المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٣

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌فصلٌ [في الخطبة]

- ‌فصلٌ [في أركان النكاح وغيرها]

- ‌فصلٌ [فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في موانع الولاية للنكاح]

- ‌فصلٌ [في الكفاءة]

- ‌فصلٌ [في تزويج المحجور عليه]

- ‌بابُ ما يحرُم من النِّكاح

- ‌فصلٌ [في نكاح من فيها رق وتوابعه]

- ‌فصلٌ [في حل نكاح الكافرة وتوابعه]

- ‌بابُ نكاح المشرك

- ‌فصلٌ [في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة]

- ‌فصلٌ [في مؤنة المسلمة أو المرتدة]

- ‌باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد

- ‌فَصْلٌ [في الإعفاف]

- ‌فَصْلٌ [في نكاح الرقيق]

- ‌كتابُ الصَّدَاق

- ‌فَصْلٌ [في بيان أحكام الصداق المسمى الصحيح والفاسد]

- ‌فَصْلٌ [في التفويض]

- ‌فَصْلٌ [في بيان مهر المثل]

- ‌فَصْلٌ [في تشطير المهر وسقوطه]

- ‌فَصْلٌ [في المتعة]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف في المهر والتحالف فيما سمي منه]

- ‌فَصْلٌ [في وليمة العرس]

- ‌كتابُ القسْمِ والنُّشُوز

- ‌فصلٌ [في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]

- ‌كتابُ الخُلْع

- ‌فصلٌ [في الصيغة وما يتعلق بها]

- ‌فصلٌ [في الألفاظ الملزمة للعوض وما يتبعها]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الخلع أو في عوضه]

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌فَصْلٌ [في تفويض الطلاق إليها]

- ‌فَصْلٌ [في بعض شروط الصيغة والمطلق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان محل الطلاق والولاية عليه]

- ‌فَصْلٌ [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

- ‌فَصْلٌ [في الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الشك في الطلاق]

- ‌فَصْلٌ [في بيان الطلاق السني والبدعي]

- ‌فَصْلٌ [في تعليق الطلاق بالأزمنة ونحوها]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع التعليق بالحمل والولادة والحيض وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]

- ‌فَصْلٌ [في أنواع أخرى من التعليق]

- ‌كتابُ الرَّجْعَة

- ‌كتابُ الإِيلاء

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الإيلاء من ضرب مدة وما يتفرع عليها]

- ‌كتابُ الظِّهار

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الظهار من وجوب كفارة وغير ذلك]

- ‌كتابُ الكفّارة

- ‌كتابُ اللّعان

- ‌فصلٌ [في قذف الزوج خاصة]

- ‌فصلٌ [في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

- ‌فصلٌ [في المقصود الأصلي من اللعان]

- ‌كتاب العِددَ

- ‌فصلٌ [في العدة بوضع الحمل]

- ‌فصلٌ [في تداخل العدتين]

- ‌فصلٌ [في حكم معاشرة المفارق للمعتدة]

- ‌فصلٌ [في الضرب الثاني من ضربي عدة النكاح]

- ‌فصلٌ [في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها]

- ‌بابُ الاسْتِبْرَاء

- ‌كتابُ الرَّضاع

- ‌فَصْلٌ [في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريمًا وغرمًا]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه]

- ‌كتابُ النَّفقات

- ‌فَصْلٌ [في موجب المؤن ومسقطاتها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الإعسار بمؤن الزوجة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤن الأقارب]

- ‌فَصْلٌ [في الحضانة]

- ‌فَصْلٌ [في مؤنة المماليك وتوابعها]

الفصل: ‌فصل [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

وَيَقَعُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَيَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ لَا بَائِنٍ، وَفِي الْقَدِيمِ: تَرِثُهُ.

‌فَصْلٌ [في تعدد الطلاق بنية العدد فيه أو ذكره وما يتعلق بذلك]

قَالَ: (طَلَّقْتُكِ)، أَوْ (أَنْتِ طَالِقٌ) وَنَوَى عَدَدًا .. وَقَعَ، وَكَذَا الْكِنَايَةُ. وَلَوْ قَالَ:(أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً) وَنَوَى

===

ولأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} أين الثالثة؟ فقال: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} رواه أبو داوود، وصححه ابن القطان (1)، وعمومها يشمل الأمة.

