهي على غباوتها وحيائها، والثاني: أنها كالثيب؛ لزوال العذرة.
ولا أثر أيضًا بالوطء في الدبر على الصحيح، ولو خلقت بلا بكارة .. فلها حكم الأبكار.
(ومن على حاشية النسب؛ كأخ وعم لا يزوِّج صغيرة بحال) بكرًا كانت أو ثيبًا، أما في البكر .. فلورود النص في الأب وليسوا في معناه؛ لوفور شفقته، وأما الثيب .. فلأنه إذا امتنع على الأب تزويجها .. فغيره أولى.
(وتُزوَّج الثيب البالغة بصريح الإذن) سواء الأب وغيره، للحديث المار:"الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا"(2).
وأشار بقوله: (بصريح الإذن) إلى أنه لا يكفي السكوت، ولو أذنت بلفظ التوكيل .. جاز على النص، كما نقله في "زيادة الروضة" عن حكاية صاحب "البيان"(3).
(1) في (ز) و (و): (ولاية وعصوبة).
(2)
في (ص 41).
(3)
روضة الطالبين (7/ 57).
وَيَكْفِي فِي الْبكْرِ سُكُوتُهَا فِي الأَصَحِّ. وَالْمُعْتِقُ وَالسُّلْطَانُ كَالأخ. وَأَحَقُّ الأَوْلِيَاءِ: أبٌ ثمَّ جَدٌّ ثمَّ أَبُوهُ، ثمَّ أَخٌ لِأبَوَيْنِ أَوْ لِأبٍ ثمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ، ثمَّ عَمٌّ، ثمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ كَالإِرْثِ،
===
(ويكفي في البكر سكوتها في الأصح) لرواية مسلم المارة: "وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا"(1)، والثاني: لا بدَّ من النطق؛ كالثيب.
ومحل الخلاف: في غير المجبر، أما المجبر .. فالسكوت كاف في حقه؛ كما هو ظاهر إيراد المصنف، وصرح به الروياني وغيره.
وقوله: (ويكفي سكوتها) أي: في جواب استئذانها؛ ليطابق كلام "المحرر"(2)، ويخرج ما لو زوجت بحضرتها وهي ساكتة .. فإنه لا يصح في الأصحِّ.
ومحل الاكتفاء بالسكوت: ما إذا لم يقترن به ما يدل على عدم الرضا؛ فإن اقترن به بكاء مع صياح أو ضرب خدٍّ .. لم يكف.
(والمعتق) وعصبته (والسلطان كالأخ) فيزوجون الثيب البالغة بصريح الإذن، ولا يزوجون الصغيرة؛ لحديث:"الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ" صححه ابن حبان والحاكم (3).
وينبغي أن يكون المراد: إلحاق السلطان بالأخ فيما سبق، وإلا .. لورد عليه: أن السلطان يزوج المجنونة البالغة دون الأخ إلى غير ذلك من المسائل التي يزوج فيها السلطان، كما سيأتي.
(وأحق الأولياء: أب) لأن سائر العصبة يدلون به، (ثم جد) أبو أب (ثم أبوه) وإن علا؛ لاختصاصه عن سائر العصبات بالولادة، مع مشاركتهم في العصوبة، (ثم أخ لأبوين أو لأب) لأنه يدلي بالأب، فكان أقرب، (ثم ابنه وإن سفل) لأنه أقرب من العم، (ثم عم) لأبوين أو لأب، (ثم سائر العصبة؛ كالإرث) لأن المأخذ فيهما واحد.
(1) في (ص 41).
(2)
المحرر (ص 291).
(3)
صحيح ابن حبان (4950)، المستدرك (4/ 341) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وَيُقَدَّمُ أَخٌ لِأبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأبٍ فِي الأَظْهَرِ. وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتِقًا أَوْ قَاضِيًا .. زَوَّجَ بِهِ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَسِيبٌ .. زَوَّجَ الْمُعْتِقُ، ثمَّ عَصَبَته كَالإِرْثِ
===
والمراد بقوله: (كالإرث) بالنسبة إلى سائر العصبات فقط، ولا يعود إلى كل من تقدم؛ لأن الجد في الإرث يشارك الأخ، ويقدم هنا عليه.
