الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقِيلَ: يُوَالِيهِمَا، أَوْ لَهُنَّ .. سَوَّى، أَوْ لَهُ .. فَلَهُ التَّخْصِيصُ، وَقِيلَ: يُسَوِّي.
فصلٌ [في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]
ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا .. وَعَظَهَا بِلَا هَجْرٍ. فَإِنْ تَحَقَّقَ نُشُوزٌ وَلَمْ يَتكَرَّرْ .. وَعَظَ وَهَجَرَ فِي الْمَضْجِعِ،
===
(وقيل: يواليهما) لأنه أسهل عيه، والمقدار لا يختلف، والصحيح: أنه يقسم كلًّا في وقتها كما كان، ولا يواليهما؛ لما فيه من تأخر حق من بين الليلتين؛ ولأن الواهبة قد ترجع بين الليلتين، والموالاة تفوِّت حقَّ الرجوع عليها، قال ابن الرفعة: وهذا إنما يتم إذا كانت ليلة الواهبة متأخرة، فإن كانت متقدمة وأراد تأخرها .. اتجه الجواز قطعًا (1).
(أو لهن .. سوى) لأنه ليست واحدة بالتخصيص أولى من غيرها، (أو له .. فله التخصيص) لأنها جعلت الحقَّ له؛ فيضعه حيث شاء، (وقيل: يسوي) فيجعل الواهبة كالمعدومة؛ لأن التخصيص يورث الإيحاش، وقال في "الشرح الصغير": إنه الأشبه.
* * *
(فصل: ظهرت أمارات نشوزها) في قول؛ كخشونة جواب بعد لين، أو فعل؛ كتعبيس بعد إقبال وطلاقة (وعظها) بـ (اتقي الله في حقي عليكِ) (بلا هجر) لاحتمال ألَّا يكون نشوزًا؛ لقوله تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} .
(فإن تحقق نشوز ولم يتكرر .. وعظ وهجر في المضجع) بفتح الجيم، والمراد: أن يهجر فراشها فلا يضاجعها فيه، واحترز بالهجران في المضجع: عن الهجران في الكلام؛ فإنه حرامٌ فيما زاد على الثلاث.
هذا إذا كان لغير عذر، فإن كان عذر شرعي؛ بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق ونحوهما، أو كان فيه صلاحٌ لدِين الهاجر أو المهجور .. لم يحرم، قاله في "زوائد الروضة"(2).
(1) كفاية النبيه (13/ 340).
(2)
روضة الطالبين (7/ 367).
وَلَا يَضْرِبُ فِي الأَظْهَرِ. قُلْتُ: الأَظْهَرُ: يَضْرِبُ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ تَكَرَّرَ .. ضَرَبَ. فَلَوْ مَنَعَهَا حَقَّهَا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ .. أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ، فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَآذَاهَا بِلَا سَبَبٍ .. نَهَاهُ، فَإِنْ عَادَ .. عَزَّرَهُ
===
(ولا يضرب في الأظهر) لأن الجناية لم تتأكد بالتكرر، وهذا ما رجحه جمهور العراقيين وغيرهم، وحكاه الماوردي عن الجديد (1)، وقوَّاه السبكي، واختاره الأَذْرَعي، (قلت: الأظهر: يضرب، والله أعلم) كما لو أصرَّت عليه، وصححه المصنف في "تصحيح التنبيه"(2)، وقال في "الروضة": إنه المختار؛ لظاهر القرآن (3)، قال السبكي: وما قاله في "الروضة" فيه نظر؛ لأن ظاهر القرآن إباحة ذلك في المرتبة الأولى، كما حكاه عن ابن كَجٍّ والحناطي، وهو لم يقل به، فالأكثرون جعلوا الثلاثة المأمور بها مرتبة على أحوالها الثلاث على خلاف الظاهر، فيكون المعنى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} فإن نشزن .. فاهجروهن، فإن أصررن .. فاضربوهن؛ كما في قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية، وقد وافق المصنف الجمهور على عدم الضرب في المرتبة الأولى، ولم يقل: بالظاهر؛ فوافق الظاهر في شيء دون شيء.
(فإن تكرر .. ضرب) ضربًا غير مبرح إذا ظنَّ أن الضرب يصلحها، والمبرح: هو الشاق شديد الألم، للآية، وذلك مع الوعظ والهجران، وإذا ضرب .. فلا يبلغ به حدًّا، قال الشيخ عز الدين: وليس لنا موضع يضرب المستحق من منعه حقه غير هذا، والعبد يمتنع من حق سيده.