(ويقع في مرض موته) كما يقع في صحته (ويتوارثان في عدة رجعي) بالإجماع؛ لبقاء أثر الزوجية (لا بائنٍ) لانقطاع الزوجية، وكما لا يرثها لو ماتت قبله بالاتفاق، (وفي القديم: ترثه) لأن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، طلق امرأته الكلبية في مرض موته، فورَّثها عثمان رضي الله عنه، رواه مالك في "الموطأ"(2)، قال: ابن داوود والماوردي: فصولحت من ربع الثمن على ثمانين ألف، قيل: دنانير (3)، وقيل: دراهم، وهذا القول نص عليه في الجديد أيضًا (4)، كما قاله: القاضي أبو الطيب، والمَحاملي، وسليم الرازي، قال في "زيادة الروضة": إنما ترث على القديم إذا كانت وارثة وطلقها بغير رضاها في مرض مخوف، واتصل به الموت، ومات بسببه (5).

* * *

(فصل: قال: "طلقتك"، أو "أنت طالق"، ونوى عددًا .. وقع، وكذا الكناية) أي: إذا نوى بها عددًا .. وقع؛ لأن اللفظ يحتمل العدد؛ بدليل جواز تفسيره به، وما احتمله إذا نواه .. وقع؛ كالطلاق بالكناية.

(ولو قال: "أنت طالق واحدة") بالنصب؛ كما ضبطه المصنف بخطه (ونوى

(1) في "مراسيله"(208).

(2)

الموطأ (2/ 571).

(3)

الحاوي الكبير (13/ 138).

(4)

الأم (6/ 645).

(5)

روضة الطالبين (8/ 75).

ص: 236

عَددًا .. فَوَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: الْمَنْوِيُّ. قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: (أَنْتِ وَاحِدَةٌ) وَنَوَى عَدَدًا .. فَالْمَنْوِيُّ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ:(أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٌ .. لَمْ يَقَعْ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ثَلَاثٍ .. فَثَلَاثٌ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ،

===

عددًا .. فواحدة) لأن الملفوظ يناقض المنويَّ، واللفظ أقوى، فالعمل به أولى، (وقيل: المنويُّ) ومعنى (أنت واحدة) أنك تتوحدين مني بالعدد الذي أوقعته، وترجيح الأول تبع فيه "المحرر"، ورجح في "أصل الروضة": الثاني، وكلام "الشرح" يشعر به، فإنه نقل الأولَ عن الغزالي وحده، والثاني عن البغوي وغيره (1)، وفي وجه ثالث: إن بسط الثلاث على جميع اللفظ .. لم يقع الثلاث، وإن نوى الثلاث بقوله:(أنت طالق) .. وقع الثلاث، ولغا ذكر الواحدة بعده، ولو قال:(أردت طلقة ملفقة من أجزاءِ ثلاثِ طلقات) .. وقع الثلاث على الصحيح، ولو قال:(أنت واحدة) بالنصب، وحذف لفظة (طالق)، قال الزركشي وغيره: الظاهر: أنه كقوله: (أنت طالق واحدة) انتهى، ويؤيده عدم الفرق بين قوله:(أنت طالق واحدة) بالرفع، وبين قوله:(أنت واحدة) بالرفع، وحذف (طالق)، كما سيأتي.

(قلت: ولو قال: "أنت واحدة") بالرفع (ونوى عددًا .. فالمنوي) حملًا للتوحيد على التوحد والتفرد عن الزوج با لعدد المنوي، (وقيل: واحدة، والله أعلم) لأن لفظ الواحدة نص لا يحتمل ما زاد عليها، فإيقاع الزائد إيقاع بالنية دون اللفظ، ويجري الخلاف فيما لو قال:(أنت طالق واحدة) بالرفع، ولو قال:(واحدة) بالخفض أو السكون .. فعن " المطلب": أنه لا يبعد جريان الخلاف فيه.