(ويقدم أخ لأبوين على أخ لأب في الأظهر) لزيادة القرب والشفقة؛ كما في الميراث، والثاني: أنهما سواء، لأن قرابة الأم لا تفيد ولاية النكاح، فلا يترجح بها؛ كما لو كان لها عمّان أحدهما خال.
وأجاب الأول: بأنه ليس كل ما لا يفيد لا يرجح؛ بدليل أن العم لأبوين يقدم على العم للأب في الإرث، والعم للأم لا يرث.
ولو قال: (ويقدم مدلٍ بأبوين على مدلٍ بأحدهما) .. لكان أشمل.
(ولا يزوج ابن ببنوة) لأنه لا مشاركة بينه وبين الأم في النسب، فلا يعتني بدفع العار عن النسب؛ ولهذا لم تثبت الولاية للأخ من الأم.
(فإن كان ابنَ ابنِ عم أو معتقًا أو قاضيًا .. زوَّج به) أي: بذلك السبب، لأن البنوة ليست مانعة من الولاية، لكن ليست مقتضية للولاية، فإذا وجد معها سبب آخر يقتضي الولاية .. لم يمنعه، وحديث أم سلمة:(قم يا غلام زوِّج أمَّك)(1)؛ إن ثبت .. محمول على أنه كان ابن ابن عم لها ولم يكن ولي أقرب منه.
(فإن لم يوجد نسيب .. زوج المعتق ثم عصبته) لما مرّ (كالإرث) في ترتيبهم فيقدم بعد عصبة المعتق معتق المعتق، ثم عصبته وهكذا على ترتيبهم هنا، وترتيب العصبات هناك كالنسب إلا في مسائل: إحداها: الجد في النسب أولى من الأخ، والأظهر هنا: أن أخ المعتق أولى من جده، الثانية: ابن المرأة لا يزوجها، وابن
المعتق يزوج ويقدم على أبيه، لأن التعصيب له، الثالثة: ابن الأخ يقدم على الجد في الولاء؛ بناء على تقديم والده، الرابعة: أخو المعتق الشقيق هنا يزوج قطعًا، وقيل: قولان؛ كأخ النسب، وقيل: يستويان قطعًا.
(1) أخرجه النسائي (6/ 81).
وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتِقَةَ مَا دَامَتْ حَيَّةً، وَلَا يُعْتبَرُ إِذْنُ الْمُعْتِقَةِ فِي الأَصَحِّ، فَإِذَا مَاتَتْ .. زَوَّجَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ، فَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَته .. زَوَّجَ السُّلْطَانُ، وَكَذَا يُزَوِّجُ إِذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ وَالْمُعْتِقُ
===
(ويزوِّج عتيقةَ المرأة من يزوّج المعتِقة ما دامت حيّة) برضا العتيقة؛ تبعًا للولاية عليها، نعم؛ يرد على طرده: ما لو كانت المعتقة كافرة ووليها كافرًا والعتيقة مسلمة .. فإنه لا يزوجها مع تزويجه المعتقة، وعلى عكسه: ما لو كانت العتيقة كافرة والمعتقة مسلمة ووليها كافرًا .. فإنه يزوج العتيقة ولا يزوج المعتقة، وقيل: لا يزوجها إلا السلطان؛ لأن من له الولاية ليس له التزويج، فكيف بمن يدلي به؟
(ولا يعتبر إذن المعتقة في الأصح) لأنه لا ولاية لها ولا إجبار، فلا فائدة له، والثاني: يعتبر؛ لأن العصبة يزوّجون لإدلائهم بها، فلا أقل من مراجعتها.
(فإذا ماتت .. زوَّج من له الولاء) من عصبات المعتقة، ويقدم الابن على الأب على الصحيح، ويزوج المبعضة مالك البعض ومعه وليها القريب، فإن لم يكن .. فمعتق بعضها، وإلّا .. فالسلطان، هذا هو الأصحُّ من أوجه خمسة.
(فإن فقد المعتق وعصبته .. زوّج السلطان) للحديث المارِّ: "السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"(1).