(فلو منعها حقها؛ كقسم ونفقة .. ألزمه القاضي توفيته) إذا طلبته؛ لعجزها عنه، بخلاف نشوزها، فإن له إجبارها على إيفاء حقه؛ لقدرته.
(فإن أساء خلقه وآذاها بلا سبب .. نهاه، فإن عاد .. عزره) إذا طلبت؛ لتعديه عليها، وظاهر كلامه: أنه لا يحال بينهما، وبه صرح الروياني، وقال الغزالي:
(1) الحاوي الكبير (12/ 242).
(2)
تصحيح التنبيه (2/ 48).
(3)
روضة الطالبين (7/ 369).
فَإِنْ قَالَ كُلٌّ: إِنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ .. تَعَرَّفَ الْقَاضِي الْحَالَ بِثِقَةٍ يَخْبُرُهُمَا وَمَنَعَ الظَّالِمَ، فَإِنِ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ .. بَعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا، وَفِي قَوْلٍ: مُوَلَّيَانِ مِنَ الْحَاكِمِ،
===
يحال بينهما حتى يعود إلى العدل، وتبعه في "الحاوي الصغير"(1)، وزعما تفرُّدَ الغزالي به، واعترضه في "المهمات" بتصريح الإمام به (2).
(فإن قال كل: إن صاحبه متعد .. تعرف القاضي الحال بثقة يَخبُرهما) إن كان في جوارهما خبير بهما، فإن لم يكن .. أسكنهما بجنب ثقة يبحث عن حالهما، ويُنهيها إليه؛ لأنه يعسر إقامة البينة على ذلك.
وتعبيره بالثقة يوهم: عدم اشتراط العدالة، لكن الرافعي قال: كذا أطلقوه، وظاهره: الاكتفاء بقول عدل واحد، ولا يصفو ذلك عن الشبهة. انتهى (3)، وهو صريح في اعتبارهم العدالة دون العدد، وبه صرح في "التهذيب" و"الشافي"(4).
(ومنع الظالم) من ظلمه، وطريقه في الزوج: ما سلف، وفي الزوجة: الزجر والتأديب.
(فإن اشتد الشقاق) أي: الخلاف والعداوة ( .. بعث حكمًا من أهله، وحكمًا من أهلها) للآية، وظاهره: وجوب البعث، وهو ما صححه في "زيادة الروضة"(5)، لكن في "البحر" عن الشافعي: الاستحباب، وهو قضية "الشرح الصغير"، وصححه في "المهمات"؛ لنصِّ إمام المذهب عليه (6)، ولا يشترط كونهما من أهل الزوجين، لكن أهلهما أولى.
(وهما وكيلان لهما) لأن البضع حق الزوج، والمال حق الزوجة، وهما رشيدان، فلا يولَّى عليهما، (وفي قول: موليان من الحاكم) لأن الله تعالى سمَّاهما
(1) الوجيز (ص 370)، الحاوي الصغير (ص 489).
(2)
الشرح الكبير (8/ 389)، روضة الطالبين (7/ 370)، المهمات (7/ 250).
(3)
الشرح الكبير (8/ 390).
(4)
التهذيب (5/ 548).
(5)
روضة الطالبين (7/ 371).
(6)
المهمات (7/ 251).
فَعَلَى الأَوَّلِ: يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا، فَيُوَكِّلُ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ، وَتُوَكِّلُ حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ.
===
حكمين، ولا امتناع أن يثبت على الرشيد الولاية عند الامتناع من أداء الحقوق؛ كالمفلس.
(فعلى الأول: يشترط رضاهما، فيوكل حكمه بطلاق وقبول عوض خلع، وتوكل حكمها ببذل عوض وقبول طلاق به) كسائر الوكلاء، وعلى الثاني: لا يشترط رضاهما في ذلك، ويحكمان بما يرياه مصلحة من الجمع والتفريق (1).
ويشترط في المبعوثين: التكليف، وكذا العدالة، والحرية، والإسلام، والاهتداء إلى ما هو المقصود من بعثهما على الأصحِّ في الكل، ويشترط: الذكورة، إن قلنا: حكمان، وإن قلنا: وكيلان .. قال الحناطي: لا يشترط في وكيلها، وفي وكيله: وجهان.
* * *
(1) هكذا بحذف (نون) الرفع على لغة صحيحة، وفي (أ):(بما يراه).