(ولو أراد أن يقول: "أنت طالق ثلاثًا"، فماتت قبل تمام "طالق .. لم يقع) لخروجها عن محل الطلاق قبل تمامه، (أو بعده قبل "ثلاث" .. فثلاث) لأنه كان قاصدًا للثلاث حين قال:(أنت طالق)، وهذه اللفظة مع قصد الثلاث تقتضي وقوع الثلاث؛ لأن قوله:(ثلاثًا) مبيِّن لقوله: (أنت طالق)، (وقيل: واحدةٌ) ولغى

(1) المحرر (ص 331)، روضة الطالبين (8/ 76)، الشرح الكبير (9/ 4).

ص: 237

وَقِيلَ: لَا شَيْءَ

===

قوله: (ثلاثًا) لوقوعه بعد موتها، (وقيل: لا شيء) إذ الكلام الواحد لا يتبعض، وقد ماتت قبل تمامه.

وتظهر فائدة الخلاف في المدخول بها هل يرثها أم لا؟ فعلى الأول: لا يرثها، وعلى الآخرَين: يرثها، وترجيح الأول تبع فيه "المحرر" فإنه قال: إنه رُجِّحَ، ونقلا تصحيحه في "الروضة" و"أصلها" عن البغوي، ثم قالا: وقال إسماعيل البُوشَنْجي: الذي تقتضيه الفتوى: أنه إن نوى الثلاث بقوله: (أنت طالق)، وقصد تحقيقه باللفظ .. وقع الثلاث، وإلا .. فواحدة، وكذا قال المتولي في تعبيره عن هذا الوجه. انتهى (1)، قال في "التوشيح": ويظهر ترجيح ما قاله البُوشَنْجي، وكأنه تحقيق مناط، وقال الأَذْرَعي: إن كان التصوير كما ذكره البُوشَنْجي .. فلا شك في رجحان ما قاله، لكن الظاهر: أن الذي أراده الأصحاب: أنه قصد أولًا الطلاق بمجموع قوله: (أنت طالق ثلاثًا) فهذا محل الأوجه، وحينئذ يقوي وقوع طلقة؛ لأن الثلاث والحالة هذه إنما تقع بمجموع اللفظ.

وذكر الموت في كلام المصنف مثال، ومثله ما إذا ارتدت، أو أسلمت قبل قوله:(ثلاثا) في غير المدخول بها، وكذا لو أخذ شخص على فمه ومنعه أن يقول:(ثلاثًا).

واحترز بقوله: (ولو أراد أن يقول: "أنت طالق ثلاثًا") عما لو قال: (أنت طالق)، على عزم الاقتصار عليه، فماتت، فقال:(ثلاثًا)، قال: الإمام: لا شك أن الثلاث لا تقع بل تقع واحدة (2)، وحاول الرافعي تخريج وجه بعدم وقوع الواحدة أيضًا.

واختلفوا في قوله: (أنت طالق ثلاثًا)، كيف سبيله؟ فقيل: قوله: (ثلاثًا) منصوب بالتفسير والتمييز، قال الإمام: وهذا جهل بالعربية (3)، وإنما هو صفة

(1) المحرر (ص 331)، روضة الطالبين (8/ 76 - 77)، الشرح الكبير (9/ 5).

(2)

نهاية المطلب (14/ 94).

(3)

ووجهه: أن التمييز يجب أن يكون اسمًا غير صفة، وإلا .. لم يرفع الإبهام، ألا ترى أنك لو قلت:(امتلاء الإناء صافيًا) .. لم يعلم أي شيء هو، لكن إذا أتي بالاسم، وجعل تمييزًا .. جاز أن يؤتى بعده بصفته، نحو: امتلاء الإناء ماء صافيًا. اهـ هامش (أ).