والمراد به: حاكم الموضع الذي هي فيه، واليًا كان أو قاضيًا، وسواء كانت مستوطنة محل ولايته أم غيره.
(وكذا يزوِّج إذا عضل القريب والمعتِق) بالإجماع؛ كما حكاه ابن المنذر؛ لأنه حق عليهما، فإذا امتنعا من وفائه .. وفاه الحاكم.
وهل يزوج حينئذ بالنيابة، أو الولاية؟ فيه خلاف ذكر ابن الرفعة له أربع فوائد:
إحداها: لو كانت ببلد وأذنت لحاكم بلد آخر في تزويجها والولي فيه -أي: وعضل- فإن قلنا بالولاية .. امتنع؛ كما لو لم يكن لها ولي خاص، أو بالنيابة .. جاز؛ لأن وفاء الحقوق المتوجبة على الممتنع من أدائها لا يختص بحاكم بلد صاحب الحق.
(1) في (ص 40).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثانيها: عند الغيبة؛ إن قلنا بالولاية .. زوّج الأبعد، أو بالنيابة .. زوّج القاضي.
ثالثها: إذا زوجها الحاكم والولي الغائب في وقت واحد بالبينة .. قدم الولي إن قلنا: بالنيابة، وإن قلنا بالولاية .. بطلا؛ كوليّين، أو يقدم الحاكم؛ لقوة ولايته وعمومها؛ كما لو قال:(كنت زوَّجتها في الغيبة) .. فإن نكاح الحاكم يقدم؛ كما صرحوا به.
رابعها: إذا زوّجها القاضي في غيبة العاضل؛ لثبوت العضل لديه؛ حيث قلنا بالنيابة، ثم ثبت بينة أنه كان رجع عن العضل قبل تزويج القاضي؛ فإن قلنا: بالنيابة .. خرج على عزل الوكيل، أو بالولاية .. خرج على عزل القاضي قبل علمه بعزله (1).
وقد جمع بعضهم المواضع التي يزوج فيها الحاكم في أبيات فقال: [من الكامل]
[وَيُزَوِّجُ الْحُكَّامُ فِي صُوَرٍ أَتَتْ
…
مَنْظُومَةً تَحْكِي عُقُودَ جَوَاهِرِ] (2)
عَدَمُ الْوَليِّ وَفَقْدُهُ ونكَاحُهُ
…
وَكَذَاكَ غَيْبَتُهُ مَسَافَةَ قَاصِرِ
وَكَذَاكَ إِغْمَاءٌ وَحَبْسٌ مَانِعٌ
…
أَمَةً لِمَحْجُورٍ تَوَارِي الْقَادِرِ
إِحْرَامُهُ وَتَعَزُّزٌ مَعَ عَضْلِهِ
…
إِسْلَامُ أُمِّ الْفَرْعِ وَهْيَ لِكَافِرِ
وبقي على الناظم تزويج المجنونة البالغة، وما ذكره من تزويجه عند إغماء الولي إنما يأتي على مرجوح؛ كما سيأتي.
وقضية كلام المصنف: أنه يزوج عند العضل وإن تكرر، وليس كذلك، بل محله: إذا امتنع مرة؛ فإن تكرر ثلاث مرات .. لم يزوج السلطان، بل تنتقل الولاية للأبعد تفريعًا على أن الفاسق لا يلي، كذا في "الروضة" و"أصلها" في آخر الكلام على ولاية الفاسق (3)، وفيه بحث (4).
(1) كفاية النبيه (13/ 51).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة من (ز).
(3)
روضة الطالبين (7/ 65)، الشرح الكبير (7/ 556).
(4)
وهو أنهما ذكرا في (الشهادات): أن المنصوص وقول الجمهور: أن الفسق إنما يحصل بغلبة المعاصي وكثرتها، وأن الطاعات إذا كثرت وغلبت .. لا تضر المداومة على نوع واحد من الصغائر وإن تكررت المعاصي مع غلبة الطاعات، والمفسق هنا ممن يرى أن الإصرار على نوع واحد من الصغائر =