ص: 238

وَإِنْ قَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ) وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ .. فَثَلَاثٌ، وَإِلَّا؛ فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا .. فَوَاحِدَةٌ، أَوِ اسْتِئْنَافًا .. فَثَلَاثٌ، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقَ فِي الأَظْهَرِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ .. فَثِنْتَانِ، أَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الأَولَى .. فَثَلَاثٌ فِي الأَصَحِّ

===

لمصدر محذوف؛ أي: طالق طلاقًا ثلاثًا؛ كقوله: ضربت زيدًا شديدًا؛ أي: ضربًا شديدًا (1).

(وإن قال: "أنت طالق أنت طالق أنت طالق"، وتخلل فصل .. فثلاث) سواء قصد التأكيد أم لا؛ لأنه خلاف الظاهر، ولأن التأكيد لا يكون مع الفصل، وهذا في الظاهر، أما في الباطن .. فيدين.

والمراد بالفصل: أن يسكت ما فوق سكتة التنفس، وهذا في الطلاق المنجَّز، أما المعلق إذا كرره، وقال:(أردت التأكيد) .. قُبلَ منه وإن طال الفصل على الصحيح في "الروضة" و"أصلها" في آخر باب الإيلاء (2).

(وإلا) أي: وإن لم يتخلل فصل (فإن قصد تأكيدًا) أي: تأكيد الأولى بالأخريين ( .. فواحدة) لأن التأكيد في كلامهم معهود في جميع اللغات، وقد ورد به الشرع، (أو استئنافًا .. فثلاث) لأن اللفظ ظاهر فيه، وتأكد بالنية.

(وكذا إن أطلق في الأظهر) عملًا بظاهر اللفظ؛ لأن حمله على فائدة جديدة أولى منه على التأكيد، والثاني: لا يقع إلا واحدة؛ لأنه يحتمل التأكيد والاستئناف، فلا يقع ما زاد على واحدة بالشك.

(وإن قصد بالثانية تأكيدًا) أي: تأكيد الأولى (وبالثالثة استئنافًا، أو عكس) أي: قصد بالثانية استئنافًا، وبالثالثة تأكيد الثانية ( .. فثنتان) عملًا بقصده، (أو بالثالثة تأكيد الأولى .. فثلاث في الأصح) لتخلل الفاصل بين المؤكد والمؤكد، والثاني: طلقتان، ويغتفر الفصل اليسير.

(1) الشرح الكبير (9/ 6)، نهاية المطلب (14/ 91).

(2)

روضة الطالبين (8/ 259)، الشرح الكبير (9/ 248).

ص: 239

وَإِنْ قَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) .. صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ، لَا الأَوَّلِ بِالْثَّانِي. وَهَذِهِ الصُّوَرُ فِي مَوْطُوءَةٍ، فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا .. فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ:(إِنْ دَخَلْتِ .. فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ) فَدَخَلَتْ .. فَثِنْتَانِ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ: (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ) .. فَثِنْتَانِ، وَكَذَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ:(طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ) .. فَثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ،

===

(وإن قال: "أنت طالق وطالق وطالق " .. صح قصد تأكيد الثاني بالثالث) لتساويهما في الصيغة، (لا الأول بالثاني) لاختصاص الثاني بـ (واو) العطف، وموجبه التغاير.

(وهذه الصور في موطوءة، فلو قالهن لغيرها .. فطلقة بكل حال) لأنها تبين بالأولى، فلا يقع ما بعدها.

(ولو قال لهذه) أي: لغير المدخول بها ("إن دخلت .. فأنت طالق وطالق" فدخلت .. فثنتان في الأصح) لأنهما معلقان بالدخول، ولا ترتيب بينهما، وإنما يقعان معًا، والثاني: لا يقع إلا واحدة؛ كالمنجز.

وبنى القاضي أبو الطيب والمتولي الوجهين على أن (الواو) للجمع أو للترتيب، وفي وجه ثالث: إن قدم الجزاء فقال: (أنت طالق، وطالق إن دخلت الدار) .. وقعت ثنتان، وإن عكس .. فواحدة، ولو عطف ب (ثم) بدل (الواو) .. لم يقع بالدخول إلا واحدة؛ لأن (ثم) للتراخي، وسواء قدم الشرط أو أخره؛ كما نقلاه عن المتولي وأقراه (1).

(ولو قال: لموطوءة: "أنت طالق طلقة مع أو معها طلقة " .. فثنتان) لقبول المحل، وظاهره أنهما يقعان معًا، وهو الأصحُّ، وقيل: على الترتيب.

(وكذا غير موطوءة في الأصح) هذا الخلاف مرتب على الخلاف السابق في الموطوءة إن قلنا: يقعان معًا .. فكذا ههنا؛ كقوله: (أنت طالق طلقتين)، وإن قلنا: بالترتيب .. لا يقع إلا واحدة؛ لأنها تبين بالأولى.

(ولو قال: "طلقة قبل طلقة أو بعدها طلقة" .. فثنتان في موطوءة) إذ مقتضاه

(1) روضة الطالبين (8/ 80)، الشرح الكبير (9/ 10).

ص: 240

وَطَلْقَةٌ فِي غَيْرِهَا. وَلَوْ قَالَ: (طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ) .. فَكَذَا فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ: (طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ) وَأَرَادَ مَعَ .. فَطَلْقَتَانِ، أَوْ الظَّرْفَ أَوِ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ .. فَطَلْقَةٌ، وَلَوْ قَالَ:(نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي طَلْقَةٍ) .. فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ

===

إيقاع طلقتين إحداهما في الحال، وتعقبها الأخرى، فيقعان كذلك، (وطلقة في غيرها) لأنها تبين بالأولى، فلم تصادف الثانية نكاحًا.

(ولو قال: "طلقة بعد طلقة، أو قبلها طلقة" .. فكذا في الأصح) أي: فتقع اثنتان في موطوءة، وواحدة في غيرها، أما الواحدة في غيرها: فواضح، وأما الاثنتان في الموطوءة .. فلأن مضمون اللفظين إيقاع طلقة تسبقها طلقة، فتقع عليه طلقتان متعاقبتان، والثاني: لا تقع إلا واحدة؛ لجواز أن يكون المعنى قبلها طلقة مملوكة أو ثابتة.

وفي كيفية وقوع الاثنتين: وجهان: أصحهما: وقوع المضمنة أولًا ثم المنجزة، إذ المعنى يقتضي ذلك، وثانيهما: عكسه، ويلغو قوله قبلها؛ كما لو قال:(أنت طالق أمس) .. يقع.

(ولو قال: "طلقة في طلقة"، وأراد مع .. فطلقتان) لأن لفظة (في) تستعمل بمعنى (مع)، قال تعالى:{ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أي: مع أمم، (أو الظرفَ أو الحساب أو أطلق .. فطلقة) إذ مقتضى الظرف، والحساب ذلك، وأما عند الإطلاق .. فلأنه الأقل.

(ولو قال: "نصف طلقة في طلقة" .. فطلقة بكل حال) كذا هو في كثير من النسخ، وحكي عن نسخة المصنف، ولا يستقيم ذلك، فإنه يقع عند قصد المعية طلقتان، والذي في "المحرر" و"الروضة"، وبعض نسخ "المنهاج": نصف طلقة في نصف طلقة (1)، قال ابن الملقن: وقد خرجت في نسخة المصنف بغير خطه (2).

ووجه وقوع الطلقة في هذه الصورة: فيما إذا قصد الظرف أو الحساب أو أطلق

(1) المحرر (ص 332)، روضة الطالبين (8/ 85).

(2)

عجالة المحتاج (3/ 1361).

ص: 241

وَلَوْ قَالَ: (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ) وَقَصَدَ مَعِيَّةً .. فَثَلَاثٌ، أَوْ ظَرْفًا .. فَوَاحِدَةٌ، أَوْ حِسَابًا وَعَرَفَهُ .. فَثِنْتَانِ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ .. فَطَلْقَةٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا .. فَطَلْقَةٌ، وَفِي قَوْلٍ: ثِنْتَانِ إِنْ عَرَفَ حِسَابًا. وَلَوْ قَالَ: (بَعْضَ طَلْقَةٍ) .. فَطَلْقَةٌ، أَوْ (نِصْفَيْ طَلْقَةٍ) .. فَطَلْقَةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ. وَالأَصَحُّ: أَنَّ قَوْلَهُ: (نصْفَ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةٌ،

===

ظاهر، وأما إذا نوى المعية .. فلأنه في معنى نصفي طلقة، ولو قال ذلك .. لم يقع إلا طلقة.

(ولو قال: "طلقة في طلقتين"، وقصد معيةً .. فثلاث) لما سبق في قوله: (طلقة في طلقة)، (أو ظرفًا .. فواحدة) لأن مقتضاه وقوع المظروف دون الظرف؛ كما لو قال:(أنت طالق في الدارين)، (أو حسابًا وعرفه .. فثنتان) لأنه موجبه عند أهل الحساب.

(وإن جهله، وقصد معناه) عند أهل الحساب ( .. فطلقة) لأن ما لا يعلم لا يصح إرادته، (وقيل: ثنتان) لأنه موجبه عند أهل الحساب، وقد قصده، والوجهان كالوجهين فيما لو تلفظ العجمي بكلمة الطلاق، وقال:(أردت به ما يريده العربي)، وهو لا يعرف معناه.

(وإن لم ينو شيئًا .. فطلقة) سواء عرف الحساب أو جهله؛ لأنه يحتمل الحساب والظرف، فلا يزاد على المستيقن، وهو طلقة، وما زاد مشكوك فيه، (وفي قول: ثنتان إن عرف حسابًا) لأن عرفه كذلك، وفي ثالث: يقع ثلاث؛ لتلفظه بها.

(ولو قال: "بعض طلقة") أو نصف طلقة ( .. فطلقة) لأن الطلاق لا يتبعض، فإيقاع بعضه كإيقاع جميعه؛ لقوته، (أو "نصفي طلقة" .. فطلقة) لأن ذلك طلقة (إلا أن يريد كل نصف من طلقة) فيقع ثنتان؛ عملًا بقصده.

(والأصح: أن قوله: "نصف طلقتين" طلقة) لأن ذلك نصفهما، فحمل اللفظ عليه صحيح، فلا نوقع ما زاد من غير يقين، والثاني: طلقتان؛ لأنه أضاف النصف إلى طلقتين، فقضيته: النصف من هذه، والنصف من هذه، فيقع من كل طلقة نصفها، وتكمل.

ص: 242

وَ (ثَلَاثةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ)، أَوْ (نِصفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ) طَلْقَتَانِ. وَلَوْ قَالَ:(نِصفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ) .. فَطَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ لِأرْبَعٍ: (أَوْقَعْتُ عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا) .. وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ،

===

(و"ثلاثة أنصاف طلقة"، أو "نصف طلقة وتلث طلفة" طلقتان) أما في الأولى .. فلأن ثلاثة أنصاف طلقة طلقة ونصف، فيكمل النصف، ووجه مقابله فيها، وهو وقوع طلقة واحدة: أن الأجزاء المذكورة مضافة إلى طلقة، والواحدة لا تشتمل على تلك الأجزاء فتلغو الزيادة، ويصير كأنه قال:(أنت طالق نصفي طلقة أو ثلاثة أثلاث طلقة)، وفيها وجه ثالث: أنه يقع ثلاث طلقات، ويجعل كل نصف من طلقة، وضابط هذا الخلاف: أنا هل ننظر إلى المضاف أو إلى المضاف إليه.

وأما في الثانية .. فلأنه أضاف كل جزء إلى طلقة وعطف، فاقتضى ذلك التغاير، ووجه مقابله فيها، وهو وقوع طلقة: أن الطلقة وإن كررت فهي محتملة للتأكيد، والأجزاء وإن كانت متغايرة فهي مضافة، والمضاف يتبع المضاف إليه، ولو لم يدخل (الواو) فقال:(أنت طالق نصف طلقة ثلث طلقة) .. لم يقع إلا طلقة.

وفرقوا: بأنه إذا لم يدخل (الواو) .. كان الكل بمنزلة كلمة واحدة، وإذا أدخلها .. فلكل واحدة حكمها؛ فيقع بقوله:(نصف طلقة) طلقة، وبقوله (ثلث طلقة) طلقة، ولهذا لو قال:(أنت طالق طالق) .. لم يقع إلّا واحدة، ولو قال:(أنت طالق وطالق) .. وقع طلقتان.

(ولو قال: "نصف وثلث طلقة " .. فطلقة) لأن مجموع النصف والثلث لا يزيد على طلقة.

(ولو قال لأربع: "أوقعت عليكن أو بينكن طلقة أو طلقتين أو ثلاثًا أو أربعًا" .. وقع على كل طلقة) لأنه إذا وزَّع ذلك عليهن .. أصاب كل واحدة منهن طلقة أو بض طلقة، فتكمل، وفي وجه شاذ، فيما زاد على قوله طلقة: أنه يقسم كل طلقة عليهن.

قال ابن الملقن بعد حكايته لهذا الوجه عن "الذخائر": نعم؛ لو نوى ذلك .. عمل به؛ لأن ظاهر اللفظ يقتضي التشريك (1)، وتبعه الأَذْرَعي، وهو عجيب منهما،

(1) عجالة المحتاج (3/ 1362).

ص: 243

فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ .. وَقَعَ فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ، وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ، فَإِنْ قَالَ:(أَرَدْتُ بَيْنَكُنَّ بَعْضَهُنَّ) .. لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِأخْرَى: (أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا)، أَوْ (أَنْتِ كَهِيَ)؛ فَإِنْ نَوَى .. طَلَقَتْ، وَإِلَّا .. فَلَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لامْرَأَتِهِ.

===

فإنه عَيْنُ كلام المصنف الآتي. نبه عليه شيخنا الوالد أمتع الله بحياته (1).

(فإن قصد توزيع كل طلقة عليهن .. وقع في ثنتين ثنتان، وفي ثلاث وأربع ثلاث)(2) عملًا بقصده، بخلاف ما إذا أطلق؛ لبعده عن الفهم.

(فإن قال: "أردت بينكن بعضهن" .. لم يقبل ظاهرًا في الأصح) لخروجه عن ظاهر اللفظ من اقتضاء الشركة، والتاني: يقبل؛ لأنه قد يطلق ويراد به: الحصر لا التشريك؛ كما يقول من اتهم واحدًا من جمع بالسرقة: السرقة بين هؤلاء؛ يريد الحصر لا التشريك.

ومحل الخلاف: فيما إذا قال: (بينكن) كما مثل به المصنف، فإن قال:(عليكن) .. لم يقبل قطعًا، قاله الإمام والبغوي، لكن نازع الرافعي فيه بطرد الخلاف (3)، وكلام المصنف قد يقتضي: أنه لو فضل بعضهن على بعض كما لو أوقع بينهن ثلاثًا ثم قال: (أردت إيقاع طلقتين على هذه، وقسمت الأخرى على الباقيات) أنه لا يقبل، وهو وجه، والأصح المنصوص: القبول؛ كما في "زيادة الروضة"(4).

(ولو طلقها ثم قال لأخرى: "أشركتك معها"، أو "أنت كهي" فإن نوى .. طلقت، وإلا .. فلا) لأن ذلك كناية، (وكذا لو قال آخر ذلك لامرأته) لما قلناه.

* * *

(1) في (هـ): (رحمه الله تعالى)، والفرق واضح.

(2)

وقع في "المحرر"[ص 333]: (وقع في ثلاث ثلاث، وفي أربع أربع)، قال في "الدقائق" [ص 69]: وهو غلط لسبق قلم أو من ناسخ، والصواب: كما في "المنهاج". انتهى، ووقع في "الشرح"[9/ 22] أيضًا كما في "المحرر"، وغيره في "الروضة"[8/ 88] كما في "المنهاج". اهـ هامش (أ).

(3)

نهاية المطلب (14/ 192)، التهذيب (6/ 86)، الشرح الكبير (9/ 23).

(4)

روضة الطالبين (8/ 89).

ص: 244